الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحياة "ديزني"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنت أشاهد منذ عدة أيام مقطعا لحلقة برنامج إذاعي شبابي بعنوان "الحياة ديزني" أرسلها لي أحد الأصدقاء، فجذبني عنوانه فاستمعت له باهتمام شديد في محاولة لمعرفة الفكرة التي تتناولها، وهو عبارة عن مقطع صوتي من أحد أفلام الكرتون من عالم "ديزني" الشهير، حيث شخصية الخنزير الشهير بـ"بومبا" يسأل صديقه "تيمون" عما شاهده في السماء، فيرد عليه "تيمون" أنه مجرد "دبان" منور ملتصق في السجادة الزرقاء، ورغم أن الرد كوميدي وغير عقلاني إلا أنه يحمل الكثير من المعاني.
والحقيقة أن شخصيات "الديزني" تجسد باختصار شديد ما يدور في حياتنا اليومية وما نقابله من شخصيات حقيقية على أرض الواقع، فعندما كنا أطفالًا صغارًا كنا نعتقد أن تلك الشخصيات ما هى إلا عالم وهمي لا يمت للواقع الإنساني بصلة إلا أن نظرتنا تغيرت تمامًا تجاه ذلك العالم الافتراضي، والذي يمثل شخصياته الكرتونية نموذجا حيا لشخصيات نتعامل معها سواء في المحيط الاجتماعي أو المهني.
ما يدور في عالم ديزني الكرتوني هو الترجمة الحقيقية للحياة التي نعيشها، وشخصياته الكرتونية جسدت كل المعاني الإنسانية، ما بين صراع الخير والشر والحب والكراهية، والأنانية وإنكار الذات، الانتماء والغربة، وغيرها من المواقف التي كنا دائمًا نتعلمها من تلك الشخصيات.
وفي معظم الدول الغربية نرى اهتمامًا كبيرًا بأفلام الكرتون، لتعليم الأطفال وتوجيههم نحو معاني الخير والفضيلة والحب والانتماء للوطن، بل إنهم يخصصون ميزانيات ضخمة لسينما الأطفال والأفلام الكرتونية، وتعد "مدينة ديزني لاند" في الولايات المتحدة الأمريكية خير مثال على ذلك، فانعكس ذلك على تربية أطفالهم فنجحوا باقتدار في تهيئة المناخ المناسب لتنشئة جيل مفكر يجيد العلم والعمل ويتفادى المعاني السلبية التي تم غرسها داخل أطفال المجتمع العربي.
وعلى العكس تمامًا في مجتمعنا المصري خلال الآونة الأخيرة لم نعد نهتم بتلك المادة الدسمة للأطفال، وبدلًا من أن ننمي عقولهم الصغيرة بما يفيدهم، صدرنا لهم الأفلام السينمائية العنيفة المحرضة على الكراهية والعنف والاتجاه نحو تقليد سلوكيات الغرب المدمرة، مما انعكس تلقائيًا على زيادة معدلات الجريمة بصورة غير طبيعية في مصر وخاصة بين الأطفال.
ولعل من أبرز الشخصيات الكرتونية التي تأثر بها أطفالنا كان "بكار" الصبي المصري الذي كان مثالًا للطفل المحب لدراسته وبيته ووطنه وكل من حوله، فعشنا معه ذكريات جميلة، وكذلك مؤلمة ارتبطت بأذهان الأطفال حتى إن معظمهم حاول تقليده في سلوكه وطموحه، فكانوا لديهم الحافز للعمل والوصول لأعلى درجات النجاح.
لذا فنحن في حاجة ملحة لتقويم سلوك الأطفال وتهيئة مناخ صحي لتنشئتهم تنشئة سليمة وتصدير الأفكار الإيجابية لهم، وذلك من خلال اهتمام القائمين على الإعلام في مصر بزيادة إنتاج المواد الكرتونية الهادفة والتي ستكون بمثابة إنقاذ لهؤلاء الأطفال من سفينة الغرق التي تقودهم لمزيد من الانحراف عن السلوك القويم.