الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"بالوعات الموت".. حوادث ووفيات متكررة.. سرقة 12 ألف غطاء مجارٍ في 3 أشهر بالقاهرة.. خبراء: "شركة الصرف الصحي المسئولة.. والخسائر 25 مليون جنيه سنويا في العاصمة فقط

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحولت "بالوعات الصرف الصحي المكشوفة" لأزمة جديدة، تتسبب في حصاد أرواح المصريين وتهديد حياتهم على مستوى محافظات الجمهورية خلال الفترة الأخيرة، سواء أطفال أو شباب أو كبار السن، الكارثة التي تعرض حياة المواطنين للخطر يوميًا، بمجرد المرور بجوارها في الشوارع، حيث يكون الحادث نتيجة خطأ غير مقصود نتيجة عدم رؤية الضحية للبالوعات، فيسقط في داخلها أمام يستطيع الخروج حيًا أو تكون "وسيلة" لإنهاء حياته.

تزداد وجود "بالوعات مكشوفة"، نتيجة سرقتها المتكررة، حيث أنها من المواد المعدنية التي يمكن بيعها للحصول على الأموال، وذلك في ظل عدم وجود عقوبة رادعة للحد من سرقتها، فضلًا عن غياب قانون يلزم الأحياء بمتابعة مخازن الخردة التي تقوم بشراء هذه "البالوعات"، مما يكبد خزائن شركة المياه والصرف الصحي خسائر فادحة، الأزمة التي تحتاج إلى حل جذري للحد من إزهاق أرواح المصريين.
سرقة 12 ألف بلاعة على مستوى الجمهورية خلال 3 أشهر: 
أصدرت الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، تقرير مؤخرًا، يشير إلى أنه تمت سرقة 12 ألف غطاء "بلاعة" على مستوى الجمهورية في 3 شهور فقط، حيث حازت القاهرة على نصيب الأسد لتفقد 1787 بلاعة غطاءها، فيما جاءت الإسكندرية في المرتبة الثانية، وتلتها الجيزة، موضحًا أنه هناك حوالي 6 آلاف غطاء سنويًا تتم صناعتها لاستعاضة ما تتم سرقته في القاهرة فقط، في حين ارتفع سعر كيلو الزهر الرمادي إلى 18 جنيهًا، ويتكلف غطاء البلاعة الزهر الرمادي ما بين 3000 و4000 جنيه، وفقًا لأقطارها من (60 إلى80 سم)، ويتراوح وزن الأغطية من 200 إلى 300 كيلو بدون البرواز، كما أن شركة المياه والصرف الصحي من أغطية البالوعات، تبلغ خسائرها 25 مليون جنيه سنويًا في القاهرة فقط، دون أن يتم وضع خطة حقيقة لمواجهة حالات السرقة وحماية البالوعات التي تتسبب في هدر أرواح المواطنين.
حوادث "البالوعات" تدق ناقوس الخطر: 
تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اليوم الثلاثاء، فيديو مقتبس من كاميرا مراقبة موجودة بأحد شوارع المنصورة بمحافظة الدقهلية، كشف لحظة سقوط طفلة في "بلاعة"، معلقين على الفيديو: "خلو بالكم من غطيان البلاعات، دي الطفلة "جنة" من المنصورة وهى رايحة الدرس.. والحمد لله ربنا ستر، ياريت تنبهوا على ولادكم وهما ماشيين في الشوارع مايمشوش فوق غطيان البلاعات.. وميحتكوش بعواميد الكهرباء".
وفي يناير الماضي 2019، لقى طفل يبلغ من العمر 7 سنوات مصرعه، غرقًا في "بلاعة مياه صرف صحي" بمحيط مدرسة "الفقاعي" في مركز المنزلة محافظة الدقهلية، بعد فشل إنقاذه رغم مرور أربع ساعات على سقوطه، حيث أنه سقط بسبب عدم وجود غطاء عليها، الأمر الذي أدى إلى إثارة حالة غضب عارمة من قبل الأهالي، بسبب إزهاق الأرواح نتيجة الإهمال والتقاعس عن محاولة إنقاذه أو حل أزمة سرقة "غطاء البالوعات". 
كما وقع حادث آخر في الشهر ذاته، حيث لقى عامل مصرعه، إثر سقوطه في "بلاعة صرف صحي" بقرية "نامول" في محافظة القليوبية، أثناء عمله في المقاولات والحفر والبناء بالمحافظة. 
وتتوالى الحوادث الناتجة عن سرقة أغطية "البالوعات" في المحافظات، ففي أكتوبر العام الماضي، لقي عامل مصرعه، إثر إصابته بحالة إغماء واختناق أثناء تطهير بيارة صرف صحي بقرية بني غالب التابعة لمركز بأسيوط، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة داخل البيارة، وفي سبتمبر من العام ذاته، لقى ثلاثة من عمال الصرف الصحي بمدينة سفاجا مصرعهم، فيما أصيب اثنان آخران، أثناء قيامهم بأعمال الصيانة بإحدى البالوعات في المدينة.
ونالت "بلاعة للصرف الصحي مكشوفة" في منطقة مساكن 24 أكتوبر بحي فيصل في السويس، من طفل وطفلة بعد غرقهم داخل البالوعة الموجودة بالقرب من منزلهما.
وفي هذا الإطار، يقول المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية الأسبق، إنه من المفترض على الهيئة العامة للصرف الصحي أن تتابع أزمة سرقة غطاء البالوعات، فضلًا عن البحث عن طريقة للحفاظ على غطائها، بحيث لا يستطيع أي شخص إزالتها سوى مسئولي الصرف الصحي، مشيرًا إلى أن سارقي غطاءات البالوعات لا يمتلكون أي انتماء للوطن أو إنسانية لما يتسببه هذا الفعل من كارثة تودي بحياة المواطنين.
وأضاف عطية، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن السرقة لغطاء البالوعات تتم باستمرار، لأنها مكونة من مواد معدنية يتم بيعها بأموال معقولة، مما يستوجب على الجهات المعنية تصميم بالوعات لا يمكن نزعها سوى العاملين في منظومة الصرف الصحي، مؤكدًا أن هذا الأمر يتم من خلال تصميم معين لشكل وحجم كل "بلاعة" في الشارع، وهذه مسئولية الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بالتنسيق والتعاون مع الجهات الأخرى المعنية بالأزمة، فإن هذه الشركة هي من تضع "البالوعات"، وهي من تكبد الخسائر المادية حيال سرقتها.
بينما يوضح النائب سيد عطية، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن حل أزمة سرقة غطاء البالوعات يكمن في تصميمها من مواد أخرى بعيدة عن المواد المعدنية التي يمكن سرقتها وبيعها كما يحدث حاليًا، لافتًا إلى أن هذا الأمر سيعمل على منع انتشار سرقتها مما سيحد من الحوادث والكوارث البشرية التي تقع يوميًا في مختلف المحافظات.
وأكد عطية، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن تصنيع البالوعات من مواد معدنية قابلة للبيع كان دافع للمجرمين لسرقتها وبيعها دون التفكير في أن هذا التصرف سينتج عنه ضحايا لا ذنب لهم، وأغلبهم من الأطفال، مضيفًا أن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي هي المعنية بحل الأزمة سريعًا، والبحث عن السبل الممكنة لمواجهة سرقة غطاء البالوعات، مطالبًا رؤساء الأحياء وإدارات المحليات والأهالي الإبلاغ من خلال الخط الساخن لكل محافظة عن البالوعات المكشوفة أو المسروق غطاؤها.

تغيير سلوكيات المصريين للسلبية: 
أما عن سلوكيات المواطنين حيال التعامل مع أزمة وجود "بالوعات" دون أغطية في الشوارع على مستوى محافظات الجمهورية، ترى الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن بعض المصريين يعانون من السلبية في التعامل مع الأمور الخاطئة والظواهر السلبية ومحاولة تصحيحها، موضحة أن هذا الأمر يرجع إلى العديد من الأسباب منها تغيير السلوكيات المعروضة في الأفلام والمسلسلات عكس ما كانت عليه قديمًا.
وأشارت خضر، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، إلى أنه هناك حاجة لوجود قوانين قوية وسريعة لمحاسبة المخطئين مثل سارقي غطاء البالوعات، مشددة على ضرورة تعاون المواطنين مع الجهات المعنية لعلاج الظواهر السلبية والأزمات وحلها، مضيفة أنه لابد من تكثيف كاميرات المراقبة لحماية الشوارع والمارة أيضًا.