السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس سهيل سعود يكتب: هل يصوم الإنجيليون؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما يحين فصل الصوم عند الكنائس الشقيقة، تتوجه الأنظار إلى الكنائس الإنجيلية بسؤال: هل يصوم الإنجيليون؟ هذا السؤال، لا يلاقى إجابة واضحة وصحيحة من قبل العديد من أعضاء كنائسنا.
فالبعض منا يجيب «نحن لا نصوم». والبعض الآخر يتحدث عن «صوم القلب واللسان والفكر»، مُظهِرًا الأهمية القليلة التى يعطيها للصوم عن الطعام. هذه الإجابات وغيرها، إن دلّت على شيء، فهى تدل على أنه يسود فى كنائسنا، قلّة اعتبار، وعدم وضوح فى المفهوم الإنجيلى الصوم. والسبب فى ذلك يعود: أولًا إلى جهلنا ما يقوله لنا الكتاب المقدس عن الصوم. والسبب الثاني، هو نتيجة ردّة الفعل التاريخية الحازمة، التى اتخذها المصلحون الإنجيليون الأساسيون، من ممارسات الصوم المنظم التى سادت الكنيسة فى زمن الإصلاح الإنجيلي. 
لكن فى هذه المقالة، سأتناول جانب تاريخ الإصلاح الإنجيلى للموضوع. وفى مقالة ستتبعها سأتناول الجانب الكتابى لموضوع الصوم.
خلال تاريخ الكنيسة، ظهر بعض الآباء الذين حددوا أيامًا معينة للصوم. خصوصًا فترة الصوم الكبير قبل عيد القيامة. يقول القديس إيرينيوس فى هذا الصدد: «يعتقد البعض أن الصوم هو ليوم واحد، والبعض الآخر ليومين، وغيرهم لأكثر، وغيرهم لأربعين يومًا». 
إلاّ أن الذكر الأول لصوم الأربعين، كان فى القرن الرابع ميلاديًا. لكن مفهوم الصوم خلال التاريخ الكنسي، صار يأخذ منحى مختلفًا عن المفهوم الأساسى الذى يعرضه الكتاب المقدس، إذ صار يقترن بالتقشف والزهد فى الدنيا. وقد نظّمت الكنيسة أيام الصوم وأخذ شكلًا شرائعى. وفى القرون الوسطى ارتبط مفهوم الصوم بمبدأ الاستحقاق أمام الله. فصار يفهم على أنه احدى الوسائل التى من خلالها، يستحق الإنسان نعمة الله ويكفّر عن خطاياه. 
وعندما حلّ زمن الإصلاح الإنجيلى فى القرن السادس عشر. وجد المصلحون الإنجيليون أن مفهوم الصوم انحرف عن الهدف الأساسى المعلن فى الكتاب المقدس. فنادوا بضرورة العودة إلى مفهوم الكتاب المقدس والكنيسة الأولى. إن الموقف الإنجيلى التاريخى المصلح من الصوم، سجله المصلحون الإنجيليون فى اعتراف الإيمان السويسرى الثاني، الذى كتب سنة 1566 والذى له السلطة العليا فى الكنائس الإنجيلية المصلحة عن ضرورة الصوم يذكر اعتراف الإيمان ما يلي: «إن كنيسة المسيح توصينا بالصيام المسيحي، كضرورة فى الوقت الحاضر بحيث نتضع أمام الله ونحرم جسدنا من وقوده، لكى يطيع الروح طاعة أكبر» ويكمل: «إن الصوم عون لصلوات القديسين ولكل الفضائل». عن دوافع الصوم، يعلن اعتراف الإيمان «أن كل صوم يجب أن ينبثق عن روح حرّة مُريدة وعن تواضع أصيل، وليس عن تصنّع من أجل كسب ثناء البشر أو مدحهم. وبالتأكيد ليس من أجل أن يستحق الإنسان البرّ بسببه. فليصم كل إنسان لهذه الغاية بأن يحرم جسده من وقوده، لكى يخدم الله بغيرة أكبر». 
وعن تحديد أيام معينة للصوم، يُذكر اعتراف الإيمان، «أن الصوم الكبير مشهود له عند الأقدمين. إلاّ أنه لا أثر له فى كتابات الرسل، لذلك لا يجوز ولا يمكن أن يفرض على المؤمنين». 
ميّز اعتراف الإيمان السويسرى الثاني، نوعين من الصوم: نوع جماعي، ونوع فردي. فذكر ما يلي: «هناك صوم علنى وآخر سري: لقد مارس الأقدمون الصوم العلنى فى أيام المصائب والمحن، فامتنعوا كليًا عن الطعام وحتى عن الماء، وأمضوا الليل كله فى صلوات مقدسة، وعبادة الله والتوبة. إن صيامًا كهذا يمارس فى الأيام التى تكون فيها الكنيسة فى محنة. أما الصوم السري، فيمكن لأى منا أن يمارسه، كلما شعر أنه مبتعد عن الروح».