الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

تفاصيل إنشاء المجلس الأعلى للشئون القضائية بالتعديلات الدستورية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تضمن تقرير اللجنة التشريعية في مجلس النواب، حول التعديلات الدستورية، المناقشات الكاملة التى دارت بأروقة المجلس فيما يتعلق بالمواد الخاصة بالسلطة القضائية، وذلك منذ التقدم بها من قبل الأغلبية، حتي الصياغة النهائية داخل اللجنة، كالتالي:
حظيت مواد السلطة القضائية باهتمام كبير في مناقشات اللجنة، فتناولت الموازنة المستقلة لكل هيئة أو جهة قضائية، وطريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية، وتحديد العدد الذي يمكن الاختيار منه.
أما فكرة إنشاء المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية، فقد تفرع الحديث فيها إلى عدة نقاط، كان أهمها إنشاء المجلس من حيث المبدأ، ورئاسة رئيس الجمهورية له، وحلول وزير العدل محله، وتشكيل المجلس واختصاصاته، وكيفية اختيار أمينه العام، وذلك كله على النحو الآتي:
(أ) المواد المتعلقة بالأحكام العامة: المادة (185)
1- الموازنة المستقلة:
استعرضت اللجنة التعديل المقترح على المادة (185) من الدستور، كما جاء في طلب تعديل الدستور المقدم من خمس عدد الأعضاء فيما يتعلق بالموازنة، حيث تبين لها أنها أسقطت تمتع الجهات والهيئات القضائية بالموازنة المستقلة.
كما استعرضت نتائج جلسات الحوار المجتمعي والتي خصصت إحداها لسماع رأي القضاة، فكانت اعتراضاتهم واضحة وتنصب على إهدار مبدأ الميزانية المستقلة.
وبحثت اللجنة، المعايير الدولية لاستقلال القضاء، ومنها ضمانة الاستقلال المالي والإداري والمؤسسي، والتي تحتم أن تتمتع المحاكم بالموارد المناسبة من أجل تحقيق مهامها وأن يتمتع القضاة بالموارد اللازمة للقيام بوظائفهم، وعدم التأثير على مواردهم للتهديد أو الضغط، واستقرت المعايير الدولية أيضًا على أن إدارة وتخصيص الميزانية تعتبر مقومًا أساسيًا لإستقلال القضاء.
واعتُبرت بعض هذه المعايير أن أفضل طريقة لضمان استقلال القضاء تكمن في أن تكون مسئولية إدارة الميزانية موكولة للجهاز القضائي نفسه أو إلى الهيئة القضائية، وبالتالي ظهر جليًا أمام اللجنة أن الإخلال بمبدأ الموازنة المستقلة للجهات والهيئات القضائية لا يتوافق مع تلك المعايير، ويمثل ردة للوراء ليس لها مبرر مقبول أو معقول.
كما استبانت اللجنة أيضًا أن المادة رقم (191) من الدستور والتي تنظم شئون المحكمة الدستورية العليا وتفرد لها ميزانية مستقلة تدرج رقمًا واحدًا في الموازنة العامة للدولة، لم تكن محلًا للتعديلات بما سيمثل مفارقة بين المحكمة وسائر الجهات والهيئات القضائية الأخرى.
وبناء على ما تقدم، قررت اللجنة بإجماع آراء أعضائها، الإبقاء على مبدأ أن يكون لكل جهة أو هيئة قضائية موازنة مستقلة، مع حذف مسألة الرقم الواحد، بحيث تلتزم الجهات والهيئات القضائية بالأبواب المقررة لها في الميزانية، وإذا ما ظهرت الحاجة إلى تغير في تلك الأبواب، يتعين عليها إتخاذ الإجراءات الدستورية والمقررة قانونًا.
2- طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية:
استعرضت اللجنة الآراء المتعددة التي طُرحت في جلسات الاستماع في شأن مدى مساس اختيار رئيس الجمهورية لرؤساء الجهات والهيئات القضائية بمبدأ استقلال القضاء، حيث انتهت إلى الآتي:
المادة (5) من الدستور تحدد الأسس التي يقوم عليها نظام الحكم ومن بينها الفصل بين السلطات مع التوازن بينها، ومعنى التوازن أن تحد السلطة الأخرى وتراقبها بوسائل الرقابة المتبادلة.
لرئيس الجمهورية طبقًا لنصوص الدستور صفتين، تتمثل أولاهما في أنه رئيس الدولة، والأخرى كونه رئيسًا للسلطة التنفيذية. وبموجب الصفة الأولى يستمد حقة في إصدار القوانين، وهو عمل تشريعي في الرأي الراجح، وبموجب هذه الصفة يمارس صلاحياته في العفو عن العقوبة وهو عمل قضائي وفقًا لرأي الفقه الدستوري، ويوجد كثير من الأمثلة على ذات المضمون، ولهذا فإن رئيس الجمهورية يمارس هذه الصلاحية بموجب رئاسته للدولة وليس لكونه رأسًا للسلطة التنفيذية.
تعيين القضاة حاليا وعزلهم وترقيتهم وإعارتهم يصدر به قرار من رئيس الجمهورية تتويجًا لمجموعه من القرارات والأعمال والإجراءات المركبة، وليس في ذلك انتقاص للقضاء، بل العكس هو الصحيح، إذ يعد من مظاهر إجلال القضاة أن تتولى أعلى جهة في البلاد إصدار القرارات المتعلقة بهم.
السلطة القضائية مستقلة، وبصريح نص الدستور: "تتولاها المحاكم" ولا يتولاها رؤساؤها وهذه مسألة جوهرية، وليس لرئيس الهيئة القضائية من سلطان على مجموع القضاة أو المحاكم، والقول بغير ذلك يضرب استقلال القضاء في مقتل ولا يؤكده.
من المعلوم أن ثمة طريقين رئيسيين لشغل الوظائف بوجه عام، إما الأقدمية المطلقة، والثاني يكون بالاختيار. واستعرضت اللجنة مزايا وعيوب كل طريق، فالأقدمية المطلقة تحقق نظريًا العدالة المطلقة وتكون أبعد عن شبهة المجاملة أو التحيز، في حين أن شغل الوظيفة بطريق الاختيار يمكن من اختيار الأصلح والأقدم ويتلافى عيوب الأقدمية المطلقة من مرض أو عجز جزئي، وانتهت اللجنة إلى أن الطريقة المقترحة هي الأفضل وتمزج بين المعيارين لتلافي عيوب كل منهما، وهي طريقة الاختيار من بين الأقدم.
رئيس الجمهورية طبقًا للآلية المقترحة ليس طليقًا من كل قيد في طرق التعيين،
بل هو مقيد بمحددات دستورية، فلا يستطيع أن يأتي بشخص من خارج الهيئة القضائية وإنما من بينهم، بل ومن أقدمهم ولا يستطيع رئيس الجمهورية الاختيار من غير الأقدم.
واطلعت اللجنة على تطبيقات تعيين السلطة القضائية في النظم الدستورية المقارنة، ومن ذلك المحكمة العليا الأمريكية أعلى سلطة قضائية بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتكون من 9 قضاة، يتم تعيينهم جميعا عن طريق رئيس الجمهورية، بعد تزكية مجلس الشيوخ وموافقة مجلس النواب.
وفي فرنسا، يرأس الرئيس الفرنسى المجلس الأعلى للقضاء بشخصه، ويعين ثلاثة من غير القضاة فى المجلس الأعلى للقضاء.