الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

محمود درويش.. الشاعر والمناضل

محمود درويش
محمود درويش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في ذكرى ميلاد سيد الشعراء الراحل الكبير محمود درويش والذى ولد فى 13 مارس 1941 في البروة، بالجليل الفلسطيني، لم يستطيع أحد أن ينسى شاعرا قدم الكثير للأدب والثقافة العربية، وبحجم فلسطين التي أنجبته مولدًا وثقافة وسياسة. 
كان درويش يملك لغة فارهة ويقترح صورا شعرية "طازجة" في كل مرة وكان مسكونا بالتجريب والبحث عن الجديد والتجديد المدهش والحداثة لغة ومضمونا، وكان كل ديوان له يتضمن تجربة مغايرة لسابقتها، فهو كان يرى دائما أن أجمل قصيدة هي القصيدة التي لم يكتبها بعد رغم أن درويش كان متفتحا على ثقافات العالم والتجليات الإبداعية العالمية إلا أنه ظل متشبثا بالتراث العربي عميقا.
اعتاد درويش الكتابة بقلم الحبر السائل وخطه جميل وأنيق وهو بدون الكتابة بهذا النوع من الأقلام لا يحس بالكتابة أو يرى أن النص الذي يكتبه بقلم لم يتعود الكتابة به ليس جميلا وليس ناضجا فالحبر السائل يجعله يثق فيما يكتب.
ودرويش كان مبدعا في كتابة النثر بالدرجة نفسها التي أبدع فيها فى الشعر فلغته النثرية أنيقة وعميقة ومشرقة دائما وعندما نقرأ "الرسائل" التي تبادلها مع شاعرنا الكبير سميح القاسم نكتشف عمق اللغة وحلاوتها حيث لا فرق تقريبا بين الشعر والنثر لقد كان درويش يحب التأمل فكان يمشي متأملا في "حديقة" مثلا، فالمشي وحيدا وهادئا يجعله يقتنص صورا جديدة ويشعل فيه الشرارة الأولى للكتابة الزاخرة بالحياة والأمل والحياة.
من عادات درويش أنه يخصص وقتا من النهار للقراءات التي يمكن وصفها بالجافة مثل التاريخ أو السياسة أما الليل فهو خاص لقراءة الشعر أو كتابته من دون أن يترك ذلك لمزاجه الشخصي وهو بذلك يذكرنا بسيد الرواية العربية صاحب نوبل للآداب الكاتب الكبير نجيب محفوظ فدرويش لا يدع القراءة والكتابة للصدف بل يخضع ذلك لإرادته الصارمة ولهذا تطور وأنتج وأبدع وظلت في حوزته الكثير من مشاريع الكتابة الشعرية العميقة والمدهشة.
دخل درويش المعتقلات الاسرائيلية حين كان مناضلا سياسيا في صفوف الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي كان متنفسا للمناضلين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة في الداخل الفلسطيني وطرد من أرضه وتنقل من منفى إلى منفى عاش في العديد من المدن والعواصم من القاهرة إلى عمان إلى بيروت وعدن وتونس وباريس وروما وهلسنكي وغيرها من مدن المنفى والشتات وتركت مدن كثيرة بصماتها وظلالها وجروحها في نفسه إلا أن مدنا كثيرة أفاد منها كثيرا ثقافيا على الأقل واكتشف فيها غربة الروح بالإضافة إلى غربة الوطن فاتخذ من اللغة مقر إقامة ووطنا ولهذا حرص على أن تكون اللغة جميلة ومدهشة وغنية بالحياة والاحتمالات والأحلام والألم الصعب.
لجأ درويش للشعر لكي يحتمي به من السياسة، إلى أن توقف القلب العاشق لفلسطين عن نبض الشعر ويدفن جسد صاحب ديوان "عاشق من فلسطين" في مدينة رام الله بجانب العاشق الكبير رمز فلسطين ياسر عرفات الذي سبقه قبل ذلك بأربع سنوات وكأنما أراد القدر أن يجمع بين القامتين الكبيرتين في تراب فلسطين بعد هذه الرحلة الشاقة والشيقة في حب فلسطين.