الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تفجيرات سريلانكا تعيد إلى الأذهان أحداث عنف ربع قرن.. الأمم المتحدة قدرت ضحايا المواجهات العسكرية بـ40 ألف قتيل.. ومواجهات دامية بين البوذيين والمسلمين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فرضت السلطات فى سريلانكا، الأحد الماضى، حظرًا للتجوال بأثر فورى مع تزايد الهجمات الإرهابية فى البلاد وبعد ثمانى ضربات للعاصمة كولومبو خلال احتفالاتها بعيد القيامة، وقد دعا «رانيل ويكرمسينج»، رئيس الوزراء فى سريلانكا إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الوطنى.

وكانت الجزيرة الشهير بـ«لؤلؤة المحيط»، قد استيقظت على ٨ تفجيرات متزامنة، لحقها تفجيران آخران، فى ٤ كنائس و٣ فنادق فاخرة بالعاصمة كولومبو فى عيد القيامة، ما أسفر عن مقتل ما يقارب ٢٥٠ شخص، فى حدث لم تشهد البلاد مثيلًا له منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل ١٠ أعوام، وقد سيطرت مشاعر من الصدمة والحزن على السريلانكيين فى احتفالاتهم بعيد القيامة المجيد، أظهرتها لحظات بكاء قساوسة ورجال دين مسيحيين عقب سلسلة التفجيرات الإرهابية التى استهدفت كنائس بالعاصمة كولومبو.
وجاءت التفجيرات الثمانية فى العاصمة كولومبو فى عيد القيامة لتعيد للأذهان الأحداث العنيفة التى وقعت نتيجة اشتباكات بين متطرفين من الغالبية البوذية والأقلية المسلمة فى بلدة جينثوتا الساحلية بجنوب سريلانكا، نوفمبر ٢٠١٧.


ودخلت البلاد منذ أكتوبر الماضى، فى أزمة سياسية، تتجسد فى ٣ أضلاع، أولها الرئيس مايتريبالا سيريسينا، و«رانيل ويكرمسينج» رئيس الوزراء، و«ماهيندا راجاباكسه»، القيادى النافذ فى سيرلانكا، وقد اندلعت الأزمة عندما أقال الرئيس سيريسينا، رئيس الوزراء «ويكريمسينجي» بشكل مفاجئ ومهين وقام بتعيين «راجاباكسه» بدلًا منه فى خطوة اعتبرتها الأكثرية فى البرلمان غير دستورية، وكذلك علّق عمل البرلمان، وردًا على خطوة الرئيس السريلانكى، عزل البرلمان «راجاباكسه» مرتين، ما دفع الأخير إلى الاستقالة فى منتصف ديسمبر الماضى، ليعود «ويكرمسينج» إلى منصبه مجددًا.
وفى هذا الوقت لجأت الأحزاب الكبرى فى سريلانكا إلى المحكمة العليا، حيث تشكل فى مجموعها غالبية مطلقة فى البرلمان، وقدمت شكوى ضد قرار الرئيس مايثريبالا سيريسينا بحل البرلمان، الذى عاد للانعقاد بدوره فى نوفمبر ٢٠١٨، بعد القرار الرئاسى بحله.


وعلقت الولايات المتحدة الأمريكية منح ٥٠٠ مليون دولار ضمن برنامج المساعدات وذلك على خلفية القرارات السابقة للرئيس سيريسينا، واتخذت اليابان خطوة مماثلة بتجميد قرض ميسر بقيمة ١.٤ مليار دولار، أما الصين والهند فالتزمت كل منهما مراقبة الأزمة عن كثب الأزمة الدستورية، حيث تتواصل المعركة بين بكين ونيودلهى فى صراعهما على التفوق الجيوسياسى والهيمنة فى جنوب آسيا.
ويشكل البوذيون نحو ٧٠٪ من السكان فى سريلانكا البالغ عددهم ٢١ مليون نسمة، بينما يشكل الهندوس ١٢٪، ثم المسلمون نحو ١٠٪ فقط، وأخيرًا المسيحيون ٧٪، ومنذ عام ٢٠١٧، شهدت الجزيرة عشرات الهجمات التى نفذها بوذيون على مسلمين، تضمنت إحراق شركات خاصة بهم، وهجمات بقنابل بنزين على المساجد، وفى عام ٢٠١٤ أسفرت أحداث شغب أججتها جماعات بوذية متشددة عن مقتل ٣ مسلمين.
رغم حصول سريلانكا البلغ مساحتها نحو ٦٥ ألف كيلومتر مربع تقريبًا، على استقلالها عن بريطانيا عام ١٩٤٨، فإن تاريخها الحديث شاهد على خضوعها للاحتلال عدة مرات، بداية من البرتغال وهولندا فى بداية القرن الـ١٦ الميلادى، ثم المملكة المتحدة فى ١٨١٥.
سنوات طويلة قطعتها سريلانكا، تلك الجزيرة الواقعة فى المحيط الهندى، فى محاولات لجمع خريطتها الممزقة بين جبهة نمور التاميل وحكومة البلاد من جهة، ومواجهات دامية بين البوذيين والمسلمين من ناحية أخرى.


وفى عام ٢٠٠٩، أعلنت الحكومة السريلانكية، انتهاء الحرب الأهلية الانفصالية الطويلة، بقيادة ما عرف بجبهة تحرير نمور التاميل «إيلام»، بعد نجاح جيش البلاد فى القضاء عليها وقتل قائدها فى مايو ٢٠٠٩، وتعود جذور الحرب الأهلية السريلانكية، إلى عام ١٩٨٣، حين دار نزاع مسلح إثر تمرد متقطع ضد الحكومة من قبل نمور التاميل، سعيًا من المجموعة المسلحة إلى إنشاء دولة تاميلية مستقلة تسمى (إيلام تاميل) فى شمال وشرق الجزيرة.
وفى ظل الأزمة التى مرت بها البلاد، حاول الجيش الهندى التدخل، عبر قوات لحفظ السلام، خلال الفترة من عام ١٩٨٧ إلى ١٩٩٠، غير أن الخطوة انتهت بالفشل، إلى أن تم الإعلان عن توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار فى ديسمبر ٢٠٠١، برعاية أممية، لكن اتفاق وقف إطلاق النار لم يصمد طويلًا، ليعود القتال فى ٢٠٠٦، ثم تعلن الحكومة بعدها بعامين الانسحاب من الاتفاق الأممى متهمة «التاميل» بانتهاكه ١٠ آلاف مرة، واستمرت الاشتباكات بين فترة، وأخرى حتى اعترفت قيادة التنظيم بالهزيمة فى ١٧ مايو ٢٠٠٩.
وكانت الأمم المتحدة قد قدرت بعد أكثر من ربع قرن من المواجهات العسكرية، ضحايا هذه الحرب بـ٤٠ ألف قتيل، بينما تحدثت تقارير مستقلة عن ١٠٠ ألف ضحية، وأمام الأساليب المستخدمة من نمور تحرير إيلام تاميل ضد القوات الحكومية، اتجهت ٣٢ دولة إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى.
حينها، أرجعت الشرطة السريلانكية الاشتباكات التى وقعت بين البوذيين والمسلمين إلى شائعات ورسائل كاذبة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعى، مفادها أن مسلمين كانوا على وشك تنفيذ هجوم على معبد بوذى، ما دفع السلطات إلى اعتقال ١٩ شخصًا بعد إصابة ٤ مدنيين.