الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دبي عاصمة للسياحة العالمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حقا لا يوجد شيء في الحياة اسمه صدفة، فكل شيء خلقه الله بقدر معلوم وبحسابات دقيقة لا يفهمها إلا صاحب عِلم وبصيرة، لذلك لم يأتِ قوله تعالى في الآية الكريمة: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" للتعبير فقط عن القدرة الإلهية في صنع الأشياء بدقة لا متناهية تفوق قدرة العقل البشري، بل إنها تمتد لتعلمنا قيمة "الإتقان في العمل" عن وعي ودراسة وعدم ترك أي شيء للصدفة أو للظروف مهما تضاءلت أو قلت أهميته.
تلك القيمة عايشتها بنفسي خلال زيارتي لمدينة دبي بدولة الإمارات الشقيقة، لأجد أمامي نموذجا جديرا بالاحترام والتقدير والإيمان بقيمة العلم والعمل في كل شيء؛ لذلك لم يكن غريبا أن تنجح في فترة وجيزة في تبوء مكانة عالمية وسط أعرق المدن العالمية من حيث الجمال والنظافة والنظام وخدمات السياحة والتسوق، وفقا لما أكدته العديد من التقارير الدولية الصادرة عن كبرى المؤسسات ووسائل الإعلام العالمية عن القفزات المتتالية لمدينة دبي ودولة الإمارات العربية. 
كان آخرها من بين ما قرأت تقرير نشرته مجلة "وومين ديلي" العالمية تحدث عن احتلال دبي المرتبة الخامسة عالميا ضمن أفضل مدن التسوق والسياحة في العالم، بعد مدن عالمية عريقة مثل لندن وباريس وطوكيو ونيويورك، حيث ذكرت المجلة أن تجربة التسوق في دبي لا تقتصر على العلامات التجارية الفاخرة المصممة فحسب، بل إنها تجربة زاخرة بالأجهزة الإلكترونية عالية التقنية، ولديها كل ما يناسب الأذواق كافة، بما في ذلك العائلات.
وقبلها أعلنت دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي عن ارتفاع عدد السياح القادمين إلى الإمارة خلال يناير الماضي، إلى 1.61 مليون زائر وبنسبة 1% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. 
كما استقبلت دبي عام 2018 نحو 15.92 مليون زائر دولي، حيث إن المجمعات التجارية الرئيسة أسهمت في تحقيق نمو ملحوظ في أعداد الزوّار القادمين، وسجلت فنادق الإمارة 30.13 مليون ليلة مع المحافظة على نسبة إشغال بلغت 76% لمختلف الفئات الفندقية على مستوى المدينة. وأظهر التقرير السنوي للدائرة، أن السوق الفندقية في دبي شهدت افتتاح 35 منشأة فندقية جديدة، 1.59 بطاقة بلغت 8536 غرفة فندقية، مشيرة إلى أن العائد على الغرف المتوافرة بلغ 354 درهمًا خلال العام الماضي، لافتًا إلى أن نتائج عام 2018 كانت إيجابية لدى العديد من الأسواق.
وبعيدا عن الأرقام والإحصائيات ولغتها التي لا تقبل التشكيك، فتجربة زيارة المدينة عن قرب لها طابع خاص يستطيع أي زائر أن يلمسه في أسواق دبي ومطاعمها وأماكن الترفيه، بداية من المولات التي تجتذب كبرى الماركات العالمية، حيث تتمتع دبي بجاذبية سياحية مدفوعة بشكلٍ كبير من المجمعات التجارية الضخمة ومهرجانات التسوق وتواجد 55 في المائة من إجمالي الماركات العالمية بالإضافة إلى عددٍ كبير من العلامات التجارية الفخمة.
مرروا بمهرجان دبي للمأكولات الذي يتهافت عليه أفضل الطهاة على مستوى العالم وصولا لأماكن الترفيه والاستمتاع والتزلج على الجليد.
كل هذا الجمال والإبداع يقف خلفه عمل دؤوب لا يتوقف، يسير في ظل منظومة من التخطيط العلمي في تنفيذ المشروعات الطموحة التي يتبناها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لجعل مدينة دبي الواجهة الأولى للسياحة العالمية بحلول عام 2020، وتلك المنظومة التي تضع في مقدمة أولوياتها استقبال 20 مليون سائح سنويا من مختلف الجنسيات هو الرقم الذي لم تستطع مدينة عربية أو عالمية الوصول له حتى الآن، تلك المظلة دفعت جميع شركات السياحة والفنادق وأصحاب العلامات التجارية العالمية تسير على نفس الإيقاع العلمي المدروس، واضعين نصب أعينهم الوصول إلى أهداف طموحة وأخرى قصيرة المدى، لذلك من غير المستغرب أن تشاهد شيئًا جديدا كل يوم في دبي. 
وعلى سبيل المثال لا الحصر تستعد حاليا جميع الفنادق وشركات الطيران والمرافق السياحية في دبي لموسم الربيع بمجموعة من العروض الجذابة لأي شخص يفكر في السياحة والسفر فشغلها الشاغل حاليا هو استقطاب أكبر شريحة ممكنة من الزوار خلال عطلة الربيع التي تبدأ في أبريل من خلال طرح العروض الترويجية المتنوعة التي تشمل تخفيضات على الأسعار أو تقديم خدمات إضافية وغيرها باعتبارها من أهم المواسم بالنسبة للقطاع الفندقي، حيث ترتفع نسب الإشغال إلى أكثر من 85% في معظم فنادق دبي، وتتجاوز في بعض الفنادق الشاطئية والقريبة من مراكز التسوق.
نفس المثال تراه بنفس الكيفية مع اختلاف أدوات وآليات التنفيذ في أماكن التسوق والترفيه وفي المولات ومحالات بيع الملابس والإلكترونيات والمشغولات الذهبية وغيرها من المنشآت التجارية والاستثمارية التي تتدفق عائدات مشروعاتها في شرايين الاقتصاد الإماراتي، ومن الدروس المستفادة من تجربة "دبي" من وجهة نظري المتواضعة أنه لا يمكن تحقيق النجاح بالأمنيات والدعوات، فلكل نجاح أسبابه التي تقف وراءها دوافع قوية ونوايا طيبة لخصها سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في عبارته التاريخية قائلا: "يسألني الكثيرون عن سر نجاح دبي والإمارات، أقول لهم: ليس هناك أسرار، وليس لدينا معرفة أكثر من غيرنا أو علم لم يسبقنا إليه أحد، كل ما فعلناه أننا حولنا معرفتنا إلى أفعال، وحولنا علمنا إلى عمل، وقللنا الكلام وأكثرنا من العمل، حتى أصبح النجاح ثقافة.. نجاح الشعوب هو في غرس ثقافة النجاح في كل مكان، من العامل في مطارها إلى مكاتب مديريها، ومن مقاعد طلابها، إلى مجلس وزرائها".