الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أضواء على الأدب النسائي الجديد في أفريقيا

 الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بقدر ما تفتح رئاسة مصر للاتحاد الافريقي ملفات متعددة للتعاون والتفاعل البناء بين كل الآفارقة لصالح كل شعوب القارة الواحدة، فإنها تعيد للأذهان أهمية التواصل الثقافي والقراءة العميقة لمكونات ومتغيرات المشهد الثقافي الافريقي.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تسلم أمس "الأحد" في قمة اديس ابابا التاريخية راية رئاسة مصر للاتحاد الافريقي لمدة عام فيما تدخل قضايا الثقافة ضمن اهتمامات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي التابع للاتحاد الذي يضم 55 دولة وتعد اللغة العربية ضمن لغاته الرسمية المعمول بها والتي تشمل أيضا الفرنسية والانجليزية والبرتغالية والاسبانية.
وفي وقت تكتسب فيه القارة الأفريقية المزيد من الأهمية على مستوى العالم كما تتعدد أسماء المبدعات على امتداد قارة افريقيا بات مايعرف "بالأدب النسائي الجديد في افريقيا" موضع اهتمام لافت في الغرب.
وإذ تتابع الصحافة الغربية باهتمام كتابات الجيل الجديد من المبدعات الافريقيات تتوالى إشارات دالة مثل قول الكاتب والمذيع البريطاني جاري يونج، وهو من أصحاب الاهتمامات والطروحات الثقافية العميقة ان الافتقار للمعرفة الكافية بابداع المرأة الافريقية في الكتابة يشكل "فجوة لأي مثقف" ومن ثم فعليه تداركها ومتابعة جديد الابداعات على هذا الصعيد.
ويعترف جاري يونج البالغ من العمر 50 عاما بأنه عانى من قبل من "هذه الفجوة الثقافية"، غير أنه سعى لتجاوزها بالاطلاع المكثف على الابداعات الأدبية لكاتبات افريقيات طوال العام الماضي، "ومن ثم فلم يعد يشعر بالخجل بعد ان تغلب على إشكالية فقره المعرفي بشأن جديد الابداعات لكاتبات افريقيا".
واذا كانت النظرة الثقافية الغربية للابداعات الأدبية للمرأة الافريقية، مازالت مشوبة بنوع من" الفضول الاستشراقي العجائبي القديم" فان النظرة الثقافية المصرية تختلف بالضرورة عن تلك النظرة الاستشراقية العجائبية والمغرمة بالغرائب، لأنها نابعة من انتماء واحد لقارة واحدة فيما يشكل الانتماء الافريقي مكونا من مكونات الهوية المصرية.
والابداعات الأدبية للكاتبات في افريقيا ثرية ومتنوعة وتمتد بامتداد القارة وتشمل أسماء راسخة وأخرى صاعدة في عالم الأدب مثل كاتبة غانا الشابة يا جياسي التي حظيت منذ اطلالتها الأدبية قبل نحو ثلاثة أعوام بروايتها "العودة للوطن" باهتمام في الصحافة الثقافية الغربية، فيما نالت هذه الرواية ذات الطابع الملحمي عدة جوائز ادبية.
وان كانت يا جياسي التي تقيم حاليا في بيركلي تبلغ من العمر 29 عاما امست معروفة في الغرب، فإن هناك مبدعات افريقيات قبلها بكثير عرفت ابداعاتها على نطاق كوني مثل روايات المصرية نوال السعداوي وأما آتا أيدوو التي شغلت من قبل منصب وزير التعليم في غانا وهي كاتبة روائية ومسرحية وشاعرة واكاديمية مرموقة ناهيك عن اديبة جنوب افريقيا النوبلية نادين جورديمير التي قضت عام 2014، ووصفت عن حق "بكاتبة الضمير الإنساني" لابداعاتها المناهضة لنظام الفصل العنصري السابق في بلادها.
والقائمة الطويلة للمبدعات في أفريقيا تضم اسم الكاتبة الراحلة بيسي هيد التي ولدت في جنوب افريقيا عام 1937، غير ان اسمها كمبدعة في الرواية والقصة القصيرة اقترن ببتسوانا التي دفنت في ثراها عند رحيلها في عام 1986.
وتتوالى الأسماء لتضم الكاتبة الروائية النيجيرية بوشي ايميشيتا والروائية والقاصة والكاتبة المسرحية الجنوب افريقية جيليان سلوفو ومواطنتها الأديبة زوي ويكومب ومن زيمبابوي الكاتبة نوفيوليت بولاوايو وذاعت شهرتها برواية:"نحن بحاجة لأسماء جديدة".
ومن الكاميرون، انطلقت الكاتبة امبولو مبيو بروايتها "انظروا للحالمين" والتي تتناول فيها ما يعرف "بالحلم الأمريكي والثمن الذي يدفعه من يأتي بهذا الحلم ليعيش في الولايات المتحدة" بينما تهتم الكاتبة الاثيوبية مازا منجستي التي ولدت عام 1974 بالتطورات في بلادها والعلاقة بين الأجيال كما يتجلى في روايتها الأولى "تحت نظر الأسد" والتي حظت باهتمام لافت في الصحافة الثقافية الغربية.
والوجوه الشابة في الأدب الافريقي المعاصر تتضمن الكاتبة الأوغندية جينيفر نانسوبوجا ماكومبي التي لفتت الأنظار بروايتها الأولى الصادرة بالانجليزية "كينتو" التي تتناول قضايا الهوية، فيما تعمل هذه الكاتبة الافريقية كمحاضرة في الكتابة الإبداعية بجامعة لانكستر البريطانية.
ومن الأسماء التي فرضت نفسها بجدارتها الإبداعية في الغرب الكاتبة النيجيرية شيماماندا نجوزي اديشي التي ولدت عام 1977 وصدرت الأولى بعنوان:"زهرة الكركديه الأرجوانية" في عام 2003 وبعدها بنحو ثلاثة أعوام صدرت لها رواية بعنوان "نصف شمس صفراء" وتحولت الى فيلم سينمائي بينما تتناول قصتها "امريكانا" التي صدرت عام 2013 معاناة أبناء وطنها والأفارقة عموما عند الانتقال للحياة في الغرب واشكاليات الاندماج.
وشيماماندا نجوزي التي كتبت أيضا مجموعة قصصية قصيرة بعنوان:"الشيء الذي حول عنقك" تعتز بالهوية الافريقية لبلادها وترى ان الكاتب لابد وان يتأثر بأصوله كما انها من المدافعات عن حقوق النساء بما في ذلك الحق في الابداع ولها كتابات تنبض بالحب والشغف بالحياة في مدينة لاجوس النيجيرية تلك المدينة التي الهمت الكاتبة النيجيرية الشابة شيبوندو اونزو لتكتب قصة بعنوان:"مرحبا في لاجوس" لتبرهن على قدرتها كقاصة مبدعة وموهوبة في نسج خيوط قصصها.
وشيبوندو اونزو تبلغ من العمر نحو28 عاما فيما صدرت قصتها الأولى منذ سبعة أعوام في لندن بعنوان "ابنة الملك العنكبوت" وتتناول تفاصيل نسيج المجتمع النيجيري عبر علاقة حب بين شاب فقير وشابة ثرية في مدينة لاجوس.
ومع ان والدها ووالدتها يعملان في مهنة الطب فان شيبوندو اونزو اختارت دراسة التاريخ بينما سبقتها مواطنتها الكاتبة والشاعرة لولا شونين التي ولدت عام 1974 لعالم الأدب وفازت روايتها "الحيوات السرية لزوجات بابا سيجي" بعدة جوائز في الغرب وهي التي تؤكد على ان نجاح أي كاتب افريقي لابجوز ان يكون معلقا على شهرته او نجاحه في الغرب.
ومن نيجيريا أيضا يصعد نجم الكاتبة الشابة ايوبامي اديبايو التي ولدت عام 1988 فيما امتدح نقاد داخل بلادها وخارجها روايتها الأولى التي صدرت منذ نحو عامين بعنوان:"ابق معي" ويصفها الكاتب البريطاني جاري يونج "بالرواية الممتازة".
وفي قالب اقرب للكتاب السنوي تصدر مارجريت بوسبي مختارات من كتابات المرأة الافريقية بعنوان "بنات افريقيا" فيما كان العدد الأول من هذا الإصدار الثقافي قد صدر عام 1992 في لندن وبات يصدر أيضا في اعداده السنوية اللاحقة بنيويورك.
واذا كان الغرب منهمكا في "استكشاف المبدعات والمبدعين الجدد بأفريقيا" فان ثمة حاجة لتعظيم جهود ترجمة هذه الابداعات الافريقية للعربية لاتاحتها على أوسع نطاق ممكن بمصر والعالم العربي والتعامل الثقافي الحميم معها بمقاربات نقدية بمنظور مصري يدرك التحولات في عالم اليوم ومتغيرات مثل "تهاوي المركزية النقدية الغربية".
ولعل البشارة قد ظهرت بالحضور اللافت للأشقاء الأفارقة في اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب الذي اختتم في الخامس من شهر فبراير الجاري فيما خصصت "قاعة بانوراما افريقيا" في هذا المعرض للفعاليات الثقافية والندوات والأنشطة الفكرية المتصلة بافريقيا وتوزعت على عدة محاور وعناوين مهمة مثل:"التنوع الثقافي الافريقي " و"القضايا والمنظمات الافريقية" و"خصائص الشخصية الافريقية" و"الأسواق الواعدة والسياحة الافريقية" و"تمكين المرأة الافريقية".
والثقافة المصرية تدرك معنى ومغزى ارقام وحقائق تتعلق بالقارة الافريقية التي تبلغ مساحتها 30 مليون كيلو متر مربع أي نحو خمس مساحة اليابسة في العالم فيما يزيد عدد سكانها حسب بيانات معلنة عن 1200 مليون نسمة لتأتي في المرتبة الثانية بعد قارة اسيا كما ان ثلثي العرب يعيشون في هذه القارة التي بات خبراء الاقتصاد ورجال الاعمال يصفونها "بأرض الفرص الواعدة".
وكانت وزيرة الثقافة الدكتورة ايناس عبد الدايم قد أعلنت ان وزارة الثقافة "تعمل على فتح البوابة الثقافية مع افريقيا في اطار رئاسة مصر للاتحاد الافريقي" منوهة بالتعاون في هذا السياق مع وزارت أخرى والسفراء الأفارقة بالقاهرة.
وبكل الحب ينتظر المصريون المزيد من تجليات الابداع الأدبي الافريقي باحثين عن كل ما يشجع هذا الابداع والتفاعل البناء بين أبناء القارة الواحدة..انه وعد اللقاء الجديد بعطر الحب في ارض افريقية طيبة.