الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

خبراء: تواجد القوات الأمريكية في العراق يُحجم نفوذ طهران

هشام النجار، الباحث
هشام النجار، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية بالأهرام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال هشام النجار، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية بالأهرام، إن الولايات المتحدة تنوى اتخاذ العراق كساحة بديلة لتواجدها العسكرى فى سوريا، التى أعلنت انسحابها منها، بغرض خلط الأوراق أمام إيران وعدم إتاحة الفرصة أمامها لإحكام قبضتها السياسية على البلدين.
وأضاف النجار فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»، أن الميليشيات الموالية لإيران فى العراق، وعلى رأسها الحشد الشعبي، لن تستطيع عمليا مهاجمة القوات الأمريكية بشكل مباشر لاعتبارات كثيرة، لكن من الوارد أن تغذى طهران نشاط تنظيم داعش الإرهابى لمعاودة إنتاج نفسه من جديد على الحدود السورية العراقية للبدء فى مواجهة جديدة أكثر عنفًا ضد الوجود الأمريكى لدفع واشنطن وإجبارها على الانسحاب وهى الخطة التى اتبعتها كل من تركيا وإيران فى سوريا.
وتابع «طهران وأنقرة دعمتا نشاطات داعش وأمدت خلايا التنظيم بالمعلومات والدعم للقيام بعمليات ضد القوات الأمريكية لإجبارها على تسريع انسحابها من سوريا، وتكرار هذا الأمر فى العراق يمنح طهران ميزتين الأولى تسويغ بقائها ونفوذ ميليشياتها ضمن بنية الأجهزة الأمنية العراقية والثانية دفع واشنطن بشكل غير مباشر لا يحملها المسئولية المباشرة عن الهجمات للانسحاب من العراق وترك الساحة العراقية كما السورية لإيران تمرح فيهما كما تشاء».
واستطرد «واشنطن تنظر للعراق كميدان مهيأ أكثر من سوريا لبقاء قواتها بعد ما أحرزته بالتعاون مع حلفائها فى تقويض داعش هناك وتحرير المدن العراقية من وجوده، وبالتالى تعلن بقاءها لجنى ثمار هذه الجهود عبر مزايا ومكتسبات سياسية واقتصادية على الأرض بينما ينازعها فى سوريا النفوذ الروسى وعدم التوافق مع حلفائها الإقليميين القدامى كتركيا كما أنها ترى أن التسويات وحسابات حتى حلفاء طهران فى سوريا بجانب الضغوط الأمريكية غير المياشرة كلها كفيلة بتقويض النفوذ الإيرانى فى سوريا ولذلك يرى الطرفان «إيران وأمريكا» أنه لا غنى عن الانفراد بالعراق لأنه إذا خسره أحدهما خسر الكثير وربما كل شيء وما تبقى من نفوذ فى المنطقة، ولا شك أن التنظيمات المتطرفة والميليشيات المسلحة ستجد فى الصراع بين طهران وواشنطن فرصة لإعادة إنتاج نفسها ما لم تتوحد القوى الشعبية والسياسية العراقية على هدف واحد مفاده إنهاء الطائفية والحضور المذهبى على كل المستويات وهو ما ينتج الإرهاب والبيئة المثالية لبقائه».
وبدوره، قال الدكتور محمد جاد الزغبى الباحث فى الفكر الإسلامي، إن قرار ترامب البقاء فى العراق لا يمكن النظر إليه منفصلا دون معالجة أساس العلاقة التنسيقية بين إيران وأمريكا فى العراق منذ التدخل العسكرى الأمريكى فى ٢٠٠٣.
وأضاف الزغبى «العلاقة الأمريكية الإيرانية فى العراق تطورت منذ عام ٢٠٠٣ من التنسيق اللوجستى والعسكرى إلى التنسيق والتفاهم الكامل على المستوى الاستراتيجى ثم إلى التنافس فى الفترة الأخيرة».
وتابع، الولايات المتحدة عندما قامت بالتدخل فى العراق فى ٢٠٠٣، طمعا فى احتياطه النفطى الهائل، اختارت إدارة الرئيس بوش الابن التنسيق الكامل مع إيران على النحو الذى جعل ميليشيا فيلق بدر الموالية لإيران هى التى تقوم بحماية خلفية الجيش الأمريكى عند دخوله العراق، ثم جاءت القوات الأمريكية بالشيعة الموالين لإيران فأدخلتهم إلى بغداد برعاية كاملة ليحكموا العراق حكما متجذرا لا حكما سياسيا، بمعنى أن الميليشيات الموالية لإيران وأشهرها الحشد الشعبى وفيلق بدر قامت بعملية تغيير ديموغرافى لتفريغ المناطق السنية الكبرى من أهل السنة وإحلال الشيعة فى تلك الأماكن وسيطروا بالفعل على التركيبة الشعبية لتتضاعف نسبة الشيعة عدة مرات فى المناطق الاستراتيجية، وهذه الفترة هى فترة التنسيق بين الطرفين، ثم جاءت إدارة أوباما فسحبت القوات الأمريكية لتخفيف التكلفة الهائلة التى تكبدتها أمريكا فى عهد بوش الابن، واستغلت إيران حاجة أمريكا لذلك كى تحقق هدفين هامين، الأول زيادة السيطرة على العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والثانى استغلال الوضع لإجبار إدارة أوباما على تسوية الملف النووى الإيرانى، وتحقق الهدفان بالفعل وكانت تلك الفترة هى فترة التحالف الاستراتيجى بينهما».
واستطرد «جاءت المرحلة الأخيرة لإدارة ترامب والذى دخل السياسة بمفاهيم رجال الأعمال فلم يلق بالا للسيطرة السياسية وإنما نظر إلى المكاسب والخسائر بمنطق رجال الأعمال فانقلب على الاتفاقات والتفاهمات الإيرانية الأمريكية ورأى أن تعامل إيران مع أمريكا كسبت منه إيران فوق حدود المقبول وعلى الوضع أن يعود للسياق الطبيعى، ولذا يلعب ترامب بعدة أوراق مستغلا ضعفها داخليا فى مواجهة ثورة الشعب على حكم الملالى، وأهم تلك الأوراق إعادة القوات الأمريكية ولو بشكل رمزى لإضعاف النفوذ الإيرانى فى العراق، ما يمثل طعنة كبيرة للجهود الإيرانية التى تعتمد على العراق لحصد مكاسب هائلة من سرقات النفط وأموال زيارة المراقد الشيعية».
ومن جانبه، قال هشام البقلى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن تصريحات ترامب حول البقاء فى العراق ونقل قوات أمريكية من سوريا إلى العراق لها عدد من الدلالات، الأولي، تغيير الموقف الأمريكى تجاه العراق وتعديل ما قام به أوباما من الانسحاب من العراق وتركه فى يد إيران، والأمر الثاني: رغبة ترامب فى التواجد بقوة بالعراق والسيطرة على القرار السياسى هناك بعد أن أصبح القرار فى يد إيران بشكل كامل، والأمر الثالث هو رسالة إلى الجانب الإيرانى بأنه أصبح على مقربة من دولتهم وأى تجاوز فى حق القوات الأمريكية قد يكون الرد داخل الأراضى الإيرانية، على الرغم من أن ترامب أكد أنه لا حرب مع إيران والهدف هو مراقبة إيران عن قرب، ولكن هذا التصريح منقوص بشكل كبير لأن مراقبة النظام الإيرانى لا تحتاج التواجد بالعراق.
وتابع «اقتصاد العراق بيد طهران، والقوة بيد الولايات المتحدة، والحكومة العراقية ليس لديها بدائل سوى بديل واحد وهو محاولة الاقتراب بقوة من السرب العربى حتى يكون لديها متنفس اقتصادى بعيدا عن طهران ومن ثم البعد عن هذا الصراع، وإن كان هذا الخيار بالتوقيت الحالى أصبح صعبا نظرا للتركيبة الشعبية للمجتمع العراقى والتوغل الشيعى بمفاصل الدولة».
وفى السياق ذاته، قال الباحث المصرى المتخصص فى شئون الإرهاب ونائب رئيس الجمعية العربية للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، محمود كمال، إن أمريكا تسعى لتعويض انسحابها من سوريا وأفغانستان من خلال تكثيف تواجدها فى العراق لمواجهة النفوذ الإيرانى وميليشياته هناك.
وأضاف كمال أن عملاء إيران فى العراق يسعون لتمرير مشروع قانون يدعو لمغادرة القوات الأمريكية من أجل أن يصبح العراق فريسة سهلة الالتهام لدولة الملالي، موضحا أن الصراع بين طهران وواشنطن من ضمن أهدافه الرئيسة الخفية السماح لداعش بإعادة تمركزه واستعادة نفوذه من جديد.
وبدوره، قال الدكتور عبدالكريم الوزان المحلل العسكرى والكاتب الصحفى العراقي، إن امريكا تريد البقاء فى للعراق من أجل تغيير العملية السياسية وسحب البساط من إيران، لذلك فالبقاء فى العراق مدروس جيدا.
وأضاف أن تواجد القوات الأمريكية فى العراق سوف يقلل من النفوذ الإيرانى فى الوقت الحاضر وفى المستقبل يعمل على تغيير النظام، وإيران فى ورطة حقيقية لأن الميليشيات والأحزاب الموالية لإيران فى العراق تستمد قوتها من قوة نظام الملالى فى طهران، وطهران تعرضت للعقوبات الاقتصادية، وهذا ينعكس على حلفاء إيران فى الداخل العراقي.
وأخيرا، قال إبراهيم ناصر الباحث السودانى، إن تصريحات ترامب بشأن بقاء القوات الأمريكية فى العراق، تكشف نية الرجل فى تقليم أظافر نظام الملالى فى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وفى سوريا والعراق بشكل خاص، وأيضًا للتوقيت الذى أطلق فيه ترامب هذه التصريحات دلالات ومعانى كثيرة، لأنها جاءت قبل قمة وارسو فى ١٣ فبراير، والتى تهدف لتشكيل جبهة دولية ضد النظام الإيراني، وكل هذا يندرج تحت خطة أمريكية يحاول فيها سيد البيت الأبيض الحد من نفوذ طهران، وتحجيم قوة الميليشيات الشيعية الموالية لها بالساحة العراقية.