الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

سيناريوهات سقوط الخلافة المزعومة في "الباغوز"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد سنوات عجاف عاشتها المدن السورية تحت وطأة إرهاب داعش، نجحت قوات قسد فى ملاحقة التنظيم الإرهابى، حتى تم أخيرا تحرير الباغوز، وهو آخر جيب كان تحت رحمة الدواعش، وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية القضاء على ما يسمى بالخلافة، وخسارة التنظيم الإرهابى لأراضى سيطرته بنسبة مائة فى المائة.
ويعمل قسد على إعادة الاستقرار وبناء المؤسسات للمناطق التى تم تحريرها.. «البوابة نيوز» تقدم هنا قراءة حول نهاية داعش فى الباغور، وانعكاسات ذلك على مستقبل التنظيم الإرهابى، وأصداء ذلك فى العالم.



زوال الخطر.. قادة الغرب يحتفون بنهاية التنظيم الإرهابى
مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية سيطرتها على قرية الباغوز، آخر جيب لتنظيم داعش الإرهابى بشرق سوريا لتنتهى بذلك دولة «الخلافة المزعومة» التى أعلنها التنظيم بعد أعوام من القتال، قام خلالها التنظيم بتنفيذ عمليات قتل وتخريب أرتقى بعضها لجرائم ضد الإنسانية وفقا للأمم المتحدة.
وجاءت هذه الأنباء تحمل السرور لقادة الدول التى عانت من هجمات عناصر التنظيم، وقال نائب المبعوث الأمريكى الخاص لدى التحالف الدولي، وليام روباك فى كلمة ألقاها خلال الاحتفال «نهنئ الشعب السورى خصوصا قوات سوريا الديمقراطية على تدميرها الخلافة المزعومة لداعش، هذا الحدث الحاسم فى القتال ضد التنظيم يشكل ضربة استراتيجية ساحقة ويؤكد الالتزام الثابت لشركائنا المحليين والتحالف الدولى فى هزيمة داعش».
وأكد أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو فى أكثر من مناسبة على إصرار الولايات المتحدة لقيام بما يلزم فى المنطقة، بما فى ذلك هنا فى سوريا، وفى أنحاء العالم لضمان القضاء على تهديد تنظيم داعش.
وفى أوروبا علق الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، قائلا: «تحققت خطوة كبيرة. لقد انتهى خطر كبير على بلدنا، لكن التهديد لا يزال قائما ويجب مواصلة الكفاح ضد الجماعات الإرهابية».
وكانت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلى قد شنرت على موقع التواصل الاجتماعى تويتر تغريدة قائلة: «الدولة الإسلامية- تنظيم داعش- لم تعد تسيطر على أى أراض لكنها لم تختف».
وتعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية التى شهدت عمليات إرهابية، نفَّذها أتباع لتنظيم «داعش»، وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل ٢٤٦ شخصًا منذ عام ٢٠١٥، كما سافر نحو ٦٠٠ فرنسى إلى سوريا والعراق؛ للانضمام إلى التنظيم الإرهابى فى سوريا والعراق، وتحضر الحكومة الفرنسية حاليا لاستعادة بعضا من مواطنيها والذين وقعوا فى الأسر خلال قتالهم فى صفوف داعش فى سوريا والعراق لتتم محاكمته فى فرنسا.
وقالت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى، إن استعادة كل الأراضى التى كانت تحت سيطرة تنظيم داعش ما كانت ممكنة لولا شجاعة قوات التحالف الدولي، ووصفت ماى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بأنها «منعطف تاريخي» ودعت إلى مواصلة المعركة ضد الجهاديين.
وأضافت ماى فى بيان «يجب ألا نغفل عن التهديد الذى يمثله داعش ولا تزال الحكومة البريطانية مصممة على القضاء على إيديولوجيته المؤذية. سنواصل القيام بما هو ضرورى لحماية الشعب البريطانى وحلفائنا».

بعد الهزيمة العسكرية لـ«داعش» العالم فى رعب من «الذئاب المنفردة».. ومخاوف من عودة التنظيم مرة أخرى أو ظهور تنظيمات أكثر دموية

«الباغوز تحررت، والنصر العسكرى ضد داعش تحقق»، هكذا أعلن مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، ظهيرة السبت ٢٣ من مارس، انتهاء التنظيم الأخطر فى العقد الأخير حول العالم.
وعلى الرغم من أن هذا الإعلان حمل بشرى سارة للإنسانية كلها، نظرًا لدموية ووحشية التنظيم الإرهابي، إلا أنه طرح العديد من التساؤلات فى أذهان المتابعين، لعل أبرزها، هل انتهى التنظيم بصورة فعلية؟ وهل تم القضاء على كافة المنتسبين له؟
وبالنظر إلى التساؤل الأول، نجد أن دروس التاريخ تشير إلى أن التنظيمات الإرهابية لا تنتهى بسهولة، ولكنها تستطيع العودة مرارًا وتكرارًا إلى الظهور على الساحة العالمية مرة أخرى، وذلك لأنها تنظيمات أيديولوجية تعتمد على الفكر بالمقام الأول وليس السلاح، لذا فإن عملية المواجهة العسكرية فقط، لن تنجح فى القضاء على هذا التنظيم.
ولعل خير مثال على ذلك ما فعله أوباما فى ٢ من مايو من عام ٢٠١١ عندما أعلن عن مقتل أسامة بن لادن فى مجمع سكنى بباكستان، وهو ما وصفه آنذاك بـ«أعظم إنجاز حققته أمتنا حتى الآن فى جهودها للقضاء على تنظيم القاعدة»، إلا أن الواقع أثبت أن تنظيم القاعدة لم يقض عليه، ويستدل على ذلك بالإعلان عن المكافأة الأمريكية للقبض على نجله، الذى يسعى إلى إعادة ترتيب التنظيم وبنائه الهيكلى مرة أخرى.
ويمكن تفسير ذلك إلى أن تنظيم القاعدة، وغيره من التنظيمات الإرهابية مثل داعش، وعلى الرغم من وحشيتهم، إلا أنهم يقومون فى بنائهم الفكرى على مجموعة من القواعد الفكرية والفقهية التى وضعهها فقهاء الإرهاب مثل سيد قطب وغيره، لذا فإن هذه الأفكار التى تم نشرها فى كتب مختلفة، ما زالت متداولة، يمكنها أن تخلق إرهابيين مرة تلو الأخرى.
لذا وإجابة على السؤال الأول، فإن التنظيم لم ينته بعد كما أعلنت «قسد»، وإن كان قد انتهى عسكريًا، فإن العالم والضمير الإنسانى قد يواجه شبح تنظيم داعش الإرهابى مرة أخرى، وذلك بعد مرور عدة سنوات، ولتجنب هذا الأمر، لابد من المواجهة الفكرية للتنظيم وللكتب التى يعتمد عليها، والسعى إلى تحصين النشء ضد الأفكار المتطرفة.


قنابل موقوتة
وعلى صعيد التساؤل الثاني، فإن مصير المنتسبين لصفوف التنظيم الإرهابى ما زال غامضًا، حيث تباينت آراء الدول حول إعادة استقبال مواطنيهم الذين انضموا فى أوقات سابقة إلى التنظيم الإرهابي، فقد أعلنت ألمانيا ترحيبها بعودة مواطنيها إلى البلاد باعتباره «حقا أصيلا لهم» وفقًا لوزارة خارجيتها، واتفق جاستين ترودو، رئيس الوزراء الكندي، مع هذا التوجه، وقال بأن بلاده سوف تساعدهم على التخلى عن الآراء المتطرفة، وعلى النقيض، رأى جان إيف لو دريان، وزير الخارجية الفرنسي، بأن هؤلاء «أعداء للأمة الفرنسية».
وتكمن خطورة المنتسبين لتنظيم داعش الإرهابى فى أنهم يكونون نواة لتنظيم إرهابى جديد يظهر فى دولة أخرى داخل المنطقة، أو بدولة نامية، كما حدث فى ليبيا وغيرها، كما يمكن أن يمارس هؤلاء العمل الإرهابى بصورة منفردة، أو ما يعرف بـ«الذئاب المنفردة»، نظرًا لأنهم يمتلكون المعرفة اللازمة للتعامل مع الأسلحة والذخائر، وكذلك سهولة القيام بتلك العمليات والتى لا تحتاج لتخطيط كبير.
لذا يمكن القول بأن التنظيم الإرهابى لم ينته بعد، وما زالت هناك العديد من الملفات العالقة حول التنظيم، لعل أبرزها الجوانب الفكرية، والآليات الواجب اتباعها فى التعامل مع أعضاء التنظيم الهاربين من سوريا والعراق، والتعامل الجيد مع هذه القضايا سوف يساهم فى تقليل خطر ظهوره مرة أخرى.


«قسد» ترفع أعلامها.. إعادة الاستقرار للمناطق المحررة 
بعد معارك عنيفة شهدتها الباغوز شرقى دير الزور بين قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصارًا بـ«قسد»، وتنظيم داعش الإرهابى فى آخر معقل من معاقله، أعلنت «قسد» القضاء التام على «داعش»، السبت الموافق ٢٣ مارس ٢٠١٩. وقال مظلوم عبدى القائد العسكرى لـ«قسد» فى الاحتفالية المقامة بمناسبة هزيمة «داعش»: إنه بعد معارك استمرت ٥ أعوام أعلن هزيمة داعش فى سوريا.
وأضاف: لقد هزمناه بإمكانياتنا الذاتية المتواضعة فى ٢٠١٢ و٢٠١٣، مشيرًا إلى أنه حرّرنا ٥٢ ألف كيلومترًا من الأراضى السورية.
كما أشار إلى قتل أكثر من ١١ ألف مقاتلًا وأصيب ٢٢ ألفا آخرين من قواتنا فى المعارك مع «داعش».
وتابع: حربنا ضد ضد داعش لا تزال مستمرة نتمكن من القضاء على وجوده كليًّا، مبينًا عملهم على إعادة الاستقرار للمناطق التى تم تحريرها من التنظيم وبناء المؤسسات فيها.
كما قال مصطفى بالي، مدير المركز الإعلامى لـ«قسد»، فى تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»: «تعلن قوات سوريا الديمقراطية القضاء على ما يُسمى بالخلافة، وخسارة التنظيم لأراضى سيطرته بنسبة مائة فى المائة».
وفى تغريدة أخرى كتب بالي: «نبشر العالم بزوال دولة الخلافة المزعومة»، مضيفًا أن الباغوز تحررت، والنصر العسكرى ضد داعش تحقق.
كما رفعت «قسد» أعلامها بالباغوز، وهتف مقاتلون فى صفوفها قائلون: «داعش» انتهى نحن نعيش الفرحة الآن.
وبدأت «قسد» المدعومة من واشنطن بشنِّ عمليات عسكرية منذ ٩ فبراير الماضي، على المعقل الأخير لداعش فى الباغوز قرب الحدود العراقية.
وعلى الرغم من هزيمة «داعش» بالباغوز، وانتهاء سيطرته على الأراضى التى كان بها فى ٢٠١٤ وقت إعلان دولة «الخلافة» المزعومة عام ٢٠١٤، فإنه لا يزال يشكل تهديدًا؛ نظرًا لوجود بعض مسلحى التنظيم الذين يتحصنون فى مناطق نائية فى الصحراء السورية، متوارين عن الأنظار، يشنون هجمات بإطلاق النار أو بالقيام بعمليات اختطاف فى انتظار فرصة للخروج من جديد.
وهناك حكومات كثيرة تقول إنه رغم الهزيمة التى لحقت بالتنظيم الدموي، فإنه لا يزال يشكل خطرًا كبيرًا فى ظل تطويره أساليب بديلة تتراوح من شن معارك فى المناطق الريفية إلى تنفيذ تفجيرات فى المراكز الحضرية، وينفذ هذه الهجمات أتباع للتنظيم فى المنطقة وخارجها.
وفى سياق متصل، تعتقد واشنطن أن «أبوبكر البغدادي» زعيم التنظيم موجود فى العراق، وبحسب معلومات استخباراتية سابقة فإنه كان موجودًا بين أنصاره فى آخر معاقل التنظيم بسوريا، وهو ما يطرح تساؤلات عن إمكانية نجاة البغدادى من حملة قوات التحالف الدولى على منطقة الباغوز.
من جانبه، يقول هشام النجار، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية: إن زيادة قوة «سوريا الديمقراطية»، يعنى أن واشنطن زادت دعمها لـ«قسد»، وتخلت تركيا عن «داعش» بشكل مؤقت؛ لذلك تمكن الأكراد من التقدم وتحقيق الانتصار على التنظيم فى الباغوز.
وأضاف أنه لم يتبق من عناصر «داعش» سوى القليل، مرجحًا احتمالية مقتل « البغدادي» أو اعتقاله.
الصحافة الفرنسية ترصد انعكاسات هزيمة داعش.. سقوط باغوز لا يضع حدًا للخطر فى سوريا والعراق
أفردت الصحف الفرنسية صفحاتها للحديث عن تحرير الباغوز وأبرزت انتصارات قسد على التنظيم الإرهابى حتى تم تحرير الأراضى التى كانت واقعة تحت سيطرته وانعكاسات هزيمة داعش. 
أشارت صحيفة لوموند إلى أن الباغوز تقع فى منحنى على نهر الفرات، بالقرب من الحدود العراقية، وهى قرية زراعية تبلغ مساحتها حوالى كيلومتر مربع. أثناء هزيمة داعش، لجأ عشرات الآلاف من مقاتليها، مع أسرهم، إلى هذه النهاية من العالم، للعيش فى مجموعة من المنازل الصغيرة، وخيام مصنوعة من القماش المشمع البلاستيكى وحطام المركبات المهجورة.
وذكرت الصحيفة أن هذا المكان هو ما تم فيه تنفيذ آخر عمل للحرب ضد الجهاديين «متعددى الجنسيات»، أنصار أبو بكر البغدادي، الخليفة المعلن من تنظيم الدولة الإسلامية الذى لا يزال يتعذر تتبعه، محاطين من قبل قوات الدفاع والأمن، ولكن أيضًا من قِبل الجيش السوري، الذى تم نشره. وكذلك من قبل القوات العراقية على الجانب الآخر من الحدود. 
وتابعت الصحيفة: إذا أغلقت صفحة الخلافة، فإن سقوط باغوز لا يضع حدًا للخطر الجهادى فى سوريا والعراق. لا تزال الحركة تحتوى على خلايا منتشرة فى الصحراء، والتى تحولت بالفعل إلى فن حرب العصابات. بين منتصف ديسمبر وأواخر فبراير، نفذت المجموعة حوالى ١٨٠ هجومًا فى سوريا. قُتل أو جُرح أكثر من ٦٠٠ شخص، بمن فيهم أربعة أمريكيون فى منبج، فى شمال البلاد، حيث تم رصد المنظمة فى صيف عام ٢٠١٦.
أما صحيفة لا فيجارو فأشارت إلى أن أبو بكر البغدادى لا يزال هاربًا، وهذا مؤشر آخر على أنه على الرغم من فقدان أراضيهم، فإن الجهاديين لا يزالون يشكلون تهديدًا للشام وما وراءه.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصير الآلاف من الجهاديين الآن فى أيدى المقاتلين الأكراد فى شمال شرق سوريا هو التحدى الكبير الآخر فى الأشهر القليلة المقبلة. ماذا ستفعل القوات الديمقراطية السورية التى تحتجزهم؟ إن إبقائهم يمثل عبئًا على هذا التحالف للمقاتلين الأكراد والعرب. باختصار، لا تعنى هزيمة داعش نهاية التهديد الجهادى فى سوريا.

مدينة الباغوز بعد المعركة.. قوات سوريا الديمقراطية تفرض سيطرتها على الأراضى المحررة 
تطورات متلاحقة وسريعة شهدتها الحملة الدولية على تنظيم «داعش» الإرهابي، استغرقت ما يربو على ٤ سنوات و٩ أشهر، من أجل القضاء على الخلافة الإسلامية المزعومة التى حاول إقامتها زعيم الدواعش «أبوبكر البغدادي» فى سوريا والعراق.
قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، والمعروفة إعلاميًّا بـ«قسد»، فرضت سيطرتها على آخر جيب لتنظيم داعش فى سوريا؛ لتنهى بذلك دولة «الخلافة» المزعومة، وتعلن عودة التنظيم المتطرف للانزواء عقب فقدانه معظم الأراضى التى كانت تحت سطوته. 
وزارة الخارجية الأمريكية، أكدت فى بيانٍ لها أن الهزيمة الميدانية لداعش فى العراق وسوريا تشكل علامة بارزة فى الحرب ضد التنظيم، لكن هذا الأمر لا يعنى أن الحملة ضد داعش قد انتهت؛ حيث إن التنظيم المتشدد لا يزال يمثل تهديدًا عبر الخلايا النائمة فى مختلف أنحاء العالم.
ومن خلال تتبع مسارات «داعش» بعد انهيار صفوفه بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وانحسار تواجده فى سوريا والعراق، يتكشف أن التنظيم تحول خلال الأعوام الخمسة الماضية من استراتيجية إدارة ما يُسمى بـ«دولة الخلافة»، إلى مرحلة حرب العصابات، التى ينفذها من خلال ذئابه المنفردة المتشبعين بأفكاره المتطرفة.



الذئاب المنفردة
التخوف الغربى من استراتيجية «الذئاب المنفردة» يأتى من خطورة تلك التشكيلات الإرهابية؛ حيث يتولى شخص واحد تنفيذ العملية، ما يجعل مسألة رصده وتوقيفه أمرًا مستحيلًا على الأجهزة الأمنية فى الدول التى يضربها الإرهاب، خاصة مع تطوير داعش لاستراتيجية الذئب المنفرد؛ لتنفيذ عملياته خارج أماكن سيطرته وتصدير هجماتها حول العالم.
ورغم أن «داعش» لم تكن الجماعة الأولى أو الوحيدة التى تستخدم تلك الاستراتيجية؛ إذ استخدمتها حركة طالبان الإرهابية فى أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتى فى تسعينيات القرن الماضي، إلا أن هناك تخوفات كبيرة -أوروبية وأمريكية- من عودة الدواعش فى ثوب الذئاب المنفردة. 


تخوفات أمريكية وأوروبية
التخوفات الأمريكية اتضحت فى تعليق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، على انتصار قوات سوريا الديمقراطية على التنظيم المتطرف فى «الباغوز»؛ حيث قال إن الولايات المتحدة ستبقى متأهبة لمحاربة داعش حتى تتم هزيمته أينما كان، مؤكدًا أن تحرير المناطق التى كان يسيطر عليها داعش فى سوريا والعراق أمر جيد، ولكن لابد من التزام اليقظة.
وفى سياق متصل، حذّر نائب المبعوث الأمريكى الخاص لدى التحالف الدولى «وليام روباك»، فى كلمة ألقاها خلال الاحتفال بالنصر على داعش، من أن القتال ضد التنظيم لم ينته، رغم تجريده من الأراضى فى سوريا والعراق، مردفًا: «لا يزال أمامنا الكثير من العمل لإلحاق الهزيمة الدائمة بالتنظيم، فالحملة لم تنته، وداعش يبقى تهديدًا كبيرًا، وحسم قسد معركتها فى الباغوز لا يعنى انتهاء خطر التنظيم».
وفى بريطانيا، دعت رئيسة الوزراء «تيريزا ماي»، إلى مواصلة المعركة ضد المتشددين عقب المنعطف التاريخى بتحرير آخر بقعة خاضعة لسيطرة داعش، مضيفة: «يجب ألا نغفل عن التهديد الذى يمثله داعش ولا تزال الحكومة البريطانية مصممة على القضاء على أيديولوجيته المؤذية، وسنواصل القيام بما هو ضرورى لحماية الشعب البريطانى وحلفائنا».



تغير استراتيجى 
وفى دراسة للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، بعنوان «تحديات الذئاب المنفردة وآليات مواجهتها من قبل أجهزة الاستخبارات الأوروبية»، لفتت إلى أن عمليات «الذئاب المنفردة»، تتميز بأنها غير تقليدية؛ لأنها عشوائية التنفيذ، ولا تعتمد على مركزية القيادة، ما يجعلها تشكل تحديًّا صعبًا أمام أجهزة الاستخبارات لكشف نوايا منفذيها.
وأوضحت الدراسة أن التنظيم المتطرف يلجأ إلى تمرير عملياته للغرب، وللعواصم الأوروبية خاصة؛ نظرًا للتشديدات الأمنية وصعوبة تنفيذ عمليات تقليدية، وكذلك لصعوبة جمع معلومات أمنية استباقية تكشف الاستعداد لتنفيذ أى عمليات إرهابية، ما يجعل الذئاب المنفردة هى الوسيلة المناسبة لاختراق القبضة الأمنية الأوروبية ووكالاتها الاستخباراتية.
وذكرت الدراسة فى ملخصها، أن داعش ركز على الذئاب المنفردة لعدة عوامل، أهمها سهولة اختراقها للمجتمعات الأوروبية عبر شبكات الإنترنت، وقلة التمويل فى التنفيذ، وكذلك صعوبة الملاحقة الأمنية والاستخباراتية.