الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"صوم يونان".. الكنائس الشرقية تصوم ثلاثة أيام تذكارًا للنبي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
داعش تمحى آخر آثار مدينة نينوى العظيمة فى تل «التوبة» العراقية
البابا شنودة: «يونان» قصة صراع بين الذات الإنسانية والله
الأنبا غريغوريوس يشرح وجه الشبه بين الرمز والمرموز إليه فى قصة يونان 
«الباعوثا» يجمع الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية.. وصوم التوبة يسبق صيام القيامة بـ15 يومًا


بدأت الكنائس القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية صوم يونان أو صوم باعوثا، بحسب الكنائس الشرقية، ويستمر 3 أيام (الإثنين والثلاثاء والأربعاء)، ويصوم المسيحيون الأيام الثلاثة تشبهًا بيونان النبي. ويعتبر صوم يونان لدى الأرثوذكس من أصوام الدرجة الأولي، والتى لا يجوز فيها أكل السمك، وهو صوم يسبق صوم القيامة بـ15 يومًا، وتقام القداسات الإلهية بالكنائس على مدار أيام الصوم الثلاثة. 
قرون عديدة تنفصل بين ذهاب يونان النبى إلى مدينة نينوى لدعوتهم للتوبة، ودخول تنظيم القاعدة «داعش» إلى المدينة التاريخية ونشر الدمار والفساد بين شوارعها ومساجدها وكنائسها، وقتل أهالى المدينة وسبى نسائهم.

شاهد على أطلال نينوى
تعد مدينة «نينوى» العراقية من أشهر وأعظم المدن فى العصور القديمة، لذلك وصفها الكتاب المقدس «المدينة العظيمة»، ونينوى التى تعد آخر عواصم الإمبراطورية الأشورية، تقع فى الجانب الشرقى من مدينة الموصل الحالية، وتقبع آثارها تحت ركام الأتربة التى تجمعت عليها لتخفى معظمها عن الأنظار، خلال أكثر من أربعة وعشرين قرنًا من الزمان. 
وفى أعرق شوارع الموصل التاريخية التى شهدت توبة شعب بأكمله، يقع مسجد وضريح «يونس النبي»، أو «يونان»، وبداخله بقايا العاصمة الأشورية نينوى، التى كانت تقوم على تل التوبة.
«تل التوبة» يحوى بقايا وأطلال نينوى، وقد أورد هذا المكان سفر يونان الذى يرجح تاريخ كتابته نحو ٧٨٥-٧٦٠ ق. م تقريبا، وقد حوى السفر سردا للحادثة الخاصة بالنبى يونان الذى كان سابقا للنبى عاموس، وفى أثناء حكم يربعام الثانى أقوى ملوك إسرائيل (٧٩٣-٧٥٣ ق. م) كانت أشور ألد أعداء إسرائيل وهزمتها فى عام ٧٢٢ ق. م.
ورغم توبة نينوى لم تدم كثيرا، فقد دمرت المدينة فى عام ٦١٢ ق. م، يرى أن (تل التوبة) مر بأدوار تاريخية، كان فى السابق معبدا أشوريا وحتى الآن تحتوى أنفاق تحت التل على نقوش ورموز أشورية، ليصبح بعدها ديرا تسميه المراجع العربية باسم دير يونان بن امتاى أو دير يونس.
وفى الضريح، بحسب المصادر التاريخية، يوجد رفات رئيس الأساقفة حنا نيشوع الأول، الذى أنشا الدير فى القرن الرابع الميلادى على إثر انتشار المسيحية بمدينة نينوى المندثرة منذ القرون المسيحية الأولى، فيما تؤكد مصادر أخرى أن الضريح يعود إلى يونس بن أمتاي، أحد الرهبان، وليس النبى يونان المذكور فى العهد القديم.
وذكر الرحالة ابن بطوطة (٧٠٣ - ٧٧٩هـ) هذه التلة باسم تلة النبى يونس، عندما قدم إلى الموصل، حيث أورد ذلك فى كتابه تحفة النظار (وفى التل بناء عظيم ورباط فيه بيوت كثيرة ومقاصر ومطاهر وسقايات يضم الجميع بابا واحدا، وفى وسط الرباط بيت عليه ستر حرير وله باب مرصع يقال إنه الموضع الذى به موقف يونس عليه السلام ومحراب المسجد الذى بهذا الرباط يقال إنه كان بيت متعبده عليه السلام. وأهل الموصل يخرجون فى كل ليلة جمعة إلى هذا الرباط يتعبدون فيه)، ولا يعرف تحديدا تاريخ بنائه، ولكن ذكره أبى زكريا الأزدى المتوفى من سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
وبانتشار الإسلام فى المدينة تحول الدير إلى جامع فى القرن العاشر، وكان آخر ذكر للدير ورد سنة ٩٢٣ م والجامع الذى دمره تنظيم الدولة الإسلامية لا يرى اتجاهه نحو مكة شأنه شأن الجوامع الإسلامية، لكن اتجاهه نحو الشرق تماما مثل كل كنيسة قديمة.
وكان ٢٤ يوليو ٢٠١٤ تاريخا فارقا فى «تل التوبة» بعد تفجير داعش للمسجد الذى كان يحظى بمنزلة خاصة عند أهالى الموصل، ضمن الحملة التى شنها لهدم كل المساجد التى تتضمن أضرحة.
قصة صراع
يقول البابا الراحل شنودة الثالث، إن قصة يونان النبى هى قصة صراع بين الذات الإنسانية والله. ويونان النبى كان إنسانا تحت الآلام مثلنا، وكانت ذاته تتعبه.
ونتأمل هنا صراع ذاته مع الله، الذى يريد أن يسير فى طريق الله، ينبغى أن ينكر ذاته، يجحدها وينساها، ولا يضع أمامه سوى الله وحده.
ومشكلة يونان النبى أن ذاته كانت بارزة ومهمة فى طريق كرازته، وكانت تقف حائلا بينه وبين وصية الله، ولعله كثيرا ما كان يفكر فى نفسه هكذا: «ما موقفى كنبي، وكرامتي، وكلمتي، وفكرة الناس عني؟ وماذا أفعل إذا اصطدمت كرامتى بطريقة الله فى العمل؟» ولم يستطع يونان أن ينتصر على ذاته، كلفه الله بالذهاب إلى نينوى، والمناداة بهلاكها، وكانت نينوى عاصمة كبيرة فيها أكثر من 120000 نسمة، ولكنها كانت أممية وجاهلة، ولكن يونان أخذ يفكر فى الموضوع: سأنادى على المدينة بالهلاك، ثم تتوب، ويتراءف الله عليها فلا تهلك. ثم تسقط كلمتي، ويكون الله قد ضيع كرامتى على مذبح رحمته ومغفرته. فالأفضل أن أبعد عن طريقه المضيع للكرامة. 
وهكذا وجد سفينة ذاهبة إلى (ترشيش)، فنزل فيها وهرب. لم يكن يونان من النوع الذى يطيع تلقائيا. إنما كان يناقش أوامر الله الصادرة إليه، ويرى هل توافق شخصيته وذاته أم لا. 
لكن مهما هربت من الوصية ستجدها تطاردك حيثما كنت ترن فى أذنيك وتدور فى عقلك، وتزعج ضميرك، إن كلمة الرب قوية وفعالة، ومثل سيف ذى حدين، وتستطيع أن تخترق القلب والعقل وتدوى فى أرجاء الإنسان. 
هرب يونان إلى (ترشيش) ونسى أن الله موجود فى ترشيش أيضا. وركب السفينة وهو يعلم أن الله هو إله البحر كما أنه إله البر أيضًا. ولم يشأ الله أن يصل يونان إلى ترشيش وإنما أمسكه فى البحر وهيج الأمواج عليه وعلى السفينة كلها. والعجيب أن يونان كان قد نام فى جوف السفينة نوما عميقًا، وتمركز حول ذاته وشعر أنه حافظ على كرامته فنام نوما ثقيلًا. وتصرف ركاب السفينة بحكمة وحرص شديدين، وبذلوا كل جهدهم الفنى وصلوا كل واحد إلى إلهه وألقوا قرعا ليعرفوا بسبب من كانت تلك البلية فأصابت القرعة يونان.
الوحيد الذى لم يذكر الكتاب أنه صلى كباقى البحارة. كان يونان وحتى بعد أن نبهه أو وبخه رئيس النوتية لم يلجأ إلى الصلاة. كأن عناده أكبر من الخطر المحيط به.
أما مشيئة الله فكانت لا بد أن تنفذ، هل تظن يا يونان أنك ستعاند الله وتنجح هيهات لا بد أن تذهب مهما هربت، ومهما غضبت. إن الله سينفذ مشيئته سواء أطعت أم عصيت، ذهبت أم هربت. ألقى يونان فى البحر، وأعد الرب حوتا عظيما فابتلع يونان. «يا يونان صعب عليك أن ترفس مناخس». إن شئت فبقدميك تصل إلى نينوى، وإن لم تنشأ فستصل بالبحر والموج والحوت. بالأمر، إن لم يكن بالقلب.
وفى جوف الحوت وجد يونان خلوة روحية هادئة ففكر فى حاله. إنه فى وضع لا هو حياة ولا هو موت. وعليه أن يتفاهم مع الله، فبدأ يصلى إنه لا يريد أن يعترف بخطيئته ويعتذر عنها وفى نفس الوقت لا يريد أن يبقى فى هذا الوضع. فاتخذ موقف العتاب وقال: «دعوت من ضيقى الرب فاستجابني... لأنك طرحتنى فى العمق... طردت من أمام عينيك».
فى كل هذا لم تكن مشيئة يونان موافقة لمشيئة الله، ولم يكتف يونان بهذا بل عاتب الله وبرر ذاته وظن أن الحق فى جانبه. فصلى إلى الله وقال: آه يا رب أليس هذا كلامى إذا كنت بعد فى أرضي. لذلك بادرت بالهرب إلى ترشيش لأنى علمت أنك إله رؤوف ورحيم. 
وفى تلك الحالة القلبية الخاطئة تكلم يونان كما لو كان مجنيًا عليه وقال: آه يا رب؟ وكيف ظن الحق فى جانبه قائلًا: أليس هذا كلامى وكيف برر هروبه قائلا: لذلك بادرت بالهرب.. لم يقل ذلك فى شعور بالندم أو الانسحاق بل فى شعور من له حق، وقد رضى بالتعب صابرًا! عجيب هو الإنسان حينما يجامل نفسه على حساب الحق، ويرفض الاعتراف بالخطأ مهما كانت أخطاؤه واضحة. على أن الله استخدم فى علاجه أربعة أمثلة من مخلوقاته غير العاقلة التى كلفت بمهام صعبة وأدتها على أكمل وجه دون نقاش: «الأمواج» التى لطمت السفينة حتى كادت تغرق، «الحوت» الذى بلع يونان، «الشمس» التى ضربت رأسه فذبل، «الدودة» التى أكلت اليقطينة.
وجلس يونان شرقى المدينة ليرى ماذا يحدث فيها. كما لو كان ينتظر أن يعود الله فيهلك الشعب كله إرضاء لكرامة يونان، وأعطاه الله درسا من كل تلك الكائنات غير العاقلة التى كانت أكثر تنفيذًا لمشيئته من هذا النبى العظيم الذى لم يتركه الرب بل هداه إلى طريقه. 

وجه الشبه بين الرمز والمرموز إليه 
وحول وجه الشبه بين الرمز والمرموز إليه فى «صوم يونان»، يقول الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى بالكنيسة الأرثوذكسية، فى هذا الجزء قائلًا: إن يسوع (لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، هكذا يكون ابن الإنسان لهذا الجيل) وقال: (لأنه كما مكث يونان ثلاثة أيام وثلاث ليال فى جوف الحوت، كذلك يمكث ابن الإنسان ثلاثة أيام وثلاث ليال فى جوف الأرض). 
كان يونان النبى آية لأهل نينوى، لأنه بمناداته وإنذاره لهم بالغضب الإلهى على خطاياهم، صدقوه وأطاعوه، وتابوا عن خطاياهم وتابوا إلى الله، صائمين ضارعين بصلوات وابتهالات، وبكاء ودموع، فأشفق الله عليهم، ورفع غضبه عنهم، وأوقف قضاءه بهلاكهم، فنالوا الخلاص والنجاة، وعبروا من الموت إلى الحياة.
قال الكتاب المقدس: فقام يونان وانطلق إلى نينوى بحسب قول الله فابتدأ يونان يدخل المدينة، ونادى وقال بعد 40 يومًا تنقلب نينوى. فآمن أهل نينوى بالله، ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم إلى صغيرهم. وبلغ الكلام ملك نينوي، فقام عن عرشه، وألقى عنه حلته، والتف بمسح وجلس على الرماد. ونودى وقيل فى نينوى عن أمر الملك وعظمائه قائلًا: لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا غنم شيء، ولا ترع ولا تشرب ماء. وليلتف الناس والبهائم بمسوح، وليصرخوا إلى الله بشدة، ويتوبوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذى بأيديهم، لعل الله يعود ويندم ويرجع عن اضطرام غضبه فلا نهلك. فلما رأى الله أعمالهم، أنهم تابوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذى قال إنه يصنعه بهم، ولم يصنعه. 
كان يونان النبى آية لأهل نينوي، لأنه بمناداته صار الهدي، وتمت المعجزة، معجزة العبور من حال إلى حال. فقد تبدل الضلال إلى رشد، والعقوق إلى تقوى الله، والعصيان إلى طاعة الله وخضوع، والجحود والكفران إلى إيمان وغفران.. فكان يونان لأهل نينوى آية وخلاصا. جاء نذيرا فصار بشيرًا. أو قل كان يونان كما يدل اسمه (حمامة) سلام وخير. فإن الاسم (يونان) هو الصيغة السريانية والعربية للاسم العبرى (يوناه lonah) ومعناه (حمامة) ويكتبه الإغريق يوناس «lonas». 
فى عمل الهداية كان يونان النبى رمزًا إلى يسوع المسيح (الكلمة) الذى نزل من السماء فى صورة (ابن الإنسان) (صائرًا فى شبه الناس). جاء ينادى ببشارة ملكوت الله قائلا: (قد تم الزمان، واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل). وجعل (يسوع يبشر قائلا: (توبوا فقد اقترب ملكوت السموات). 
وكما تصالح أهل نينوى مع الله بتوبتهم، فرحمهم الله، ورفع غضبه عنهم، هكذا على صعيد البشرية كله، صالحنا المسيح له المجد مع العدل الإلهى بعمل الفداء الذى كفر به عن خطيئة آدم وكل بنى آدم الذين أخطأوا فى آدم، (لأنه هو سلامنا الذى جعل الاثنين واحد، ونقض حائط السياج المتوسط أى العداوة، صانعا سلامًا، مع الله بالصليب، قائلًا العداوة به. فجاء وبشركم بالسلام أنتم البعيدين والقريبين). 
على أن المشابهة بين يونان والمسيح، امتدت إلى ما هو أبعد من المناداة، امتدت إلى المشابهة به فى قبره، وخروجه من القبر حيًا. كان يونان فى السفينة هاربًا من وجه الله، فلما حدث نوء عظيم فى البحر وعرف البحارة من «يونان» أنه بسببه حدث هذا النوء العظيم، أخذوا يونان وطرحوه فى البحر، فوقف البحر عن هيجانه، وأما الله فأعد حوتا عظيما ليبتلع يونان، فكان يونان فى جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، ثم أمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر. 
هكذا، بالقياس مع الفارق، صنع اليهود والرومان بالمسيح، حكموا عليه بالموت وصلبوه، فمات بالجسد وهو بلاهوته الحى الذى لا يموت، ودفنوه فى القبر، فظل جسده فى القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال، ثم قام فى اليوم الثالث من القبر، والقبر مغلق، وخرج حيا لأنه لم يكن ممكنا للقبر أن يضبطه أو للموت أن يمسكه. 
إذن كما حمل الحوت يونان، وكان يونان حيًا فى الحوت على الرغم من أنه فى حكم الميت، فكان الحوت ليونان بمثابة القبر للمسيح الرب، وكما خرج يونان النبى حيًا بعد أن ابتلعه الحوت ثلاث أيام وثلاث ليال، خرج المسيح الرب من القبر حيا من بعد أن ذاق الموت بالجسد.
والفارق مع ذلك عظيم بين يونان وبين المسيح. كان يونان هاربًا من وجه للرب، فأعد الرب له حوتًا عظيمًا ليبتلعه، فدخل الحوت مقهورا، بينما المسيح بذل ذاته للموت بإرادته، فداء عن البشرية.
صوم الباعوثة
الأب نور القس موسى - العراق
باعوثة نينوى كلمة سريانية معناها هو الطلبة أى طلبات نينوى.. هذا الصوم هو أحد الأصوام المهمة فى كنيستنا الشرقية (السريان – الكلدان – الكنيسة الشرقية الأشورية والكنيسة الشرقية القديمة)، حيث إن فى الكنيسة الشرقية العديد من الأصوام، لكن لصوم الباعوثة مكانة مميزة لدى كنيستنا كما للصوم الأربعيني، يبدأ صوم الباعوثة يوم الاثنين الثالث الذى يسبق الصوم الكبير، أى قبل ثلاثة أسابيع من بدء الصوم الكبير، ويستمر ثلاثة أيام، حيث تغص الكنائس بالمؤمنين الذين يتقاطرون إليها من كل صوب لإقامة الفرائض الدينية والرتب المختصة بهذه الأيام تكفيرًا عما اقترفوه من الذنوب. وتستغرق تلك الصلوات معظم النهار وقسمًا معتبرًا من الليل. وفى يومنا هذا تدوم الصلاة من الصباح حتى الظهر وتنتهى بإقامة الذبيحة الإلهية. 
ومن الأسباب الداعية إلى هذا الصوم، هى إحياء ذكرى توبة أجدادنا فى نينوى على يد النبى يونان. ولهذا وضع آباؤنا اسم نينوى على هذه الباعوثة، لأنها نشأت لأول مرة فى تلك البقاع، وهذه بالتأكيد ليست السبب الرئيسى لهذا الصوم، لكن الكتاب والمؤرخين يرون أن هناك سببا آخر، وهو بالتأكيد الصحيح أنه فى سالف الزمان حدث فى مدينة كرخ سلوخ (كركوك حاليا) موت جارف حصد الكثير من الناس، وكان أُسقف تلك البلاد هو مار سبريشوع. فجمع رعيته ودعاهم لإقامة الباعوثة فلبوا دعوته، فصام الجميع حتى الأطفال والأغنام ولبسوا جميعًا المسوح، فدفع الله عنهم ذلك الغضب. 
ولما علم الجاثليق حزقيال (570-581) بالأمر كتب إلى جميع المراكز التابعة لجاثليقية المشرق ليصوموا ويصلوا ثلاثة أيام، وحدد أن يبدأ هذا الصوم يوم الإثنين قبل بدء الصوم الكبير بعشرين يومًا، وأطلق عليها باعوثة نينوى تشبهًا بأهلها الذين آمنوا وتابوا فقبل الرب توبتهم وأبعد غضبه عنهم.
باختصار الباعوثة كانت موجودة قبل هذه الحادثة، لكنها لم تكن فرضًا. إلا أن المسيحيين كانوا يمارسونها كلما اشتدت عليهم أزمة أو فاجأتهم كارثة من الكوارث، وهذا ما تؤكده ميامر مار افرام الملفان. وحتى يومنا هذا لا يزال هذا الصوم يستمر ثلاثة أيام، يتم فيه التأكيد على الانقطاع عن الزفرين والصيام حتى الظهر فى أيام الباعوثة الثلاثة.