الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

جميلة العلايلي.. نبضات شاعرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نالت تقديرًا كبيرًا من جيل المثقفين الكبار أمثال الشاعر أحمد زكي أبو شادي والقاص الكبير محمود البدوي الذي كتب عن ديوانها الأول قائلا: "ديوان صغير الحجم أنيق الشكل جيد الشعر عذبه، فيه روح الفنانة الملهمة والشاعرة المطبوعة على قول الشعر دون تكلف ولا صنعة ولا محاكاة، ولا يعيبه كثرة ما فيه من نواح وشكوى وأنين فهذا كله لا بأس به إذا جاء من المرأة، ومن فتاة كجميلة العلايلي فنانة بطبعها تعشق الحرية وتتعلق بالمثل العليا، وتحس بثقل البيئة الخانقة التي تكتم أنفاسها وتهيض جناحيها وتبدد أحلامها الذهبية وتذيب في صدرها أمانيها العذاب، وفي الديوان قطع شعرية جزلة تحسد عليها، وقصيدة تديرها الشاعرة دوران القصة القصيرة، وهذا توجيه منها حسن ومقبول يحبب الشعر إلى نفوس القراء الذين انصرفوا عنه مع الأسف إلى القصة"، إنها الشاعرة المصرية جميلة العلايلي، التي تميزت بأسلوبها الخاص والواضح في كتاباتها، فجاء إنتاجها الأدبي متنوعًا ما بين الشعر والرواية، وقد كانت الشخصية النسائية الوحيدة في جماعة أبوللو الشعرية.
وُلدت العلايلي بالمنصورة في 20 مارس من العام 1907، وانتقلت للقاهرة حيث عالم الأدب والشعر الذي تهواه، أصدرت ديوانها الأول "صدى أحلامي 1936" وتولى تقديمها شاعر مدرسة أبوللو زكي أبو شادي قائلا: "لكي نقدر جميلة العلايلي التقدير الذي تستحقه مواهبها لا يجوز أن نغفل مقارنة أدبها بأدب الجيل السابق، لقد كانت شاعرات ذلك الجيل حريصات على وأد عواطفهن، فكان محرما عليهن شعر الوجدان الفطري! وكانت العاطفة عندهن محصورة في الرثاء وتحية الأهل وتوديعهم، ولكننا في هذا الشعر الجديد نلمح ثورة جديدة على تلك التقاليد البالية، فنجد صاحبته كاشفة في اطمئنان وفي دقة وشجاعة عن دخيلة نفسها في صدى أحلامها المنغومة".
وقد توالت أعمالها بعد ذلك فأصدرت ديوانها الثاني "نبضات شاعرة"، تابعته بإصدار عددا من الروايات، مزجت فيها بين أسلوب السرد القصصي وأسلوب الشعر، منها:هندية، الراهبة، إحسان، تآلف الأرواح، الراعية، الناسك، جاسوسة صهيون، من أجل الله، كما أصدرت مع زوجها مجلة أدبية بعنوان "الأهداف" عام1949، استمر صدورها شهريا نحو عشرين عاما، تناولت فيها قضايا الإصلاح، واستعادة القيم والمثل العليا، وتناولت قضايا الأخلاق والآداب ومنزلة الأمومة.
نظمت صالونا أدبيا باسم "المجمع الأدبي" وساهمت في إخراج جيلا جديدا من الشعراء، وكانت مثالا للفتيات الريفيات اللائي ناضلن من أجل الوصول لحلم الكتابة والتواجد وسط القاهرة بؤرة انتباه العالم العربي لكونها مركز الثقافة المشع.
ومن قصائدها، "حب محال"، "قلب غريب" و"الليل"، وفي قصيدتها "الليل" من ديوان "نبضات شاعرة" تقول:
باللهِ، يا ليلُ لا تسمع لأتراحـي..
فكم حنوتُ على مُضْنَى ومُلْتَـاحِ
باللهِ، قل لي هل عيناك قد فُتِحَـتْ..
على جريحٍِ تمنَّى كفَّ جــرَّاحِ
أشكو لنفسيَ من هَــمٍّ يُؤرِّقني..
والنَّاسُ في ليلِهم هاموا بأفـراحِ
هذا يسامر حسناءَ على حِـدَةٍ..
ما بين نايٍ، ومزمَارٍ، وأقـداحِ
خالٍ من الهَمِّ لا يشكو لها أبــدًا..
إلا الصَّبابةَ في جَهرٍ وإفصَــ، ـاحِ
وذاك في نومه قد غُطَّ تحسَبُــهُ..
من الصَّباحِ على وعْدٍ لـصدَّاحِ
وأنتَ، يا ليلُ، ترعاني على حِدَةٍ..
ما أطْوَلَ الليلَ للمحرومِ يا صاحِ
أشكو إلى الله قلبًا صاحيًا أبـدًا..
يا ليته مثل غيري ليس بالصَّاحـي
تعرضت "جميلة" في أيامها الأخيرة إلى معاناة من أمراض الشيخوخة ولزمت مقعدها بسبب كسور تعرضت لها أثناء سقوطها بمنزلها، وظلت تحافظ على عادة الكتابة والشعر حتى رحلت عن عالمنا في 11 أبريل من العام 1991، تاركة خلفها بصمة وإرثا ثقافيا هائلا.