الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كارثة سريلانكا.. الإرهاب يضرب باب القارة الصفراء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

التنظيم يتبنى تفجيرات كولمبو.. ويتوعد بالمزيد

جماعة منبثقة من «داعش».. «التوحيد الوطنية» المتهمة بتنفيذ التفجيرات

الجماعة مجهولة دوليًّا.. والتحقيقات أثبتت ضلوعها مع جماعة أخرى فى ارتكاب الكارثة

جزيرة سيرلانكا لها إرث «حضارى وثقافى» عريق.. وتشتهر بإنتاج وتصدير الشاى والبن والمطاط وجوز الهند


استيقظ العالم صباح الأحد الماضى 21 أبريل 2019 على دوى تفجيرات ضخمة ضربت العاصمة كولمبو، فى واحد من أبشع الحوادث الإرهابية، فبينما كان مسيحيو سريلانكا يتوجهون لتأدية قداس عيد الفصح، كان انتحاريون مفخخون يتربصون بكنائسهم، وسرعان ما تناقلت الشاشات حول العالم صورًا من موقع- أو مواقع- الحادث، مع تزايد عدد المراسلين لكشف ملابسات هذا الاعتداء الأثيم.

و«البوابة نيوز»- عبر هذا الملف الشامل- يُلقى الضوء من جميع الزوايا السياسية والاجتماعية والأمنية، بل والتاريخية، على سريلانكا من الداخل، محللين ما أمام الكاميرات من صور، ومستعرضين ما وراءها من كواليس، فى رحلة إلى عمق الجزيرة الغامضة، أو أرض الشعب المبتسم كما يطلق عليها السريلانكيون.

أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن مجموعة التفجيرات التى شهدتها سريلانكا، الأحد الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من ٣١٠ أشخاص. وقالت وكالة «أعماق»، التابعة لداعش: إن التنظيم أعلن مسئوليته عن التفجيرات المتوالية التى ضربت العاصمة السيرلانكية كولومبو.

ونقلت الوكالة عن مصدر قوله: إن منفذى الهجوم -الذى استهدف ما وصفه التنظيم بـ«رعايا دول التحالف والنصارى فى سريلانكا»- هم من عناصر داعش، ولم يقدم التنظيم دليلًا على صحة ما ورد فى البيان.

وأعلنت السلطات السريلانكية أنها تحتجز مواطنًا سوريًّا لاستجوابه بشأن الهجمات.. وجاء ذلك فى ظل اتهامات صدرت بشكل رسمى من الحكومة السريلانكية تشير إلى ضلوع جماعتين إسلامويتين محليتين، إحداهما تدعى «جماعة التوحيد الوطنية»، والأخرى- لم تسمّها- فى تنفيذ الهجمات.


كواليس التحقيقات

وقال وزير الإعلام، روان فيجواردين، والذى يشغل أيضًا منصب نائب وزير الدفاع خلال كلمة أمام البرلمان، أمس الثلاثاء: إن التحقيقات الأولية أظهرت تورط جماعتين إسلامويتين محليتين فى تفجيرات الأحد، إحداهما (جماعة التوحيد الوطنية).

وخلال مؤتمر صحفى عقده فى كولومبو، قال وزير الصحة، راجيتا سيناراتني: إن «الانتحاريين السبعة الذين نفذوا الهجمات المتزامنة على ٣ كنائس و٣ فنادق فاخرة فى العاصمة وحولها، هم مواطنون سريلانكيون». لكن لم يستبعد الوزير وجود ارتباطات خارجية لمنفذى الهجمات.

وقال رئيس الوزراء فى كلمة عبر التليفزيون: «حتى الآن، الأسماء التى لدينا محلية»، لكن المحققين يسعون إلى معرفة ما إذا كانت لديهم «علاقات مع الخارج».

وطلب الرئيس السريلانكى مساعدة خارجية لتعقب الجهات الدولية التى لها علاقة بالهجمات.

وليس لسريلانكا تاريخ مع الجماعات الدينية المسلحة، لكن فى عام ٢٠١٦ كشفت السلطات أن ٣٢ شخصًا من مسلمى سريلانكا غادروا البلاد للانضمام إلى تنظيم داعش.

لكن قادة المجتمع الإسلامى فى سريلانكا نفوا الأمر، واتهموا الحكومة بتشويه صورة المسلمين فى البلاد.

وأفادت تقارير صحفية بوجود علاقة بين تنظيم «داعش» فى الهند وعناصر متشددة فى سريلانكا.


فرع داعش فى سريلانكا

من جانبها، نقلت صحيفة «ميرور» البريطانية، عن الخبير الأمنى المقيم فى سنغافورة، روهان كوناراتنا، قوله: إن «جماعة التوحيد تعتبر فرعًا محليًّا من تنظيم داعش». وأضاف: «من المعروف أن عددًا من السريلانكيين المنضمين للجماعة سافروا إلى سوريا والعراق؛ من أجل الالتحاق بداعش».

وفى سياق التحقيقات، قالت الشرطة، إنها أوقفت ٤٠ شخصًا مشتبهًا بهم فى التفجيرات، ضمن عمليات التفتيش الواسعة التى تقوم بها قوات الأمن فى جميع أنحاء البلاد؛ بحثًا عن المتورطين.

ومن جهتها، أفادت صحيفة «Daily Mirror» بأن شرطة سريلانكا تمكنت فى إطار التحقيقات من تحديد هوية أحد الانتحاريين. ونقلت الصحيفة عن الشرطة، أن الحديث يدور عن إنسان سيلاوان (Insan Seelavan) الذى كان يملك مصنعًا فى ضواحى العاصمة كولومبو. ونظم سيلاوان تفجيرًا فى فندق «شانغريلا» فى المدينة. وتم فى وقت سابق اعتقال ٩ من عمال هذا المصنع، وسيتم احتجازهم حتى ٦ مايو المقبل.

وقد ربطت التقارير بين «جماعة التوحيد» واستهداف معابد بوذية فى مدينة ماوانيلا وسط سريلانكا وقع العام الماضي.

تحذيرات استخباراتية

نشرت وكالة «فرانس برس» مجموعة من الوثائق، التى تتضمن تقارير استخباراتية، تضمنت تحذيرات قبل ١٠ أيام تقريبًا من وقوع التفجيرات. وفى تلك التقارير تشير الاستخبارات السريلانكية، إلى أن وكالة استخبارات أجنبية، قدمت معلومات، حول دور «جماعة التوحيد الوطنية» الإسلامية المتشددة، حول احتمالية تنفيذ هجمات تستهدف الكنائس البارزة، والمفوضية العليا الهندية فى كولومبو.

وكان خبير فى الطب الشرعى بالحكومة السريلانكية قد قال لوكالة «أسوشيتد برس»: إن ٧ مفجرين انتحاريين نفذوا الهجمات الست المتزامنة، التى استهدفت ٣ كنائس و٣ فنادق داخل وحول العاصمة كولومبو فى عيد الفصح.

وأضاف أريانادا ويليانجا، أن تحليل جثث المهاجمين، التى جمعت من مواقع الهجمات، يفيد بأن الهجمات كانت تفجيرات انتحارية. وذكر أن انتحاريين اثنين كانا وراء تفجير فندق شانجري-لا.

وكشفت المعلومات أن مفجرًا واحدًا هاجم كلًّا من فندقى سينامون جراند، وكينجسبري، وضريح القديس أنتونى فى كولومبو، وكنيسة سان سيباستيان فى مدينة نيجومبو، وكنيسة زيون فى مدينة باتيكالوا.

وفجر أشخاص منزلًا بالقرب من مواقع الانفجار؛ ما أدى إلى مقتل ٣ من رجال الشرطة.


جماعة مجهولة دوليًّا

يعتقد أن جماعة التوحيد الوطنية انشقت عن جماعة إسلامية أخرى فى البلاد، تدعى «جماعة التوحيد السريلانكية» التى تعد أكثر تنظيمًا وذات قيادات معروفة.

وفى عام ٢٠١٦، اعتقلت الحكومة السريلانكية الأمين العامة لجماعة «التوحيد السريلانكية» ر. عبدالرازق؛ بسبب التحريض ضد البوذيين، لكنه اعتذر عن التحريض.

ولـ«جماعة التوحيد الوطنية» صفحات على فيسبوك تستخدمها بشكل متقطع، ولديها صفحة على تويتر لم تحدث منذ مارس ٢٠١٨.

والجماعة غير معروفة على المستوى الدولي، لكن قبل نحو عام حوكم عدد من قياداتها بتهم تتعلق بالسخرية من التماثيل البوذية واتهموا بإيذاء مشاعر المجتمع البوذي.

وتزعم جماعة التوحيد الوطنية، أن أعضاءها يطبقون «الشريعة الإسلامية» فى حياتهم؛ إذ خرج الكثيرون منهم عام ٢٠١٦ للتظاهر فى مدينة ماليجواتا، ومارادانا، ضد تغيير الحد الأدنى لسن زواج الفتيات والمقرر بـ١٢ عامًا.

وذلك بعدما قررت سريلانكا الامتثال إلى قوانين واتفاقيات دولية خاصة بالمرأة، إلا أن أعضاء الجماعة تظاهروا لعدم وضع حد أدنى للزواج، وهو ما اعتبروه «قانون إسلامي»، لا يجب تغييره.

 

التنظيم يتبنى تفجيرات كولمبو

أعلنت وكالة «أعماق» الذراع الإعلامية لتنظيم داعش الإرهابى، مسئولية التنظيم عن هجمات الأحد الدامى التى ضربت عددًا من الفنادق والكنائس داخل جزيرة سريلانكا.

وقالت «أعماق» فى بيان نشرته عبر تطبيق «تيلجرام»، إن ٣ ممن سمتهم بـ«جنود الخلافة» شنوا الهجوم تنفيذًا لتعليمات استهداف ما وصفهم التنظيم برعايا التحالف الدولى لمحاربة التنظيم.


قسم العمليات الخارجية.. ذراع داعش فى آسيا

بحسب معلومات حصل عليها «البوابة نيوز»، فإن قسم العمليات الخارجية، والذى كان يتبع ما يسمى بـ«هيئة الهجرة» الداعشية، هو المسئول عن التخطيط لهذه العمليات بالتعاون مع عدد من الخلايا الداعشية داخل جزيرة سريلانكا.

وبالرغم من عدم مشاركة سريلانكا فى التحالف الدولى الذى تشكل لمحاربة داعش فى ٢٠١٤، والمعروف باسم «العزم الصلب» إلا أن التنظيم اختار أن يضرب الفنادق والكنائس؛ بسبب وجود عدد كبير من السياح يسافرون إليها لقضاء عطلة أعياد القيامة.

وأشرف أبومحمد العدنانى، المتحدث السابق باسم داعش، على قسم العمليات الخارجية، قبل مقتله، وخطط حينها للهجمات الإرهابية المتزامنة التى وقعت داخل العاصمة الفرنسية باريس، والتى تتشابه إلى حد كبير مع العمليات الإرهابية الأخيرة فى العاصمة السريلانكية، كولمبو.

ويعمل قسم العمليات الخارجية، بالأساس انطلاقًا من معاقل داعش داخل سوريا والعراق، ويتواصل مع ما يسمى بـ«المفارز الأمنية» فى الدول الأخرى، ويشرف على التنسيق معها فى اختيار الأهداف والوسائل التى تنفذ بها العمليات الإرهابية.

كما شارك أبوعبدالله المهاجر، الزعيم السابق لما يسمى بـ«جنود الخلافة» فى آسيا، فى تجنيد عدد من الإرهابيين من مختلف دول القارة، للقتال داخل الفلبين، وشن عمليات إرهابية فى دول أخرى من بينها إندونيسيا وماليزيا وسريلانكا، وذلك قبل مقتله فى غارات جوية للتحالف الدولى، وذلك بحسب ما نشرته صحيفة «النبأ» فى عددها الرابع والثمانين.

التنظيم يريد إشغال العالم

من جديد عاد التنظيم ليحث عناصره والمتعاطفين مع أفكاره على شن هجمات إرهابية داخل الدول الغربية؛ لتخفيف الضغط على عناصره فى سوريا والعراق.

وبثت مؤسسة «الفرقان» التابعة للتنظيم، قبل أسابيع، كلمة صوتية لأبى الحسن المهاجر، المتحدث باسم داعش، دعا فيها لبدء حملة من الإرهاب الدموى داخل شتى دول العالم لإشغالها عن حرب ما يصفه بـ«جنود الخلافة» فى سوريا والعراق.

ودعا «المهاجر» فى كلمته التى تزامنت مع السيطرة على آخر جيوب التنظيم فى قرية الباغوز فوقانى السورية، إلى استهداف من وصفهم برعايا التحالف الصليبى فى أى دولة كانوا. وتوعدت صحيفة «النبأ» الداعشية، عقب هجوم نيوزلندا، بشن هجمات انتقامية ضد المسيحيين، معلنةً أن ذلك سيحدث فى وقت قريب داخل منطقة غير متوقعة، وهو ما يفسر لجوء التنظيم للضرب داخل سريلانكا.

كما بث المكتب الإعلامى للتنظيم فى اليمن، إصدارًا مرئيًا، بعدها، دعا فيه لاستهداف المسيحين فى أى منطقة كانوا، وتفجير مقرات إقامتهم ردًا على حملات القصف الجوى التى ينفذها التحالف ضد التنظيم، وانتقامًا لاستهداف المسلمين فى مناطق مختلفة.


إرهاب بختم "زهران هاشم"

فى السياق ذاته، أعلنت منصات إعلامية مقربة من تنظيم داعش على تطبيق «تيلجرام» للتواصل الاجتماعى، أن زهران هاشم المعروف بأبى عبيدة السيلانى، إضافةً إلى أبى مختار السيلانى وأبى البراء السيلانى، نفذوا الهجمات الإرهابية بالعاصمة كولمبو، فى إطار دعوة تنظيم داعش لشن هجمات ضد رعايا التحالف.

وأوضحت أن «زهران» معروف بتأييده لتنظيم داعش، ونشره للإصدارات التى ينتجها التنظيم عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، مؤكدةً أن آخر تدويناته كانت فى ٢٠١٧.

واختفى «هاشم» لفترة، قبل أن يعود برفقة إرهابيين آخريين لينفذوا الهجمات الإرهابية الأعنف داخل جزيرة سريلانكا.

استراتيجية المباغتة

من جانبه، قال سامح عيد، الخبير فى شئون الجماعات الإرهابية: إن تنظيم داعش اعتمد على استراتيجية المباغتة، واختار منطقة غير متوقعة لينفذ فيها الهجمات الإرهابية، مضيفًا أن التنظيم يتمدد داخل آسيا ويسعى لإثارة الفتنة الطائفية.

وأضاف «عيد» فى تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن التنظيم توعد فى وقت سابق بالانتقام لاستهداف مسجد فى نيوزلندا، لكنه اختار الضرب فى منطقة غير متوقعة ولم تشهد نزاعات بين المسلمين والمسيحيين فيها، مشيرًا إلى أن الأمن السيلانى لم يتعود على مثل هذه العمليات الإرهابية.


الجزيرة

فى لحظات عصيبة تحول قداس الفصح لعام ٢٠١٩ فى سريلانكا، إلى كارثة إنسانية شهدها العالم كله، صباح الأحد ٢١ أبريل الجاري؛ حيث ارتفع عدد القتلى من ١٦٠ وقت وقوع التفجيرات الإرهابية إلى ٣١٠ قتلى تقريبًا صباح يوم الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠١٩، ومع ارتفاع عدد الضحايا ارتفع أيضًا عدد الموقوفين من قبل الحكومة السريلانكية من ١٣ إلى ٤٠ شخصًا، تحوم حولهم الشبهات لتورطهم فى أعمال إرهابية سابقة، ومنها جماعة التوحيد المتشددة، ولفهم طبيعة المجتمع السريلانكي، تستعرض البوابة الخريطة الجيوسياسية لتلك الجزيرة، ويستقرئ أهم دلالات العنف، فى تاريخه.

نظرة تاريخية.. بين الاحتلال والاستقلال

فى شمال المحيط الهندي، تحديدًا جنوب الهند، توجد أرض سريلانكا، ولعل اتخاذها ذلك الموقع الجغرافى القريب جدًا من شبه القارة الهندية «٣١ كيلو فقط هى المسافة بين البلدين» هو ما جعل الرحالة المؤرخين الأوائل يطلقون عليها اسم «دمعة الهند»، «وسري- لانكا» كلمة من مقطعين أو هى كلمتان مستنبطتان من اللغة السنسكريتية، جاء ذكرها فى الملاحم الهندية القديمة لوصف الجزيرة، بطريقة تبجيلية، تعنى «الجزيرة المشعة ذات الشعب المبتسم». ظلت سريلانكا بسبب مواقعها ملتقى الطرق البحرية الرئيسية الآسيوية التى تربط بين غرب القارة الصفراء وشرقها، تحديدًا فى الفترة التى تلت حقبة طريق الحرير.

وعلى امتداد أكثر من ألفى عام خضعت سريلانكا لحكم ممالك محلية، إلى أن احتلت البرتغال جزءًا منها؛ لتحتل هولندا الجزء المتبقى منها فى بدايات القرن السادس عشر، وظل الحكم البرتغالى الهولندى مسيطرًا عليها إلى أن حل عام ١٨١٥ ومعه اجتاحت جيوش الإمبراطورية البريطانية قوات البرتغال وهولندا وأعلنت احتلالها لسريلانكا، وهو الاحتلال الذى لم تنل معه البلاد استقلالها إلا بعد مرور ١٣٣ عامًا، فقد أنشئت حركة سياسية قومية فى أوائل القرن العشرين ناضلت من أجل الاستقلال السياسى عبر مفاوضات مزمنة مع المحتل الإنجليزى وبالفعل نالت البلاد استقلالها عام ١٩٤٨. وبعد الاستقلال، كلف أول رئيس وزراء بعد الاستقلال، دون ستيفن سينا نايكي، لجنة لتصميم علم جديد للبلاد يراعى التنوع الدينى والعرقى للدولة، وهو العلم الحالي، الذى حافظ على الأسد التقليدي، الذى يرمز إلى المكونين السنهالى والبوذي، مع إضافة شريطين عموديين، أخضر يرمز إلى الأقلية المسلمة، وبرتقالى يرمز إلى الأقلية التاميلية.


الحرب الأهلية وانفصاليو "نمور التاميل"

اكتوت سريلانكا عبر تاريخها المعاصر بنيران الحرب الأهلية بين متمردى نمور التاميل الانفصاليين والجيش السيرلانكي، نيران الحرب تلك اشتعلت فى البلاد واستمر لهيبها لقرابة خمسة وعشرين عامًا من ١٩٨٣ إلى عام ٢٠٠٩، سنوات من العنف والدم، والكثير من العمليات المسلحة، وتقدر خسائره البشرية بخمسين ألف قتيل و١.١ مليون لاجئ.

الشرارة الأولى

بعد سقوط جنود حكوميين فى كمين لحركة نمور التاميل، ١٩٨٣ شهدت البلاد موجة اغتيالات انتقامية ارتكبها السنهاليون ضد التاميليين، إلى أن رعت الهند اتفاقية صلح بين الطائفتين فى العام ذاته، ولكى تضمن الحكومة الهندية سريان الاتفاقية على الطرفين أبقت قواتها العسكرية إلى أن احتج السنهاليون عام ١٩٨٨ على الوجود العسكرى الهندى فى الجزيرة الذى لم يتعهد البقاء لحفظ السلام، ورغم اتساع حدة تلك الاحتجاجات إلا أن الهند لم تنسحب بقواتها من سريلانكا، ما أسفر عن اغتيال رئيس وزرائها راجيف غاندى عام ١٩٩١. وكان المسئول عن تنفيذ الاغتيال حركة نمور التاميل التى أعلنت مسئوليتها وتوعدت بالمزيد، ما جعل النمور يخسرون الدعم الهندى لحركتهم التى حظرتها الحكومة عام ١٩٩٨ بعد قيامها بعملية انتحارية فى مدينة كاندي، المدينة البوذية المقدسة، واحتدمت الحرب الأهلية من جديد بينهم وبين الجيش، وفى عام ٢٠٠٢ تم توقيع خامس اتفاقية وقف إطلاق نار فى تاريخ النزاع؛ ورفع الحظر عن حركة نمور التاميل، مقابل تخفيض حركة نمور التاميل سقف مطالبها إلى حكم ذاتي. إلا أن عام ٢٠٠٥ شهد اغتيال نمور التاميل لوزير الخارجية السريلانكي، ما أدى إلى إعلان حالة الاستثناء وتصلب موقف الدولة المركزية فى القضاء على الحركة، وظل الجيش يحارب النمور الإرهابية أربع سنوات كاملة، إلى أن استطاع عام ٢٠٠٩ أن يحسم النزاع وينهى الحرب الأهلية، بعد قرابة ٢٥ عامًا بالقضاء على الحركة وقتل زعيمها فيلوبيلاى برابهاكاران، ما اضطر النمور للاستسلام وإلقاء السلاح.

ثقافة الجزيرة المشعة

رغم مركزية المكونين «السنهالى البوذي» و«التاميلى الهندوسي»، زخرت الثقافة السريلانكية، بمجموعة من الروافد الحضارية الأخرى كالثقافة العربية الإسلامية وثقافات شبه الجزيرة الهندية وصولًا إلى الثقافة الأوروبية، إلا أنه فى حدود القرن الثالث قبل الميلاد، انتشرت البوذية فى الجزيرة.