الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

هتافات المصريين في الثورات.. السلاح السلمي ضد المعتدين

ثورة ١٩١٩
ثورة ١٩١٩
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستطيع المتابع لحركة التاريخ، ومراحل تطور الأوضاع السياسية، أن يقف طويلًا أمام هتافات المصريين فى ثوراتهم ومواقفهم الاحتجاجية، فهذه الهتافات لخصت بصورة كبيرة طموحات وآمال الشعوب، فى الوقت نفسه حملت سمات وخصائص للمجتمعات فى أوقات زمنية معينة، أيضًا سجلت تلك الشعارات رغم قصر تعبيرها اللغوى فى كلمات محدودة فإنها ضمت خبرات وموروثات غاية فى الأهمية.
ثورة ١٩١٩ لم تكن مجرد هتافات تنقل حماس الجماهير، فشهدت أحداثًا هذه الثورة شعارات ما زالت تتردد حتى وقتنا هذا بل إن مشهد المشايخ والقساوسة متكاتفى الأيدى استلهمه المصريون من ثورة ١٩١٩، وشعار يحيا الهلال مع الصليب ما زال حيًا فى قلوب المصريين، أما شعار الدين لله والوطن للجميع فلا بد أن يصبح هو الدستور الفعلى للوطن.
ولعب فى ذلك الوقت الاحتلال الإنجليزى على وتر التفرقة بين المصريين، محاولًا إحداث فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط بلغت أوجها عام ١٩١١ حتى بلغ الأمر الحديث عن تقسيم البلاد وإقامة دولة للمسيحيين فى الجنوب وأخرى للمسلمين فى الشمال، وتحت زعم حماية الأقليات أعلنت بريطانيا الحماية على مصر.
وكان المصريون من قديم الأزل، وهم لا يقبلون الاحتلال، فهتفوا فى العصر العثمانى «يا رب يا متجلى.. أهلك دولة العثمانلي»، وفى العصر المملوكى حينما أرهق البرديسى المصريين بالضرائب هتفوا «يا برديسى يا برديسى إيش راح تاخد من تفليسي»، وحينما فوجئوا بمدفعية الفرنسيس على الجانب الآخر من النيل فى الجيزة، وهى تقصف بقنابلها هتفوا «يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف»، وحينما جثم عليهم الاحتلال الإنجليزى هتفوا: «يا عزيز يا عزيز كبة تاخد الإنجليز» والكبة هى الوباء.
وشهدت ثورة ١٩١٩ العظيمة هتاف الثوار ملتفين حول قائدهم سعد زغلول وهتفوا «يحيا سعد»، وفى الأربعينيات، حينما أثارت إنجلترا مشكلة السودان هتف المتظاهرون «مصر والسودان لنا.. وإنجلترا لو أمكن»، وهى هتافات التزمت الوزن والقافية بل الفصحى، لكن بخفة دم تميز بها المصريون على مدى التاريخ.
لتأتِ نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧ التى جعلت روح الغضب أقوى من السكوت فصاحوا قائلين: «بالروح بالدم هنكمل المشوار»، وهو الهتاف المشهور الذى حولوه فيما بعد إلى «بالروح بالدم نفديك يا جمال»، تعبيرًا عن رفض الهزيمة، وبعد انتصار أكتوبر العظيم بقيادة السادات تحول الهتاف إلى «بالروح بالدم نفديك يا سادات».
وأتت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ حاملة شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، وجاء بعده هتاف «الجيش والشعب إيد واحدة»، والذى عبر عن التحام شعب مصر بجيشه، ثم أصبح الهتاف ليبقى دائمًا «ارفع رأسك فوق أنت مصري»، ثم تفتق ذهن الثوار عن الهتاف الجامع المانع «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».