الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"الأسطى الصغير.. والله زمان يا بلية".. "يوسف" أصغر صنايعي تصليح "ماكينات خياطة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دكانة صغيرة مظلمة لا تتخطى الـ٤ أمتار، جدران أهلكها الزمن وبدا عليها التعب من الصمود أمام ما يدور داخلها، طفل لم يتعد عمره السابعة عشرة، تسير أنامله ببطء على «ماكينة» بدأت تندثر من العمل، تتلطخ أصابعه بالسواد الناتج من عمل يوم بأكمله، يحمل وجه الأسمر حكاية تختلف عن رفاقه الذين يحملون نفس العمر.
يحمل واحدة على كاهله يخطو ببطء بسبب جسده الهزيل ويفتتح حديثه: «ربنا بيحب الأيد الشقيانة، وبيوسع رزقها بردو».
يعود مرة أخرى للتدقيق أمامه مكينة للخياطة من إنتاج الاتحاد السوفيتى سابقًا، يحفظ تاريخها عن ظهر قلب: «مكن الخياطة دا زى الناس فى منه الأصيل ولو عنده ١٠٠ سنة مش بيتعبك فى الشغل وبيبقى سهل فى التصليح، وفى منه الصينى ولو كان عنده سنتين بيطلع عينك ومبنحبش نشتغل فيه، ديما بسمع الكلام دا من أبويا، المكنة دى ليها سنين تعدى مثلا الـ٥٠ سنة، جاية من بلاد بنا وبنها بحار وجبال بس أصيلة ومكملة بردو مع صاحبها».
يوسف مصطفى ١٦ عامًا، ٦ سنوات من الخبرة فى الحياة والعمل فى تصنيع ماكينات الخياطة التى بدأت فى الانقراض، ورغم صغر سنه وقلة هذا النوع من الماكينات فإنه ما زال يتعلق بحبها: «أنا اتربيت على تصليح ماكنة الخياطة، ويمكن أنا الوحيد اللى أبويا بيثق فيا ويسبلى الدكانة، بقالى ٦ سنين اتعلمت فيها حاجات كتير، مش بس التصليح لأ الخبرة فى المعاملة فى الحياة، والأكتر كمان الحكمة اللى بسمعها من أبويا فى المحل أو الزباين وهى تيجى، لأن معظمهم بيبقوا كبار فى السن عشان مفيش شباب عنده مكن الخياطة القديم».
المهنة أكسبته الصبر وفن التعامل: «اتعلمت الصبر منها وإنى مسبش حاجة إلا لما تبقى أحسن من الأول، الحاجة الصعبة اللى بتقبلنى إن الزبون فاكر إن مثلًا قطع غيار مكنته موجودة عندى من سنين، وكنت بجبها ببلاش، فيفضل يفاصل فى السعر، مع إن اللى بيصلحوا النوعية دى قليلين جدا، فطبعًا لازم تبقى عارف إزاى تتعامل مع كل واحد، لأن فى زباين بيجولنا من الصعيد ودول بيبقوا مستعجلين ومش عايزين يستنوا، وفيه ستات بتستخدمها فى البيت فمحتاجاها دلوقتى ومينفعش تستنى لبكرة».
يختتم حديثه: «بحب الشغلانة، بس مش هى مستقبلى، لأنها مش زى زمان، بحلم إن أدخل الكلية الحربية، والناس ترجع للخياطة تانى زى زمان».