واصل المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بإمارة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة فعاليات دورته الثامنة تحت شعار "تغيير سلوك.. تطوير إنسان" وذلك في يومه الثاني والأخير، حيث تم تنظيم أربع جلسات رئيسية بخلاف العديد من جلسات الحوار التفاعلي والعصف الذهني وكلمات الملهمين والخطابات التفاعلية ومنصات الباحثين والابتكارات وجائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب وشارقة الغد كيف تراها.
وأكد د. ثاني الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، بدولة الإمارات العربية المتحدة في كلمته بافتتاح فعاليات اليوم الثاني للمنتدى أن الثورات والحروب وزيادة سلوكيات الاستهلاك غير المسئولة والمستمرة تهدد استدامة الموارد الطبيعية، وزيادة مسببات التغيرات المناخية والأضرار بالبيئة.
ودعا الزيودي الى ضرورة تكاتف المجتمع ممثلا في الحكومات والقطاع الخاص والأفراد في وقف سلوكيات الاستهلاك غير المسئول والظاهر التي تضر بالبيئة.
وفي خطاب تفاعلي بعنوان "القوة الناعمة وتاثيراتها الاجتماعية والاقتصادية"، تناول سعيد محمد العطر المدير العام لمكتب الدبلوماسية العامة بوزارة شئون مجلس الوزراء والمستقبل، أمين عام مجلس القوة الناعمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، كيف تقوم الدولة ببناء قوتها الناعمة،ودور الاعلام في بناء هذه القوة، وكيفية قياس تأثير القوة الناعمة، وأكد أهمية القوة الناعمة في تكوين صورة ذهنية للدول لدى الشعوب الأخرى، ولفت إلى أهمية أن تستثمر الحكومات والدول في عدة مجالات تسهم في تدعيم قوتها الناعمة وذلك من خلال اقامة بنية إعلامية قوية وشبكات تليفزيونية، وأيضا الاستثمار في قطاعات الفنون والدراما والسينما، لافتا إلى أن كوريا الجنوبية تصدر لنحو 91 دولة من إنتاجها الدرامي والسينمائي ما قيمته 12 مليار دولار سنويا، وبالتالي هي تعزز صورتها الذهنية في العالم بقوتها الناعمة.
ولفت إلى ضرورة أن تستثمر الدول في مجالات المعرفة والعلم لأن التفوق العلمي يزيد من القوة الناعمة للدول، علاوة على أهمية تعزيز قيم التسامح والتعددية الدينية والسياسية.
واستعرض المتحدثون في الجلسة الرئيسية الأولى بعنوان "التعليم عبر عدسة الغد.. انقلاب الموازين" الدور المحوري الذي سيلعبه التعليم في تعزيز جاهزية رأس المال البشري للانخراط بكفاءة في سوق العمل في المستقبل الذي سيشهد تغييرات جذرية، حيث أن 65% من طلاب اليوم سيتوظفون في مناصب لم يتم استحداثها بعد.
وتحدث أمام هذه الجلسة سوزان عفانة المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "Advvise" خبيرة في لاتصال والإعلام، وصحفية حائزة على عدة جوائز، ومارك برينسكي كاتب ومستشار ومبتكر في مجال التعليم ومؤسس المنظمة غير الربحية " التعليم العالمي للمستقبل، وجراهام براون مارتين كاتب وخبير في التعليم ومستقبل العمل ومؤسس الحركة العالمية" التعليم بلا حدود".
واتفق المتحدثون على أنه بالرغم من إدراك الكثير من الحكومات لأهمية تغيير أنظمة التعليم بما يتماشى مع هذه التغيرات الجذرية المتوقعة وبدئها باتخاذ الخطوات اللازمة للتصدي لها، إلا أن الشركاء الرئيسيين لقطاع التعليم – أي الطلاب وعائلاتهم والمجتمع المؤثر في قراراتهم - لا يزالون غير مدركين تمامًا لحجم التحدي، حيث نرى الكثيرين منهم لا زالوا يحرصون على تشجيع أبنائهم على الالتحاق بالمجالات التقليدية كالطب والهندسة والمحاماة لأنهم يعتبرونها الأعلى شأنًا من حيث المكانة الاجتماعية والأمان الوظيفي.
وأكدوا أن الكثير من الوظائف الحالية ستختفي على يد الآلات والروبوتات وتنشأ بالمقابل وظائف جديدة أكثر أهمية للاقتصاد،نظرًا لندرة العاملين بها، ليس في المستقبل البعيد، بل المتوسط والقريب،وبحلول عام 2024، لن يعاني العالم نقصًا في أعداد الأطباء والمهندسين والمحامين، بل في أعداد الأفراد متعددي المهارات ذوي الذكاء العاطفي المتقدم، ممن يتحلون بالصمود والمرونة وسعة الحيلة، ويفهمون الآلات ويتفاعلون معها بأريحية،وقادرين على التواصل وحل المشكلات والتفكير الناقد والتنسيق والتفاوض، والابتكار والتعاطف، وهؤلاء الأفراد لن تخرجهم المدارس ذات النظام التقليدي التي توفر علمًا بمقاس واحد للجميع، بل المدارس التي تتبنى الأساليب الحديثة التي تسمح لكل طالب بأن يتعلم ما يريد متى يريد.
مهارات المستقبل:
حملت الجلسة الثانية عنوان "ثقافة مهارات المستقبل..التصدي لظاهرة اختفاء الوظائف"، تحدث فيها كل من حسين محمد المحمودي الرئيس التنفيذي لشركة الأعمال التجارية للجامعة الأمريكية في الشارقة والرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا، ود. علي المري الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، ود. عبداللطيف محمد الشامسي مدير مجمع كليات التقنية العليا بالشارقة، ود. عدي الطويسي أستاذ مساعد ومدير مركز التعلّم الإلكتروني بجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا في الأردن،وحسن يعقوب المنصوري أمين عام مجلس الشارقة للإعلام.
وناقش المتحدثون التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومات في التعامل مع التغيرات الجذرية التي ستنتج عن الانخراط المتزايد للآلات في الاقتصاد في ظل الثورة الصناعية الرابعة،وخاصة في الوقت الذي تعد فيه الآلات بمضاعفة الإنتاجية وزيادة الكفاءة وتسريع الحلول للكثير من التحديات التي تواجه البشرية إلا أنها تترك الحكومات أمام معضلة كبيرة لا مفر منها، وهي ظاهرة اختفاء الوظائف التي تنبئ بخطر المزيد من البطالة وتنامي التفاوت الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي تفاقم الفقر،ولفتوا إلى أن نحو 47 % من الوظائف التي نعرفها اليوم ستختفي خلال الـ 30 عامًا القادمة،وقدموا رؤية استشرافية عن آخر تنبؤات التقارير العالمية فيما يتعلق بوظائف المستقبل؟ وإمكانية إجراء دراسات محلية في كل دولة تعكس مستقبل سوق عملها بما يراعي خصوصيتها الاقتصادية والاجتماعية؟
السعادة المستدامة:
عقدت الجلسة الثالثة بعنوان " تأصيل الإيجابية وسبل السعادة المستدامة..خارطة الطريق " تحدث فيها د. دافيد كاتز طبيب وباحث ومؤلف ومبتكر وصحفي،ومايك فايكنج الرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث السعادة في كوبنهاجن، ود.حنان سليم رائدة أعمال في مجال الرعاية الصحية.
وأكد خلالها المتحدثون أن حكومات العالم أدركت على مدى العقود الثلاثة الماضية أن أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات هي تدني مستويات السعادة والصحة النفسية حول العالم، الأمر الذي من الممكن أن يكلف اقتصاد العالم خسائر في الإنتاجية تبلغ مليار دولار سنويًا حسب آخر دراسات منظمة الصحة العالمية.
واستجاب عدد من الحكومات ومنها حكومة دولة الإمارات لهذا التحدي من خلال جعل السعادة أولوية تنموية، فأصبح لها استراتيجيات ووزارات ومبادرات ومعاهد ومؤشرات وتقارير ومساقات دراسية في أعرق الجامعات حول العالم، كما أصبحت معيارًا استراتيجيًا لقياس نجاح المبادرات والسياسات والخدمات الحكومية بكافة أشكالها.
ولفتوا إلى أن الدراسات العلمية أظهرت أن 10% فقط من سعادة الإنسان تحكمها الظروف، أما الـ 90 % الباقية فتحكمها أفكار الإنسان ونظرته للحياة وما ورثه من معتقدات وتجارب جينيًا من أبويه وأسلافه، وبالتالي فإن السعادة المستدامة لا يمكن أن تأتي من المبادرات الحكومية فحسب، بل لا بد أن تبنى على خيار شخصي بخوض رحلة داخلية لمعاينة أفكار الإنسان ومعتقداته ومراجعتها بما يدعم السعادة، كما أثبتت الدراسات أن السعادة رحلة تتطلب استثمارًا مستمرًا في الممارسات التي تولد الرضا والسعادة كالشكر والتواصل المحبة والتفاؤل والعطاء وممارسة الرياضة واتباع نمط غذائي صحي، معضرورة توعية الاتصال الحكومي للمجتمع بأهمية السعادة والصحة النفسية وضرورة اتخاذ الخطوات لتحسينها.
تمكين المرأة
وعن ريادة الفكر الداعم للمرأة دار موضوع الجلسة الرابعة للمنتدي والتي عقدت بالتعاون مع مؤسسة " نماء للارتقاء بالمرأة " وتحدث فيها ريم بن كرم مدير مؤسسة نماء، ود.نوال الحوسني المندوب الدائم للإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ( آيرينا )،ونوف تهلك مستشارة الأمين العام لمجلس الوزراء الاماراتي.
وتم خلال الجلسة التأكيد على أنه بالرغم من كل الجهود عبر العالم لتمكين المرأة ودعمها على مدى أربعة قرون، إلا أنها لا تزال تناضل للوصول إلى فرص متكافئة فعليًا على أرض الواقع مع الرجل في مختلف مجالات التنمية، خصوصًا مع تحجر الإرث الثقافي في الكثير من مناطق العالم فيما يتعلق بالنظرة للمرأة ودورها والقيود التي لا يمكنها التحرر منها دون أن تتكبد الكثير من الخسائر العاطفية والاجتماعية والاقتصادية.
كما عقدت جلسة تفاعلية عن ملتقى قيادات الاتصال الحكومي العرب في ضوء القضايا المحورية التي يطرحها المنتدى،وجلسة بعنوان من يصنع المستقبل بالتعاون مع مؤسسة " ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين " استضافت خلالها قرينة حاكم الشارقة،الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة ربع قرن نخبة من الأطفال والشباب واليافعين وعدد من المسئولين والمختصين لبحث دور الشباب في المسيرة التنموية والحضارية ومسئوليتهم تجاه المجتمع المحلي والسلوكيات العامة وتطلعاتهم المستقبلية.
إعلام الطفل
عقدت جلسة حوار تفاعلي عن السلوك البشري والإعلام التحليل والتفسير، ناقشت أهمية تحليل المعلومات الإعلامية وانعكاسها على السلوك البشري، ودور التكنولوجيا في عمليات التحليل سواء كان للإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد.
كما عقدت جلسة حوار تفاعلي عن " 5 توجهات رقمية تمهد الطريق نحو تغيرات جذرية في واقعالاتصال الحكومي " تم خلالها مناقشة التحولات الملحوظة والمستمرة التي تشهدها القنوات الرقمية وكيفية تأثيرها على أنشطة الجهات الحكومية في مجالات الاتصال والتسويق وتقديم الخدمات.
وناقشت جلسة حوار تفاعلي عن إعلام الأطفال وصناعة الأجيال،دور قنوات الأطفال في صناعة الجيل الصاعد، وتأثير تلك القنوات على شخصية الطفل سواء بالسلب أو الإيجاب، باعتبارها أحد مصادر تشكيل الثقافة والقيم والسلوك.
وجرت مناقشة لكتاب "تحليل استشرافي لأهم وظائف المستقبل 2030 وتأثيرها على مستقبل وظائف أجهزة انفاذ القانون " مع مؤلفه الرائد أنور النمر في القيادة العامة لشرطة دبي.
ثقافة تطوير السلوك
خلال جلسة خاصة بأولياء الأمور عن العائلة والمؤسسة " غرس ثقافة وتطوير سلوك " تم التأكيد على أن القيم التقليدية المتوارثة التي تربي عليها العائلة أطفالها، كالصدق والأمانة والتعاون وحب الخير تركز العائلة في تربيتها للفرد على القيم التقليدية المتوارثة، كالصدق والأمانة والتعاون وحب الخير، إلا أن هذه القيم لم تعد كافية لوحدها وذلك بفعل تطور شكل الوجود الاجتماعي للأفراد وتغير أنماط الحياة وازدياد التحديات على أكثر من صعيد، وصار لزاما دمج هذه القيم مع غيرها كالحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، وضبط الاستهلاك، والالتزام بالنظام العام، والابتكار والإبداع في العمل، وتغيير النظرة للتعليم ودور الفرد في إحداث متغيرات إيجابية في محيطه.
وقدمت ميشيل جيلان، الباحثة والخبيرة في السيكولوجية الإيجابية ومؤلفة الكتاب الأكثر مبيعًا "بث السعادة" كلمة ملهمة في قدرة الأفراد على التغيير الإيجابي، ودور الإعلام في توعية متابعيه إلى أهمية الحفاظ على الصحة النفسية وتحقيق السعادة المستدامة لحياتهم ومستقبلهم، مع ضرورة التركيز على الإيجابية في لغة الإعلام وبرامجه وتغطياته.
وعقدت جلسة تفاعلية عن الشباب كقوة محركة للتأثير الاجتماعي بالتعاون مع أكسبو 2020، بشأن اثنتين من مبادراته هما "برنامج المتطوعين" و"إكسبو لايف". وتشكل هاتان المبادرتان الرئيستان جوهر خطة تنفيذ وإنجاح معرض إكسبو 2020.
