السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"أسوار الموت".. آخر تكتيكات "داعش" في "الباغوز" السورية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد تضييق الخناق على مسلحيه فى منطقة الباغوز بمحافظة دير الزور فى شرق سوريا، لجأ تنظيم داعش الإرهابى إلى ما يسمى باستراتيجية «أسوار الموت»، كخيار أخير لإنقاذ ما تبقى من مساحات محدودة للغاية تحت سيطرته، حتى، وإن تطلب الأمر، ارتكاب ما لا يتصوره عقل من جرائم وحشية.
ففى ٧ مارس الجاري، كشفت وسائل إعلام عراقية، أن «داعش» عمد فى الأيام الأخيرة إلى نصب كمائن كثيرة فى الباغوز «عبارة عن دوائر ملغمة بعشرات العبوات الناسفة»، بالإضافة إلى قيامه بتفخيخ عدد كبير من المنازل، فيما أطلق عليه استراتيجية «أسوار الموت»، لأن من يدخلها، لا فرصة أمامه للنجاة، وتضمن فى الوقت ذاته، حسب اعتقاد التنظيم، قتل أكبر عدد ممكن من أعدائه، دفعة واحدة، وبأقل تكلفة. 
ونقلت صحيفة «بغداد بوست» عن مصدر أمنى عراقى مطلع، قوله، إن المجموعة الداعشية المتبقية فى الباغوز لا تزيد على ٣٠٠ عنصر بينهم أكثر من ١٠٠ عراقي، ويعانون من حصار مطبق، من قبل قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، المدعومة أمريكيًا، ولذا، لجأوا إلى «أسوار الموت»، لإشاعة الخوف فى المنطقة، ودفع قوات «قسد» للتراجع.
ورغم أن هذه الاستراتيجية، تعنى أن التنظيم مصمم على القتال حتى الرمق الأخير، إلا أنها على الأرجح، سيكون مصيرها الفشل، خاصة أن التنظيم سبق أن قام بقطع برؤوس أكثر من خمسين فتاة إيزيدية، فى محاولة لإشاعة الرعب فى صفوف عناصره ومعارضيه على حد سواء، ورغم ذلك، لم تتوقف العملية العسكرية، التى بدأتها قوات قسد فى ٧ مارس بدعم من التحالف الدولي، لتحرير الباغوز.
ويبدو أن الوقت أيضًا فى غير صالح داعش، فى ظل الأنباء المتواترة حول وقوع انشقاقات وإعدامات فى صفوفه، والتى أظهرت أن الهزائم المتتالية، التى تلقاها التنظيم فى سوريا والعراق، أثرت سلبيًا على معنويات عناصره، ودفعت بعضهم للتفكير فى الفرار من مناطق القتال، أو التمرد على النهج الحالي، لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي.
ففى ٢ مارس، كشف المرصد السورى لحقوق الإنسان، ومقره لندن، عن قيام داعش بإعدام خمسة من مقاتليه، الذين ينتمون إلى عدة جمهوريات فى الاتحاد الروسي، من خلال الرمى بالرصاص فى أطراف منطقة الباغوز.
وأضاف المرصد عبر موقعه الإلكتروني، أن «عملية الإعدام لا تزال غامضة، فى ظل حالة فوضى تعم الباغوز عقب انطلاق عملية تحريرها من قبل قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي.
وفى ٣ مارس، كشف مصدر أمنى عراقي، أيضًا، مفاجأة مفادها، أن داعش أعدم ما يسميه التنظيم بـ«مفتى ولاية ديالى» المقرب من زعيمه أبوبكر البغدادي، ونقلت قناة «السومرية» العراقية عن المصدر، قوله، إن «معلومات استخبارية أفادت بإعدام مفتى ولاية ديالى فى التنظيم الإرهابي، المدعو أبوكريم، من خلال صب البنزين عليه وحرقه، وذلك فى جبال مكحول بمحافظة صلاح الدين فى شمال العراق».
وأضاف المصدر، أن «أبو كريم كان مقربا جدا من زعيم داعش أبوبكر البغدادى أثناء وجود الأخير فى مدينة الموصل فى شمال العراق قبل تحريرها»، لافتا إلى أن «إعدامه لايزال غامضا، لكنه يشير إلى حالة اقتتال داخلى يشهدها التنظيم الإرهابي».
ويبدو أن التقارير المتضاربة حول مكان تواجد أبوبكر البغدادي، وما إذا كان لا يزال داخل سوريا، أو فر إلى العراق، تزيد من الصراع والاقتتال الداخلى فى صفوف التنظيم، خاصة أنه توجد قيادات تسعى لخلافة البغدادى على رأس التنظيم، وتستغل الغموض حول مكان تواجده، والهزائم المتتالية على الأرض، لإثبات فشله فى إدارة التنظيم، وأنها قد تكون البديل المناسب.
ففى ١٨ فبراير الماضي، نقلت قناة «روسيا اليوم» عن مصدر استخباراتى عراقي، قوله إن أبوبكر البغدادي، لا يزال داخل الأراضى السورية، وأنه خلع العمامة التى كان يرتديها وارتدى ملابس عصرية، لكى لا يتم اكتشافه من قبل المدنيين السوريين، فيما قال الخبير الأمنى الكردى العراقى هاوكار الجاف، إن المعلومات والمؤشرات الأمنية تدل على أن البغدادى لا يتواجد فى منطقة الباغوز فى شرق سوريا، بل إنه خرج منها، ويعتقد بقوة أنه موجود فى المنطقة بين مدينة الثرثار بمحافظة الأنبار فى غرب العراق، ومدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين فى شمال العراق، مستغلا وجود نفوذ عشائرى وصلة قرابة، كونه من أهالى سامراء.
وبالنظر إلى أن الاقتتال الداخلي، أضعف كثيرا من قدرة التنظيم فى المعارك على الأرض، وجعله عاجزا على الأقل فى الوقت الراهن عن تنفيذ عملية إرهابية كبيرة تغطى على إخفاقاته المتتالية، فقد قام بقطع رؤوس عشرات الأسيرات لديه من الفتيات الإيزيديات العراقيات، فى محاولة لبث الخوف فى صفوف المدنيين فى الباغوز، ومنعهم من مغادرة المنطقة لاستخدامهم دروع بشرية، بالإضافة إلى محاولة استقطاب عناصر متشددة جديدة، بزعم أنه قتل رؤوس الفتيات الأيزيديات، لأنهن رفضن اعتناق الإسلام.
ففى ٢٤ فبراير، كشفت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، أن وحدة من القوات البريطانية الخاصة، التى تشارك فى التحالف الدولي، نفذت عملية اقتحام محدودة لمنطقة الباغوز، التى تحاصرها قوات سوريا الديمقراطية، وعثرت حينها على ٥٠ رأسا مقطوعة لفتيات إيزيديات، ملقاة فى صناديق قمامة فى أطراف الباغوز.
ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود قوله: «إن قسوة المتطرفين لا تعرف أى حدود، لقد قاموا بذبح هؤلاء النساء البائسات بكل جبن وتركوا رؤوسهن المقطوعة وراءهم لكى نجدها نحن، لا يمكن لأى إنسان طبيعى فهم الدافع لمثل هذا الفعل المقزز».
وحسب الصحيفة، أطلق جنود القوات الخاصة البريطانية ٦٠٠ قذيفة هاون وعشرات الآلاف من طلقات المدافع الرشاشة أثناء محاولتهم اقتحام الباغوز، ما أجبر عناصر تنظيم داعش على الدخول إلى شبكة من الأنفاق فى المنطقة، فيما قتل اثنان من القوات البريطانية فى محاولة الاقتحام.
وكان داعش اختطف العشرات من النساء والفتيات الإيزيديات، فى الثالث من أغسطس عام ٢٠١٤، عندما اجتاح التنظيم، مدينة سنجار شمال العراق، ونفذ إبادة وجرائم شنيعة بحق سكانها الإيزيديين، وهم لهم معتقدات غير مألوفة، ويطلق عليهم البعضد«عبدة الشيطان».
ويخشى البعض أن ينفذ التنظيم المزيد من عمليات قطع رؤوس الفتيات الإيزيديات، الأسيرات لديه، وذلك فى محاولة يائسة أخيرة، للحفاظ على ما تبقى تحت سيطرته فى الباغوز، أو على الأقل عرقلة تقدم قوات «قسد» بعض الوقت، على أمل حدوث شيء لصالحه.