الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حق المؤلف - 1

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قد لا يعرف البعض أن قانون حق المؤلف رقم 82 لسنة 2002 والذى صدر ليحل محل القانون رقم 354 لسنة 1954 يضمن حماية كاملة للمصنف الأدبى أو الفنى الذى ابتكره المؤلف، وكذلك لكافة حقوقه المعنوية والمالية، وقد صدر هذا القانون عقب توقيع مصر على اتفاقية الويبو والتى تعد الجامع النهائى لعدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التى سبق لمصر ولسائر دول العالم التوقيع عليها، ومنها معاهدة برن التى تعد أول اتفاقية عالمية تعنى بحفظ حق المؤلف باعتباره الأب الشرعى لعمله، وقد جاء فيها «ينسب العمل لمؤلفه نسب الابن لأبيه» وجاءت اتفاقية ويبو لتحدد الملامح النهائية لهذه الاتفاقيات فى ضوء المستجدات التقنية فى مجال السمعيات والبصريات والـWipo، هى المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وكان من الطبيعى أن تعدل مصر فى قوانينها المحلية لتتوافق وتتلاءم مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التى أبرمتها وهذا ماحدث فى جميع دول العالم التى أصدرت قوانين مماثلة لحفظ حق المؤلف ومصنفه الفنى أو الأدبى، والمؤلف، كما عرفه القانون هو الشخص الذى يبتكر المصنف ويذكر اسمه عليه أو ينسب إليه عند نشره، وتشمل الحماية المنصوص عليها فى هذا القانون مؤلف المصنفات الأدبية المكتوبة والمصنفات الداخلة فى فنون الرسم والتصوير بالخطوط والألوان والحفر والنحت والخزف والعمارة والمصنفات التى تلقى شفويًا كالمحاضرات والخطب والمواعظ وما يماثلها وكذلك المصنفات التمثيلية والمصنفات الموسيقية سواء اقترنت بالألفاظ أى بالغناء أو لم تقترن بها، وقد جاء فى المادة الخامسة والسادسة والسابعة والتاسعة حماية كاملة للمؤلف ولمصنفه فالمادة السابعة مثلًا تنص على أن للمؤلف وحده الحق فى إدخال ما يراه من تعديل أو تحوير على مصنفه، ولا يجوز لغيره أن يباشر شيئًا من ذلك إلا بإذن كتابى من المؤلف وتنص المادة التاسعة أن للمؤلف وحده الحق فى أن يرفع أى اعتداء على مصنفه وأن يمنع أى حذف أو تغيير فى مصنفه وقد ألزم القانون تنفيذ هذه المواد وإلا جاز للمؤلف الحجز على مصنفه بأمر المحكمة ومنع نسخه وعرضه كما نصت المادة 47 على أن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على حق من حقوق المؤلف المنصوص عليها فى القانون، وقد جاء فى الفصل الأول من الباب الثانى بعض المواد التى تؤكد أن للمؤلف وحده الحق فى تقرير مصير مصنفه، فهو يملك سحبه بشرط إعادة ما تقاضاه من أجر، وذلك حين يغير أفكاره أو معتقداته، فالمؤلف يقدم فكرا والفكر قد يتغير بين ليلة وضحاها ولذا فمن حقه التراجع عن إنتاج عمله فى الوقت الذى يشاء مع ضرورة أن يقدم للمحكمة الأسباب الفكرية التى دعته لذلك، وقد اشترطت المادة 35 على الهيئات والإذاعات السمعية والسمعية البصرية أن تذكر أسم المؤلف وعنوان مصنفه مع دفع التعويض العادل للمؤلف أو خلفه عند إعادة العرض، وهذا ما نستند إليه فى مطالبتنا بحق الأداء العلنى، وهو المعمول به فى جميع دول العالم عدا مصر والمنطقة العربية، على الرغم من أن مصر وكل دول العالم تطبق هذا الأمر على الملحنين ومؤلفى الأغنيات، والمقصود بحق الأداء العلنى هو أن يتقاضى المبدع نسبة عادلة عند إعادة عرض عمله، وقد بدأ العمل بهذا القانون فى فرنسا منذ بداية القرن التاسع عشر، حيث يحكى أن الملحن الفرنسى بوكسيه قد ذهب إلى أحد المطاعم ليتناول الغذاء وهناك فوجئ بأن المطعم يعزف على زبائنه قطعة موسيقية من تأليفه، ولما طالبوه بدفع فاتورة الحساب رفض وذهب إلى الشرطة وأحيل إلى المحكمة وأمام القاضى أعلن بوكسيه أن المطعم لم يدفع له ثمن الموسيقى التى استغلها، وبالتالى فهو لم يدفع ثمن الطعام فحكم القاضى بأن يدفع هو ثمن الطعام بينما يقوم المطعم بدفع ثمن الموسيقى له، وبات هذا الحكم هو الفيصل فيما يعرف بحق الأداء العلنى، والتى تكونت له بعض المنظمات والجمعيات العالمية والتى تعمل على تحصيل حق الأداء العلنى وطبق هذا فى مصر منذ أربعينيات القرن الماضى ولكنه اقتصر كما ذكرنا على المؤلف الغنائى والملحن الموسيقى، أما المؤلف الدرامى وأصحاب الحقوق المجاورة كالممثل والمخرج فقد حاولوا مرارًا أن يحصلوا على هذا الحق الذى تكفله كل القوانين العالمية والتى وقعت عليها مصر لكن دون جدوى، والغريب أننا فى مصر ندفع للمؤلف الأجنبى وللممثل حق الأداء العلنى حين نذيع عملًا أجنبيًا، واسألوا فى ذلك دار الأوبرا والفرق الأجنبية التى تأتى إليها، وحين صدرت اللائحة التنفيذية لقانون حماية الملكية الفكرية وذلك فى عام 2003 و2005 بتوقيع رئيس الوزراء، وجاء فى صدر اللائحة أن الوزير المختص بحقوق المؤلف هو وزير الثقافة وأن المكتب المختص بحماية المؤلف يتبع وزارة الثقافة وهو الذى يفوض فيه المؤلف من يراه صالحًا لتحويل مصنفه الأدبى إلى عمل فنى، ونلاحظ هنا أن اللفظ المستخدم هو التفويض، لأن الفكر يظل لاصقًا بصاحبه، ولا يجوز التنازل عنه لأحد مهما كان.. وللحديث بقية.