السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

المرأة المصرية "أيقونة" ثورة 1919.. تظاهرات نسائية لأول مرة تطالب برحيل الإنجليز وتحقيق الاستقلال التام.. الحركة النسوية دعت البرلمان عام 1924 إلى "مساواة الجنسين في التعليم"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ساهمت ثورة ١٩١٩ فى تصحيح أوضاع المرأة المصرية وتكريس مكانتها وأهميتها فى المجتمع، حيث كانت الثورة نقطة تحول فاصلة فى تاريخ مصر وأحدثت تغييرات على كافة المستويات السياسية والاجتماعية، ووضع المرأة التى عانت تهميشًا وتمييزًا وحرمانا من التعليم لسنوات عديدة، وكانت لها نصيب الأسد فى التغييرات الاجتماعية التى شهدها المجتمع المصرى على بفضل جهود الرائدات الأوائل ومن أبرزهن هدى شعراوي، وصفية زغلول، وسيزا نبراوى وغيرهن.

بعد سنوات من الحجاب ومنع النساء من الخروج إلى الأماكن العامة وعدم مخالطة الرجال، شاركت النساء لأول مرة فى تظاهرات نسائية للمطالبة برحيل الإنجليز عن مصر التزاما بوعود بريطانيا بالجلاء عن مصر نظير مساعدتها فى الحرب العالمية الأولى وتحقيق الاستقلال التام، وكذلك السماح للوفد المصرى بالسفر لعرض مطالبهم وكذلك شاركت المرأة فى المظاهرات المطالبة بالإفراج عن سعد بعد نفيه خارج البلاد.
وخرجت النساء فى تظاهرات مختلطة ودفعن ثمنًا غاليًا لخروجهن فى المجال العام، حيث سقطت أول شهيدة برصاص الاحتلال البريطانى «شفيقة محمد» فى يوم السادس عشر من مارس عام ١٩١٩ وهو اليوم الذى اعتبرته الدولة بعد ذلك يومًا للمرأة المصرية تقديرًا لجهودهن الوطنية. وفى السادس عشر من مارس عام ١٩٢٣ شهد تدشين الاتحاد النسائى المصري، على يد «هدى شعراوي»، والذى كان يمثل أهم جمعية نسائية فى العالم العربى وأكثرها تقدمًا فى الفترة بين العشرينيات وحتى الأربعينيات.

وبعد نجاح الثورة وتحقيق أهدافها، وجلاء الإنجليز عن مصر فى عام ١٩٢٢، وصدور دستور ١٩٢٣، وضعت هدى شعراوى على عاتقها مسئولية حماية حقوق النساء اللاتى شاركن فى الصفوف الأمامية منعا لضياع حقوقهن من قبل حزب الوفد، والذى عمدت قيادته إلى تنحية المرأة وممثليها من النساء، ولتحقيق هذه المهمة دشنت «شعراوي» الاتحاد النسائى العام فى عام ١٩٢٣ لحفظ حقوق النساء اللاتى شاركن فى الثورة وحتى لا يضيع جهودهن هباء، تمكنت من خلال التنظيم من مخاطبة المسئولين فى مصر وخارجها حول أوضاع النساء والمطالبة بحقها فى التعليم الابتدائى الإلزامى وكذلك تمهيد الطريق أمامهن للتعليم العالى لمن تريد منهن استكمال تعليمها، كما طالبت أيضًا بوضع حد أدنى للزواج يصل إلى ١٦ عاما -فى هذا الوقت- الذى كان يتم فيه تزويج الفتيات فى سن التاسعة والثالثة عشرة وبالتالى حرمانهن من التعليم.

وفى كتابها «المرأة والربيع العربي- الحالة المصرية نموذجًا» تقول الدكتورة نبراس المعموري: «ارتبطت ثورة ١٩١٩ بثورة المرأة المصرية على الأعراف والتقاليد التى حددت وضع المرأة داخل أربعة جدران، خرجت مع الثورة برغبة للتخلص من الأسر، ومنذ ذلك الوقت نشطت الحركة النسائية نشاطًا فاعلًا، وتحدد هذا النشاط فى مظهرين، الأول مظهر مباشر متمثلا فى المشاركة فى التظاهرات والمواكب النسائية التى خرجت فى الطرقات تنادى بسقوط الاستعمار، وحياة مستقلة لمصر، وفى الاشتراك مع الرجال فى المظاهرات والتعاون الوثيق مع الحركة الثورية بنقل التعليمات السرية والمنشورات».
وتضيف: «حصدت هدى شعراوى شهرة عالية إثر الدور الذى قامت به فى الثورة إلى جانب أخريات ومن بينهن السيدة صفية زغلول، وسيزا نيراوي، ونبوية موسي، الشهرة التى دفعت إلى تمثيلها للمرأة المصرية فى مؤتمر الاتحاد النسائى بروما، وعندما عادت دشنت الاتحاد النسائى المصري، كان من نتائج الثورة أيضًا تأسيس المعلمات جمعية المرأة الجديدة، وكان ملحقا بها مدرسة لتعليم البنات، وتألفت لجنة مركزية للسيدات بحزب الوفد، ورغم كل هذه الجهود صدر دستور ١٩٢٣ ولم يمنح المرأة حقها السياسى ولكنه ألزم بتعليم الفتيات.
ومن المطالب التى رفعت الحركة النسوية المصرية فى عام ١٩٢٤، للبرلمان: «مساواة الجنسين فى التعليم، وفتح باب التعليم العالى وامتحاناته لمن يهمه ذلك من الفتيات تشجيعًا لنبوغ من لها مواهب خاصة. الإكثار من المدارس الثانوية للفتيات بعواصم المديريات والمراكز. فصل إدارة تعليم البنات عن تعليم البنين، إحلال الخبرات بشئون التعليم من النساء محل الرجال فى كل فروع التعليم النسوي، وتعديل قانون الانتخابات لإشراك النساء مع الرجال فى حق الانتخاب. إصلاح القوانين العلمية للعلاقة الزوجية وجعلها منطبقة على ما أرادته روح الدين من إقامة العدل ونشر السلام بين الأسر.لعبت المرأة دورًا حاسمًا فى الثورة المصرية ولكنها وجدت نفسها مهمشة من قبل الوفديين، بعدما حصلت مصر على استقلالها عام ١٩٢٢، ولذا تعتبر هدى شعراوى هى أولى الرائدات فى مجال الدفاع عن حقوق المرأة».

قبل ثورة ١٩١٩ كانت هناك جهود للمطالبة بإصلاح أحوال النساء ولعل أبرزها يتمثل فى كتابات قاسم أمين الذى تحول من موقفه المعارض لتعليم المرأة وخروجها فى المجال العام إلى داعم لقضاياها وحقها فى التعليم والعمل وكذلك ممارستها لحقوقها السياسية لكى تخطو على خطى مثيلتها بالمرأة فى الغرب، وسبب التحول فى أفكار أمين كانت نازلى فاضل إحدى حفيدات محمد على والتى اشتكت مقالات «أمين» إلى أحمد لطفى السيد ودعته لحضور صالونها الثقافى، فلما أعجب بشخصيتها وثقافتها كتب مدافعًا عن النساء وحقوقهن فى كتابيه «تحرير المرأة» و«المرأة الجديدة». فى نفس الوقت كانت هناك أقلام تنويرية تطوعت للدفاع عن النساء ورأت فى إصلاح أوضاعهن صلاح للمجتمع بأكمله، ومنها مجلة الفتاة لهند نوفل وذلك فى عام ١٨٩٢. كما أسست عددا من سيدات الطبقات الراقية جمعية باسم «الرقى الأدبى للسيدات» فى عام ١٩١٤ والتى كان تحضرها نساء الطبقات الراقية ويحاضرها بها عدد من الأجنبيات.
لم تجعل «شعراوي» دور الاتحاد منصبًا على قضايا المرأة فقط بل جعلته أيضًا منبرا للإدلاء بآراء النساء فى الكثير من القضايا الوطنية ومن بينها انفصال مصر والسودان والقرار الذى ترفضه شعراوى واتحاد النسائى العام وهو ما سبب خلافا كبيرا مع سعد زغلول وحزب الوفد.
وضعت ثورة ١٩١٩ حجر الأساس للمطالبة بحقوق أكبر للنساء، ففى مارس ١٩٥٦ صدر قانون مباشرة الحقوق السياسية والذى أعطى النساء حق الترشح والتصويت لأول مرة بعد سنوات من المطالبة، وكان لاعتصام درية شفيق أثر كبير فى الاستجابة لها.