الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أجواء تفاؤل في ليبيا بعد إسقاط المؤامرة الكبرى

المبعوث الأممي إلى
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حكومة الوفاق فى طرابلس تأكدت من فشل الرهان على الميليشيات المسلحة
مبادرة توحيد المؤسسة الأمنية فى ليبيا.. خطوة مهمة على طريق توحيد المؤسسات 

جاء إعلان الجيش الوطنى الليبى فى ٢٠ فبراير الجارى، عن بسط سيطرته الكاملة على مدينة مرزق جنوب غربى البلاد، بعد اشتباكات عنيفة مع التنظيمات الإرهابية، ليزيد من التفاؤل باحتمال استعادة الاستقرار فى البلاد، خاصة فى ظل الجهود المتواصلة، التى يبذلها مبعوث الأمم المتحدة، غسان سلامة، لإجراء انتخابات عامة فى ليبيا بحلول يونيو المقبل.
ولعل ما يدعم التفاؤل فى هذا الصدد، أن حكومة الوفاق فى طرابلس تأكدت أخيرا من فشل الرهان على الميليشيات المسلحة، بعد اندلاع اشتباكات متكررة بين تلك الميليشيات فى الضواحى الجنوبية للعاصمة الليبية، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات من المدنيين، بالإضافة إلى سقوط المؤامرة الثلاثية وانفضاح مخططات قطر وتركيا والإخوان من وراء دعم حكومة الوفاق، وأنهم يسعون فقط لإطالة أمد الأزمة، فى إطار محاولات الدوحة لعب دور إقليمى أكبر من حجمها، وسعى تركيا لبيع أسلحتها للميليشيات، والحصول على منافع اقتصادية، ورغبة الإخوان فى تأزيم المشهد السياسي، بعد فشلهم فى الانتخابات البرلمانية فى ٢٥ يونيو ٢٠١٤، ولفظ الشعب الليبى لهم.
ويبدو أن التجربة المريرة التى عاشها الشعب الليبى منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافى فى ٢٠١١، تضغط أيضا على أطراف الصراع فى البلاد للخروج من النفق المظلم، لأن لا أحد من الليبيين استفاد مما عايشته البلاد من فوضى أمنية عارمة وعدم استقرار وانقسام سياسى وتنافس حكومتين على السلطة، إحداهما فى شرق البلاد، والأخرى فى طرابلس، هذا فيما كان الرابح الأكبر، التنظيمات الإرهابية والقوى الخارجية، التى لها أطماع فى النفط الليبي، أو تسعى للاستفادة من تعميق الأزمة فى البلاد لتنفيذ أجندات خاصة.
وبالنسبة لصراع النفوذ بين فرنسا وإيطاليا فى ليبيا، والذى عرقل الحل السياسى فى البلاد؛ فإن الأطراف الليبية المتنافسة باتت على ثقة أن كلا الدولتين تتحركان فقط لخدمة مصالحها، التى بدأت منذ عهد الاستعمار فى ليبيا والقارة الأفريقية، وأن هناك منافسة بينهما على توسيع نفوذهما فى ليبيا، للحصول على النصيب الأكبر من الكعكة النفطية، وهذا ظهر بوضوح فى مؤتمر «باليرمو» فى إيطاليا فى ١١ نوفمبر ٢٠١٨، إذ أكد رئيس الوزراء الليبى الأسبق، محمود جبريل، حينها، أن هذا المؤتمر، الذى شاركت فيه حكومة الوفاق فى طرابلس، التى تشكلت بناء على الاتفاق السياسى الذى رعته الأمم المتحدة فى مدينة الصخيرات المغربية فى العام ٢٠١٥، تجاهل دعوة الأطراف الفاعلة على الأرض، وعلى رأسهم المشير خليفة حفتر، ما أثر سلبيا على مخرجات المؤتمر.
وأضاف جبريل فى تصريحات لقناة «سكاى نيوز عربية» فى ١١ نوفمبر الماضي، أن مؤتمر باليرمو فى مظهره العام، أعلن دعمه لمبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة وخارطة الأمم المتحدة لجمع أطراف الأزمة الليبية، لكن فى حقيقته كان استمرارا للمنافسة السياسية بين إيطاليا وفرنسا. وتابع جبريل أن «المؤتمر كان بمثابة رسالة إيطالية للرد على الرسالة الفرنسية من خلال مؤتمر باريس مفادها بأن ليبيا تعد منطقة نفوذ إيطالية، وليست منطقة نفوذ فرنسية»، مشيرا إلى أن مؤتمر باليرمو جاء بعد مرور نحو ٦ أشهر على مؤتمر مماثل استضافته العاصمة الفرنسية باريس.
واستطرد «رغم وجود أهداف مشتركة تجمع بين باريس وروما فى ليبيا، ومنها الهجرة غير الشرعية والطاقة ومكافحة الإرهاب، لكن هناك منافسة واتهامات متبادلة بين البلدين، بمحاولة الانفراد بالحل فى ليبيا».
ويبدو أن تزايد الاشتباكات والهجمات الإرهابية فى طرابلس، وآخرها الهجوم على مقر وزارة خارجية حكومة الوفاق فى ٢٥ ديسمبر الماضي، أحبط مخطط إيطاليا، التى تدعم حكومة الوفاق، لعرقلة الحل السياسى فى البلاد.
ففى أعقاب الهجوم على مقر وزارة الخارجية، سارعت وزارة داخلية حكومة الوفاق لطلب المساعدة الأمنية من الحكومة المؤقتة فى شرق البلاد، أو كما يطلق عليها «حكومة طبرق»، والتى انبثقت عن مجلس النواب المعترف به دوليا، وتتخذ من مدينة البيضاء شرقى ليبيا مقرا لها، ويترأسها عبدالله الثني. 
وقام وفد من وزارة الداخلية بحكومة الوفاق ترأسه مدير أمن طرابلس العميد سالم قريمدة، بزيارة مدينة بنغازى فى شرق ليبيا، وعقد اجتماعا مع مدير أمن المدينة، العقيد عادل عبدالعزيز، وقيادات أمنية بوزارة الداخلية فى الحكومة المؤقتة. 

وعقب ذلك، أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية فى الحكومة المؤقتة طارق الخراز عن مبادرة توحيد المؤسسة الأمنية، مضيفا أن مدير أمن طرابلس، العميد قريمدة، سيتولى رئاسة لجنة توحيد الجهود الأمنية لفرض الأمن على مستوى ليبيا.
وأعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق عن مباركتها لمبادرة توحيد المؤسسة الأمنية الليبية، مؤكدة أن هدف توحيد المؤسسة الأمنية جاء بالدرجة الأولى لمواجهة خطر تنظيم داعش والمجموعات الإرهابية فى البلاد، ولسد حالة الفراغ الأمنى التى أبقت الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الإرهاب.
وفى ٣ يناير، التقى فتحى باشاغا، وزير الداخلية فى حكومة الوفاق، مع عضوى مجلس النواب عن مدينة بنغازى نصر الدين مهني، وخليفة الدغاري، لبحث آليات التنسيق الأمنى بين وزارتى الداخلية بين حكومتى الوفاق والمؤقتة فى مدينة البيضاء «بما يحقق التكامل والدعم وتوحيد الإدارات الأمنية».

وبالنظر إلى أن هذه المرة الأولى التى يعلن فيها عن مبادرة توحيد المؤسسة الأمنية فى ليبيا، منذ اندلاع الفوضى فى البلاد قبل ٨ سنوات، فقد رأى فيها البعض خطوة مهمة على طريق توحيد المؤسسات فى البلاد، وهو ما قد يمثل بداية انفراج للأزمة الليبية. ويزيد من التفاؤل فى هذا الصدد، أن مصر تقود منذ فترة مبادرة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، المتمثلة فى الجيش الوطنى الليبى، الذى يقوده المشير خليفة حفتر فى شرق ليبيا والقوات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق، فى طرابلس فى غرب البلاد.
وحسب تقرير نشرته «بوابة أفريقيا الإخبارية» الليبية فى ٣ يناير الماضي، فإن العسكريين الليبيين نجحوا فى التوصل لاتفاق حول كافة الملفات الخاصة بملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وذلك بعد عقد سلسلة اجتماعات ولقاءات احتضنتها القاهرة خلال أكثر من عام، ولا يزال الليبيون بانتظار التوقيع النهائى على الاتفاق وحسم الجدل حول منصب القائد الأعلى للجيش الليبى، فيما يتوقع أن تسرع الجهود الأممية، وتلك التى تبذلها دول شقيقة مثل: مصر والإمارات والسعودية، لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين وحل الخلافات السياسية من مسألة توحيد المؤسسة العسكرية، لأن توحيد المؤسسة العسكرية فى ليبيا يرتبط بشكل كبير بتوحيد المؤسسة السياسية، وبالتالي، فإن جهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية لن يأتى إلا بتوحيد المؤسسة السياسية.
ولعل النجاحات التى حققها الجيش الوطنى الليبى فى تحرير مدينة درنة العام الماضى من المجموعات الإرهابية المحسوبة على تنظيم القاعدة، وقبل ذلك، نجاح القوات التابعة لحكومة الوفاق فى طرد تنظيم داعش الإرهابى من مدينة سرت فى غرب البلاد فى ٢٠١٥، تدعو أيضا للتفاؤل، بأنه يمكن القضاء على الإرهاب فى ليبيا سريعا، فى حال توحدت المؤسسة العسكرية فى البلاد.
ويبدو أن إعلان الجيش الوطنى الليبى فى ٢٠ فبراير الجاري، بسط سيطرته الكاملة على مدينة مرزق جنوب غربى البلاد، بعد اشتباكات عنيفة مع التنظيمات الإرهابية، يبشر باقتراب تطهير الجنوب الليبى أيضا من العناصر الإرهابية، التابعة لتنظيمى القاعدة وداعش، والتى تسعى لإعادة تجميع صفوفها بعد طردها من درنة وسرت، مستغلة الفراغ الأمنى فى الجنوب الليبى وصحرائه الشاسعة، والتى تنتشر فيها أيضا جماعات مسلحة متمردة من دول الجوار، خاصة تشاد، وعصابات تهريب البشر.
وكانت غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطنى الليبى أعلنت أن «القوات الليبية المسلحة، التى تشن منذ منتصف يناير الماضى عملية عسكرية فى جنوب غرب ليبيا، التى ينشط فيها المتطرفون والمهربون، بسطت سيطرتها على كامل مدينة مرزق، وصادرت عددا كبيرا من الذخائر والأسلحة، فيما أسفرت الاشتباكات عن سقوط عدد من القتلى فى صفوف الجماعات الإرهابية والعصابات التشادية المارقة».