الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

ميخائيل نعيمة.. معارك التجديد الأدبي

ميخائيل نعيمة
ميخائيل نعيمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفي الأوساط الثقافية العربية، اليوم الجمعة بذكرى وفاة الشاعر والمفكر اللبناني ميخائيل نعيمة والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1988.
يعتبر نعيمة واحدا من الجيل الذي قاد النهضة الفكرية والثقافية، وأحدث اليقظة وقاد إلى التجديد، وأفردت له المكتبة العربية مكانة كبيرة لما كتبه وما كُتب عنه.
ففي معاركه من أجل التجديد، شن الشاعر اللبناني ميخائيل نعيمة هجوما على أمير الشعراء أحمد شوقي في حين انتصر للشاعر اللبناني جبران خليل جبران الذي لاقى هجوما عنيفا بسبب قصيدته "المواكب".
ففي كتابه "الغربال" يتعرض نعيمة من خلال عدة مقالات نقدية، لغربلة الكتّاب والشعراء والمفكرين من أبناء جيله، داعيا إلى أدب جديد، مستعينا بالطرق العقلية المتفتحة، وإعادة النظر بوظيفة الأدب وقدرته على سبر أغوار النفس البشرية.
ومن هذه القضايا التي عرضها نعيمة هي قضية اللغة والألفاظ المنتقاة من اللهجات العامية وتضفيرها بين ثنايا النص الأدبي الحديث، ولقد دافع نعيمة عن الشاعر جبران خليل جبران عندما قال في قصيدته "المواكب"
هل تخذتَ الغاب مثلي.. منزلًا دون القصورْ
فتتبعتَ السواقي.. وتسلقتَ الصخورْ
هل تحممتَ بعطرٍ.. وتنشقت بنورْ
وكان جبران قد تلقى هجوما شديدا من التقليدين المحافظين على جزالة اللغة ورصانتها لكونه قال في القصيدة "تحممت" ولم يقل " استحممت" وعلّق له البعض المشانق ورجموه في مقالاتهم، لكن نعيمة ينتصر لجبران الشاعر قائلا: إن اللغة رموز لا قيمة لها في ذاتها ولكن بما ترمز إليه وما تحمله من فكر وعاطفة، ومفردة جبران تحمل بنعومتها ألقًا يليق بالقصيدة بدلا من الثقيلة "استحممت" وكان هذا الانتصار معينا لكثير من الشعراء الذين ظلموا بحجة إفساد اللغة.
ومن أشهر القضايا التي برزت على الساحة الفكرية أنذاك هجوم المدارس الأدبية الجديدة على شعر أحمد شوقي ووصفه بالسطحية وابتذال المعاني، في الكتاب يختار نعيمة قصيدة شوقي التي يبكي فيها مجد الأندلس قائلا: 
أُنادي الرَسمَ لَو مَلَكَ الجَوابا وَأُجزيهِ بِدَمعِيَ لَو أَثابا
وهنا يتوقف نعيمة ساخرا من شوقي منتقدا له قائلا: "ولو بقيت شهرا بل عاما أقول للناس: يا ناس إني بكيت لما بكي معي أحد ولما رقّ لحالي مخلوق. غير أني لو أدخلتهم قلبي وقد خيم الحزن فيه، وفتحت أمامهم أبواب نفسي وقد علقت في شراك اليأس لتبللت مع عيني عيون، ولانقبضت مع قلبي قلوب.. وكم هم الشعراء بيننا الذين يستعيضون عن وصف عاطفة بذكر نتيجتها الخارجية. فإن حزنوا قالوا بكينا وإن فرحوا قالوا ضحكنا كأن لا سبيل لوصف الحزن إلا بالدموع أو لوصف الفرح إلا بالضحك!".
كانت قضية شوقي تعتبر أزمة كبيرة بعدما تربص محمود عباس العقاد بقصائد الرثاء التي قالها وأظهر ضعفها وساذجة أفكارها، بل وتفككها وعدم ترابطها، ولقد قام العقاد بتغيير أماكن أبيات القصيدة ليقدم بعضا ويؤخر بعضا ليقول ساخرا: لم يتغير شيء. ومطالعة كتاب الديوان تبرز ما قالوه في قضية شوقي عندما وضعوه في الميزان حتى قال العقاد: "أيه يا خفافيش الأدب.. أغثيتم نفوسنا أغثى الله نفوسكم الضئيلة، لا هوادة بعد اليوم، السوط في اليد وجلودكم لمثل هذا السوط خلقت، وسنفرغ لكم أيها الثقلان فأكثروا من مساوئكم."