السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحب في محراب النبوة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الخطأ في حق الحب الطاهر والعفيف أن نبحث عنه في غير مظانه، وأن نحرص على تعلمه عند غير أهله، فالحب أكبر من أن يبدأ من مكالمة هاتفية عابرة، أو خاطئة، وأسمى من أن تكون المسلسلات والأفلام مدرسته، وميدان تعلُّمه، وهو أطهر وأنقى من أن نبحث عن معانيه الراقية في ثرثرات من لا يعرفون معنى الحب .
ولأن الأديان جميعها تحث على الجمال في الروح والعقل والبدن، فلا بد أنه سيعطي موضوع الحب قدرًا من الاهتمام، فقد شغل البشر قديما به وحديثا، مثل قضية عامة في جميع المجتمعات، فكان الحب الذي يصون كرامة المرأة وعفافها، ويكرم الرجل ويحفظ مكانته، بعيدا عن اللعب واللهو والعبث باسم الحب، والتشبه بالضائعين والضائعات.
فلسنا بحاجة إلى الحب بالمعنى المستورد من المجتمعات المتفككة والعابثة والبعيدة عن قوانين السماء مهما كانت دعواهم.
ولنتعرف على الحب في حياة أتقى وأنقى الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؛ لنعرف أين نحن منه، وكم حرمنا أنفسنا من حقيقة الحب:
كان يُقبِّل أهله حتى في صيامه، وإذا شربت حبيبته من إناء تعمَّد أن يضع فمه على موضع فمها، وإذا كان في سفر مع من يحب، استغل الفرصة للمسابقة فسَبق وسُبق، وكان يغتسل معها من إناء واحد تختلف فيه أيديهما، وإذا زارته في متعبده عند اعتكافه تلطف معها.
وإذا أراد سفرا لا يخرج بدون إحدى زوجاته وحبيباته، وإذا كان معهم في بيته كان في مهنتهم يساعدهم ويلاطفهم ويؤنسهم، يذبح الشاة فيذكر حبيبته التي سبقته إلى الآخرة، فيرسل لصواحبها وفاء وحبًّا وكرامة لها..
تأتي عروسه لتركب فيعد ركبته؛ لتعتمد عليها فتصعد مركبها، ولم يضرب بيده امرأة قط، وقد جمع تسع نسوة، وكان يمازح ويداعب، ويستمع الشكوى، وينصت إلى القصص، ويعطي أهله فرصة النظر إلى الألعاب، وهو الذي يسترهم، وإذا سُئل عمن يحب صرح باسمها دون تحرج أو تردد، فالحب لا يمكن إخفاؤه.
عاش الحب في واقعه، وعاش ذكرياته، حتى قالت حبيبته: "ما غرت على امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما غرت على خديجة؛ لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وثنائه عليها". فقد ظل يعيش ذكريات أول حبيبة في حياته، ولو بعد وفاتها بسنين، ومع مجيء غيرها ومنافساتهن لها.
عاش الحب ودعا غيره له، فقال: "خيركم خيركم لأهله"، و:"ولا يفرك مؤمن مؤمنة"، "واستوصوا بالنساء خيرا". ويشير إلى أن يضع الرجل اللقمة في "فِي" امرأته، ويحض على الملاعبة المتبادلة، ويراعي المشاعر، فيحث على الرفق بالقوارير تشبيها لطيفا وحثًّا جميلا.
هذا الحب الطاهر العفيف كان يجري في ميدانه الفسيح ومكانه الآمن في حديقة الزواج الوارفة، وبيت الزوجية التي تنعم بظلال الحب، فتأتي السعادة إليه راغبة أو راغمة.
أحبوا امهاتكم؛ فالجنة تحت أقدامهن .
أحبوا زوجاتكم؛ فالزوجة سَكَن. 
أحبوا أنفسكم؛ فالحب حياة.