الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عاصم الدسوقي يكشف لـ"البوابة نيوز" عن المؤسس الحقيقي لـ"فكرة الوفد".. ليس فكرة سعد.. ثورة 1919 لم تحقق أهدافها وما تبقى منها "روحها".. شخصية سعد لا تميل للتطرف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد 100 عام على ثورة 1919، التى قام بها الشعب المصرى للتحرر من يد المستعمر البريطاني، لتصبح دولة ديمقراطية فى ظل قيادة رشيدة تدافع عن حق المواطنة وتحقق مصالح الشعب، ولكن ظل السؤال يطرح نفسه دائما.
بدأت الشرارة الأولى لثورة 1919 فى التاسع من شهر مارس مع خروج الطلاب بمظاهرات واحتجاجات فى أرجاء القاهرة والإسكندرية والمدن الإقليمية، تصدت لها القوات البريطانية بإطلاق الرصاص، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، واستمرت أحداثها لشهر أغسطس، وتجددت فى أكتوبر ونوفمبر، ولكن وقائعها السياسية لم تنقطع واستمرت إلى عام 1922، وبدأت نتائجها تتبلور عام 1923 بإعلان الدستور والبرلمان، ورغم مرور مائة عام على هذه الثورة إلا أن السؤال الذى يطرح نفسه دائما هل حققت الثورة أهدافها؟ أم فشلت فى تحقيقها وأصبحت بنودًا موثقة فقط داخل الدستور دون آلية التنفيذ.
التقت «البوابة» بالمؤرخ الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث، وعميد كلية الآداب جامعة حلوان الأسبق، وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وطرحنا عليه هذه التساؤلات وغيرها، ليفتح قلبه بالحديث عن ثورة 1919 بعد مرور مائة عام عليها، وليكشف العديد من الجوانب التاريخية، والاقتصادية، والفكرية، والثقافية، والأدبية، والفنية للثورة، وكيف أثرت على المثقفين والمفكرين فى صياغة دستور 1923، والفرق بينها وبين ثورة 1952، وماذا تبقى منها.. إلى نص الحوار.

■ ما هى الصفات التى تفردت بها ثورة ١٩١٩؟
- صفات ثورة ١٩١٩ تبدو فى حركة الجماهير المصرية الثائرة التى تبحث عن الاستقلال، وذلك فور سماعهم باعتقال سعد زغلول، لأنه اعتقل يوم جمعة، واختيار سلطات الاحتلال لهذا اليوم له مغزى كبير، لأنه يوم عطلة رسمية وينشغل به المسلمون بأداء صلاة الجمعة، وعرف ثانى يوم الخبر ومن هنا بدأت المظاهرات التى خرجت من مدرسة الحقوق وهى مدرسة مجاورة لمنزل سعد زغلول، وانطلقت الشرارة عندما تطايرت الصحف بتناول أخبار النفى له فى كل أقاليم مصر، فى كل أنحاء الوجه البحرى بأجمعه، والوجه القبلى أحداثه المسجلة حتى سوهاج فقط على حد قوله حسب التقارير المعدة لذلك، وكانت الجماهير هى البطل الحقيقى للثورة محتجين على قرار اعتقال سعد زغلول، لأنه كان يطالب ويسعى لتحقيق الاستقلال من يد الاحتلال البريطاني، وهذا يؤكد على أن الجماهير انتهزت هذه الفرصة لتعبر عن رأيها بعد فترة من الصمت فى أعقاب وفاة مصطفى كامل فى سنة ١٩٠٨، وخروج محمد فريد من مصر فى ١٩١٣ بعدما لاحقته تهمة الاعتقال، وظل ينشط فى ألمانيا ويكون جمعيات من بعض الشباب المصريين المتواجدين فى أوروبا الذين يعملون ويدرسون هناك، تحت مسمى «أبو الهول» وهذه إشارة لمصر، حتى انتهت الأمور عقب وفاته فى نوفمبر ١٩١٩ عندما جاءته أخبار الثورة حتى كتب «فريد» فى مذكراته يوما بيوم عندما علم بأخبار الثورة فى مارس ١٩١٩ قائلا: «من الأخبار التى وصلتنى أن فى مصر ثورة.. هل تبدل حال الأمة بين ليلة وضحاها» وهذا يعطى فكرة إلى حيوية الجمهور عندما وجد الفرصة للتعبير عن رأيه بعد اعتقال سعد زغلول الذى يطالب بالاستقلال مثلما كان يطالب مصطفى كامل، محمد فريد.


■ هل حققت ثورة ١٩١٩ أهدافها؟
- لا لم تحقق الثورة أهدافها، لأن هدف الثورة طبقا لصيغة التوكيل التى حررها سعد زغلول عندما قال له المندوب السامى، أنت تتحدث بأى صفة، فقال له أنا وكيل الجمعية التشريعية، وهذه الجمعية شكلها الإنجليز أيضا لمحاولة استرضاء المثقفين المصريين الذين يسعون للمشاركة فى الحكم، خصوصا بعد الاحتلال أوقفوا المجالس الموجودة منذ فترة الخديو إسماعيل وعملوا مجلسا أضعف يسمى بمجلس شورى القوانين، هذا المجلس يقترح مشروعات للقوانين للحكومة أو السلطة وترسله للمجلس أو التعديل عليه، ومن هنا جاءت فكرة الجمعية التشريعية.
وفى يناير ١٩١٨ أعلن الرئيس الأمريكى «وودرو ويلسون»، مبادئ ١٤ لتكون أساسا لمباحثات بين الدول المنتصرة بعد نهاية الحرب من ضمنها حق تقرير المصير للشعوب المغلوبة على أمرها، وبدأ التفكير فى كيفية الاستفادة من هذه المبادئ وكانت بداية التحرك.
صيغة التوكيل التى حررها سعد زغلول مقابل المندوب السامى البريطانى اللورد ريجنالد، وكان معه عبدالعزيز فهمي، على شعراوي، السماح لهم بالسفر، لأن مصر كانت تحت الحماية البريطانية وليست قاصرة على الاحتلال فقط، وعندما قامت الحرب وانضمت تركيا صاحبة الولاية على مصر إلى جانب ألمانيا والنمسا ضد إنجلترا وحلفائها، أعلنت بريطانيا الحماية وأصبح لا صفة دولية لنا، ولأن الأحكام العرفية معلنة فكان سعد زغلول طالبا السماح لهم بالسفر لحضور المؤتمر المزمع عقده وربما ما تحدد موعده، فقال له المندوب السامى بأى صفة تتحدثون، فأجابه سعد زغلول أنا وكيل الجمعية التشريعية وهؤلاء أعضاؤها، فقال لهم المندوب هذا وفد ليس له أى صفة قانونية.
وينص هذا التوكيل على: «نحن الموقعون أدناه أنابنا حضرات سعد باشا وفلان.. للسعى فى الحصول على استقلال مصر، بالطرق السلمية والمشروعة، وحيثما استطاع إلى ذلك سبيلا تحت راية بريطانيا العظمى التى تنادى بالحريات»، واحتج على هذا النص عبدالمقصود باشا عضو بالحزب الوطنى معلقا: «إزاى تقول تحت راية بريطانيا العظمى ونحن نطالب بالاستقلال»، ومن هنا انزعج سعد زغلول من هذه اللهجة وكما تقول المصادر من خلال مذكرات المشاركين، فقال له سعد أتهيننى فى بيتي؟» فقال له عبدالمقصود باشا هذا ليس بيتك بل هذا بيت الأمة، ومن هنا جاءت كلمة «بيت الأمة» فاستملح سعد زغلول الرد ونسى هذه الإهانة وقام سعد بشطب هذه الجملة «تحت راية بريطانيا»، ولكن بقيت «بالطرق السلمية والمشروعة وحيثما استطاعوا إليه سبيلًا».
الثورة غير مشروعة فى نظر السلطة الحاكمة فى ذلك الوقت، وحاول المندوب السامى البريطانى منع سعد من هذه الاجتماعات، وأرسل سعد شكوى لرئيس الحكومة البريطانية عبر المندوب السامي، وعندما ازداد سعد فى اجتماعاته تم اعتقاله إلى جزيرة مالطة، وهى جزيرة مستعمرة بريطانية، وهناك جلس سعد يتأمل ويكتب بخط يده فى مذكراته أنه فى أخبار بمصر أن هناك ثورة وأعمال عنف، فكتب قائلا: «هذه أمور تضر بقضيتنا، وأن كل ما نريده أن نصل إلى حد يرضى الإنجليز ويرضى المصريين»، فنحن نريد أن تسير الأمور بكل بهدوء وهذا ما تشير إليه السلطات، وليست على المستوى الجماهيرى الذى يريد التخريب فى المؤسسات.
وأفرج عنه الإنجليز عقب انتهاء المؤتمر، سافر بعدها إلى باريس فى «ضاحية فرساي» لحضور المؤتمر وجد أن المؤتمر انتهى وأنهى كل أعماله، وعرف بعد ذلك أن الإنجليز أجبروا الرئيس الأمريكى وودرو ويلسون على أن أخذوا منه قرار الحماية البريطانية على مصر، فكتب سعد قائلا: «لقد انهزمنا وعلينا أن نعترف بالهزيمة وبقى أن ننظمها كيف نعلنها».


■ هل الأوضاع الاقتصادية فقط التى عانى منها المصريون فى بداية القرن العشرين هى التى دعتهم لثورة ١٩ أم أن هناك أمورا أخرى؟
- الأوضاع الاقتصادية لم تكن فى تلك الفترة من الصعوبة، لكن تدخلات الإنجليز فى الحياة التعليمية فى مصر أزعجت المجتمع، حيث منعوا التعليم المجانى الذى أصدره محمد على باشا، وفرض الإنجليز رسوما على التعليم، مما أحدت فرزا طبقيا، وتبلورت طبقة ملاك رأس المال، فعميد الأدب العربى طه حسين، وزير المعارف فى حكومة الوفد فى ١٩٥٠ قال: التعليم كالماء والهواء للإنسان، ولكن الإنجليز كان هدفهم إلغاء مجانية التعليم، وبدأ تشكيل الحكومات من أصحاب رأس المال والملاك، وهؤلاء الناس فى سياساتهم الحكومية كانوا يفضلون مصالحهم على مصالح الناس.


■ ساهمت ثورة ١٩ فى فتح الحياة الليبرالية وإتاحة الحياة الحزبية كيف ترى ذلك؟
- ارتبط هذا القول عندما انتهت الثورة بإعلان مصر مملكة مستقلة وإعداد دستور، وأعطى دستور ٢٣ المعروف الفرصة لحكم رأس المال، لأن كلمة «ليبرالية» يترجمها البعض إلى الحرية، وهذا مصطلح غير دقيق، ولكن المصطلح الصحيح لليبرالية هو تخليص أو تحرر وليس حرية، والتحرر المقصود به تحرير الاقتصاد من يد الدولة، وينتقل إلى أصحاب رأس المال، ويعطى الفرصة لهم للحكم ويبدو هذا فى صياغة باب الحريات، ويقول الكثير إن دستور ٢٣ به كل الحريات وهذا غير صحيح، وهناك عدة مواد فى الدستور بداية من المادة التاسعة وحتى السابعة عشرة فى باب «حقوق المواطنين وواجباتهم» تنص على أى مجال من مجالات الحرية منصوص عليه مثل الحق فى الاجتماعات، الحق فى التعليم، وغيرها فكل حرية من هذه الحريات نقطة فى حدود القانون وفى حدود التقاليد والأعراف، وأخذ الزعيم جمال عبدالناصر هذه البنود ووضعها فى دستور ١٩٥٢.


الجانب الثقافى

■ ماذا تشكل ثورة ١٩ للأدب والفن والإبداع؟
- إن هذا الحدث أثر كثيرا على الكتاب وجعلهم يكتبون عن تلك الأحداث من خلال الشعر، والرواية، والقصة، وغيرها، انظر إلى أعمال الأديب نجيب محفوظ من بينها «بين القصرين»، «الثلاثية»، «قصر الشوق» تناولت الحديث عن هذه الأحداث السياسية بطريقة غير مباشرة، ذلك أن الأدب هو انعكاس على الواقع السياسى والاجتماعى والاقتصادى حسب احساس الأديب وانتماءه، أن كل روايات نجيب محفوظ ناقدة للسلطة الحاكمة حتى بعد ١٩٥٢، كذلك رواية «ميرامار» ناقدة للنظام الاشتراكي، ولا تمر أحداث سياسية إلا وتخلد فى أعمال أدبية ومنها من يتحول إلى أعمال سينمائية أو مسرحية.


■ كيف تقرأ شخصية سعد زغلول من خلال تحولاته ووصوله إلى مرحلة الزعامة الطاغية؟
- سعد زغلول ابن ظروفه، كان فى مرحلة الشباب من الذين يجلسون فى مقهى «متاتيا» فى العتبة وكان يستمع لجمال الدين الأفغانى عن الثورة من أجل الحرية، وعندما حدث الاحتلال البريطانى تشكلت جماعة بعنوان جمعية الانتقام، التى تعتمد على قتل الإنجليز فى الشوارع، وكانت غير منظمة، وسهل اكتشافها من السلطات وتم اعتقالهم، وذكر اسم سعد زغلول وسجن لمدة ١٠٠ يوم، وفى قرار الإفراج عنه تم حرمانه من الوظائف المدنية مثل العمل فى الحكومة، وهذا ما اضطره للعمل بالمحاماة، وبدأ يقترب إلى الطبقة الحاكمة ومن هنا تزوج من «صفية» ابنة مصطفى فهمى باشا وكان أكبر رئيس وزراء تعامل مع الإنجليز لمدة ١٨ عاما، واقترب أكثر من هذه الطبقة، وأصبح وزيرا فى ١٩٠٦ وهذا القرار جعل الأمور تزداد اشتعالا بين مصطفى كامل، محمد فريد، أحمد لطفى السيد، وهذا ما أثار تساؤلات عديدة حوله، وعندما أنشئت الجامعة المصرية عين سعد زغلول أمينا لها، وخطب خطابا جيدا قائلا: «الجامعة لا دين لها إلا العلم»، وكان يكتب فى مذكراته عندما يتم تشكيل وزارى ولم يتم اختياره قائلا: ماذا فعلت للورد البريطاني؟.إن فكرة «الوفد» ليست فكرة سعد ولكنها تنسب للأمير عمر طوسون حفيد سعيد باشا صاحب فكرة تأسيس جماعة الوفد.


■ رغم زعامة ووطنية سعد زغلول إلا أن الكثير لا يعرف عن حياته الشخصية، كيف ترى ذلك؟
- هو يتمتع بشخصية المصرى المعتدل والوسطى ولا يميل إلى التطرف، وهذه هى الصفة العامة عند كل المصريين، المستخرجة من المناخ المعتدل، على عكس المناخ الجبلى والصحراوى والبحري، خذ مثلًا «بيرم التونسي» رغم أن أصوله تونسية، إلا أنه عاش فى مصر وكان يعبر عن هذه الوسطية قائلا: «قالولى إيه مراد ابن آدم؟.. قلت له لقمة.. وإيه اللى يستر جتته؟.. قلت له هدمه.. وإيه اللى يموته؟.. قلت زقة.. حد فيها مخلد؟.. قلت له لأ..». هذا هو مراد ابن آدم.


■ الفرق بين ثورة ١٩١٩ وثورة ١٩٥٢؟
- الفرق أن ثورة ٢٣ يوليو ينطبق عليها معنى الثورة بالمعنى الاصطلاحي، لأن الثورة فى الاصطلاح معناها أن مجموعة من الناس سواء أحزاب أو جماعة أو جمعية أيًا كان تقوم بالاستيلاء على الحكم القائم، يمتلكون سلطة إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات التى تحقق أهداف الثورة، عندما يحدث هذا يتحول الأمر إلى ثورة، وهذا هو مضمون الاصطلاح السياسى المعروف، والقادم من الثورة الفرنسية القديمة.
ومن هنا لا الثورة العرابية ولا ثورة ١٩١٩ ينطبق عليها مصطلح الثورة بالمعنى الاصطلاحي، هى ثورة جماهيرية حالت بين الناس، ولكن هل هؤلاء الثوار وصلوا إلى مقاعد الحكم؟ لا، فهل قلبوا رأس الحكم؟ طبعا لا، هل حققوا الجلاء فى ثورة ١٩١٩؟ بالطبع لا، وتصبح حركة جماهيرية فقط، لكن فى ١٩٥٢ الضباط الأحرار أطاحوا بنظام الحكم الملكى.
طه حسين يعرف جيدا هذا المصطلح، فظلوا يقولون حركة الجيش، ولما أصدروا الإصلاح الزراعي، ومنع الفصل التعسفي، وتحديد إيجارات المساكن فقال لهم طه حسين: «قولوا ثورة وليس حركة».
الدستور


■ دستور ٢٣ من أهم نتائج ثورة ١٩١٩ كيف ترى الفرق بينه وبين الدستور الحالى؟
- لا يوجد فرق بينهما، دستور ٢٣ وضع الحكم فى يد طبقة رأس المال، وقانون الانتخاب المصاحب لدستور ٢٣ وضع البرلمان فى يد الملاك والشرط هنا من يرشح نفسه لمجلس الشيوخ، الذى نص عليه قانون الانتخاب بأن الذى يدفع ضريبة أطيان زراعية قدرها ١٥٠ جنيها فى السنة، أى بما يعادل ملكية ٣٠٠ فدان زراعي، ومجلس النواب نص أيضا على أن يدفع المرشح ١٥٠ جنيها كتأمين ولا يرد إلا إذا نجح فمن يغامر ويدفع ذلك، ومن هنا وقع مجلس الشيوخ والبرلمان فى يد كبار الملاك، كذلك باقى القوانين بحكم دستور ٢٣ حتى ١٩٥٢ كلها فى صالح الملاك.
أتاح الدستور فى عام ١٩٣٣ أن يقدم أحد النواب اقتراحا للبرلمان بزيادة ميزانية التعليم الإلزامى لأولاد الفلاحين، ولكنه لاقى الهجوم الشديد، وردّ عليه الشاعر محمد عزيز أباظة عضو مجلس النواب فى تلك الفترة قائلا: إن تعليم أولاد الفلاحين يعد طفرة كبرى ويغير من طبيعتهم ويجعلهم يستنكرون مهنة آبائهم».
وفى فترة حكم الوفد فى ١٩٤٤ أصدرت الحكومة قانونا يلزم أصحاب المصانع والورش بتحرير عقد عمل للعمال والموظفين ويستثنى من هذا القانون عمال الخدمات، والمحلات العامة، المراكب، والزراعة وهذا لصالح من الملاك.


■ هل أحمد عرابى ومصطفى كامل ومحمد فريد مهدوا الطريق لثورة ١٩١٩؟
- طبعا مهدوا الطريق بالوعي، وكلام مصطفى كامل لم يذهب هباء، وظل يخطب ويتحدث ويكتب، ولكن الإنجليز اتفقوا مع الفرنسيين فكان مصطفى كامل ضحيتهم، فرنسا كانت ترفض انفراد الإنجليز باحتلال مصر فرأت أن تساعد مصطفى كامل وتستضيفه ليندد بالاحتلال ويتحدث عن الجلاء.

■ هل ترى أن الشعب بعد قيامه بثورة ١٩ قاصر أن يحكم نفسه بذاته؟
- طبعا يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه، فصاحب المصلحة هو من يملك يحكم، وهذا لم يتحقق إلا مع النظام الاشتراكي، لأن البلد أصبحت ملكية عامة، والتأمين بمعناه هو نقل الملكية للأمة.



■ فى فترة الحرب العالمية كانت مصر تنفق على الخزانة البريطانية وقت احتلالها لمصر فكيف يمكن استعادة هذه الأموال لمصر مرة أخرى؟
- بالفعل هذه عملية صعبة، ومصر دائنة لبريطانيا بملايين الجنيهات الاسترليني، عندما قامت الحرب، مصر ليست مشاركة بها، ولكن الإنجليز هم المشاركون، ومن هنا استغلوا الأرض المصرية وقوة العمل المصرية لخدمة الحلفاء، ولكى يهدئ الإنجليز من روع المصريين والحكام قالوا إن كل هذه خدمات تقدر بأموال وتصبح دينا سوف يستحق بعد انتهاء الحرب مباشرة، ومن هنا جاءت كلمة الديون، وانتهت الحرب ولم تسترد هذه الأموال، ودخلت مصر فى مفاوضات واستمرت حتى بعد ١٩٥٢ ولم تسترد أيضا وأصبح الدين معلقا.


روح الثورة

■ بعد ١٠٠ عام من ثورة ١٩١٩ ماذا تبقى منها؟
- تبقى منها روح الثورة، وظلت موجودة عند المصريين، وتتجدد، هى ظهرت فى الأربعينيات فى مظاهرات الطلبة والعمال، وفى ١٩٥٢، وفى ١٩٧٧ فى فترة حكم السادات احتجاجا على رفع الدعم عن السلع، وظهرت أيضا فى ٢٥ يناير ٢٠١١، وفى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، كل ذلك دليل على روح الثورة، التى تنفجر فى الوقت المناسب عندما تشعر بالضيق الذى يحاصرها بشكل خانق ولا تستطيع أن تتحرك.

■ لماذا لم تأخذ ثورة ١٩١٩ بريقها المناسب كأى ثورة أخرى؟
- لأنها لم تحقق أهدافها، الثورة قامت عندما نادى سعد زغلول بالاستقلال، ولم يحدث هذا الاستقلال، لكن الروح تظل وثّابة.

■ لماذا تنتزع صفة الزعامة عن سعد زغلول؟
- معنى كلمة «زعيم» فى اللغة العربية «الكفيل»، وهو أن تأخذ إجراءات تحقق ما يدور فى ذهن الشعب دون المطالبة، محمد على باشا زعيم، على الرغم أن الجميع لا يذكر ذلك، لأن هذا الرجل حقق مجانية التعليم فى عهده، إضافة إلى فتح المدارس، واستحق الرئيس جمال عبدالناصر لقب الزعيم لأنه واحد من الشعب ويحس بمطالبهم ويحققها، فالزعامة ليست خطابة.