الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القمص أنجيلوس جرجس يكتب: شموع لا تنطفئ

أنجيلوس جرجس
أنجيلوس جرجس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمر الزمان وتعبر الأيام وتموج دنيانا بأحداث كثيرة تسمى تاريخ، تحكي فيها الأوراق والمعاصرين لها عن شخصيات عظام عاشوا وصنعوا أعمالًا هذا خيرًا وهذا شرًا. ولكن ونحن نقلب الأوراق ونفحص الأشخاص يتوقف التاريخ عند أشخاص مختلفين بصمات حياتهم تشع نورًا، وكلماتهم تحمل عمقًا، وتختفي سطور الأحداث من أذهاننا والذي يبقى أيقونة وملامح وصورة تحمل روحًا يحتضن وجودنا. أينما ذهبنا نشعر بهم ونتذكر وجودهم ليس بالكلمات فقط بل بأرواحهم أيضًا.
هؤلاء هم شموع لا تنطفئ وفي شهر مارس ونحن عابرين على أيامنا نرى شمعتين نورهما لا يزالان ينيران طريق الكثيرين فهما ليسا من التاريخ لأنهما حاضران معنا بوجودهما الروحي. 
الأول هو البابا كيرلس السادس الذي انتقل من عالمنا يوم التاسع من شهر مارس، والثاني هو البابا شنودة الثالث الذي انتقل يوم 17 من ذات الشهر.
ولد البابا كيرلس السادس في 2 أغسطس عام 1902 في بلدة طوخ النصارى. ثم انتقل والده إلى الإسكندرية للعمل، وحصل البابا على البكالوريا، ثم عمل في شركة للملاحة هناك. واشتاق أن يعيش للرب فذهب إلى دير البراموس بوادي النطرون وصار راهبًا باسم مينا المتوحد، ونال درجة الكهنوت عام 1931م، وبعدها دخل إلى الجبل ليعيش متوحدًا يقضي يومه كله في العبادة والصلاة.
وحدثت مشكلة لسبعة رهبان في الدير والتجاؤا إليه، فأخذهم ونزل إلى البابا يؤانس وقتها الذي أنصفهم وأرجعهم إلى ديرهم. 
ولكنه طلب أن يسكن في طاحونة أثرية بجبل المقطم، وهناك ظل يصلي ويتعبد حتى قامت الحرب العالمية الثانية عام 1941م فطرده الإنجليز من الطاحونة لأنهم شكوا فيه أن يكون جاسوسًا. فذهب إلى كنيسة بابليون الدرج، ثم طلب منه البابا أن يعمر دير أنبا صموئيل بجوار مغاغة.
وبعد إتمام المهمة رجع وبنى كنيسة في زهراء مصر القديمة باسم مارمينا وسكن في قلاية بجوارها وبنى بيتًا للمغتربين كان يخدمهم. وكان يصلي أغلب اليوم قداسات وتسابيح ومزامير، فكان منارة وقدوة حقيقية للشباب. وفي تلك السنوات كانت الكنيسة تمر بمشاكل كثيرة وانتقل البابا يوساب واختير القمص مينا ليكون البابا وجلس على كرسي مارمرقس في 10 مايو عام 1959م.
وبدأ عصر التنوير في الكنيسة القبطية على يديه فاستنارت الأديرة والكنائس بتعاليمه وأبوته الحكيمة فقد كان يحمل قوة روحية كبيرة فقد كان يصلي وهو بطريرك طول الليل ويختم سهره الروحي بقداس يومي.
وكانت صلواته مسموعة فقد كان الشعب المصري كله مسيحيون ومسلمون يقصدونه ليصلي لهم لثقتهم في قوة صلاته وقربه من السماء. 
وسلم روحه الطاهرة عام 1971م وفي 2 يونيو 2013م أقر البابا تواضروس الثاني والمجمع المقدس بانضمامه إلى مجمع قديسين الكنيسة القبطية.
والشمعة الثانية المضيئة التي في هذا الشهر هو البابا شنودة الثالث الذي رحل عن عالمنا ولكنه لا يزال صوته يتردد في أذاننا، وصورته محفورة في قلوبنا وعقولنا. فقد تربينا أنا وكل جيلي على تعاليمه وقد تتلمذت أنا شخصيًا على يديه، واقتربت منه ابنًا لأبيه.
وبينما ولد وعاش في حياة صعبة إلا إنه كان له قلب حاني على الجميع فقد ولد باسم "نظير جيد" في 3 أغسطس عام 1923م، وتوفيت أمه بعد ولادته مباشرة.
والتحق بجامعة فؤاد الأول وحصل على ليسانس الآداب في التاريخ 1947م، ثم التحق بالكلية الإكليريكية وصار مدرسًا فيها. وترك كل شيء وذهب إلى دير السريان بوداي النطرون ليترهب ويحيا حياة العبادة ورسم راهبًا باسم أنطونيوس السرياني 1954م. 
وظل أنبا شنودة يعلم كأسقف للتعليم حتى انتقال البابا كيرلس وجلس على الكرسي المرقسي خلفًا له في 14 نوفمبر 1971م. وبدأت تستنير الكنيسة بتعاليمه وأبوته الحانية.