الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شادى أسعد يكتب.. «كايا» وأكاذيب التمثيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أن ظهر فن التمثيل وهناك عقد ضمنى بين الممثل والمتلقى بأن ما يقوم به الممثل مجرد أكذوبة كبيرة، فهذا الممثل يكذب من خلال تجسيده لشخصية مغايرة لشخصيته، هذه الأكذوبة يدفع فيها الممثل الكثير من الجهد والعرق والوقت، بل والتأثير النفسى فى بعض الأحيان، حتى يقنع المتلقى بأن ما يراه حقيقة، لتنزوى الأكذوبة فى جزء خفى من العقل الباطن لدى المتفرج وتبقى حقيقة الأحداث الدرامية التى تؤثر فى المتلقى وتُحدث لديه التطهير.
ومع تطور التكنولوجيا الرقمية على مواقع النت وانتشار رغبة التمثيل لدى الكثيرين، سواء الدارسين أو الهواة، وجدنا الكثيرين ممن يقومون بتصوير فيديوهات لمواقع التواصل الاجتماعى بغية الوصول للشهرة ونجومية السوشيال ميديا التى تؤهلهم لنجومية السينما والتليفزيون والمسرح فيما بعد، وقد كان آخر هؤلاء «كايا»، الذى أصبح بين ليلة وضحاها أحد نجوم السوشيال ميديا من خلال فيديو يحدث فيه محبوبته الوهمية «سارة»، وبعد أن أصبح كايا ملء السمع والبصر على مواقع التواصل الاجتماعى أصبح أيضًا أحد نجوم البرامج التليفزيونية والأخبار الصحفية، لنكتشف أن «كايا» هو مهندس الاتصالات مصطفى سليمان، الذى يعشق التمثيل ويسعى إليه، وهو ما اضطره لتقديم العديد من الفيديوهات عن حياته وشخصيته الكاذبة التى أوهم بها رواد السوشيال ميديا؛ ليقدم لهم «الفنكوش»، حسب قوله فى أحد البرامج التليفزيونية، التى اعترف من خلالها بأنه اضطر للاستمرار فى كذبة كايا إرضاءً للجمهور؛ كى يصل إلى حبه، وبالتالى إلى الشهرة.
وبعيدًا عن المثالية، غير الواقعية، وإقرارًا للواقع الفنى المؤلم الذى يُهدر المواهب والطاقات الفنية الحقيقية لحساب المجاملات والعلاقات الشخصية، لا أعلم إن كنا نستطيع أن نوجه اللوم لمصطفى سليمان «كايا»، أم لا؟ فحسب تصريحاته قد سعى إلى التمثيل من خلال أبوابه الشرعية ومكاتب الكاستينج إلى جانب مشاركته فى المسرح الجامعى، الذى قدم لنا كبار نجوم الفن فى الماضي، إلا أنه لم يصل لشيء، حاله حال الكثيرين غيره من الممثلين وحتى المتخصصين والدارسين، لكنه عندما قدم فيديو لا يحمل أى مضمون فنى أو قيمى أو اجتماعى من خلال شخصية كايا المدمن الذى لا يُجيد أبسط أدبيات الحديث، أصبح أحد أهم النجوم خلال هذه الفترة، وقد يكون أحد نجوم المستقبل بعد أن يتلقى عروض التمثيل من المنتجين، مثلما حدث فيما قبل مع غيره من ظواهر السوشيال ميديا، وهنا تكمن الأزمة، هل أخطأ مصطفى سليمان حينما استخدم التمثيل فى الوصول للجمهور مستغلا العقد الضمنى بين الممثل والمتلقى دون أن يخبره بأن ما يراه ليس حقيقيا؟ أم أخطأ المجتمع حينما سمح لكايا وغيره من الشخصيات والفيديوهات التى تُقدم المدمن والمغيب والخارج على قيم وأخلاقيات المجتمع؟ أم أخطأ المنتجون، بعض المنتجين، الذى بثوا سمومهم داخل عقول الجمهور ليخرجوا علينا فيما بعد بالمقولة الكاذبة «الجمهور عايز كدا».
إن شئنا الحقيقة فجميعُنا مخطئ، بدايةً من المنتج الذى سعى للأموال بأى طريقة، فقدم فنا لا يمت للفن بصلة، والجمهور الذى شارك بمشاهداته فى نشر هذه النوعية غير الفنية، والفنان الذى انصاع وخضع لمتطلبات هذا الزمان فى الوصول للشهرة والثراء السريع دون النظر لقيمة فنية أو مجتمعية.
فهل سنعى جميعا أهمية فن التمثيل وموهوبيه ونرعاهم؟ أم سيستمر الأمر هكذا لنخرج من أكذوبة لأكذوبة ومن ظاهرة لظاهرة وتضيع فى الوسط المواهب الفنية بعد أن تفقد الأمل فى تقديم فن حقيقى والاتجاه لمقاييس نجومية السوشيال ميديا؟