الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

1879.. "ميرابو" المصري يجهض مشروع إفلاس البلاد

النائب عبدالسلام
النائب عبدالسلام المويلحى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لن نخرج هنا إلا على أسنة الرماح».. تلك الجملة التي أطلقها النائب الفرنسي «ميرابو» في وجه الجنود الذين اقتحموا البرلمان لطرد النواب، فكانت الشرارة التي تعاقبت بعدها عدة أحداث انتهت بالثورة الفرنسية، وتكررت تلك الواقعة في مصر إبان حكم الخديو إسماعيل في القرن التاسع عشر.
وتعود القصة إلى نحو ١٤٠ عامًا، وقد سردها المؤرخ المصري جمال بدوي في كتابه «مصر من نافذة التاريخ» وارتبطت تلك الواقعة بتنامي الديون على مصر واتجاه الحكومة لإعلان إفلاس البلاد، ولما فطن النواب إلى تلك الخطة، أعدوا مشروعًا مضادًا يُلزم المصريين بسداد الديون من دخلهم القومي.
ويقول «بدوي»: إن الحكومة شعرت بما تعده المعارضة الوطنية، فبيتت النية على إجهاض المشروع، واستصدرت مرسومًا خديويًا بفض المجلس قبل موعده.
وفي صباح مثل هذا اليوم السابع والعشرين من مارس ١٨٧٩ توجه رياض باشا، إلى قاعة المجلس في القلعة.. وما كاد يفرغ من تلاوة قرار فض الدورة، حتى انبرى له النائب عبدالسلام المويلحي، قائلًا: «كيف ينفض المجلس وهو لم ينظر بعد في القانون الخاص بالشئون المالية.. إن الأهالي قد أنابوا عن أنفسهم نوابًا للمحاماة عن حقوهم.. فمن الواجب أن يعرض جميع ما يتعلق بالأهالي على نوابهم لينظروا فيه ويتدبروه.. ومن المستحيل أن ينفض المجلس».
بُهت رياض باشا لهذه اللهجة التي لم يتعود سماعها من مصري ينتمي أبوه إلى طائفة التجار، فقال متسائلًا: «ماذا تقول حظرتكم؟ مستحيل فض المجلس؟ كيف يكون فض المجلس مستحيلًا بعد أمر خديوينا المعظم.. هل حظرتكم فاهم قيمة مسئولية ما تقوله؟ واتجه رياض باشا إلى بقية الأعضاء لتخويفهم، حتى لا ينضموا إلى «المويلحي»، وقال: «ما أظن حظرات أخوانك يوافقون على ما تقول».
ويواصل رواية تلك الواقعة المهمة فى تاريخ مصر، قائلًا: «كانت المفاجأة الثانية عندما اندفع الأعضاء الوطنيون لشد أزر زميلهم وأعلنوا تضامنهم معه في كل ما يقول، وهم رياض باشا بالقيام إيذانا بإنهاء الجلسة وعندئذ صاح عبدالسلام المويلحي، قائلًا: «إننا سلطة الأمة ولن نخرج هنا إلا بقوة الحراب».
كان وقع العبارة قاسيًا جدًا على رئيس الحكومة وتذكر على الفور عبارة «ميرابو»، فرد قائلًا: «يعنى حظرتكم تقلدون نواب فرنسا الذين ثاروا على حكومتهم؟ يعنى حظراتكم الآن بعمائمكم وجببكم مثل نواب أوروبا وأمريكا؟».
لم يسكت النواب على تلك الإهانة، وجاء الرد هذه المرة من النائب أحمد العويس الذي قال: «يا باشا أنت الآن تشتم نواب أمتك التي تعطيك أنت وغيرك مرتباتكم الشهرية»، فيما أضاف النائب عبدالشهيد بطرس «إن كلامك وقاحة»، وتوالت ردود النواب حتى التقط «المويلحي» مجددًا أطراف الحديث، قائلًا: «أسمعت يا باشا، أرأيت عاقبة تسرعك فى الكلام؟ أعلم أن المسألة ليست مسألة زى وثياب بل مسألة نواب لهم عقول تفهم جيدًا رغبات الأمة التى أنابتهم عنها أليس من العيب وأنت وزير فى وزارة يزاملك فيها إنجليزى وآخر فرنسى، وهما فى الحقيقة خفيران عليكم وعلى الحكومة».
توالت بعد تلك المواجهة الأحدات التى أفضت إلى استقالتة الحكومة واندلاع الثورة العرابية.