الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

من نوتردام إلى سريلانكا.. كنائس على درب الآلام

كنائس على درب الآلام
كنائس على درب الآلام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثمانية تفجيرات مروعة تغتال فرح القيامة بالجزيرة الأسيوية 
نوتردام ألغت احتفال جمعة الآلام.. وسريلانكا ألغت احتفال القيامة كاملًا

بعد ستة أيام من الحريق الهائل الذى دمر جزءًا كبيرًا من مبنى «نوتردام»، تلك الكاتدرائية التاريخية والأثرية بقلب مدينة باريس الفرنسية، والذى أسف العالم لأجله. وبعد ساعات من محاولات لإطفاء الحريق أعلنت السلطات الفرنسية إغلاق الكاتدرائية التاريخية لمدة خمس سنوات حتى إنهاء التجديد والإصلاحات بها.
وقبل أن يفيق العالم من كارثة «نوتردام»، وفى الساعات الأولى من انتهاء أسبوع الآلام، طبقًا للعقيدة المسيحية للكنيسة الكاثوليكية، والذى تحتفل به الكنائس الغربية، وأثناء الاحتفال بطقوس عيد الفصح بالكنائس بعدد من الدول، استيقظ العالم على صدمة جديدة راح ضحيتها فى هذه المرة مئات من الضحايا والمصابين داخل الكنائس والفنادق بمدن جزيرة سريلانكا الآسيوية
فمن جديد ضرب الإرهاب الآمنين الخاشعين فى بيوت الله، فى استهداف ربما هو الأعنف والأقوى بين سلسلة الاعتداءات التى يتبناها المتطرفون فى السنوات الأخيرة بعدد من دول العالم شرقًا وغربًا. فمع دقات الساعات الأولى لاحتفال عيد القيامة المجيد طبقًا للتقويم الغربي، أمس الأحد، وبعد ساعات من احتفال سبت النور، استيقظ العالم على فاجعة مروعة إثر استهداف انفجارات إرهابية لمدن بدولة سريلانكا، استهدفت الانفجارات الثمانية عددًا من الكنائس الكاثوليكية والفنادق السياحية، الحادث أسفر عن وقوع 290 قتيل وأكثر من 400 مصاب، ما بين أبناء البلد داخل الكنائس والأجانب بالفنادق. 
وقبل أيام ألغت كاتدرائية نوترادم أهم وأكبر احتفالاتها وهو احتفال «الجمعة المقدسة» والذى يسبق عيد الفصح، القيامة المجيد بـ48 ساعة، بعد الدمار الذى لحق بالكاتدرائية العظيمة. وكان احتفال الجمعة المقدسة، أو الجمعة العظيمة بكاتدرائية نوتردام الفرنسية يشهده ملايين من المسيحيين من مختلف دول العالم الذين يزورونها ذلك اليوم للتبرك بها وبما تحويه من آثارها الدينية من إكليل الشوك الحقيقى وخشبة الصليب المقدس، ويعتبرها البعض كـ«مزار ديني» لا تقل قداسة عن كنيسة القدس والأراضى المقدسة التى عاش على أرضها السيد المسيح. 
وعقب التفجيرات المتتالية صباح أمس الأحد، قررت السلطات فى دولة سريلانكا، وأسقفية كولومبو إلغاء جميع مراسم صلوات عيد القيامة المسائية، التى كان مقررا لها أمس، وفرض حظر التجوال بأثر فوري، وحجب جميع مواقع التواصل الاجتماعى الرئيسية وخدمات التراسل، بعدما أعلنت الشرطة وقوع انفجار ثامن فى العاصمة كولومبو، وارتفاع عدد ضحايا الانفجارات التى استهدفت كنائس وفنادق، صباح عيد القيامة، إلى 200 قتيل على الأقل، وعشرات الجرحى. 
نوتردام 
ويعود قداسة النوتردام لما تحويه من مقتنيات مسيحية عمرها 2000 عام، مثل جزء من خشبة صليب السيد المسيح التى صُلب عليها، و«إكليل الشوك» الأصلى الذى وضع على رأس المسيح قبل وأثناء صلبه قبل 20 قرنا. وقد تم إنقاذ تلك الكنوز الثمينة من الحريق الذى وقع بكاتدرائية نوتردام فى باريس.
وقد بقى إكليل الشوك بأورشليم القدس حتى عام 1063 عندما تم نقله إلى القسطنطينية، وفى عام 1238 أهداه الإمبراطور بالدوين الثانى إمبراطور القسطنطينية إلى الملك لويس التاسع، ملك فرنسا خاطبا به فرنسا، وقد بنى الملك لويس التاسع كنيسة «السانت شابيل» بباريس لاستقبال «إكليل الشوك». وظل «إكليل الشوك» هناك حتى اندلاع الثورة الفرنسية، عندما نقله نابليون بونابارت إلى المكتبة العامة حمايةً لهذا الكنز العظيم. وفى بداية القرن التاسع عشر، عاد «إكليل الشوك» إلى موقعه بداخل كاتدرائية «نوتردام»، ليعرض كل يوم جمعة خلال فترة الصوم المقدس. 
كنيسة القديس أنتوني
أما كنيسة القديس أنتونى هى كنيسة كاثوليكية شهيرة فى أبرشية كولومبو الكاثوليكية فى سريلانكا. وهى واحدة من المزارات الوطنية، والتى بُنيت فى عام 1834، أى قبل 185 عاما. 
ترتبط أصول الكنيسة بالفترة الاستعمارية الهولندية المبكرة عندما تم حظر الكاثوليكية من الجزيرة السيريلانكية، حيث قام القساوسة الكاثوليك بالوعظ فى الأماكن المختبئة. فى مقدمتهم الأب «أنطونيو» والذى خصصت له السلطات الهولندية بعض الأراضى لتنفيذ خطبه، حيث بنى كنيسة صغيرة من الطوب مخصصة للقديس أنتونى فى بادولا. ودفن أنطونيو داخل الكنيسة.
فى عام 1806 تم توسيع الكنيسة، وفى عام 1822 أعيد تمثال سانت أنتونى للكنيسة، الذى لا يزال يقيم على أحد مذابح الكنيسة. وفى 1828 بدأ بناء كنيسة جديدة وتم تكريسها فى 1 يونيو 1834. وفى عام 1938 تم تطوير وتوسيع الكنيسة، وافتتح إضافة معرض وقاعة اجتماعات خلف المذبح الرئيسي. وتم تكريس الكنيسة الموسعة فى 16 فبراير 1940. وأصدرت الحكومة السيريلانكية خمسة روبية بقيمة طوابع بريدية للاحتفال بالذكرى 175 على بناء الكنيسة فى 13 يونيو 2010. 
كنيسة القديس سيباستيان
تقع الكنيسة فى نيجومبو سريلانكا، المعروفة أيضًا باسم كنيسة القديس سيباستيان، هى كنيسة كاثوليكية رومانية، الكنيسة مزخرفة على غرار زخرفة كاتدرائية ريمس فى فرنسا، ومبنية على الطراز القوطي، على اسم «سيباستيان» وهو قديس مدينة نيجومبو. 
تم تصميم الكنيسة من قبل الأب جانون، كاهن الرعية، على الرغم من أن حجر الأساس وضعه رئيس أساقفة كولومبو، بيير غيوم مارك، فى 2 فبراير 1936، لم يكتمل البناء إلا بعد عشر سنوات. 
ويعتبر «سيباستيان» أحد شهداء الكنيسة الكاثوليكية، ويقام مهرجان يسمى «عيد القديس سيباستيان» كل عام يوم 20 من شهر يناير، ويتم وضع سارية العلم المزينة فى مبنى الكنيسة. يتم تنظيم المواكب أيضًا ويتم تقديم الطعام مجانًا للفقراء. 
1.2 مليون كاثوليكى يقطنون سريلانكا 
تضم سريلانكا ذات الغالبية البوذية أقلية كاثوليكية من 1.2 مليون شخص، من أصل عدد إجمالى للسكان قدره 21 مليون نسمة. ويشكل البوذيون 70% من سكان سريلانكا، إلى جانب 12% من الهندوس و10% من المسلمين و7% من المسيحيين. ويعتبر الكاثوليك بمثابة قوة موحدة فى هذا البلد إذ يتوزعون بين التاميل والغالبية السنهالية. 
غير أن بعض المسيحيين يواجهون عداء لدعمهم تحقيقات خارجية حول الجرائم التى ارتكبها الجيش السيريلانكى بحق التاميل خلال الحرب الأهلية التى انتهت عام 2009. وأوقع النزاع الذى استمر بين 1972 و2009 ما بين 80 ألف قتيل ومائة ألف بحسب الأمم المتحدة. 
وبعد عقدين على زيارة البابا يوحنا بولس الثانى للجزيرة، قام البابا فرنسيس بزيارتها فى كانون الثانى 2015 وأحيا فيها قداسًا حضره مليون شخص تجمعوا فى كولومبو. واعتبرت الشرطة التى أوردت عدد المليون آنذاك، أنه أكبر حشد خلال حدث علني. وشدد البابا فى عظته آنذاك على حرية المعتقد من دون قيود فى بلد عانى من توترات اثنية ودينية.
كنائس مصر والقدس والفاتيكان تتضامن مع شعب سريلانكا
أدان البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، الهجمات العنيفة التى هزت كنائس وفنادق فى سريلانكا، وأسفرت عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص، معربا عن تعاطفه مع الضحايا الذين تم استهدافهم أثناء تجمعهم للصلاة وجميع ضحايا هذا العمل العنيف، مؤكدًا أنه يصلى من أجل القتلى والمصابين وجميع من يعانون جراء هذا الحادث المأساوي.
كما أدانت الكنيسة الأرثوذكسية وعلى رأسها البابا تواضروس الثانى سلسلة التفجيرات التى وقعت بجزيرة سريلانكا والتى أسفرت عن استشهاد وإصابة مئات من المصلين والآمنين. مستنكرة بشدة كل أنواع العنف ضد أى إنسان أيا ما كان معتقده أو جنسه أو جنسيته.
ورفعت الكنيسة المصرية صلاتها من أجل أسر الشهداء الذين سفكت دماؤهم الزكية كى يمنحهم الله التعزية والصبر، كما تطلب من أجل الشفاء العاجل للمصابين، والصلاة من أجل عالمٍ خالٍ من الكراهية والعنف وأن يسود الحب والسلام كل ربوع المسكونة. 
وعبّر مجلس الكنائس الكاثوليكية فى الأرض المقدسة عن صلاته وتضامنه مع سريلانكا. وقال المجلس فى بيانه الموقّع من وديع أبونصار، مستشار رؤساء الكنائس فى الأرض المقدسة: «ضرب الإرهاب كنائس وفنادق فى سريلانكا، فأسقط عشرات من الشهداء وأصاب مئات آخرين. كم هو صعب ومغضب ومحزن هذا الخبر، خاصة أن هذه الهجمات أتت فيما يحتفل المسيحيون بعيد الفصح المجيد!
وأضاف: «إذ نصلى من أجل أرواح الضحايا ونطلب الشفاء العاجل للمصابين، نطلب من الله أن يلهم الإرهابيين كى يتوبوا عما يقومون به من قتل وترهيب. كما نعبر عن تضامننا مع سريلانكا وجميع سكانها بمختلف مشاربهم الدينية والعرقية. وبالرغم من كل شيء ومن الغصة التى فى القلب، لنحتفل بقيامة السيد المسيح ولنبث الأمل خاصة لدى المحبطين. المسيح قام! حقا قام!».
ونعت الكنيسة الكاثوليكية بمصر، وعلى رأسها البطريرك إبراهيم إسحق، رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، وبطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، شهداء سلسلة الانفجارات بسريلانكا.
وأعربت الطائفة الإنجيلية بمصر، وعلى رأسها الدكتور القس أندريه زكي، عن حزنها العميق وألمها البالغ إزاء التفجيرات التى استهدفت عدة كنائس وفنادق صباح الأحد، فى سريلانكا خلال الاحتفال بعيد القيامة، وراح إثرها عشرات الضحايا والمصابين. 
وأدانت الكنيسة المصرية هذا العمل الإجرامى القبيح، والإرهاب الآثم الذى استباح المصلين الآمنين بدم بارد، ونصلى إلى الله ليمنح العزاء والصبر لأهالى الشهداء والشفاء للمصابين، والسلام لكل بيوت العبادة والصلاة فى كل العالم.
وقال الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكى بالأردن: «إن الإرهاب من جديد يضرب المصلين فى أماكن عبادتهم. وما أبشع الإرهاب اليوم إذ ضرب ثلاث كنائس فى سريلانكا (بالإضافة إلى ثلاثة فنادق) أثناء احتفال المؤمنين بعيد القيامة المجيدة. وتابع: إننا من جديد نستنكر هذا الإرهاب البغيض، ونستنكر كل عنف يؤدى إلى الإضرار بحياة الناس وكرامتهم وحقوقهم، راجين من الرب القائم أن يرحم الراقدين والشهداء، وأن يشفى الجرحى ويعزى عائلاتهم».