الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

الكاتب هاني كمال في حواره لـ«البوابة نيوز»: «أبوالعروسة» يناقش تجديد الخطاب الديني وكسر تابوهات العنف والدم.. وأزمة الدراما سببها تركيز المنتجين على السوشيال ميديا

الكاتب هانى كمال
الكاتب هانى كمال مؤلف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدراما مرآة ثقافة وسلوكيات المجتمع؛ كونها جزءا من من حياة الناس، ولها تأثير كبير فى قيمهم على كافة المستويات، وبها تنهض أمم أو تهدم كل قيمها وأخلاقها. 
فالدراما المصرية شهدت مضمونا وشكلا، «فتليرات» المسلسلات لا تخلو من الأكشن والعنف والقتل، ومضمون يدور حول الانتقام والقتل والسيطرة والبلطجة، ما تسبب فى التأثير على المجتمع، بحسب النقاد، إلا أن مسلسل «أبوالعروسة» ويصنف كدراما اجتماعية، بعيدة عن العنف، وحقق نجاحا كبيرًا.
من هذا المنطلق، أجرت «البوابة»، حوارًا مع الكاتب هانى كمال، مؤلف مسلسل أبوالعروسة. 
■ بداية.. الدراما أداة لتغيير المجتمع.. لماذا فشلت فى إصلاح المجتمع؟
- قبل الحديث عما يمكن أن تقدمه الدراما، علينا أن نرجع خطوة إلى الخلف ونسأل أين نحن الآن وما أهدافنا؟، لا بد أن يكون للكاتب هدف وغرض من العمل، على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأيضا يستخدم تراكيب النفس البشرية، لكن الآن بعض من يعملون فى كتابة الدراما منعزلون عن الواقع وبالتالى لا يستطيعون خدمة المجتمع والتأثير إيجابيا فى القضايا.
■ كيف نستطيع مواجهة دراما العنف والدم؟ 
- لا بد أن يكون لدى القائمين على صناعة الدراما أجندة عمل لمناقشة قضايا التعليم والصحة والتفكك الأسرى والمخدرات، بدلا من إدخال ثقافة العنف والقتل والمخدرات فى صورة مسلسلات على الأجيال القادمة.
■ لماذا تركز على الطبقة المتوسطة.. فكل الطبقات سواء ولديها مشاكلها؟
- لا يوجد أحد يتناول الطبقة المتوسطة فى مصر دراميا الآن، وإن تم يكون بصورة خاطئة، رغم كون هذه الطبقة الحاملة للقيم، هذه الطبقة الكبيرة التى تضم داخلها جميع الفئات، والقريبة من مساحة كبيرة من الجمهور.
■ كيف ترى الدراما التى تقدم على الشاشة؟
- يمكن أن أرد عليك بطريقة أخرى، انظر إلى النتيجة الراهنة، الدراما أصبحت أفلاما يتم اقتباسها وتحويلها لمسلسلات، بها عنف ودم وبلطجة، ولا يوجد عمل قائم على القتل والنصب والسرقة على مدار ٣٠ حلقة، أنا لا أهاجم شخصًا بعينه، وإنما هذا يدمر الأجيال القادمة ويغرس بداخلها العنف وأخذ حقها بـ«دراع» بدلا من العقل، بمعنى تدميرها وأيضا تعمل على تشويه المجتمع، وأيضا إن لم يكن بالعنف يتم التأثير عن طريق الفكر.
مثلا فى أحد المسلسلات الدرامية التى عرضت فى رمضان الماضى لم أذكر اسمه، قالت البطلة: (يا بنتى ربنا زى ما خلق الظلم.. خلق ناس تجيب العدل)، وهذه الجملة حين يسمعها طفل صغير تؤثر عليه وعلى فكره، بأن الله خلق الظلم، هذا ازدراء للذات الإلهية. 
لا بد أن يكون لدينا صناعة سينما ودراما تقدم منتجا بعيدا عن العنف والدم، وكل أحداث المسلسلات فى رمضان عنف وناس بتضرب فى بعض، ماذا ننتظر؟ النتيجة سيتكون شباب يقلد العنف لأن فكره تشبع بهذا الأمر.
■ هل يمكن أن تستخدم الدراما كأداة غزو ثقافى؟
- طبعا يمكن استخدام الدراما فى التأثير فكريا على الشعوب الأخرى، والدراما تعتبر «السوفت وير»، الذى يمكن أن يحرك الناس، والدراما المصرية أثرت فى شعوب كثيرة، حتى فى جميع تصرفاتهم، ونحن تعرضنا ونقل إلينا فكر جعلنا نسمع بأذنهم ونرى بأعينهم، رغم أنهم لديهم دراما أخرى تعمل على تطوير حضارتهم.
■ ما السبب فى إقبال الناس على الدراما التركية؟
- المنتجون ابتعدوا عن الدراما الاجتماعية التى يقبل عليها المجتمع، وانساقوا وراء الأكشن والقتل والدم، والناس فى هذه المرحلة كانت متشوقة للاتفاق حول أعمال اجتماعية.
■ لكن هناك حجة من قبل المنتجين وهى «الناس عاوزة كده».. فما تفسيرك؟
- مفيش حاجة اسمها الناس عاوزة كده، ولا يوجد تصنيف، الأزمة الحقيقية هى أن المنتجين يسيرون خلف السوشيال ميديا، وهو فى النهاية عالم افتراضي، وليس حقيقيا، ولكن يجب تقديم ما هو صالح من أجل المجتمع، والدليل مسلسل أبوالعروسة أثر على الناس وبيوتهم، وأصبح رقم واحد فى المشاهدة، وكسر تابوه المسلسلات القائمة على العنف والدم، وأيضا تابوه المسلسل الرمضانى، فأبوالعروسة لم يعرض فى رمضان وحقق نجاحا كبيرا..
■ كيف تقدم أعمالا درامية بعيدة عن الدم لسكان العشوائيات؟
- العشوائيات تحتاج إحلالا وتجديدا ونفصل لهم دراما تناسبهم وتنميهم، لكن ما يقدم لهم الآن يدرج رسالته: «إحنا معاك.. وبكرة تكبر وتنتقم، وفى الآخر يمكن تموت».. علينا أن نتعامل معهم على أساس أنهم من نسيج المجتمع، ونقدم لهم أطروحات تجعلهم يرتقون بفكرهم وتجعلهم يشعرون أن العقل يمكن أن يجلب الحق وليس الذراع والبلطجة، فما نقدمه الآن يجعل المجتمع كله من العشوائيات.
■ ما غرضك من المسلسل؟
- ليس لدى غرض بعينه، وإنما مجموعة من الأفكار لكيفية إصلاح حياة الناس، ووجهت فكرى لقضايا الطبقة المتوسطة والبيوت فيها، خاصة أننا أعلى معدلات فى الطلاق والتحرش والجريمة، والمشاكل الأسرية، والمواقع الإباحية، والتخلص من الأمور الخاطئة التى تركزت فى مجتمعتنا.
■ لكنك هوجمت بزعم أن ما تقدمه لا يمت إلى الواقع.. ما ردك؟
- الناس زعلانة إن واحد يقول لمرأته بحبك.. وليست حزينة لموت ٣٠ شخصًا فى حلقة واحدة، ما هذا الكره، نحن الآن نسير فى طريق غير سليم، وأفكارنا عن الحب أصبحت مشوشة، أصبح لدينا أن الراجل لازم يكون فى خناق دائم مع زوجته، وهذا غير منطقى. المجتمع يعانى من أننا نهتم بالشكل أكثر من المضمون، حتى تحولنا إلى شكل بلا مضمون، حتى الدين أصبح لدينا شكلا فمثلا سواء مسلم أو مسيحى يتقاضى رشوة ويذهب إلى الصلاة، وللأسف لدينا تدين ظاهرى.
■ ما سبب إظهارك للمسيحيين بهذا النمط؟
- كسرت تابوه الشخصية المسيحية الكاريكاتيرية التى كانت تظهر تقول (باسم الصليب.. يا عدرا)، ويأكل لحم خنزير ويلبس ذهب، وأنا ضد هذه الصورة تماما، ولا أستطيع أن أظهره ملاكًا، وأنا أستطيع أن أكتب عنهم جيدًا لكونى مسيحيا، ونحن بشر عاديون فالمجتمع كله فساد، وليس المسلمين أو المسيحيين، فما يعم من خير أو شر نحن شركاء فيه، فكلنا مصريون نسيح واحد عادات وتقاليد وخطاب دينى واحد، وهذه رسالتى فى المسلسل.
■ فى رأيك هل يمكن تسخير الدراما لتجديد الخطابات الدينية؟
- الخطاب الدينى يجدد بسينما ودراما لا تناقشه، ويمكن أعمل فيلما فيه أفكار مختلفة بدون وصاية، تؤثر فى الناس وتجدد الخطاب، والناس لا تتأثر بالخطب قدر ما تتأثر بالدراما والسينما، ومسلسل «أبوالعروسة» كان اتجاه تجديد الخطاب الدينى. فمثلا التفكك الأسرى ومشاكل الشباب والطلاق التى تعانى منها الكثير من البيوت المصرية، أكثر شيء يركز عليه المسلسل هو التفكير بمدى وجود الله فى حياتنا وكيف ترمى اتكالك على الله، أنا لا أقصد أن أعلم المشاهدين ولكنى أبين لهم من خلال المواقف لأن المسلسل به رقى أخلاقي.