الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ ثم قرر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأيام القليلة الماضية حملت إلينا أكثر من فاجعة، سيبك من حكايات العناتيل فى أفلام الفيديو، لكن ما حدث فى معرض الكتاب عندما قامت فلول من الجماعة إياها بفرض سطوتها على المعرض وإلغاء عرض مسرحى بحجة الصلاة خير من النوم رغم أننا كنا فى عز الصحيان.
ومن المعرض عرفنا أن أعلى بيع تم للكتب كان من نصيب الدكتور مصطفى محمود الذى شغلنا سنوات بأفلام عملها ملحدون عن نشأة الكون أو الإنسان، يذيع الأفلام بصوته متجاهلًا ما يقوله العلماء، فقط يختم الفيلم بصوته: يا سبحان الله، دون اى علاقة بين الفيلم أو ما يريد هذا المصطفى.
فى تعليق شديد الدلالة يقول الباحث محمود حسنى رضوان إن المصريين يكرهون القراءة كراهية شديدة! والمصريون يقبلون - عن طيب خاطر - أن ينفقوا أموالهم فى أى مجال (سجائر، فياجرا، مخدرات.. إلخ)، ماعدا شراء الكتب! وعند مقارنة معدلات القراءة عند المصريين (وأيضًا عند العرب) بمثيلاتها عند سائر دول العالم، فالأرقام تعتبر كارثة وفضيحة كبرى!
وهو على حق فقد جاء فى تقرير التنمية الثقافية، الصادر عن مؤسسة الفكر العربى، أن معدل القراءة عند الأوروبى هو ٢٠٠ ساعة سنويًا، وعند اليابانى ٢٢٠ ساعة سنويًا.. وأما بالنسبة للعربى فإنه لا يقرأ فى السنة كلها سوى ٦ دقائق فقط لاغير! ويقول التقرير المذكور، أن ما يقرأه الفرد الأوروبى الواحد = مجموع ما يقرأه ٢٨٠٠ عربى! وأن مايقرأه الفرد الإسرائيلى = مجموع ما يقرأه ٣٢٠٠ عربى! ويضيف التقرير أن هذا معناه أن ثقافة الرجل الأوروبى تعادل ثقافة ٢٨٠٠ عربى! وأن ثقافة الرجل الإسرائيلى تعادل ثقافة ٣٢٠٠ عربى.. ثم يذكر التقرير أيضًا، أن عدد الكتب التى تصدرها أمريكا سنويًا هى ٣٠٠ ألف كتاب.. ولكن فى المقابل فإن ما يصدره العالم العربى بأكمله لا يزيد على ٥ آلاف كتاب سنويًا، أغلبها كتب مدرسية! ولا يقف الأمر عند هذا الحد، ففى أمريكا يتم طبع - فى المتوسط - ٥٠ ألف نسخة من الكتاب الواحد، بينما فى العالم العربى يتم طبع ما بين ألف وألفين نسخة فقط!
وإذا انتقلنا إلى مجال الكتب المترجمة، فتقول اليونسكو إن دولة صغيرة مثل اليونان، تترجم سنويًا عددًا من الكتب يساوى خمسة أضعاف مايترجمه العالم العربى بأكمله! وتقول اليونسكو أيضًا، إن عدد الكتب التى ترجمها العرب منذ عصر الخليفة العباسى المأمون وحتى اليوم، (حوالى١٠ آلاف كتاب). كل هذا يساوى ماتقوم إسبانيا بترجمته فى عام واحد فقط!
وفى تقرير بعنوان «ماذا يقرأ المصريون» أعده مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء (التقرير موجود على النت)، جاء فيه أن ٨٨٪ من الأسر المصرية لا يقرأون مطلقًا أى نوع من الكتب، باستثناء الكتب المدرسية فقط، وذلك بغرض شرحها لأبنائهم!
ويقول د. السيد داود، أستاذ مساعد المكتبات بجامعة الأزهر، المتخصص فى أبحاث النشر، إن الكتب الأكثر رواجًا، التى يقبل عليها المصريون، يأتى على رأسها الكتب الدينية الخرافية التى تتناول موضوعات من نوعية عذاب القبر، والثعبان الأقرع، والفتاوى الشاذة وما إلى ذلك، ثم يأتى بعد ذلك الكتب الجنسية، وكتب الطبخ، والرياضة (خاصة كرة القدم) وأخبار الفنانين والشائعات، وتفسير الأحلام، والعلاج بالأعشاب، والأبراج والبخت.. وأما الكتب الجادة فهى تأتى فى ذيل القائمة!
وبالإضافة إلى كل ماسبق، فإن كراهية المصريين للكتب الجادة، وعدائهم للثقافة الرفيعة، يتجلى بوضوح فى مشهدين خطيرين.
المشهد الأول هو كارثة حرق المجمع العلمى، (أثناء ٢٥ يناير)، وهو من أعرق المؤسسات العلمية، والكنز الثقافى الذى يوثق لتاريخ مصر، على يد مجموعة من الدهماء.. وترتب على ذلك خسارة ٢٠٠ ألف كتاب من أندر الكتب، من بينهم أطلس البسوس الذى ليس له نظير فى العالم.. ولسوف يسجل التاريخ فى أسود صفحاته، أنه عندما حاول رجال الإطفاء إنقاذ المجمع العلمى، قام الرعاع والبلطجية بالتصدى لرجال الإطفاء بالطوب، إلى أن احترق المجمع العلمى عن آخره!
وأما المشهد الثانى فيتمثل فى كارثة حرق مكتبة الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل فى فيلته فى برقاش، بعد ساعتين فقط من فض اعتصام رابعة.. حيث توجه عشرات من جماعة الإخوان المجرمين من رابعة إلى مزرعة محمد حسنين هيكل (٧٥ فدانًا) وأحرقوها بأكملها بما فى ذلك المكتبة، التى كانت تضم ١٨ ألف مخطوطة نادرة، وعشرات الآلاف من الكتب التى لا تُقدر بثمن، (مثل نسخة نادرة من كتاب وصف مصر، ومصحف نادر تعود طباعته إلى القرن ١٥) وعشرات الآلاف من الوثائق التى لا يمكن تعويضها، والتى تعتبر كنوزًا ثقافية لا تُقدر بثمن.. وهكذا تمكنت الجماعة الإرهابية، فى ثلاث ساعات فقط من حرق كل ما جمعه محمد حسنين هيكل فى ٧٠ سنة!
هذا هو المناخ الردىء المعادى للثقافة الذى تعيشه مصر اليوم.. وفى هذه الأجواء السوداء التى يغيب فيها العقل ويتفشى الجهل، فإنه من الطبيعى أن تزدهر الأفكار السلفية، ويصبح طبيعيًا أن نجد كثيرًا من أنصاف المثقفين، يؤمنون بأن شيخ الأزهر نبى معصوم، وأن من يجرؤ على مناقشته خارج عن الملة! ويؤمنون بأن الأزهر هو الركن السادس من أركان الإسلام!
وعندما جاءت ليلة التعديلات الدستورية، تم استبعاد أى كلام عن شيخ الأزهر وحصانته، وظل مسئولو الدولة ينفون وينفون أى كلام عن أى تعديل بخصوص المشيخة.
الأزهر بدأ شيعيًا وانتقل بين ليلة وضحاها إلى سنى، لكن أحدًا لم يتذكر أو أنهم يتانسون.
برضه مش ده الموضوع، الأزهر وشيخنا تاج راسنا، طب ادونا أمارة وحرروا أنفسكم من التراث اللى مالوش لازمة.
التعديلات الدستورية حتى الآن ليست مفهومة أو نهائية، هل ممكن نطالب معها القراءة مرة أخرى، بمعنى أن يقرأ المصريون أن مصر دولة مدنية، وهو ما يستوجب أكثر من تعديل مواد الرئاسة.