الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

جزيرة سريلانكا.. إرث "حضاري وثقافي" عريق.. تشتهر بإنتاج وتصدير الشاي والبن والمطاط وجوز الهند.. وعلم البلاد يعكس التنوع الديني والعرقي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى لحظات عصيبة تحول قداس الفصح لعام ٢٠١٩ فى سريلانكا، إلى كارثة إنسانية شهدها العالم كله، صباح الأحد ٢١ أبريل الجاري؛ حيث ارتفع عدد القتلى من ١٦٠ وقت وقوع التفجيرات الإرهابية إلى ٣١٠ قتلى تقريبًا صباح يوم الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠١٩، ومع ارتفاع عدد الضحايا ارتفع أيضًا عدد الموقوفين من قبل الحكومة السريلانكية من ١٣ إلى ٤٠ شخصًا، تحوم حولهم الشبهات لتورطهم فى أعمال إرهابية سابقة، ومنها جماعة التوحيد المتشددة، ولفهم طبيعة المجتمع السريلانكي، تستعرض البوابة الخريطة الجيوسياسية لتلك الجزيرة، ويستقرئ أهم دلالات العنف، فى تاريخه.


نظرة تاريخية.. بين الاحتلال والاستقلال
فى شمال المحيط الهندي، تحديدًا جنوب الهند، توجد أرض سريلانكا، ولعل اتخاذها ذلك الموقع الجغرافى القريب جدًا من شبه القارة الهندية «٣١ كيلو فقط هى المسافة بين البلدين» هو ما جعل الرحالة المؤرخين الأوائل يطلقون عليها اسم «دمعة الهند»، «وسري- لانكا» كلمة من مقطعين أو هى كلمتان مستنبطتان من اللغة السنسكريتية، جاء ذكرها فى الملاحم الهندية القديمة لوصف الجزيرة، بطريقة تبجيلية، تعنى «الجزيرة المشعة ذات الشعب المبتسم». ظلت سريلانكا بسبب مواقعها ملتقى الطرق البحرية الرئيسية الآسيوية التى تربط بين غرب القارة الصفراء وشرقها، تحديدًا فى الفترة التى تلت حقبة طريق الحرير.
وعلى امتداد أكثر من ألفى عام خضعت سريلانكا لحكم ممالك محلية، إلى أن احتلت البرتغال جزءًا منها؛ لتحتل هولندا الجزء المتبقى منها فى بدايات القرن السادس عشر، وظل الحكم البرتغالى الهولندى مسيطرًا عليها إلى أن حل عام ١٨١٥ ومعه اجتاحت جيوش الإمبراطورية البريطانية قوات البرتغال وهولندا وأعلنت احتلالها لسريلانكا، وهو الاحتلال الذى لم تنل معه البلاد استقلالها إلا بعد مرور ١٣٣ عامًا، فقد أنشئت حركة سياسية قومية فى أوائل القرن العشرين ناضلت من أجل الاستقلال السياسى عبر مفاوضات مزمنة مع المحتل الإنجليزى وبالفعل نالت البلاد استقلالها عام ١٩٤٨. وبعد الاستقلال، كلف أول رئيس وزراء بعد الاستقلال، دون ستيفن سينا نايكي، لجنة لتصميم علم جديد للبلاد يراعى التنوع الدينى والعرقى للدولة، وهو العلم الحالي، الذى حافظ على الأسد التقليدي، الذى يرمز إلى المكونين السنهالى والبوذي، مع إضافة شريطين عموديين، أخضر يرمز إلى الأقلية المسلمة، وبرتقالى يرمز إلى الأقلية التاميلية.


الحرب الأهلية وانفصاليو «نمور التاميل»
اكتوت سريلانكا عبر تاريخها المعاصر بنيران الحرب الأهلية بين متمردى نمور التاميل الانفصاليين والجيش السيرلانكي، نيران الحرب تلك اشتعلت فى البلاد واستمر لهيبها لقرابة خمسة وعشرين عامًا من ١٩٨٣ إلى عام ٢٠٠٩، سنوات من العنف والدم، والكثير من العمليات المسلحة، وتقدر خسائره البشرية بخمسين ألف قتيل و١.١ مليون لاجئ.
الشرارة الأولى
بعد سقوط جنود حكوميين فى كمين لحركة نمور التاميل، ١٩٨٣ شهدت البلاد موجة اغتيالات انتقامية ارتكبها السنهاليون ضد التاميليين، إلى أن رعت الهند اتفاقية صلح بين الطائفتين فى العام ذاته، ولكى تضمن الحكومة الهندية سريان الاتفاقية على الطرفين أبقت قواتها العسكرية إلى أن احتج السنهاليون عام ١٩٨٨ على الوجود العسكرى الهندى فى الجزيرة الذى لم يتعهد البقاء لحفظ السلام، ورغم اتساع حدة تلك الاحتجاجات إلا أن الهند لم تنسحب بقواتها من سريلانكا، ما أسفر عن اغتيال رئيس وزرائها راجيف غاندى عام ١٩٩١. وكان المسئول عن تنفيذ الاغتيال حركة نمور التاميل التى أعلنت مسئوليتها وتوعدت بالمزيد، ما جعل النمور يخسرون الدعم الهندى لحركتهم التى حظرتها الحكومة عام ١٩٩٨ بعد قيامها بعملية انتحارية فى مدينة كاندي، المدينة البوذية المقدسة، واحتدمت الحرب الأهلية من جديد بينهم وبين الجيش، وفى عام ٢٠٠٢ تم توقيع خامس اتفاقية وقف إطلاق نار فى تاريخ النزاع؛ ورفع الحظر عن حركة نمور التاميل، مقابل تخفيض حركة نمور التاميل سقف مطالبها إلى حكم ذاتي. إلا أن عام ٢٠٠٥ شهد اغتيال نمور التاميل لوزير الخارجية السريلانكي، ما أدى إلى إعلان حالة الاستثناء وتصلب موقف الدولة المركزية فى القضاء على الحركة، وظل الجيش يحارب النمور الإرهابية أربع سنوات كاملة، إلى أن استطاع عام ٢٠٠٩ أن يحسم النزاع وينهى الحرب الأهلية، بعد قرابة ٢٥ عامًا بالقضاء على الحركة وقتل زعيمها فيلوبيلاى برابهاكاران، ما اضطر النمور للاستسلام وإلقاء السلاح.
ثقافة الجزيرة المشعة
رغم مركزية المكونين «السنهالى البوذي» و«التاميلى الهندوسي»، زخرت الثقافة السريلانكية، بمجموعة من الروافد الحضارية الأخرى كالثقافة العربية الإسلامية وثقافات شبه الجزيرة الهندية وصولًا إلى الثقافة الأوروبية، إلا أنه فى حدود القرن الثالث قبل الميلاد، انتشرت البوذية فى الجزيرة.