الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

زوج حفيدة الشيخ القاياتي يتحدث لـ"البوابة نيوز": رفض القضاء في مُقابل الثورة.. ووقف أمام فؤاد الأول.. منزله قبلة الثوار

زوج حفيدة الشيخ القاياتى
زوج حفيدة الشيخ القاياتى يتحدث لـ«البوابة»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يروى الدكتور صالح الخالدي، زوج حفيدة الشيخ مصطفى القاياتي، عن الرجل الذى صار من أقطاب ثورة ١٩١٩ وخطيبها المفوّه، ويقول عن تاريخ العائلة، إن نسبها يمتد إلى الجد الأكبر الشيخ شمس الدين القاياتي، قاضى قضاة مصر فى العصر المملوكي، والذى تولى القضاء خلفًا للشيخ أبو الحجر العسقلاني، وكان من أكبر قضاة مصر فى هذا العصر، وكان ذلك عام ١٣٩٨؛ لكنه رفض أن يحوز منصب جده عندما أمر السلطان فؤاد الملك فؤاد الأول فيما بعد بتوليه القضاء خلال أحداث ثورة ١٩١٩، ورفض أن يرتدى عباءة التشريف للسلطان، قائلًا: «إن القاضى لا يتبع إلا نفسه وعدله وليس السلطان».
ويتابع «الخالدي»: «لقد أخذ الحمية التاريخية عن جده الأكبر الشيخ عبداللطيف القاياتي، وهو أحد القادة العظام فى التاريخ المصري، والذى نوّه إليه الكثير من المؤرخين ومنهم الجبرتي».
ويُضيف: «فقد كان قائد التنظيم الشعبى لحملة دريزيب ضد الحملة الفرنسية فى الصعيد الأوسط، خاصة فى قرية القايات، وكان قد رفض تسليم قرية القايات للفرنسيين فحكم عليه بالإعدام، فقام أقباط القرية بإلباس أحد الأفراد زى الشيخ، وأمروه بأن يبتعد ويختفى عن الأنظار، وبالفعل حدث ذلك وكان غاضبًا جدًا، وقال لهم لقد حرمتمونى من نيل الشهادة، وذلك كان عام ١٧٩٨».
وينتقل «الخالدي» فى حديثه إلى «البوابة» إلى الشيخ مصطفى القاياتى الذى ورث منزل جده، فكان أيضًا مكانًا لتجمع مشايخ الأزهر الشريف، واجتمع الزعيم سعد زغلول بالشيخ مصطفى القاياتى فى إحدى غرف هذا البيت؛ وقد سكن البيت خلال القرن التاسع عشر الشيخ محمد عبدالجواد القاياتى «١٨٣٨-١٩٠٢»، وأخوه الشيخ أحمد القاياتي، وكانا من علماء الأزهر الشريف، اللذان شاركا فى أحداث الثورة العرابية، وبعد أن احتل الإنجليز مصر قبض على زعماء الثورة، ونفى الأخوين إلى بيروت لمدة أربع سنوات، وهناك ألّف محمد كتابه الشهير عن ملامح التغير الاجتماعى فى بلاد الشام بعنوان «نفحة البشام فى رحلة الشام». يروى الخالدى «ومما يتناقله ورثة القاياتى أن البيت سجل كأثر فى عام ١٩٦١، ثم خرج من هذا التصنيف فى أواخر الستينيات، وأن الأخوين محمد وأحمد عبدالجواد، طلبا أن يتملكا البيت وعرضا الأمر على قاضى قضاة مصر «حضرة صلاح بك الشاموطي»، ووافق على البدل مقابل ٣٠٠ فدان بقرية ببا بمحافظة المنيا».
يُتابع الرجل، الذى صار مؤرخًا لأحداث وحياة الشيخ الخطيب: «أنجب أحمد عبدالجواد ﺍﻟﻘﺎﻳﺎﺗﻲ ولده مصطفى فى قرية ﺍﻟﻘﺎﻳﺎﺕ بمركز ﺍﻟﻌﺪﻭﺓ بمحافظة المنيا، وحضر للدراسة بالأزهر وسكن بيت «القاياتي» الذى جمع الكثير من أهل العائلة وأغلبهم من شيوخ الأزهر والشعراء والساسة، وكان البيت ﻣﻠﺘﻘﻰ لأﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻷﺩﺏ، ولا يزال يأتى إليه أبناء من عائلة القاياتى من المنيا إلى الآن؛ ﻭحصل مصطفى على شهادة العالمية من الأزهر وعين مدرسا بالأزهر، وﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﻨﺰﻋﺘﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، وأﺳﺲ ﻣﻊ ﺯﻣﻼﺋﻪ خلال دراسته بالأزهر «ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍأﺧﻼﻕ»، وﺭﺃﺱ ﺟﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺩﻳﻨﻴﺔ أخرى، ولنبوغه ﺍﻧﺘﺪﺏ فيما بعد ﻠﺘﺪﺭﻳﺲ اللغة العربية وآدابها وتاريخها ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ».
ويقول «الخالدي»، إن الدور الذى لعبه القاياتى فى تبادل الخطب مع القس سرجيوس فى الجامع الأزهر، بينما يخطب الشيخ مصطفى القاياتى فى الكنيسة المرقسية بكلوت بك كان مؤثرًا، لدرجة أنه ترتب على هذه الخطب أن اعتقلت سلطة الاحتلال البريطانى الشيخ مصطفى والقس سرجيوس، وتم نفيهما معًا إلى معسكر الجيش الإنجليزى فى رفح لإبعادهما عن القاهرة، وظلا هناك لمدة أربعة شهور رغم اعتراض الكنيسة والأزهر، مع العديد من الوطنيين وفى مقدمتهم محمود فهمى النقراشي، وأبو شادى المحامي، حتى تم الإفراج عنهما بعد ذلك ليصبحا رمزًا من رموز السياسة وثورة ١٩١٩.
ويذكر أن الشيخ مصطفى القاياتى قد أسندت إليه رئاسة الجماعة التى ألفها المتظاهرون فى ثورة ١٩١٩ لحفظ النظام أثناء سير المظاهرات، وميز أصحابها بشارات بيضاء حول أذرعهم تميزهم عن غيرهم، وإليها يرجع الفضل فى تنظيم المظاهرات والابتعاد بها عن الاعتداء على الأموال والأنفس، وكان منهم من يحمل القرب لإطفاء ظمأ المتظاهرين، وكان الجمهور يستجيب لنداءاتهم طواعية، وتوعدت السلطة البريطانية من ينتمى منهم لهذه الجماعة بالاعتقال والمحاكمة فى أبريل ١٩١٩.
ويختم «الخالدي»: «كان طيبًا ووطنيًا ثائرًا، ضرب نموذجًا حيًا لمعنى الوحدة الوطنية، فلم يعبأ بمنصب ولم يخف من سلطان، وقف فى وجه الإنجليز وخرج فى تظاهرات ضدهم، وخطب على منبر الأزهر وفى الكنيسة، ليلهب مشاعر المصريين جميعًا بما وهبه الله من موهبة الخطابة وبلاغة اللسان، وجاهد كثيرًا فى سبيل نجاح هذه الثورة».