الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مؤرخون يناقشون تأثير ثورة 1919 على الثورات العربية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقد المجلس الأعلى للثقافة، منذ قليل، الجلسة الثانية من مؤتمر "ثورة 1919 بعد مائة عام"، في يومه الثالث والأخير بقاعة المؤتمرات بمقر المجلس، بساحة الأوبرا، وقد ترأس الجلسة الدكتور محمد العلالي، أستاذ علم الاجتماع بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالمغرب العربي.
بدأت الجلسة بكلمة للدكتور عبدالله العتابي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة بغداد، قائلا إن ثورة 1919 حظيت باهتمام كبير من قبل الباحثين المصريين والعرب والأجانب، وهناك جوانب متعددة أهملها الدارسين في هذا المجال، ومن هنا كان تأثير الثورة على محيطها العربي وصولا إلى الهند وإندونيسيا، فلم تتوقف تأثيرات 1919 على الدول العربية فقط.
ويتناول مبحثه ثلاثة مباحث هم: 
1- التأثيرات المصرية على العراق قبيل اندلاع ثورة 1919.
2- موقف الرأي العام العراقي من ثورة 1919 في مصر بوصفها الثورة التحريرية الأولى في الشرق الأوسط، وموقف النخب المثقفة والصحافة العراقية من تلك الثورة.
3- التركيز على أثر ثورة 1919 في ثورة العشرين في العراق.
ثم سرد بيت شعري قيل في الشعب المصري بعد قيام الثورة: "أنتم خير أمة وما الخير إلا منكم يتفرق".
ثم أوضح أن بريطانيا قد استغلت انحياز الدول العثمانية وقامت باحتلال العراق وإنزال قواتها يون 6 نوفمبر 1916 واحتلت العراق من مدينة الفاو إلى الموصل من الجنوب إلى العراق، وكانت تهدف بريطانيا إلى تطبيق سياساتها فى الهند أيضا فى العراق الأمر الذي وجه بالرفض الذي عرضه الشعب العراقي على حكامه لكن ما حدث أن العراقيين لم يجدوا في حكامهم ملاذا يواجه معهم الدفاع عن قضيتهم وطرد الاحتلال، حتى أن بريطانيا منعت الصحف المصرية والسورية من الوصول إلى العراق، ورغم ذلك إلا أن أنباء ثورة 1919 قد وصلت إلى العراق وأدت إلى ثورة العشرين حيث انتفض العراقيون في مظاهرات لمواجهة بريطانيا. ومن أهم الوثائق التى وصلت العراق تلك الوثيقة التي كتبها محمد الملا إلى صديقه بالعراق يقص عليه تفاصيل ما حدث في مصر من أحداث 1919 مفادها كيف خرج الشعب المصري متكافتا في كافة ربوع الدولة مضحين بأرواحهم خلف زعيم يثقون به ويمجدونه مما أدى إلى تساقط آلالاف الضحايا، ونحن العراقيون لا نختلف عن المصريين فى عرض قيضهم لذا عليها المواجهة بالمثل.
وأضاف أن الطائفة الدينية في مصر مثلها مثل العراق فكما كان هناك خلاف بين المسلمين والمسيحيين فيما قبل الثورة ببضعة أعوام ثم عند اندلاع لها تغاطى الطرفين عن هذا النزاع وأوجدوا روح المساحة فيما بينهم وأخد القساوة يخطبون فى المساجد والشيوخ فى الكنائس، صارت العراق على نفس النهج وتغاطي السنة والشيعة عن الخلافات فيما بينهم وبدأ شيوخ السنة يلقون خطبهم فى مساجد الشيعة والعكس صحيح.
أما عن رمزية سعد زغلول لدى العراقيين نجد أن كثير من الأوربيين والأمريكان قد هاجموا الدول العربية أنهم يؤلهون ويعبدون قادتهم ويسيرون خلفهم دون أى وعي منهم، وهو ما يخالف الحقائق التاريخية لهذه الأحداث حينذاك، فلقد وجد كلا الشعبين المصري والعراقي في شخص سعد زغلول القدوة والرمز الذي استطاع بحنكة سياسية لا مثيل لها من ضم الأحزاب وكافة طوائف فى الشعب في يد واحدة لمواجهة المستعمر ودولة الاحتلال، فسعد زغلول كان لهم بمثابة القائد الصادق المخلص وهو بطل قضية عربية كبرى، كما قالت بعض الصحف العربية عنه، وكذلك أنه أعاد خلق مصر وبعثها للحياة من جديد، وأخيرا قيل عنه أن مصر لم تنجب قائدا مثله فى هذا القرن.
ثم انتقلت الكلمة إلى الدكتور عصام الغريب متخصص في تاريخ العالم العربي، تحت عنوان " ثورة 1919 وفلسطين، حيث أوضح من جانبه كيف امتدد تأثير الثورة المصرية إلى فلسطين في مواجهة العدو الصهيوني، وكيف شكلت الصحافة الفلسطينية منذ عهد مبكر جزءا هاما من نضال الشعب الفلسطيني خلال تاريخه الحديث ضد الحركة الصهيونية وضد الاحتلال البريطاني بسبب وعد بلفور في 1917.
وكشف عن كيف كانت الثورات والاحتجاجات فى فلسطين تسير متزامنة مع شقيقتها المصرية مما يدل على تأثير ثورة 1919 وكيف كانت ملهمة لكافة مظاهرات العرب حينذاك، وبدأ بمقولة الجنرال أللنبي المندوب السامي في مصر إلى الذي رد على الخاجية البريطانية في يوم 4 أبريل 1919 عندما تم استدعائه من فلسطين ليأتي إلى مصر فالجيش البريطاني هناك لا يستطيع مواجهة هذه الأعداد ويحتاج إلى حنكته السياسية والعسكرية التي تميز بها كقائد عسكري، قائلا في عبارته "إن الحركة بدأت تؤثر في سوريا وفلسطين، بالإضافة إلى تأثيرها في مصر، وأن الخطر الحقيقي جسيم للغاية".
وأضاف أن صدى أخبار الثورة المصرية في الصحافة الفلسطينية كان له تأثيره الواضح على المواطن الفلسطيني في تحركاته وإضراباته خلال تلك الفترة - التي تزامنت مع اشتعال الثورة المصرية – ضد الحركة الصهيونية والسلطة البريطانية المحتلة وخاصة الأحدات التي أندلعت أعوام 1919، 1920، 1921، فالحدود بين مصر وفلسطين لا يفصلها سوى الحدود الوهمية التي صنعها الاستعمال، وأضاف أن في مصر كان هناك بعض الصحفيين وغير الصحفيين الفلسطينيين الذين يعيشون فى مصر نقلوا أخبار الثورة إلى فلسطين منهم خليل السكاكينى الذي كان يعمل بوزارة المعارف المصرية كأستاذ للغة العربية فيما بين 1920 و1922، وكذا محمد على طاهر الكاتب والصحفي، هاذين استطاعوا نقل صورة الثورة بشكل جعل من فلسطين القيام بثوراتهم متأثرين بأحداث 1919.
وأنهى كلمته ببعض النتائج التي تأثر به الشعب الفلسطينى نتيجة ثورة 1919، ذكر منها على سبيل المثال:
- تشكيل وفد فلسطينى موحد للتفاوض مع بريطانيا مثلما حدث في مصر، حيث شكلوا لجنة موحدة تجمع بين كافة فصائل الشعب في القدس.
- استغل الفلسطنيون هذا الحراك الجماهيري فخصصوا بعض المبالغ المالية من أجل إعادة ترميم المسجد الأقصي، وعرض فكرة إنشاء بنك عربي موازي لبك مصر فى دمشق وينشأ له فرع فى فلسطين لإمداد الثورات إلا أن هذا الاقتراح قد تم مواجهته بالرفض من قبل السلطة الفلسطينية.
- تأسيس حزب الاتحاد السوري 1919، واللجنة العربية الفلسطينية 1921.
وأيضا بكلمة السكاكينى بجريدة السياسة في 2 مارس 1923:
"جئنا مصر فنزلنا منها منزلة الأهل وعشنا على فضلها، يكفي أن غذائنا العقلي والروحي يصنع فيها، فكتبها كتبنا، وصحافتها صحافتنا وشعرها شعرنا.. يسرنا ما يسرها ويؤلمنا ما يؤلمها..".
ثم انتقلت الكلمة إلى الدكتور سعد الهلالي أستاذ محاضر بجامعة محمد لمين دباغين سطيف – الجزائر، تحت عنوان "ثورة 1919 في مصر مسار مطلب الاستقلال عند سعد زغلول والأمير خالد في الجزائر"، حيث تحدث عن موضوع بحثه الذي يتناول فيه موضوع هام يتعلق بثورة 1919، تلك الثورة التي تعد من أبرز الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، فهي عبارة عن حركة وطنية للمقاومة الشعبية في مصر قامت ضد تعنف واحتلال السلطة البريطانية، حيث أظهر المصريون من خلالها مدى تعلقهم وتمسكهم الشديد بالاستقلال خاصة مع بروز شخصية قائد عظيم مثل سعد زغلول الذي قاد مصر للمشاركة في معاهدات الصلح بباريس 1919، ورغم نفي سعد زغلول والعراقيل البريطانية التي حدثت حينذاك في مصر إلا أن هذا الزعيم واصل الطريق من أجل تحقيق الاستقلال حيث استطاعت مصر بالفعل تحقيق الاستقلال الجزئي 28 فبراير 1922، بسبب أن الحكومة البريطانية احتفظت بأربع مسائل، وأصبح السلطان فؤاد أول حاكم لمصر، وظل سعد زغلول في منفاه إلى أن عاد 17 سبتمبر 1922.
أما الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر في الجزائر، فقد طالب أيضا بالاستقلال عندما سافر مع الوفد إلى باريس والتقى هناك مع سعد زغلول، وأرسل عريضة إلى الرئيس الأمريكي ولسون يطالبه فيها بحق الجزائريين في تحديد مصيرهم ضد الاحتلال الفرنس، وعندما عاد إلى الجزائر استمر نضاله عبر صحيفته "الإقدام"، وتأسيس حركته التي ركزت على النشاط الميداني مع الجماهير في الجزائر وفرنسا تأثيرا بما فعله الزعيم المصري سعد زغلول فى أحداث 1919 في مصر، ونتيجة لذلك تم نفيه عام 1923 إلى سوريا.