الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

وسائل إعلام غربية: خطأ فادح لترامب يحول "داعش" إلى "ملهم"

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تواصلت ردود الفعل المستنكرة لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النصر على تنظيم داعش الإرهابي، إذ ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن المعركة مع التنظيم لم تنته بعد، حتى لو فقد كل الأراضي التي كان يسيطر عليها بسوريا والعراق، لأن أيديولجيته وأفكاره المتطرفة منتشرة عبر العالم.
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها في 24 فبراير، أنه سيكون من الخطأ اعتقاد أن هؤلاء المتشددين الأكثر تطرفا سيعودون إلى منازلهم ومزارعهم بهدوء، بعد هزائمهم على الأرض، وتابعت "هزيمة التنظيم جغرافيا لم تفعل أكثر من تحويله إلى تنظيم عالمي، ينافس في ذلك تنظيم القاعدة، ومن ثم فإن التنظيم بعد فقدانه الأرض، يمكن أن يوجه أتباعه بشن هجمات وحشية في كل مكان ومن أي مكان، ويمكن أن يتحول إلى ملهم لمتشددين جدد، ولذا، فإن ترامب ارتكب خطأ فادحا بإعلان النصر على داعش، لأن المعركة مع التنظيم لم تنته بعد".
واستطردت الصحيفة "العنف المتطرف قادر على التحول إلى أشكال متعددة، وهو يستفيد من الظروف ليجنب نفسه التدمير، فلقد انتشر الفكر الأيديولوجي المتطرف على مستوى العالم من خلال شبكة الإنترنت، ومن ثم فإنه لم يعد هناك من داع إلى سفر بعض الشباب المتشدد لخوض حروب على الأرض مثلما حدث في العراق وسوريا".
وتابعت "هذه اللحظة ليست لحظة إظهار الابتهاج، وهي أقل من أن تكون لحظة انتصار، وأفضل طريق لتحقيق النصر على هذا التنظيم ليس القنابل، وإنما المعلومات الاستخباراتية التي يمكن أن تعطل قدرات ما تبقى من مقاتليه".
وخلصت الصحيفة إلى القول:" إن فكرة استئصال داعش تبدو صعبة، ومن ثم فإن ما يجب فعله حاليا هو تكثيف الجهد الاستخباراتي ومراقبة من تبقى من عناصره، والحيلولة دون إمداد التنظيم بالمال والمقاتلين".
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، إن داعش تعرض لهزائم على الأرض في سوريا والعراق، لكنه لم ينكسر، وقادر على إعادة تجميع صفوفه من جديد.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 24 فبراير، أن هناك أمرا يسهل عودة التنظيم، وهو صعوبة السيطرة الأمنية على مناطق شمال شرق سوريا وشمال غرب العراق، لأنها مناطق صحراوية شاسعة، وبالتالي، يستغلها عناصر التنظيم في الفرار والاختباء، والإعداد لهجمات جديدة.
ولم يقتصر الأمر على ما سبق، إذ خرج مسئول أمريكي أيضا بتصريحات أحرج فيها ترامب حول "هزيمة داعش"، ونشرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية في 18 فبراير تقريرا جاء فيه أن أحد كبار المسئولين الأمريكيين قدم تعريفا مختلفا وأكثر دقة فيما يتعلق بتصريحات ترامب حول القضاء على داعش.
ونقلت "سي ان ان" عن المسئول، الذي لم يذكر اسمه، قوله:"إن هزيمة التنظيم ليست فقط بقطع إمداداته على الأرض، وإنما أيضا هزيمة شبكاته بما في ذلك مصادر الإيرادات المالية الإضافية، ومن يزوده بالأسلحة"، مبينا أنه قد يكون هناك عشرات الآلاف من المشاركين في ذلك.
وأضافت "سي ان ان" أن تصريحات المسئول الأمريكي تناقض تغريدات ترامب، الذي يركز على هزيمة داعش عسكريا، ويغفل الجوانب الأخرى لقوة التنظيم الإرهابي، ونقلت عن مسئول عسكري أمريكي، قوله أيضا، إن "قرابة 1000 من مسلحي داعش فروا من سوريا إلى الجبال والصحاري في غرب العراق في الأشهر الستة الماضية ومعهم ما يصل إلى 200 مليون دولار نقدا".
ويبدو أن التخبط في تصريحات المسئولين الأمريكيين خلال الاجتماع الذي عقده التحالف الدولي لمحاربة داعش، في واشنطن في 6 فبراير، أعطى انطباعا أيضا أن ترامب يضلل شعبه وشعوب العالم بتصريحاته حول القضاء على التنظيم الإرهابي، في محاولة لرفع شعبيته والتغطية على أزماته الداخلية، المتمثلة في التحقيقات المتواصلة بمزاعم التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الامريكية 2016، والخلاف المحتدم بينه وبين الديمقراطيين حول تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، وقضايا داخلية أخرى. 
وكان ترامب قال في كلمة ألقاها خلال اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد "داعش" في مقر وزارة الخارجية الامريكية في واشنطن في 6 فبراير إن التحالف نجح بانهاء "داعش" في العراق وسوريا وقتل الكثير من قياداته، وإنه بصدد الإعلان خلال أسبوع عن القضاء على التنظيم.
وعرض ترامب ما سماها "إنجازات" قوات التحالف بقيادة بلاده في الحرب على "داعش"، مشيرا إلى أن التحالف استعاد، خلال السنتين الماضيتين، أكثر من 20 ألف ميل مربع من الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم في سوريا والعراق، وقتل تقريبا جميع القياديين البارزين في التنظيم، وأشار أيضا إلى أن بلاده وشركاءها بذلوا جهودا من أجل منع نشر أيديولوجيا "داعش" عبر الإنترنت.
وفي تصريحات متناقضة مع ما ذكره ترامب، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو خلال اجتماع التحالف الدولي في مقر وزارة الخارجية الامريكية في واشنطن، إن بلاده وقوات التحالف حققت إنجازات عديدة في محاربة "داعش" وقامت بعمل ناجح في سوريا والعراق، لكن يبقى الكثير من العمل، حيث تدل العمليات الإرهابية في شمال سوريا، وتحديدا مدينة منبج، على أن التنظيم لا يزال يحتفظ بنفوذ في بعض المناطق، مؤكدا ضرورة مواصلة الجهود العسكرية من أجل القضاء على ما تبقى من التنظيم.
وأشار "بومبيو" إلى التزام واشنطن بالقضاء التام على "داعش" حتى لا يمثل أي خطر ولا تكون لدى الإرهابيين والمتطرفين ملاجئ، وحتى لا يكونوا قادرين على نشر أيديولوجياتهم، بين الأجيال الجديدة، وتابع "بالتالي، يجب تدمير الشبكات والبنى التحتية التابعة لداعش.. يجب علينا كجيل إيقاف خطر داعش"، مشددا على أن تصريح الرئيس الأمريكي بشأن الانسحاب من سوريا "لا يعني نهاية المعركة الأمريكية ضد "داعش"، وإنما الانتقال من مرحلة الأعمال القتالية إلى مرحلة جديدة من المعركة ضد التنظيم، حيث يحظى عمل الشرطة وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين بلاده وأعضاء التحالف الدولي بأهمية قصوى.
وبجانب تصريحات بومبيو، دحض البيان الذي أصدره التحالف الدولي، الذي يضم 74 دولة، في ختام اجتماعه في واشنطن، مزاعم ترامب، مؤكدا أن هزيمة داعش في العراق وسوريا تشكل حجر الأساس في الحرب ضد التنظيم، لكنها لا تعني أن الحملة ضد التنظيم قد انتهت.
ونقلت قناة "الحرة" الامريكية عن التحالف القول في بيانه في 6 فبراير، إن ضمان الهزيمة الدائمة لداعش، سيبقى أولوية للجهود الجماعية للتحالف طالما بقي التهديد، ولتفادي انبعاث التنظيم من جديد في الأراضي التي سيطر عليها في السابق.
وتابع التحالف أن داعش يركز بشكل أكبر على دعم فروعه وشبكاته العالمية من أجل المضي قدمًا في عمله، وإلهام الإرهابيين المحليين، مشيرا إلى أنه يبقى موحدا وعازما على إزالة التهديد الذي يمثله داعش وتخطي خطابه المدمر والخاطئ.
تقرير أممي صادم 
ولم يقتصر الأمر على ما سبق، إذ كشف تقرير أممي أيضا، أن "داعش" لم يهزم في سوريا، ما يدحض تماما تبريرات "ترامب" حول أن قراره في 19 ديسمبر الماضي سحب قوات بلاده من سوريا، بسبب دحر التنظيم المتطرف، قائلا حينها:"إن السبب الوحيد لبقاء القوات الامريكية في سوريا وهو هزيمة داعش، قد تحقق".
وكان تقرير لفريق مراقبي عقوبات الأمم المتحدة صدر في 6 فبراير بالتزامن مع اجتماع التحالف الدولي في واشنطن، كشف أن تنظيم "داعش" لم يهزم في سوريا، ولا يزال التنظيم الإرهابي الأخطر هناك". 
وذكرت وكالة "فرانس برس"، أن فريق مراقبي العقوبات أشار في تقريره الذي قدمه إلى مجلس الأمن الدولي، إلى وجود ما بين 14 و18 ألف مقاتل من التنظيم في سوريا والعراق، بينهم نحو 3 آلاف مقاتل أجنبي.
وتابع التقرير "تنظيم داعش لم يهزم بعد في سوريا، لكنه يواجه ضغطا عسكريا شديدا فيما تبقى له من أراض في شرق البلاد، ويظهر تصميما على المقاومة وقدرة على شن هجمات مضادة"، محذرا من أن التنظيم بإمكانه أيضا أن يعيد التركيز على تنفيذ عمليات إرهابية في الخارج.
وبجانب التقرير الاممي، خرجت أيضا من داخل الولايات المتحدة تقارير استخبارية، وأيضا تقارير صحفية، تفند ادعاءات ترامب حول القضاء على داعش، إذ قال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية دان كوتس، إن داعش لا يزال لديه آلاف المقاتلين ما يجعله قادرا على تشكيل تهديد قوي في منطقة الشرق الأوسط وغيرها.
ونقلت "رويترز " عن كوتس، قوله في جلسة استماع بالكونجرس الامريكي في 29 يناير الماضي حول التهديدات الرئيسية التي تواجهها الولايات المتحدة، إنه "لا يزال لدى داعش آلاف المقاتلين في العراق وسوريا، كما أن له ثمانية فروع وأكثر من 12 شبكة وآلاف المناصرين المنتشرين حول العالم رغم خسائره الجسيمة في القيادات والأراضي". 
وأضاف كوتس أن التنظيم "سيستغل تقلص الضغوط ضد الإرهاب لتعزيز تواجده السري وتسريع إعادة بناء قدراته مثل الإنتاج الإعلامي والعمليات الخارجية"، وتابع "من المرجح جدا، أن يواصل داعش السعي لشن هجمات انطلاقا من العراق وسوريا ضد أعدائه في المنطقة والغرب بمن فيهم الولايات المتحدة".
إحصائيات مفزعة 
وبعد يومين من تصريحات كوتس، نشرت شبكة "بلومبيرج" الاخبارية الامريكية في مطلع فبراير، تقريرا، جاء فيه أن تنظيم "داعش" يستعد للظهور مجددا بعدما خسر الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، لكن في أشكال أخرى ستحافظ على التهديد الإرهابي في جميع أنحاء العالم.
وأضاف التقرير أنه رغم تلقي داعش هزيمة كبيرة في العراق، بينما تفصل أيام عن خسارة آخر جيب له في مدينة "هجين" في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور في شرق سوريا، فإن زعيمه أبوبكر البغدادي لا يزال على قيد الحياة، ما يجعل هيكل الجماعة الإرهابية لا يزال سليما.
وأشار التقرير إلى أن "الإرهابيين الذين استولوا في السابق على مناطق واسعة من سوريا والعراق وتراجعوا حاليا في جيب صغير، سيستغلون فرصة تراجع الضغوط ضدهم للعودة". وتابع "التنظيم تحول من السيطرة على الأراضي إلى تكتيكات أخرى مثل التفجيرات وهجمات القناصة والاغتيالات".
وحسب تقرير "بلومبيرج"، شن التنظيم 1271 هجوما و148 عملية اغتيال لقادة محليين في المناطق المحررة في شمال وغرب العراق في الأشهر العشرة الأولى من عام 2018، كما أعلن التنظيم المسئولية عن تفجير انتحاري في مدينة منبج في شمال سوريا في 16 يناير الماضي، أسفر عن مقتل 19 شخصا بينهم أربعة عسكريين أمريكيين، في هجوم يشير إلى أن التنظيم لا ينوي التخلي عن العراق وسوريا فيما يرى فرصة لاستعادة إمكانياته والأراضي التي فقدها إذا فشلت حكومتا البلدين في استعادة الاستقرار وإعادة البناء.
وأضاف التقرير أن التقديرات بشأن عدد منتسبي التنظيم أشارت إلى 30 ألف مقاتل في نهاية عام 2018. وبالنسبة للتمويل، أوضح التقرير أن داعش لديه مئات الملايين من الدولارات في خزينته بعدما فقد سيطرته على الأراضي وآبار النفط التي كانت بحوزته، لا سيما حقول دير الزور في شرق سوريا، لكن في الوقت ذاته، تحول إلى شبكة إرهابية تحت الأرض، تمكن من حماية الأموال المتدفقة إليه من الأنظار، وتسلل إلى أعمال تجارية مشروعة مثل البناء وتحويل الأموال ومصايد الأسماك، حيث استثمر "أمواله القذرة"، كما انه لا يزال قادرا على تهريب الأموال عبر الحدود.
وفيما يتعلق بقدرة داعش على شن هجمات إرهابية خارج سوريا والعراق، نسب التقرير لمؤسسة "راند" البحثية الأمريكية، قولها إن التنظيم لديه من الأموال يكفي لدعم الهجمات المتفرقة في الخارج لسنوات قادمة.
وأضاف التقرير أن التنظيم لا يزال قادرا أيضا على توجيه الضربات عبر "الذئاب المنفردة"، الذين يستلهمون أفكار التنظيم، دون أن يكون لهم علاقة تنظيمية مباشرة معه، وتابع"بعد أن كان للتنظيم أذرعا إعلامية واضحة ومؤثرة، تحول إلى استخدام تطبيقات ومواقع تتبع جماعات متطرفة أخرى لنشر الرسائل المشفرة لأعضاء التنظيم".
وبالنسبة لفروع التنظيم، أشار تقرير "بلومبيرج" إلى أن الجماعات الموالية لداعش تنشط في عدد من البقاع في العالم، ففي أفغانستان، شن فرع التنظيم هناك هجمات إرهابية كثيرة، وثقتها الأمم المتحدة بنحو 52 في المائة من مجمل الهجمات الإرهابية في هذا البلد، كما استفاد التنظيم من التمرد الحوثي في اليمن لتعزيز وجوده هناك، وفي الفلبين، أعلنت جماعات متطرفة في إقليم مينداناو في جنوب البلاد ولاءها لداعش واستولوا على مدينة مراوي في الاقليم في مايو 2017 ولمدة خمسة أشهر، كما تشكل "تنظيم داعش في الصحراء الكبرى الافريقية"، الذي قام بمهاجمة قوات الأمن في بوركينا فاسو والنيجر ومالي، وقد خرجت هذه الجماعة إلى العلن بعد نصب كمين في النيجر عام 2017، أودى بحياة أربعة جنود أمريكيين.
فيما تشن جماعة "بوكو حرام" المتشددة في نيجيريا المتحالفة مع داعش هجمات متواصلة ضد قوات الأمن والمدنيين، وفي ليبيا، توجد عناصر داعشية في الصحراء الجنوبية للبلاد بعد هزيمة عناصر التنظيم في عام 2016 في مدينة سرت في غرب البلاد، التي سيطرت عليها لمدة عام تقريبا، كما توجد جماعات موالية لداعش في منطقة القوقاز الروسية.
وبالإضافة إلى تقرير "بلومبيرج"، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية أيضا، في مطلع فبراير، أن عناصر تنظيم "داعش" لجأوا إلى شبكات التهريب عبر الحدود والتخفي في أزياء الرعاة الرحل في محاولة للنجاة، في ظل تضييق الخناق عليهم.
وأضافت الصحيفة أن تنظيم داعش كان يستخدم في السابق شبكات التهريب القبلية لنقل المسلحين والأسلحة بين العراق وسوريا، وعاد عناصر التنظيم إلى هذا النموذج من التهريب مؤخرا.
وتابعت "الحكومة العراقية أخذت بالحسبان محاولة الدواعش المتبقين في سوريا التسلل عبر الحدود التي يبلغ طولها 370 ميلا، وتقع في مناطق صحراوية غير مأهولة إلى حد كبير، حيث تنتشر الجماعات القبلية هناك".
وأشارت الصحيفة إلى أن العراق سارع إلى تعزيز إجراءاته الأمنية على حدوده مع سوريا، وسط مخاوف من احتمال استعادة التنظيم صفوفه، خصوصا في ضوء الانسحاب الأمريكي من سوريا.
وأوضحت الصحيفة أن العراق أرسل المزيد من القوات إلى الحدود مع سوريا، ونشر عددا من المدفعيات والطائرات الحربية، خشية تسلل مسلحي التنظيم إلى أراضيه، لا سيما بعد تضييق الخناق عليهم في شرق سوريا من القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 20 ديسمبر الماضي، إن تنظيم "داعش" لا يزال يمثل قوة إرهابية قاتلة على الرغم من مزاعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن التنظيم قد تمت هزيمته في إطار تبرير قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا.
وتحدثت الصحيفة عن عدد من الهجمات التي شنها مقاتلو "داعش" في سوريا والعراق بالآونة الأخيرة، وقالت إن "مثل هذه الهجمات تعزز وجهة النظر السائدة بشكل كبير بين مسئولي الاستخبارات والجيش الأمريكيين وأيضًا بين حلفاء أمريكا في المنطقة، وهو أنه على الرغم من تضاؤل الأراضي التي كانت تحت سيطرة داعش، فإن التنظيم لا يزال قويا ويمثل قوة قاتلة في أجزاء كبيرة من سوريا والعراق".
ونقلت "واشنطن بوست" عن القيادي الكردي العراقي مسرور بارزاني، قوله إن "الدواعش يعيدون تنظيم أنفسهم ويستعيدون نشاطهم"، وأضاف "من سوريا وحتى الأنبار والموصل في العراق، نشهد عودة مقاتلي داعش، فعقيدتهم موجودة ولا يزال لديهم أعداد كبيرة من التابعين".
وخلصت "واشنطن بوست" إلى القول، إنه "بالنسبة للعديد من خبراء الأمن، فإن تصور أن داعش قد تمت هزيمته في سوريا، حسبما أعلن ترامب، ليس فقط غير دقيق ولكنه مضلل بشكل خطير، فعلى الرغم من انتكاسات داعش الأخيرة، لا يزال التنظيم يحتفظ بوجود قوى في سوريا والعراق، ولديه كوادر قيادية ومقاتلين مدربين يُعتقد أن أعدادهم تقدر بالآلاف، من بينهم كثيرون يختبئون بعد سقوط ما يسمى بدولة الخلافة المزعومة".
وبصفة عامة، فإن تصريحات ترامب في 6 فبراير حول القضاء على تنظيم داعش في سوريا والعراق، لا تتسق مع حقيقة أنه يمكن هزيمة التنظيمات الإرهابية جغرافيا وطردها من مناطق سيطرتها، إلا أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال اختفاء هذه التنظيمات من المشهد، لأن أيديولوجيتها المتطرفة تبقى كما هي، ما يضمن لها، إعادة تنظيم صفوفها واستقطاب عناصر متشددة جديدة مع تغيير تكتيكاتها من الاستيلاء على أراض، إلى التركيز على أساليب حرب العصابات وزرع الخلايا النائمة.
ولعل ما يدحض مزاعم "ترامب" أيضا، أن أبوبكر البغدادي، زعيم داعش، لا يزال على قيد الحياة، بالإضافة إلى عدد من كبار مساعديه، وهو ما يشكل خطرا كبيرا، لأنه في حال تعرض الجسد لإصابات بالغة وبقى الرأس سليما، فإنه يرجح بقائه على قيد الحياة، ولذا، فإن الهزائم الموجعة التي تعرض لها داعش في العامين الاخيرين في سوريا والعراق، تبقى غير مكتملة، لأن رأس التنظيم لا يزال موجودا ويدير الأمور، حتى وإن كان بشكل أقل من السابق.
ويذهب البعض أيضا إلى القول إنه حتى في حال مقتل رأس التنظيم، تتراجع شوكة أتباعه، إلا أنهم يعودون لمزاولة نشاطهم الإرهابي مرة أخرى، وهذا ما حدث مع تنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمه الراحل أسامة بن لادن، إذ عاد التنظيم مؤخرا بشكل قوي، خاصة في مالي والصومال وكينيا.
كما أن التنظيمات الارهابية، بعد هزائمها على الأرض، تستغل عدة أمور لإعادة تنظيم صفوفها من أبرزها، تراجع الضغوط العسكرية عليها، والثغرات الأمنية، وعناصرها الذين فروا إلى الصحراء، أو نجحوا في التخفي بين المدنيين، بالإضافة إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتنفيذ عمليات اختطاف وابتزاز وتهريب المخدرات للحصول على عوائد مالية.
ويبقى الأمر الأخطر، أن العالم لم ينجح في معالجة مسببات الارهاب، وأبرزها الفقر والبطالة والجهل، وهو ما يساعد التنظيمات الارهابية على العودة من جديد، سواء باسمها القديم أو بمسميات جديدة، وتتحول أيضا مما تسميه "الولاية العسكرية" إلى "الأمنية"، أي التركيز على زرع الخلايا النائمة وتنفيذ تفجيرات واغتيالات، بدلا من القتال المباشر على الأرض.