الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

فشل جديد لاستخبارات "الملالي" في أذربيجان.. "عملية عماد" تكشف هزيمة الجهاز الأمني والسياسي لـ"طهران".. والموساد يستولى على وثائق سرية من "شورآباد" ويهربها عبر مطار باكو

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمتد الإرهاب الإيرانى بكل مستوياته اللوجستية والأمنية فى مختلف دول العالم، ومن بينها الجارة أذربيجان. وعلى الرغم من الجهود الممتدة التى بذلتها وتبذلها الاستخبارات الإيرانية فى احتواء الساحة الأمنية والاستخباراتية فى أذربيجان، إلا أنها فشلت فى كثير من الأحيان فى تحقيق غاياتها الأمنية، ولعل الضربة الكبرى التى تعرضت لها الاستخبارات الإيرانية فى أذربيجان، هى فشلها فى إحباط العملية الاستخباراتية التى نفذها جهاز الموساد الإسرائيلى انطلاقًا من الأراضى الأذربيجانية، والتى أطلق عليها اسم «عملية عماد»، والتى تمكن بموجبها جهاز الموساد من السيطرة على العديد من ملفات إيران السرية الخاصة ببرنامجها النووي، والتى أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فى مؤتمر صحفى فى ٣٠ أبريل ٢٠١٨.
اختراق إسرائيلي
وبموجب هذه العملية تمكن جهاز الموساد فى يوم ١ يناير ٢٠١٨، من اختراق المكان الذى كانت تخبئ فيه إيران هذه الملفات، فى مخزن مهجور فى ضاحية «شورآباد» جنوب طهران، إذ خضع هذا المخزن لعمليات استطلاع جوى من قبل الاستخبارات الإسرائيلية لمدة عامين، حيث انطلق عملاء جهاز الموساد من قرب مبنى وزارة الخارجية الإيرانية فى العاصمة طهران، فى شاحنتين تحملان لوحات أمنية نحو الهدف، وبعد اختراق المخزن تمكنوا من السيطرة على ١١١ ألف وثيقة وصورة وفيديو تزن نصف طن.
وبعدها عبرت هذه الشاحنات الحدود عبر أذربيجان، حيث كان بانتظارها فريق دعم استخباراتى من الموساد، مع مهربين إيرانيين لم يكونوا يعرفون بحقيقة محتويات الشحنة، ومن هناك تم نقل محتويات الشحنة عبر مطار باكو إلى تل أبيب، بدون علم السلطات الأمنية فى أذربيجان، وبعد وصول هذه الملفات، تم تحليلها من قبل فريق مشترك من الموساد وجهاز الاستخبارات الأمريكية CIA، لتخرج النتائج بالطريقة التى قدمها نتنياهو. وكشفت دراسة مهمة للباحث الدكتور فراس إلياس، حول وجود مخابرات الملالى فى أذربيجان، عن أن المهمة الرئيسية للاستخبارات الإيرانية فى أذربيجان، تتمثل فى منع استخدام أراضى أذربيجان للعمليات العسكرية ضدها، ولتحقيق هذه الغاية تم تنفيذ العديد من الأنشطة، ومنها التأثير على الرأى العام من خلال وسائل الإعلام، وغيرها من الافتراضات التى تسوقها الاستخبارات الإيرانية هناك.
استغلال المهاجرين
ويقول الباحث: علاوة على ذلك، فإن الدوائر الاستخباراتية الإيرانية تولى اهتمامًا وثيقًا للمهاجرين السياسيين الإيرانيين الذين يعيشون فى أذربيجان، وعلاقاتهم مع رفاقهم من أبناء القبائل التركية فى وطنهم الأم، وكذلك مع ممثلى أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأذربيجانية، وكما هو معروف أن شمال إيران وأذربيجان المجاورة يشكلان مساحة عرقية- ثقافية واحدة- المنطقة التاريخية لاستيطان الإثنوس الأذربيجانى (٣٠ مليون من ممثليها يعيشون فى إيران و٨ ملايين يعيشون فى جمهورية أذربيجان).
وتخلق الحدود المشتركة التى تربط بين هاتين الدولتين، وإعادة توطين ممثلى أمة واحدة على كلا الجانبين، فضلًا عن الاحتكاك التقليدى بين باكو وطهران، ظروفًا مواتية لاستخدام «خريطة أذربيجان» من أجل زعزعة استقرار الوضع فى إيران. وأضاف الباحث: يتفق العديد من الخبراء على أن إيران، تبذل جهودًا نشطة للإطاحة بالنظام العلمانى فى أذربيجان، وإنشاء قوانين الشريعة فى هذا البلد، ومن أجل إنشاء نظام ثيوقراطى فى باكو، فإن جهاز استخبارات الحرس الثورى الإيرانى يضطلع بالمهمة الأساسية فى هذا الإطار.
إذ تعتقد الاستخبارات الأذربيجانية أن أحد أنشطة الحرس الثورى الإيرانى هو تقويض استقرار الجمهوريات الإسلامية فى الاتحاد السوفييتى السابق، إذ أنشأت الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية الخاصة عملاء أقوياء ومتشعبين فى أذربيجان، ليس بمقدورهم استخلاص المعلومات العسكرية والسياسية والاقتصادية الضرورية فحسب، بل وأيضًا اتخاذ تدابير نشطة مختلفة، هذا ما يؤكده الموظف السابق بوزارة الأمن القومى الأذربيجانية إلهام إسماعيل، فعلى حد تعبيره، كانت الخدمات الإيرانية الخاصة قد نشرت بالفعل شبكة عملاء كبيرة فى أذربيجان فى عام ١٩٩٣، ويمكنها القيام باستفزازات فى باكو فى أى وقت تشاء.
سقوط العملاء
وقدمت الدراسة مثالا على ذلك، حيث تمكن جهاز المخابرات الأذربيجانية من احتجاز ستة أشخاص فى منطقة جليل آباد جنوب شرق أذربيجان، لحضورهم المستمر إلى مسجد يشتبه فى تعاونه مع الاستخبارات الإيرانية، بالإضافة إلى ذلك، تم الكشف عن قوائم تضم حوالى ثلاثين مواطنًا أذربيجانيًا يجذبهم الجانب الإيرانى للعمل الأيديولوجى المناهض للحكومة الأذربيجانية فى المناطق الحدودية، ولم تكن الحقيقة الأولى فى اعتقال الأشخاص المتعاونين مع الاستخبارات الإيرانية الخاصة فى أذربيجان، حيث قامت وزارة الأمن القومى الأذربيجانية مرارًا وتكرارًا بقمع أنشطة الإسلاميين الذين قاموا بمهام الاستخبارات الإيرانية، فعلى سبيل المثال، فى عام ١٩٩٦، تم الكشف عن مؤامرة مناهضة للحكومة من الحزب الإسلامى (IPA) فى أذربيجان، بتمويل من المنظمات الدينية الإيرانية فى باكو.
وفى الوقت نفسه، ألقى القبض على مجموعة من قادة ونشطاء الحزب الإسلامى الأذربيجاني، تلقى الكثير منهم تعليمه فى إيران، وبعد ذلك، فى يناير ٢٠٠٧، قام ضباط من الاستخبارات الأذربيجانية بتحييد مجموعة من ١٦ إسلاميًا، كانوا طوال عامين يتصرفون بناء على أوامر من الدوائر الخاصة الإيرانية، وأُعتقل أربعة مواطنين من أذربيجان، واثنين من اللبنانيين الذين كانوا على صلة مع استخبارات الحرس الثورى الإيراني، وشعبة العمليات الخارجية بحزب الله.
وكان المشتبه الرئيسى فى هذه المجموعة هو المواطن اللبنانى «كركى على محمد» الذى وصل إلى أذربيجان فى أغسطس ٢٠٠٧، من أجل استئناف عمله الذى بدأ فى عام ٢٠٠٥، إلى جانب مجموعة مماثلة من ١٦ عميلا إيرانيا، وقد تم تدريب أعضاء الجماعة فى إيران.
ووفقًا لوزارة الأمن القومى فى أذربيجان، فمن بين الأمور الأخرى أنها منحت مهمة جمع معلومات عن السفارة الموجودة فى باكو، والممثل الرسمي، والمرافق الاقتصادية، وقد حُكم على أعضاء هذه المجموعة بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين وأربع عشرة سنة.