الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

د. سمية عسل تكتب: ارتدادات «وارسو» إيران تحتضر والخامنئي باع ميليشياته

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتهى مؤخرًا مؤتمر وارسو ضد الإرهاب والذي أقيم في بولندا برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وبحضور وفد كبير على مستوى نواب الرؤساء ووزراء الخارجية، وقد شاركت فيه أكثر من 80 دولة من جميع أنحاء العالم.
هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يجتمع فيها هذا العدد الكبير من المسئولين رفيعي المستوى من جميع الدول، لبحث قضية مهمة قد استشعروا خطورتها جميعهم، ألا وهي خطر الإرهاب الإيراني، وضرورة محو نظام الخامنئي ولو باستخدام القوة العسكرية، والتي تعتبره أمريكا (الراعي الأول للإرهاب في العالم)، وأنْ (لا سلام في الشرق الأوسط دون مواجهة إيران)، وبذلك يتضح للجميع أن الهدف الأول من عقد مؤتمر وارسو العالمي، هو تحجّيم وإنهاء الدوّر الإيراني التخريّبي المزّعزّع لأمن واستقرار الشرق الأوسط، الذي يأخذ أشكالًا متعددة في الإرهاب ويتمدد في عواصم استراتيجية عربية، تؤهلها للسيطرة على الشرق الاوسط جيو سياسيًا، وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
ولم تخلو أطماع إيران في الشرق الأوسط من تأسيس ميليشيات مسلحة مليونيه تأتّمر بأوامر الولي الفقيه مباشرة، وليس غريبا أن نعلم ان العراق وحدها فقط تحتوي على أكثر من مئة من الميليشيات مهمتها هي إقامة الإمبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد، وإقامة (دولة العدل الإلهية المزعومة)، وهو هدف إيران ومشروعها الاستراتيجي الديني الكوّني التوسّعي، الذي يسمّونه (الهلال الشيعي)، والذي أصبح (بدرًا شيعيًا كما يصرّح أتباعه).
أعلن وزراء الدفاع والأمن في خاتمة مؤتمر ميونيخ أن خطر الارهاب الإيراني أخذ يطرق أبواب الجميع، خاصة بعد الإعلان عن القضاء على تنظيم داعش في سوريا والعراق، وظهور فصائل حرّاس الدين وهم أشدُّ وأقسى من داعش،حيث تحمل هذه الفصائل بصمات أصابع إيرانية واضحة، من خلال طرق وأماكن تنفيذ عملياتها كذلك أدوات التنفيذ، وفي حقيقة الأمر فقد حرصت أمريكا عل وضع الخطة البديلة من خلال مؤتمر ميونيخ لمواجهة طهران عسكريًا، وخطوات وساعة التنفيذ، إذا ما فشل الحصار الاقتصادي والجوي والنفطي واللوجستي على ايران.
وقد بدأت الإدارة الامريكية فعليًا أولى خطواتها بهذا الاتجاه، بتحقيق انتشار واسع وسريع على الأراضي العراقية وكذلك التركيز على ملئ القواعد العسكرية بالجيش الأمريكي المنسحب من سوريا، وتشكيّل ما يسمى (جيش السنة) لمواجهة الميليشيات، وطردها من المدن المحرّرة، وعلى الطرف الآخر تحاول الأحزاب وقادة الميليشيات استمالة (مدن السنة) ورؤساء عشائرها بالترغّيب والترهّيب للانضمام إلى ميليشياتها أو الى الألوية التي تشكلّها حديثًا لقتال الأمريكان في العراق، وعرقلة تقدّمهم لإسقاط النظام الايراني، ولا يخفى على الجميع موقف مراجع النجف التي أخذت تنادي بفك الحشد الشعبي والميليشيات بصورة كاملة وحصر السلاح بيد الدولة فقط، وقد شاهدنا عمليات اغتيالات لقادة الميليشيات، واعتقالات للآخرين، وهناك صفحات لإنهاء وتصفيّة آخرين وهذا قرار أمريكي له الأولوية في العراق.
ولم تقف التحركات الأمريكية عند هذا الحد الذي يحجم من التواجد الايراني على الأراضي العراقية، بل ركزت على إضعاف الميليشيات وحصارها وهناك خياران لهم، أما مواجهة أمريكا عسكريًا، أو الاستسلام للأمريكان وتنفيذ ما يطلبون منهم من شروط قاسية جدا، تفقدهم سيطرتهم وقوّتهم على المدن والمحافظات والسلطة معًا، كون الإدارة الأمريكية تعلم جيدا أن الميليشيات الايرانية التي تنفذ أجندة ولي الفقيه، هي سبب فشل المشروع الأمريكي في العراق والمنطقة، وذلك ما يفرض عليهم الإسراع بإنهاء دور وسيطرة الميليشيات ومن يتبّعها.
السؤال الذي يطرح نفسه هل الميليشيات المدعومة من إيران قادرة على مواجهة القوات الامريكية في العراق، بعد أن تخلّى عنهم العمة الإيرانية الكاذبة في طهران؟، حيث صرّح الخامنئي مؤخرا ان ايران (غير مسئولة عن عمليات الميليشيات خارج ايران ولا تدعمها)، ونحن على يقين أن المليشيات لا تمتلك الجرأة لإطلاق رصاصة واحدة على جندي أمريكي واحد في عرض العراق وطوله، وهذه الجنود والقادة الامريكان يتجولون في شوارع وأسواق المدن، ولا يجرؤ احدٌ على اعتراضها، وما تصريحات وتهديدات قادة هذه الميليشيات، إلاّ استعراض للقوّة الوهمّية التي قد تهدف إل مجرد رفع الروح المعنوية للاتباع ليس أكثر.
ومؤتمر وارسو يعتبر أكبر تحالف دولي عسكري ضد ايران، فقد وحد العالم وأوروبا ضد دولة ترعى الإرهاب وهي إيران وتقوده أمريكا بكلّ ثقلها العسكري والسياسي، والإعلامي والتكنولوجي الفائق، ويعتبر المؤتمر إعلان حرب بمعنى الكلمة، والدليل حالة التخبط في التصريحات التي يهاجم بها الرئيس الايراني روحاني المؤتمر ويصفه بأنه فاشل كذلك وزير خارجيته ظريف الذي وصف المؤتمر بالضعيف والمسيّس، وبذلك فقد ايقن النظام الايراني انه الهدف الثاني بعد تنظيم داعش الارهابي، يأتي ذلك في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها ايران حاليا بسبب العقوبات الأمريكية على خلفية الصفقة النووية والتي أدت إلى تجمّيد الأرصدة والبنوك والتعاملات المصرفية عربيًا وعالميًا معها، وفي ظل الاستعدادات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية والعربية غير المسبوقة، آخرها فتح جميع المطارات، والقواعد ونصب الصواريخ، وإرسال ألوية و كوماندوس خاصة للعراق والمنطقة، والقبة الحديدية التي وصلت للقواعد العسكرية، ووصول حاملات الطائرات النووية والبوارج الحربية لموانئ الخليج العربي والبحر الابيض، وتوجيّه صواريخ توما هوك الذكية وغيرها، كلُّ هذا يجري على مرآي ومسمع من العالم، يقابل هذا كله توافقات أمريكية روسية وتوافقات أمريكية تركية، حول مستقبل سوريا والعراق والشرق الأوسط كله.
هذه التفاهمات فرضت العزلة السياسية والاقتصادية على طهران سياسيًا وعسكريًا، فقد طوقت ايران عسكريًا بالقواعد الأمريكية، التي تنتظر إشارة البدء بعمل عسكري، سريع وخاطف لإسقاط النظام، ولهذا رأينا التهديّدات الايرانية، ضد السعودية ودول الخليج العربي وباكستان، بحجّة دعمها للإرهاب، وتحميّلها افتراء مسئولية التفجيرات التي استهدفت الحرس الثوري الإيراني، وإني أؤكدها ان مؤتمر وارسو هيأ أمام المجتمع الدولي الوضع النهائي الذي ستؤول إليه إيران وان هذا المؤتمر، سيكون فاصلة بين عصرين، عصر قبل النظام الايراني، وعصر ما بعد النظام الإيراني، فعندما تتضارب المصالح يصبح خيار الحرب أقرب من السلام وهو ما يحصل الأن بين أمريكا وإيران في الشرق الأوسط، وهو ما يعكس الاستراتيجية الامريكية الثابتة عبر التاريخ فلا توجد صدقات دائمة بل توجد مصالح دائمة، وهو ما نراه الآن، مؤتمر وارسو سيضع الشرق الاوسط في عَين العاصفة، وسيغيّر خارطة المنطقة كلها، وأولّها تغيّر النظام الإيراني.
ورغم الخطة الأمريكية المحكمة لا يمكننا ان نجزم بان نظام الولي الفقيه الذي يستند إلى الإرهاب في كل استراتيجياته سيبقى صامتا مكتوف الأيدي اتجاه كل هذا المواجهة الأمريكية، فما اتوقعه هو ما عهدناه وعرفناه عن نظام الخامنئي منذ نجاح الثورة الإسلامية عام 1979 وهو تبني أعمال العنف والإرهاب والقمع لتحقيق أهداف نظام الولي الفقيه، وما أراه ان الخامنئي يتجه إلى تكرار عدة محاولات تحقق له البقاء على قيد الحياة على الأقل، ولا أستبعد انه سيلجأ إلى التحريض على الفوضى في بعض الدول الحدودية والتي لا يمتلك بداخلها ميليشيات وأتباع طائفيين أو سياسيين مثل دولة الإمارات أو خلق أعمال شغب وعمليات ارهابية في دول غير حدودية له فيها اتباع سياسيين و طائفيين تم ضمهم خلال السنوات الماضية تحت إشراف من النظام الإيراني الرامي إلى دعم وتمكين المد الشيعي الإيراني داخل الدول العربية باستهداف الشباب العربي وضمان ولائهم لنظام الولي الفقيه بالطرق التي أشرت إليها في تحقيقاتي السابقة.
ولا استبعد أن ما حدث خلال الساعات الماضية من تفجير بالقرب من مسجد الجامع الأزهر ومنطقة الدرب الأحمر الذي راح ضحيته الأبرياء من ضباط الشرطة ومعاونيهم ونجم عنه العديد من الإصابات وانهيارات في المنازل والمحلات التجارية هو بمثابة ارتدادات لتضييق الخناق على ايران بموجب الاتفاقات الدولية بمؤتمر وارسو، كذلك لا يمكننا ان نجزم ان الايام القادمة اكثر سلاما مما مضى حيث أذكر جيدا الحوار الذي دار بيني وبين أحد كبار الشيعة الموالين لإيران في مصر وهو وجه إعلامي بارز، ذكر لي في حديثي معه بوجود مخطط شيعي إيراني يستهدف الإطاحة بالأزهر الشريف الأيام القادمة!