الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

انتصار دولة القانون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عاش أصحاب المعاشات يومًا تاريخيًا عندما أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها بأحقيتهم بضم 80 ٪ من آخر خمس علاوات لهم قبل بلوغهم سن المعاش، تلك العلاوات التى امتنعت الحكومة عن ضمها لهم دون سند قانونى منذ عام 2006 مما أثر على قيمة المعاش العاجز أساسًا عن مواجهة تكاليف الحياة.
الفرحة التى عمت البلاد من شمالها إلى جنوبها جاءت انتصارًا للحق على المراوغة، جاءت لتقول كلمات واضحة لوزارة المالية ووزارة التضامن الاجتماعى وهي: إن من أفنوا أعمارهم فى العمل لهم من المجتمع والدولة كل تكريم واجب، وإن الجنيهات المقتطعة من معاشاتهم هى سبة فى جبين من اتخذ القرار بقطعها عنهم، رسائل كثيرة حول تلك القضية وذلك الحكم، ولعل الرسالة الأبرز هى أن طريق استعادة الحقوق مفتوح بوسائل متنوعة وعلى رأسها التقاضى بالحجة القوية والدأب والإصرار.
ولقد ساعد تلك القضية أكثر من عنصر ساهموا فى نجاحها، فإلى جانب قوة المستندات التى تقدم بها اتحاد المعاشات ممثلًا فى رئيسه المناضل البدرى فرغلى كان هناك إلى جواره المحامى الصلب سيد أبوزيد بوعيه وخبرته وإخلاصه، وخلف المستندات القوية ومن حملوها «البدرى وأبو زيد»، كان جيش منظم ومنضبط من أصحاب المعاشات يعمل على امتداد الخريطة المصرية فى كل المحافظات، لم يعتمدوا الصوت العالى فى نضالهم ولكنهم اختاروا الهدوء والإصرار وقوة الحجة لاسترداد حقوقهم، يوم الخميس الماضى قضت المحكمة لصالحهم حكمًا نهائيًا وباتًا، لا مجال فيه أمام الحكومة لأى تسويف، فصارت الكرة كما قال رئيس الاتحاد بعد صدور الحكم فى ملعب الحكومة.
وهنا نتوقف قليلًا لنرى الصورة على الجانب الحكومي، فقد انزعج المراقبون بشدة عندما صدر الحكم ذاته فى أول درجة قبل شهور لصالح اتحاد المعاشات وسعت الحكومة بقدها وقديدها للاستشكال ضده ولمواجهته وتعطيله وهو الموقف الذى جعل الانتصار النهائى يتأخر حتى الأسبوع الماضي، أولا أقول إن مواجهة الحكومة لأصحاب المعاشات هى مواجهة خاسرة قانونيًا وأخلاقيًا، وأن لها الآن فرصة من ذهب لتعتذر وتقدم المصالحة الكبرى مع قطاع ليس قليلا فى المجتمع المصرى، فأصحاب المعاشات فى كل البيوت تقريبًا، وللدولة لسان واحد ولأصحاب المعاشات ملايين الألسنة.
فليس من الصالح العام أن تتأخر الحكومة فى توفيق أوضاعها وتنفيذ حكم المحكمة بأسرع وقت ممكن، لم يتشدد العواجيز فى مواجهة الدولة الفتية، لقد خاطبوها بكل احترام وسلكوا طريقًا شرعيًا وكان حقهم الواضح سندهم الوحيد فى مواجهة جيش المستشارين بالوزارات المختلفة، فصاحب المعاش هو المواطن الذى زادت أعباؤه بعد سن الستين لإضافة بند ثابت لمصروفاته وهو بند العلاج والدواء، فبأى قلب للدولة تستطيع المماطلة.
هذه فرصة تاريخية للمصالحة ولن يقبل أصحاب المعاشات أى مبرر ولعله معلوم مسبقا أنها ستبدأ بحجة «محدودية الموارد»، لن يقبل أصحاب المعاشات وأنا أعرفهم جيدًا أى تسويف أو مراوغة فهم لم يطلبوا المستحيل ولكنهم طالبوا بحقهم الذى كفله لهم القانون.
حكم الإدارية العليا الذى كان حديث الشارع فى الأيام الماضية هو فاصلة وبداية موفقة لنقول، إننا فى دولة القانون، وإننا نتجه إلى ترسيخ فكرة دولة المؤسسات، وأن العزل والحبس والغرامة ينتظر كل من امتنع عن تنفيذ حكم قضائى نهائى بات، إن تنفيذ الحكم فى أسرع وقت لقادر على استعادة الثقة التى تهتز يومًا بعد آخر فى الحكومة وقادر على نزع بذور الغضب الذى هو حق للمظلومين.
كل التهنئة لاتحاد المعاشات فى كل محافظات مصر، التهنئة لرموز الاتحاد وكامل مجلس إدارته، والتحية والتقدير لحزب التجمع الذى فتح مقره المركزى منذ أكثر من عشر سنوات ليكون مقرًا لاتحاد المعاشات دون تدخل أو وصاية من الحزب عليه.