الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أمهات في حياة آباء الكنسية.. البابا تواضروس: أمي مُربية من طراز مختلف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لشهر مارس طعم خاص واحتفالات مميزة، اختصت به نون النسوة وحدهن، فى الأسبوع الأول من الشهر نحتفل بيوم المرأة العالمي، وفى 21 مارس بدأ العالم العربى يحتفل بعيد الأم فى خمسينيات القرن الماضى، وذلك بفكرة من الصحفى مصطفى أمين، إلا أن فكرة الاحتفال بالمرأة عامة والأم خاصة، بحسب أساتذة التاريخ، بدأت من مصر الفرعونية، ثم الحضارة الإغريقية والرومانية، وحديثًا من أمريكا ثم مصرية.
وكانت «إيزيس» الملكة المصرية ابنة الحضارة الفرعونية القديمة، رمزًا مصريًا للاحتفال بالأمومة، وقد اعتاد القدماء إقامة مواكب من الزهور تطوف المدن المصرية احتفالًا بالأم، ثم ظهرت إيزيس على معابد روما، كما احتفل بها اليونانيون، ثم انتقال الاحتفال من الحضارة المصرية إلى الحضارات الأخرى، حتى ظهرت بصورتها الحالية حديثًا.
وكم من «إيزيس» أخرجت لنا عَالِمَات وعُلَمَاء وأساتذة ورؤساء وبطاركة كنائس، وكم من «إيزيس» عاشت راهبة دون زواج، لكنها كانت أمًا عظيمة فى تربيتها الأخلاقية والدينية لراهبات وآباء فيما بعد.
الأم فى العهد القديم.. لم يُطلق هذا اللّفظ على الأمّ الحقيقيَّة فحسب، بل كان يُطلق أيضًا على الجدّة وزوجة الأب وعلى القائدة، فمقام الأم بارز فى الكتاب المقدَّس، فقد ورد فى سفر الأمثال الكثير عنهنَّ مثلًا: «الابن الحكيم يَسُرُّ أباه والابن الجاهل غمّ لأمّه»، وكذلك فى العهد القديم: «أكرم أباك وأمّك، لكى تطول أيَّامُك فى الأرض الَّتى يُعطيك الرَّب إلهك إيَّاها».
وكانت مريم أمّ يسوع المسيح المباركة مثالًا نبيلًا للأمومة فى إيمانها، وفى محبتها لابنها عندما بحثت عنه ولم تجده. إن الأم إذ تعطى الحياة، تحتلّ مكانة ممتازة فى حياة النَّاس العاديَّة، كما فى تاريخ الخلاص، فهى تُعطى الحياة ويجب أن تكون محبوبة، إلاَّ أنَّ الحب الواجب نحوها ينبغى أن يبلغ أحيانًا إلى حدِّ التَّضحية. 
أمهات ونساء صنعن آباء ورعاة الكنيسة، لولا وجودهن لما وصل هؤلاء الذين نطلق عليهم فى مجتمعنا المصرى «رجال» الكنيسة، بعضهن تركهن أزواجهن فى منتصف الطريق بعدما خطفهم الموت، تاركين خلفهم زوجات ثكالى وأطفال فى أشد الحاجة للسند والمُعين والأب فى ظروف قاسية، خاصة عندما يموت أيضًا زوج الابنة الكبرى، لتقوم نفس الأم التى ربت بطريرك الكنيسة المصرية، بتربية حفيدها لابنتها، بعدما خطف الموت ثانيًا زوج ابنتها الكبرى مبكرًا جدًا، ثم كانت تجربة رهبنة ابنها الوحيد، وتركه للعالم وللأسرة فى منتصف الطريق عام 1968، وهو أمر كم كان قاسيًا على كل أم تمر به، فهو بهذا الاختيار يترك العالم بما له وما عليه من أمور دنيوية ليختار حياة الزهد والصلاة، ثم خطف الموت للمرة الثالثة روح ابنتها الصغرى «إيمان» بعد معاناة مع المرض. هكذا تحملت الأم كل هذه الآلام فى صمت دون شكوى منتظرة مكافأة السماء لها، والتى كُللت بتجليس نجلها بطريركيًا على كرسى مار مرقس فى نوفمبر 2012. 
وابنة أسرة عريقة وميسورة الحال، قضت حياتها بالمنصورة، وتزوجت فى سن صغيرة من المهندس صبحى باقى سليمان، وبسبب مهام عمل الزوج تنقلت الأسرة إلى أكثر من مكان ما بين المنصورة وسوهاج ودمنهور.. هى سامية نسيم اسطفانوس، التى أصبحت فيما بعد والدة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الـ118.
أنجبت سامية نسيم أربعة أبناء، ثلاث بنات وولد؛ أكبرهم توفيت مبكرا، ثم «وجيه» الذى تخرج فى كلية الصيدلة، الذى تم تجليسه على سدة مار مرقس نهاية 2012، و«هدى» التى تصغر وجيه بثلاث سنوات وتعمل مهندسة بشركة الكهرباء، وقد توفى زوجها مبكرًا، والمهندسة «إيمان» الابنة الصغرى للأسرة، وتوفيت فى 2008 ولديها مريم ويوسف، وتوفيت والدتهم سامية نسيم فى مارس 2014 بأحد مستشفيات الإسكندرية.
علاقة مميزة مع والدته
عُرف عن البابا تواضروس ارتباطه بعلاقة مميزة مع والدته الراحلة، فهو الابن الوحيد لها، وتوفى والده تاركًا «وجيه» فى سن صغيرة، مسئولًا عن والدته وشقيقتيه. فى ذكرياته معها، يذكر البابا تواضروس أن والدته بعد وفاة والده، كانت تمثل له الأم والأب، واهتمت به وشقيقتيه، وكانت تفعل كل ما بوسعها لإسعادهم، وكانت تقف خلف أبنائها الثلاثة فى مشوار حياتهم الذى لم يكن سهلًا بالمرة، خاصة بوفاة زوج الابنة الكبرى مبكرًا تاركًا زوجته وطفلا صغيرا، تربى فى كنف الجدة أيضًا. وبعد وفاة الأب تولت الأم مسئولية التربية والتعليم على نهج الوالد الراحل فى حث الأبناء على المذاكرة بجدية، وكانت تجلس معه كثيرا أثناء المذاكرة، وهو ما أثر كثيرًا فى شخصية البابا فيما بعد.
أم بارعة 
يقول البابا تواضروس عن والدته الراحلة: «والدتى كانت الابنة الصغرى والوحيدة لستة أشقاء من البنين، فكانت هى «بونبوناية» الأسرة كلها، ولأنها تربت وسط أولاد فكانت لديها القدرة العالية جدًا على تحمل ظروف الحياة، تعلمت والدتى فى مدرسة دير القديسة دميانة، وتزوجت فى سن مبكرة كطبيعة الأسر آنذاك، عاشت وتحملت بعض آلام الزمن من فقدان الأحباء بداية من والدى الذى تنقل من المنصورة وسوهاج ودمنهور، أهم صفة فى والدتى أنها كانت مربية من الطراز الأول، لدى شقيقتان أصغر مني، وكان لنا شقيقة أكبر وتوفيت فى سن مبكرة جدًا.
أمى كانت مُربية تعرف كيف تُعلم الابن إذا كان صغيرا أو كبيرا، كيف تفرح أبناءها، فكانت أمنا بارعة فى إعداد الطعام الصيامى، وبخاصة الحلوى والمخبوزات. كانت والدتى تتفنن فى عمل الحلوى، وكنا عندما نعود من المدرسة ونمد يدنا للحلوى، كانت تنتهرنا وتطلب الانتظار حتى عودة والدنا، لأن الطعام الحلو يسد النفس قبل الوجبات.
وكانت هناك أطعمة معينة تقوم بإعدادها فى فترة الامتحانات؛ لأننا كنا بنحبها مثل وجبة الـ«بُفتيك»، أمنا كانت مشجعة للغاية على الارتباط بالكنيسة بصورة بالغة، عندما كان يأتى أحد لتفقدنا بالمنزل كانت تقوم بإعداد المنزل بشكل غير عادى؛ لأن «أبونا» فلان جاى يزُرنا، وهذه المناسبات غير عادية. أيضًا لأم البطريرك دور فى حياته الروحية، فهى التى زرعت به حب الكنيسة والمواظبة على الاجتماعات الروحية، وهو ما ورثه عنها». 
ويقول البابا تواضروس، إن النساء الأكثر تأثيرًا فى حياته هما شقيقتاه واحدة منهما بمثابة صديقة «هدى»، والأخرى كانت بمثابة الابنة «إيمان»، تربينا على كيفية أن نحب بعض، ولم يحدث فى ساعة من الزمن أن هناك كان تمييز بين الولد والبنت أو تمييز بين كبير وصغير، وهذه النقطة أشهد بها طوال عمري.
أيضًا من النساء اللاتى أثرن فى حياة البابا تواضروس مُدرسته «آنجيل»، والتى يقول عنها «إنها كانت معلمتى فى مرحلة ابتدائي، حتى آخر وقت أفتخر بها وتفتخر بى جدًا».
** البابا تواضروس الثاني.. البطريرك الـ118 للكنيسة
من مواليد 4 نوفمبر 1952
وُلِد باسم وجيه صبحى باقى سليمان بالمنصورة لأسرة مكونة منه كأخ لشقيقتين
والده كان يعمل مهندس مساحة
التحق بجامعة الإسكندرية فى كلية الصيدلة
حصل على بكالوريوس الصيدلة عام 1975
حصل على زمالة الصحة العالمية بإنجلترا عام 1985، بينما التحق بالكلية الإكليريكية وتخرج منها عام 1983
فى 20 أغسطس 1986، ذهب دكتور وجيه صبحي، إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، ترهب فى 31 يوليو 1988 باسم الراهب ثيؤدور
تمت رسامته قسًا فى 23 ديسمبر 1989
انتقل البابا تواضروس، للخدمة بمحافظة البحيرة فى 15 فبراير 1990
نال درجة الأسقفية فى 15 يونيو 1997، باسم الأنبا تواضروس الأسقف العام بإيبارشية البحيرة، مساعدًا للأنبا باخوميوس
وتم ترشيحه ليكون خليفة البابا شنودة الثالث ضمن 5 مرشحين (الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، القمص رافائيل أفامينا، القمص باخوميوس السرياني، القمص سارافيم السرياني)
فاز بمنصب البابا عن طريق القرعة الهيكلية ليصبح البابا تواضروس الثاني، البطريرك الـ118 للكنيسة، فى 4 نوفمبر 2012