الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قضايا الصعيد بين الواقع والتمثيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعجبت عندما أعلن الناقد الفنى هيثم الهواري، مؤسس مهرجان مسرح الجنوب، إقامة الدورة الرابعة التى انطلقت الخميس الماضى، فى محافظة أسيوط، وازداد تعجبى عندما علمت أن فعاليات المهرجان سيتم تقديمها فى قرى أسيوط وليس فى عاصمة المحافظة، كما تفعل الغالبية العظمى من المهرجانات.
فاختيار قرى أسيوط دليلا على أن المهرجان يسعى إلى أن يقدم نموذجا لما يجب أن تكون عليه المهرجانات الفنية فى هذه الفترة، وألا تقتصر إقامة الفعاليات فى عواصم المحافظات السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان وغيرها، وإن كانت هذه المهرجانات لها أهمية سياحية تبعث برسائل الاستقرار للخارج، فإن تقديم الفنون والثقافة للقرى المحرومة ثقافيا وفنيا، أولى وأهم لأنها تحقق نوعا من العدالة الثقافية بين المحافظات المختلفة خاصة قرى الصعيد، لأن النهضة تبدأ من الصعيد ومن المجتمع الذى يبحث عن المتعة والثقافة والفنون الرفيعة ولا يجدها.
وبداية يجب أن نعلم أننا فى أسيوط أمام بقعة من أكثر الأماكن المحرومة من جميع الفنون تقريبا، فأسيوط المحافظة تقريبا بلا سينما ولا مسرح ولا مهرجانات فنية تقام بها، فما بالنا بقرى أسيوط التى من المؤكد أنها أكثر حرمانا من عاصمة محافظتها فنيا وثقافيا ومسرحيا، وإن كنت أتمنى أن يتم بث بعض العروض الفنية التى يتم تقديمها فى المهرجان، أو يتم توفير اسطوانات لها حتى يضع المتابعون للحركة المسرحية أيديهم على الكثير من المواهب الشابة بالمحافظة ومستواها الفني، وألا يقتصر نشاط المهرجان على ما يتم تقديمه فى هذه القرى فقط.
إن إقامة فعاليات المهرجان، والتى تتضمن إقامة ورش تدريبية وعروض مسرحية فى القرى والمراكز والمستشفيات ومراكز الشباب، وهو الأمر الذى يقام لأول مرة فى قرى صعيد مصر التى غابت عن الاهتمام، واختفت عن الأنظار، يعد صافرة إنذار للمؤسسات المنوط بها أن تصل للجماهير فى أماكنها فإذا بها تتكاسل عن ذلك بفعل البيروقراطية أو الفشل الإدارى وغير ذلك من الأسباب المعروفة للجميع، لعلها تفيق لدورها المفقود.
وقد أحسنت إدارة المهرجان عندما ركزت على إقامة مجموعة من الورش التدريبية المختلفة فى مجالات المسرح حتى تعطى نبذة سريعة ومختصرة ومتكاملة للجمهور عن هذا الفن العريق، يمكن لمن أراد أن يستزيد منه أن يبنى على ما عرفه خلال هذه الدورة المهمة من عمر المهرجان الوليد، ومن أهمها ورشة الإنتاج والتسويق المسرحى للدكتور جمال ياقوت والتأليف باستخدام التراث للمؤلف أحمد ابو خنيجر، الدراماتورج للكاتب بكرى عبد الحميد، التمثيل والإخراج للمخرج أسامة عبد الرؤوف، ورشة الديكور والسينوغرافيا للدكتور عايدة علام، صناعة العرائس للمخرج عمرو حمزة، فضلا عن ورشتين سيتم تنظيمها لأول مرة فى المهرجانات المصرية وهى، ورشة المكياج المسرحى وستقدمها الفنانة الجزائرية وخبيرة المكياج السينمائى والمسرحى حكيمة جلايلى وهى تقدمها لأول مرة فى مصر، وورشة مهرات الاتصال فى الفن المسرحى ويقدمها الدكتور جمال جابر.
يبقى أن نلفت نظر القائمين على إدارة المهرجان إلى ضرورة ألا تقتصر العروض المشاركة على مناقشة قضايا الجنوب فقط، لأن أهل الجنوب أصبحوا فى غنى عن مشاهدة عروض تناقش عدم توريث البنت أو الأمية وما يترتب عليها من مشاكل أو غيرها من بعض العادات القديمة التى أصبحت فى حكم الماضى بعد تغير بيئة الصعيد وغزو الإنترنت له، أهل الجنوب فى حاجة إلى أن يشاهدوا عروضا ترفع من وعيهم وثقافتهم بغض النظر عن القضايا التى تناقشها وتعرضها حتى ولو دارت فى العصر الإغريقى أو فى أوروبا الحديثة، فهناك فارق كبير بين قضايا الصعيد بين الواقع والتمثيل.