الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خلف ستار اليتيم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتأهب المؤسسات للاحتفال بيوم اليتيم، في أبهى صورها، كي تعوض اليتيم عن نقص شعر به، عن ألم أصابه، وفي هذا اليوم يشعر بالسعادة للعب مع الأطفال الباقين المقاربين له في السن، وبينما الناس والإعلام في شغل بين التقاط الصور والمشاركة في الاحتفالات، اقترب مني صديق وقص علىّ حكاية طفل رأه يقارب العاشرة من عمره في العام الماضي، تعاند بسمته وجهه، انزوى بعيدا فاقترب منه، فرفض مصافحته والحديث معه، فتعلق بالطفل كثيرا كي يعرف السبب عن ذلك؛ ولكن بعد إلحاح دام لبعض الوقت، وجد الطفل يتكلم كشيخ كبير قائلا: لماذا تحتفلون بنا هكذا؟! أنتم تعلنون للناس جميعا أننا في حالة نقص اجتماعي، سكت صديقي ولم يجب، استمر الطفل في الحديث، ألا يكفي، أننا أيتام؟! إنه أسوأ يوم في حياتي، عندما يَمن علىّ رجل بحقيبة أو لعبة أمام الناس، ألم ينه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك في حديثه عن السبعة الذين يُظِلُّهُمْ الله يوم الْقِيَامَةِ في ظِلِّهِ يوم لَا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ،َ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حتى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُهُ.
وقف صديقي يسمعه باهتمام وبيديه هدية له، فوقعت على الأرض خجلا، وفكر كثيرا لماذا لا يكون هذا العيد في دور الأيتام فقط، أو أن يكون يوما للعب فقط، ثم تقدم الهدايا سرا دون البهرجة الإعلامية، التي تؤذي الأطفال الأيتام، فتقسم المجتمع إلى نصفين، وتشعر اليتيم بالنقص دائما، في ظروف نحن أحوج إليها في تنمية البشر، دون أن نشعره بالعجز والنقصان وطلب الحاجة، هل نحن نعالج نقصا أم نزيده ألما ولوعة وتحسرا؛ لذنب لم يقترفه، وقضاء حاجة، تزيده نقصا بدلا من أن تقويه على ظروف حياة، التي سيصطدم بها عندما يكبر، فلما نفكر في الاحتفال دون المساعدة على المدى البعيد؟
 إن الدولة تبني دائما لمستقبل الأجيال لسنوات قادمة، فهل بنينا مستقبلا للأيتام الذين هم شريحة من الشباب، لا يمكن أن ينفصلوا عنهم، فالأيام كلها لهم وليس يوم واحد، ألا يحق لكل الوزارات أن تخصص برنامجا لمشاركة هؤلاء الأطفال والشباب ليندمجوا في الحياة، دون النظر إلى الأصل والفصل والعِرق، فأرض مصر رحبة متسعة لكل أبنائها، فلا نزيدهم ظلما على ظلم وقهرا على قهر.
وكان آخر كلمة قالها الطفل، إن النيل عندما يجري لا يفرق بين البشر.