الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الصوم.. محبة وخضوع وطاعة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القس لوقا راضي: ذبيحة حب وعودة إلى الحالة الفردوسية 
القس رفعت فكري: لا يجب أن يتم بصورة روتينية
القس هانى باخوم: جانب من مسيرة التوبة.. ويرافقه الصداقة والصلاة
القس رفعت فكري: ترويض للنفس والقلب والعقل.. والجوهر فى تقوى الله
بدأت منذ أيام قليلة فترة الصيام، داخل بعض الكنائس المسيحية المصرية المختلفة، وتتفق كل الكنائس على أن صوم المسيحى يأتى بناءً على محبته لله ورغبته فى التقرب منه والتذلل والانكسار أمامه طاعة له.
لقد التزم شعب الله فى القديم بالصوم كعلامةٍ على تمسكهم بالله وتعبيرٍ منهم عن خضوعهم لسلطانه وتذللهم أمامه عربون محبةٍ وطاعةٍ له.
وكذلك الأمر فى العهد الجديد، فللصّوم مكانةٌ مهمةٌ فى الإيمان المسيحى وفى حياة المؤمن بالمسيح. 
لقد بيّن الرب أهمية الصّوم وجديّته فى علاقتنا مع الله، وقد التزم به رسل المسيح والمؤمنون على مرّ تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، وسيبقى الصّوم حتى مجيء السيد المسيح ثانيةً علامة إيمانٍ ثابتةٍ فى المسيح.
ويقول القس لوقا راضى كاهن كنيسة ماريوحنا المعمدان القوصية، إن الصوم هو ذبيحة حب يقدمها الانسان لله أبيه من خلال الزهد والتعبد فى الصلاة، والصوم هو العودة إلى الحالة الفردوسية التى كان عليها الإنسان قبل السقوط، والآباء فى العهد القديم صاموا، وقال الكتاب المقدس قدسوا صوما نادوا باعتكاف.
ويضيف: نقرأ عن الصوم فى سفر استير وفى أشعياء النبي، ونقرأ عن الصوم من خلال سفر يونان، وكيف أنه كان صوما للتوبة ولطلب مراحم الله، وكثيرا من رجال الله القديسين صاموا، ومنهم إيليا 40 يوما، وموسى النبى وهو على الجبل.
وفى العهد الجديد، نجد السيد المسيح نفسه علمنا الصوم لما صام عنا 40 يوما، وفى تاريخ الكنيسة صام الشعب أيام المعز لدين الله الفاطمي، وتم نقل جبل المقطم والكنيسة ترتيب أيام الصوم، لأننا معا شعبا مجتمعا لله أبينا فنصوم أيام كثيرة فى السنة، قد تصل إلى ثلثى مدتها.
محبة كاملة لله
وأشار كاهن كنيسة ماريوحنا المعمدان القوصية، إلى أن الصوم هو محبة كاملة لله وهناك دورة للصوم، فنصوم لنستقبل المسيح الملك المولود من الأم العذراء، ومدته 43 يوما، ويصوم بصوم المستحيلات، ونصوم صوم البرامون أى الاستعداد لنستقبل الرب، وهى فى بحر الأردن معتمدا عنا على يد ماريوحنا المعمدان، ثم نتذكر التوبة التى لا تفارق أذهاننا، فنصوم مع يونان وأهل نينوى 4 أيام، ثم نصوم 55 كمثال صوم السيد له المجد، لنقوم معه ويأتى دور الخدمة فنصوم مع الآباء الرسل ونتذكر الجهاد، فنصوم 15 لنصير مع مشيئته الله ما يعرف بصوم العذراء.
وقال القس لوقا راضى إن باقى أيام السنة التى ليس فيها صوم، نصوم يومى الأربعاء والجمعة، وإن الإنسان الروحى حينما يفطر يصوم ليعود إلى الحالة الفردوسية الأولى التى وضعها عليها الله، وإلى جانب الفوائد الروحية هناك فوائد صحية ونفسية ومجتمعية للصوم، حيث يقى من الأمراض ويرفع السموم من الجسم، ويريح النفس ويجعلنا نشعر بالفقراء والمتألمين.
أما القس رفعت فتحي، الأمين العام لسنودس النيل الإنجيلى المشيخي، قيقول إن الكنيسة الإنجيلية تؤمن بأن الصوم هو عبادة شخصية بين الإنسان وبين الله، استنادا إلى قول السيد المسيح فى الموعظة على الجبل: «ومَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَك لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا بَلْ لأَبِيكَ الَّذِى فِى الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِى يَرَى فِى الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً».
وأضاف «فتحي»: إننا نؤمن أن الصوم لا يجب أن يتم بصورة روتينية لكن يكون لهدف معين يصوم المتعبد لأجله كما يعلمنا الكتاب المقدس أيضا أن الصوم يكون بالامتناع الكامل عن كل أنواع الأطعمة والمشروبات من المساء إلى المساء ويحدده كل متعبد طبقا لظروفه الشخصية، ويجب أن يكون الصوم مقترنا بالصلاة وقراءه الكلمة المقدسة والتأمل الروحى فيكون يوم الصوم بالنسبة للمتعبد هو يوم مكرس للرب.
كما أن الصائم يجب أن ينظر إلى الفقراء والمحتاجين فالصوم لا يعنى فقط مجرد الامتناع عن الطعام ولكن كما يقول الرب فى سفر أشعياء 58 «أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ». 
وأكد «فتحي» أن وقت الصوم هو أفضل وقت لصنع الرحمة مع الآخرين، وفى الظروف الصعبة التى يمر بها المجتمع أو الكنيسة يجوز للكنيسة أن تطلب من رعاياها صوما خاصا أى وقت مكرس لطلب الرب للتدخل فى تلك الظروف الخاصة.
وقال القس هانى باخوم، المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، إن الصوم الأربعينى هو من الصيامات المهمة والأساسية، والتى تضعها الكنيسة من أجل التحضير لعيد الفصح، فلكى يختبر الانسان القيامة الحقيقية مع المسيح يمر خلال نفس التجارب التى اختبرها السيد المسيح على الأرض، وهذه التجارب يتغلب عليها الإنسان من خلال ثلاثية وهى الصوم والصلاة والصدقة، لذا الصوم هو جانب من جوانب مسيرة التوبة خلال هذا الزمن الأربعينى وليس الأوحد حيث يرافقة الصدقة والصلاة أيضا.
الثلاثة أبعاد 
الصوم والصدقة والصلاة ليس فى حد ذاتها هدفا، ولكن هم مسيرة ووسيلة تجعلنا نقترب أكثر وأكثر من أفراح القيامة واختبارها بطريقة شخصية لذا الكنيسة الكاثوليكية حسب طوائفها تشدد على هذه المسيرة فى هذا الوقت لكى نحتفل جميعا بالمسيح القائم فى حياة كلا منا زمن مبارك.
وقال القس رفعت فكري، رئيس سنودس النيل الإنجيلى المشيخي، إن الصوم لا يتوقف عند حد الامتناع عن الأكل والشرب، ولكن للصوم معنى أعمق من ذلك، إن جوهر الصوم هو أن نجوع ليس إلى الطعام ولكن إلى الله، وأن نشعر بأننا فقراء إليه وأن نؤمن بأن الحاجة إلى واحد إلى هذا الإله الواحد الذى يغذينا بنعمته فنفهم إننا به نلنا كل شيء، وأن الصوم ليس سوى ترويض النفس والقلب والعقل على أن الله هو المهيمن على الدنيا والتاريخ وهو كل الحياة، فالله سبحانه وتعالى إله قدوس يكره الخطيئة، كما أنه يبغض الإثم والاعتكاف، لذا فهو يريد القلب النقى أكثر مما يريد الجسد الجائع.
وأضاف «فكري» أن الصوم الذى يقبله الله هو صوم القلب عن النيات الشريرة والدوافع غير النقية، وهو صوم الشفاه عن التكلم بالكذب والتفوه بالأباطيل والخداع والغش والنفاق، وهو صوم العين عن النظرات الشريرة الشهوانية، وهو صوم الأرجل عن الجريان إلى السوء وإيذاء الآخرين، وهو صوم الأيدى عن العنف وسفك الدماء البريئة، وكذلك صومها عن أخذ الرشوة والسرقة ونهب المال العام، إن منع الجسد عن الطعام لابد أن يمتد ليكون منعًا عامًا عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى.
وأكد أن جوهر الصيام هو تقوى الله وانطلاق الروح من مطالب الجسد لكى يسمو الجسد معها متجهين معًا فى اتجاه واحد هو محبة الله والتمتع بعشرته، ويوم الصوم الذى لا يفكر فيه المرء فى الله سبحانه وتعالى وفى تقواه ينبغى أن يشطب من أيام الصوم، يارب ونحن صائمون هبنا أن نتوب عن خطايانا وآثامنا وأعطنا أن نصوم القلب مع المعدة فتتنقى اتجاهاتنا ودوافعنا، واجعل هدفنا الرئيسى والأوحد هو مخافتك وتقواك وأعطنا أن نتخلى عن أنانيتنا فنمتنع بحريتنا عن الطعام حتى نؤازر الممتنع عنه غصبا، وأعطنا ياربنا فى صومنا أن نطعم الجائع ونؤوى المسكين ونكسو العريان ونحرر الأسير ونهدى الضال ونساند الضعيف ونقف بجوار المظلوم والمهزوم، وساعدنا لكى ننزع من قلوبنا الكراهية والضغينة ونزرع محلها بذور الحب والتسامح وبهذا نحن نثق أنك ستقبل صومنا.