السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ليبيا.. معركة متواصلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لن تنتهى اللعبة فى ليبيا بالضربة القاضية، تحرك المشير خليفة حفتر نحو طرابلس خطوة مهمة وضرورية تفرض واقع سياسى مختلف، الأمنيات كانت أن تخلق تلك التحركات تغييرًا جذريًا على الأرض بتحقيق وحدة التراب الليبى، وكذلك التخلص من الميليشيات المتأسلمة التى تحيط بطرابلس، وتعترف علنًا بتنسيق جهودها مع أطراف خارجية، ذلك الاعتراف هو مكمن صعوبة تحركات حفتر نحو الغرب الليبي.
التكاليف التى أنفقتها القوى الخارجية لتأجيج الصراع فى ليبيا لن تذهب سدى، وما أكتبه ليس دعوة للإحباط ولكنها رسالة للانتباه، فالجيوب الإرهابية سوف تكمن حتى لو استطاع الجيش الليبى بسط كامل نفوذه على كل شبر فى طرابلس، لذلك أقول، إن معارك الاستنزاف لم تبدأ بعد، وهو ما يجعلنى أؤكد على أهمية معارك حفتر على الأراضى الليبية، وانعكاس ذلك على الحالة بمصر.
فالحدود الليبية والسودانية والفلسطينية من ناحية غزة لم تكن يومًا حدودًا آمنة بالنسبة لمصر، وقرأنا عشرات الأخبار عن تسلل جماعة من هنا، أو تهريب من هناك، لتمتد تلك التجاوزات إلى عمق القاهرة، وبالتالى يصبح صراخ النظام القطرى والتركى ومعهما بعض أصوات المجتمع الدولى المراوغ، هى أصوات كاشفة لما كان يتم الترتيب له من توطين للإرهاب على حدود بلادنا.
ولعل توقيت بدء المعارك يحمل دلالة على ما أرمى إليه، فهو يأتى قبيل اجتماع سياسى مهم يضم الأطراف المتنازعة، وبخبرة التاريخ فلن يحصل المفاوض على أكثر مما وصلت إليه مدافعه، فكلما تمدد الجيش الوطنى الليبى، وكلما نجح فى كسر الجيوب المغلقة فى طرابلس، كانت له الغلبة فى جلسات التفاوض المنتظرة، فالمجتمع الدولى لا يعرف سوى لغة القوة، ولا يفهم إلا بقراءة الأرض ومن ثم لا تزعجنى بيانات الإدانة أو الشجب أو الشعور بالقلق التى صدرت فى مواجهة الجيش الليبي، كلها بيانات سوف تذهب إلى مزبلة التاريخ لتبقى وحدة التراب الليبى هى الهدف الأسمى، وتطهير ذلك التراب من ميليشيات الإرهاب المرتزقة هو الهدف المقدس.
متابعة المصريين للأحداث لحظة بلحظة ليست من باب الفضول، ولكنها من باب المسئولية للاطمئنان على جار ملاصق لهم، فى توترهم توتر لنا وفى أمانهم أمان لنا، ولعل ذاكرة المصريين لا تزال تحمل تلك الصورة البشعة التى وجعت قلوبنا، عندما قام الإرهاب هناك فى ليبيا بذبح أكثر من عشرين مصريا فى مشهد سينمائى قذر، تلك الذاكرة تطل الآن على طرابلس دون فذلكة أو محاولات للتأويل حول الجيش الليبى، تطل وهى تعرف أن من اعتدى على المصريين لهم أبناء عمومة فى طرابلس، والمصرى ذو الذاكرة يريد الاطمئنان وقطع دابرهم.
ومن العبث الآن أية تلميحات أو إشارات عن دور مصرى فى المعركة على الأرض، فتلك الإشارات تحمل فى طياتها إهانة لقدرات أبطال الجيش الليبى وقائدهم المشير حفتر، سياسة مصر الخارجية الرسمية واضحة فى هذه النقطة، أما الوجدان الشعبى فلا سلطان لأحد عليه، والمؤكد هو أن الشعبين المصرى والليبى يحاربان معًا الآن ضد الإرهاب، ولكل منهما أدواته فى تلك المعركة.
ننتظر مرحلة صعبة مقبلة ولكن منذ متى وبناء الأوطان كان سهلًا، لتعد ليبيا من جديد جار ينعم بالأمن ولا مكان فيها للمرتزقة الذين عاثوا فى المنطقة فسادًا، لتعد ليبيا بمساحتها وثرواتها إلى الشعب الليبى الذى دفع الثمن غاليًا، وله الآن أن ينتصر.