الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حملة طبية ناجحة.. وحقوق مهضومةٌ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جهدٌ كبير ذلك الذى بذلته الفرقُ الطبية المُشاركة فى حملة «القضاء على فيروس سى والأمراض غير السارية»، والتى ضمت أطباء وصيادلة وفنيى تمريض ومُدخِّلى بيانات، حيث بذل الجميعُ أقصى ما فى وسعه لنجاح حملة (100 مليون صحة) التى جاءت تجسيدا لمبادرة السيد رئيس الجمهورية للقضاء على فيروس سى والأمراض غير السارية، حيث جابت تلك الفرق العزب والنجوع، فضلا عن القرى والمدن، وافترشوا الطرقات تحت أشعة الشمس المحرقة، والتحموا بين المواطنين خاصة فى أوقات الذروة أثناء خروج الموظفين من أعمالهم، دون اكتراث إلى مضايقات الكثيرين، أو التفاتٍ إلى ما يُسببه الزحام من صخب وضوضاء وهرج ومرج، فضلا عن إنفاق الكثير منهم من جيوبهم الخاصة لشراء مُستلزمات طبية تساعدهم فى عملهم، أو الانتقال من مكان إلى آخر بوسائل نقل خاصة ابتزت الكثير من أموالهم وصولا إلى المستهدف المطلوب، ولو اضطرهم ذلك للمرور على المواطنين فى بيوتهم وأماكن أعمالهم!
ولا شك أن ما بذله أعضاء تلك الفرق كان من مُنطلق الواجب الذى يمليه عليهم أولا الانتماءُ إلى ذلك الوطن الذى بذل وما زال يبذل الكثير من أجل أبنائه، وثانيا أن تفانيهم فى تلك الحملة كان بدافع الرسالة التى حملوها فى أعناقهم، ويمين أبقراط الذى يقتضى بذل الغالى والنفيس لتضميد كل جرح، وإزالة أى ألم يعانى منه المريض قدر الطاقة.
ولو سلمنا بأن ما بذلته تلك الفرقُ هو واجبٌ تمليه عليهم طبيعة عملهم، فإن تقدير تلك الفرق ماديا ومعنويا، سيكون دافعا لهم لمزيد من العمل والتفاني، أما أن نغض الطرف عما بذلوه من جهد استمر ثلاثة أشهر أثرت على واجباتهم الأسرية، فهذا هو الغبن بعينه، والغبن الأكبر أن نكافئ البعض منهم، ونغفل حق الآخرين بحجة أن الميزانية لم تسمح بمكافأة الكل، وهو ما يتنافى مع مقتضى العدل، فكما أنهم يكونون فى الغُرم سواء، فلا بد أن يكونوا أيضا فى الغنم سواء.
ومن مظاهر ذلك الغبن الذى يشكو منه المشاركون فى تلك الحملة، حرمانُ مُشرفى الفرق الطبية بالإدارة الصحية ببنها تحديدا من حافز الإشراف على الحملة، إذ وصلتنى رسالة تقول إن السيد الدكتور مدير الإدارة الصحية ببنها كلف 40 مشرفا بالإشراف على الفرق التابعة لإدارته، والذين بذلوا جُهدا مُضاعفا بالإشراف على الفرق الصباحية والمسائية، إلى جانب القيام بمهامهم الأساسية داخل الإدارة، ولم يتقاضوا مليما واحدا من حافز الإشراف الذى جاء لعشرة أفراد فقط وأغفل 30 فردا لم يسترح لهم جنبٌ، ولم يغمض لهم جفن طوال فترة الحملة التى بلغت 3 أشهر.
والسؤال: أمعقولٌ أن يكون جزاء التعب الجحود والنكران؟ ولو تذرع المسئول بأن الميزانية لا تسمح، فكيف سمحت تلك الميزانية للبعض وتقاضوا مستحقاتهم بالفعل، ولم تسمح لآخرين رغم أن الجميع فى مركب واحد؟
إن رقابة المسئول أى مسئول ورعايته لحقوق مرءوسيه هى من أكبر دوافع العمل والتفاني، وهو ما يتطلب من الأستاذة الدكتورة وزيرة الصحة أن تُعيد النظر فى حقوق المشاركين فى تلك الفرق، بأن تمنحهم حقوقهم أسوة بأقرانهم ليزداد إيمانهم بأهمية العمل والجد؛ لأن إثابة المجد شأنها شأن معاقبة المخطئ فى تدوير عجلة التنمية؛ للوصول للنهضة التى سلكت مصر طريقها، الذى إن كان طويلا إلا أنه يبدأ بخطوة.