الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بين الحياة والموت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إنه خيط رفيع يفصل بين الحياة والموت، وزمن يدخل معه الإنسان فى اللاوعى، ويرى نفسه فى عالم آخر، نعم هو ما زال يشعر بمن حوله.. يراهم.. يسمعهم، ولكن لا يستطيع أن يحدثهم أو ينظر إليهم، يرى نفسه يعبر آفاقًا، ويرى أشياء من الذكريات التى قد نسيها بالفعل، ويمر العمر أمامه لحظة بلحظة فى ثوان قليلة، يتذكر كل الآلام والصعاب التى مر بها، ويتذكر أيضًا لحظات السعادة، ويندم على الأخطاء التى فعلها، ويشعر بالخوف الشديد لفراق أحبابه، ويزداد خوفه على مصيرهم، ماذا سيكون من بعد موته، إنها مجرد ذكريات فى تلك الغيبوبة القصيرة جدا، يحاول أن يستغيث بمن حوله لإنقاذه بأى طريقة، ولكنه لا يستطيع الحركة أو الكلام، فقط نظرات دامعة من عينيه، يناجى ربه بقلبه فى تلك اللحظة، أن يعيده للحياة حتى يصحح ما فعله من أخطاء، أو من أجل أطفاله الصغار، أو لأى سبب يراه صعب ومؤثر على شخص ما بعد موته، لحظات قليلة ولكنها حياة كاملة تمر عبر شريط سريع أمام عينيه. 
إن الموت والحياة حقيقتان متلازمتان ومتعاقبتان، ولكل بداية نهاية، فإذا كانت البداية بالحياة فالموت هو النهاية.
ولا مفر من الموت لأنه الحقيقة الوحيدة فى هذه الدنيا، إن حياتنا مجرد أيام متعاقبة، تغير من ماهيتنا الفكرية والعقلية، وتلك الأيام هى التى لن تنسى أبدًا، فهى ذكريات حياتنا جميلة كانت أم قاسية، مهما اختلفت، إلا أنها لن تختلف فى كونها ذكريات، وهذه الذكريات هى كل شئ مهم أو حدث مؤثر بالنسبة للشخص عند اقترابه من الموت، ستشاهد كل تلك الأحداث، ستمر عليك فى لحظات معدودة، إذا فماذا تريد أن ترى فى تلك اللحظات الرهيبة؟
جزع أم شكر، طاعة أم معصية؟ إن هذا الفيلم الذى سيعرض عليك فى تلك اللحظة هو فيلم من تأليفك، أنت من ستضع السيناريو لتلك الأحداث، أنت من ستقرر أتكون النهاية سعيدة أم لا، بيدك أنت فقط، دون سابق إنذار ستفارق بعد أن امتلكت كل شيء، ستفارق من تحبهم، ودون أن تعلم بموعد رحيلك. 
أقسى كلمة عرفها التاريخ هى كلمة الموت، حيث لا رجعة، لا أمل، لا حب، ولا حياة، ولا وجود، بموتك ستذهب إلى حياة أخري، 
إما نعيم دائم أو جحيم دائم
فماذا أنت فاعل؟؟
ستموت حتمًا يومًا ما،
ماذا أعددت لهذا اليوم؟
ماذا تركت لأبنائك ولمجتمعك؟
وكيف سيتذكرونك؟
بالخير ام بالشر ؟،
رحلة الحياة وإن طالت فهى قصيرة جدًا، ولابد من النهاية فى يوم ما، فعندما تفارق الحياة وأنت تارك عملا عظيما ينفع البشرية، أو ربيت أبناء صالحين ينفعون الوطن والمجتمع بعلمهم، أو ساعدت يوما ما فى إنقاذ إنسان وأصبح فاعلًا فى المجتمع استفاد وأفاد من حوله،
ماذا أعددت للقاء الله؟
حب وخير وإنسانية وعمل صالح،
أم سرقة ورشوة واغتصاب، أو قتل وخراب وإرهاب؟
أنت من يحدد نهايته ولقاءه بربه، نعم أنت فقط ولا أحد غيرك، تذكر دائما لحظة الاقتراب من الموت، عند تعرضك لحادث أو لحظة حدوث إغماء، أو لحظة التخدير فى غرفة العمليات، أشكال كثيرة نكون فيها قريبين من الموت، فتذكر دائما تلك اللحظة قبل فوات الأوان، صحح أخطاءك، تراجع عن ظلمك عن أنانيتك، وتذكر دائما تلك اللحظة التى قد تكون هى النهاية، فلا عودة، ولا ندم، ولا توسلات ستجدي.