الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

زين نصار يؤرخ لجنود مجهولة في "موسوعة الموسيقى والغناء"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب حديثًا كتابًا بعنوان «موسوعة الموسيقى والغناء فى مصر فى القرن العشرين» للدكتور زين نصار أستاذ النقد المتفرغ بالمعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون بالقاهرة.
سرد المؤلف فى هذا الكتاب تاريخ عدة أجيال من الملحنين والسيرة الذاتية لهم، التى ربما لا يعرف عنهم الكثيرون شيئًا أو الذين يعتبروا جنودًا مجهولين ودونهم لا يقدم عمل موسيقى أو غنائى وأهم الأحداث التى أثرت على عملهم كمبدعين.
كشف المؤلف عن بعض الأسرار فى حياة المطرب الكبير عبده الحامولى الذى يعد من ألمع الفنانين فى أواخر القرن التاسع عشر، وظل متربعًا على عرش الغناء قرابة 40 عامًا.
عانى الحامولى كثيرًا فى بداية حياته فهرب من بيته من أجل الفن وقاسى من شدة الجوع مع أخيه حتى وصلا إلى منيا القمح والتقى أحد الفنانين هناك، وكان يدعى المعلم شعبان الذى فطن إلى موهبته.
الحامولى جددّ فى مطلع حياته الألحان التى كانت سائدة فى عصره وهى الموشحات حتى سمعه الخديو إساعيل باشا، واصطحبه إلى الأستانة وابتعد الحامولى عن الأنين والبكاء ووضع ألحانا تشيع فيها روح القوة والأمل فى الأغنية المصرية فضم إليه زمرة مؤلفى الأغانى من كبار الشعراء والأدباء أمثال إسماعيل صبرى والشيخ عبدالرحيم قراعة، مفتى الديار المصرية وقتها، ومحمود سامى البارودى والمؤلف المسرحى نجيب حداد، ونظموا له أدوارًا جاءت آية فى التذوق والجمال ترجم من خلالها مجموعة من الأغانى التركية إلى العربية ونظمها، ليستهل بها وصلته الغنائية قبل القصيدة والموشح والدور.
ومن القصائد التى لحنها الحامولى «أراك عصى الدمع» و«حياتكم وحياتكم»، «قوليلى يا جميل قوليلي».
ومن رواد المسرح الغنائى العربى الشيخ سلامة حجازى الذى أحب آلة اسلامية وهى آلة نفخ تشبة «الناي»، فصوته الشجى ومواهبه الغنائية طغت على إجادته فى العزف حتى انضم إلى رابطة المنشدين، واشترك معهم فى سهراتهم، قويت أوتار صوته عندما كان مؤذنًا، واتجه عقب ذلك إلى الغناء برفقة التخت فى الليالى والأفراح.
اتجه حجازى للانضمام لفرقة الحداد والقرداحى عام 1885 وظهر لأول مرة على المسرح فى دار الأوبرا ممثلا ومغنيا فى رواية «مى وهوراس» ولقى نجاحًا كبيرًا، كما انضم إلى فرقة اسكندر التى اشترك فيها كممثل ومغنى جعلت كثير من الأدباء يلتفون حوله مثل إلياس فياض وطانيوس عبده، وجيران خليل جبران ومدحوه بمؤلفاتهم الأدبية، قام بالعديد من الرحلات إلى ربوع الشام قدم خلالها بعض رواياته الغنائية التى نالت إعجاب وتقدير الكثيرين.
ومن الأشخاص التى نافست الملحن عبده الحامولى فكان ندًا كبيرًا له هو محمد عثمان إلا أن الحامولى تفوق عليه لأسباب منها أنه بعد أن ذاع صيت محمد عثمان أُصيب بمرض فى حنجرته جعلته يفقد حلاوة صوته وهو ما اضطره إلى ابتكار أسلوب جديد لتلحين الدور الغنائى يقوم على الحوار المتبادل بين المغنى وجماعة المنشدين، وهو ما يسمى «بالهنك» وهو اصطلاح فنى يدل فى الدور على أسلوب غنائى خاص يبتدعه المغنى والملحن.
يرجع الفضل إلى محمد عثمان فى دعم الدور المصرى والتجديد فيه وتنسيقه فى القالب الذى ارتبطت به التقاليد الفنية لهذا النوع من الغناء السابق ذكره، وترك عثمان موشحات ومجموعة أدوار وألحان قاربت من 150 دورًا ومن موشحاته «اسقنى الراح»، «أتانى زمان بما أرتضي»، «يا غزالا زان عينه بالكحل».
اهتم محمد عثمان بتصوير معانى الكلمات بعد أن كانت كلمات الأغنية مجرد تطريب لا يعبر عن شيء وقد أهدى دور «مليكى أنا عبدك» للخديو إسماعيل باشا اعترافًا منه بفضله عليه.
تناول المؤلف أيضًا سيرة أحد الملحنين الكبار الذين يجهلهم الكثيرون وهو كامل الخلعى الذى التقى بالشيخ أحمد أبوخليل القبانى، واكتشف فيه موهبة الغناء وحب الموسيقى، وسافر معه إلى الشام وبغداد والموصل، لمدة ثلاث سنوات اكتسب خلالها علمًا وأدبًا وفنًا، وانضم بعدها إلى فرقة سلامة حجازى ضمن فريق المنشدين.
كان الخلعى من أوائل من شاركوا فى إرساء قواعد وتأسيس المسرح الغنائى العربى وبلغ عدد ما لحنه 45 مسرحية غنائية لمختلف الفرق، وعلى الرغم من سفره إلى بعض البلاد الأوروبية لدراسة أصول الأوبريت فإنه لم يتأثر فى إنتاجه بموسيقى الغرب، وكان من أول موسيقى يتجه إلى تأليف الكتب منها «الموسيقى الشرقي»، «نيل الأمانى فى ضروب الأغاني»، «الأغانى المصرية».
ومن المجهولين من الملحنين أيضًا الملحن الكبير داوود حسنى الذى فاق حبه للغناء والترتيل يفوق حبه للعلم والتحصيل، سمعه الإمام محمد عبده وهو يدندن فى إحدى المرات فأعجب به، واكتشف فيه أمارات النبوغ وتتلمذ على يد محمد شعبان الذى كان فى الطليعة من ملحنى الموشحات
بدأ داوود حسنى حياته كمطرب فى الأفراح، وكان يغنى أدوار الشيخ محمد عثمان، ولمع اسمه بين المشاهير من معاصريه من أمثال الشيخ يوسف المنيلاوي.
وفى عام 1928 تعرف داوود حسنى على أم كلثوم ولحن لها «شرف حبيب قلبي»، «يا فؤادى إيه ينوبك»، «كل ما يزداد رضا قلبك عليَ»، «قلبى عرف معنى الأشواق». ولحن للمطربة ليلى مراد طائفة من الأغانى، ولحن للمطرب صالح عبدالحى والمطربة نجاة.
وبرع داوود حسنى فى تلحينه الأغنية الشعبية الخفيفة منها «صيد العصارى»، «هاتى ياما عصفوري»، «قمر له ليالي»، وكانت هذه الألحان من أكثر المؤلفات التى تعزفها الموسيقى العسكرية فى كشك الموسيقى بحديقة الأزبكية، واتجه حسنى عام 1919 إلى المسرح الغنائى، وقد ورد أنه أول من وضع أساس الأوبرا العربية.