الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

وثيقة الأخوة الإنسانية.. دستور عالمي يرسم صورة التعايش بسلام.. علماء: الطيب وفرنسيس أكدا موقف الأديان الرافض للإرهاب.. تؤدي لإنهاء الإسلام فوبيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حمل توقيع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس بابا الفتايكان، أمس الاثنين، وثيقة الأخوة الإنسانية بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، حالة من الترحاب الشديد بين كافة الأوساط الدينية والثقافية والإعلامية، خاصة بتضمن تلك الوثيقة بعض المبادئ الداعية إلي إقرار السلام والتعايش وإدانة التطرف.



إيقاظ الحس الديني
وجهت الوثيقة المُفكِّرينَ والفَلاسِفة ورِجال الدِّينِ والفَنَّانِينَ والإعلاميِّين والمُبدِعِينَ في كُلِّ مكانٍ ليُعِيدُوا اكتشافَ قِيَمِ السَّلامِ والعَدْلِ والخَيْرِ والجَمالِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المُشتَرَكِ، مشيرة إلى أن الأزماتِ السياسيَّةَ الطاحنةَ، والظُّلمَ وافتِقادَ عَدالةِ التوزيعِ للثرواتِ الطبيعيَّة - التي يَستَأثِرُ بها قِلَّةٌ من الأثرياءِ ويُحرَمُ منها السَّوادُ الأعظَمُ من شُعُوبِ الأرضِ – قد أَنْتَجَ ويُنْتِجُ أعدادًا هائلةً من المَرْضَى والمُعْوِزِين والمَوْتَى، وأزماتٍ قاتلةً تَشهَدُها كثيرٌ من الدُّوَلِ.
وشددت أهمية إيقاظِ الحِسِّ الدِّينيِّ والحاجةِ لبَعْثِه مُجدَّدًا في نُفُوسِ الأجيالِ الجديدةِ عن طريقِ التَّربيةِ الصَّحِيحةِ والتنشئةِ السَّليمةِ والتحلِّي بالأخلاقِ والتَّمسُّكِ بالتعاليمِ الدِّينيَّةِ القَوِيمةِ لمُواجَهةِ النَّزعاتِ الفرديَّةِ والأنانيَّةِ والصِّدامِيَّةِ، والتَّطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه، مؤكدة أن هَدَفَ الأديانِ الأوَّلَ والأهمَّ هو الإيمانُ بالله وعبادتُه، وحَثُّ جميعِ البَشَرِ على الإيمانِ بأنَّ هذا الكونَ يَعتَمِدُ على إلهٍ يَحكُمُه.
كما شددت علي أن الأديانَ لم تَكُنْ أبَدًا بَرِيدًا للحُرُوبِ أو باعثةً لمَشاعِرِ الكَراهِيةِ والعداءِ والتعصُّبِ، أو مُثِيرةً للعُنْفِ وإراقةِ الدِّماءِ، فهذه المَآسِي حَصِيلَةُ الانحِرافِ عن التعاليمِ الدِّينِيَّة، ونتيجةُ استِغلالِ الأديانِ في السِّياسَةِ، وكذا تأويلاتُ طائفةٍ من رِجالاتِ الدِّينِ - في بعض مَراحِلِ التاريخِ - ممَّن وظَّف بعضُهم الشُّعُورَ الدِّينيَّ لدَفْعِ الناسِ للإتيانِ بما لا علاقةَ له بصَحِيحِ الدِّينِ، من أجلِ تَحقِيقِ أهدافٍ سياسيَّةٍ واقتصاديَّةٍ دُنيويَّةٍ ضَيِّقةٍ.
وأكدت أنَّ الحريَّةَ حَقٌّ لكُلِّ إنسانٍ: اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا ومُمارَسةً، وأنَّ التَّعدُّدِيَّةَ والاختلافَ في الدِّينِ واللَّوْنِ والجِنسِ والعِرْقِ واللُّغةِ حِكمةٌ لمَشِيئةٍ إلهيَّةٍ، قد خَلَقَ اللهُ البشَرَ عليها، وجعَلَها أصلًا ثابتًا تَتَفرَّعُ عنه حُقُوقُ حُريَّةِ الاعتقادِ، وحريَّةِ الاختلافِ، وتجريمِ إكراهِ الناسِ على دِينٍ بعَيْنِه أو ثقافةٍ مُحدَّدةٍ، أو فَرْضِ أسلوبٍ حضاريٍّ لا يَقبَلُه الآخَر، وأن العدلَ القائمَ على الرحمةِ هو السبيلُ الواجبُ اتِّباعُه للوُصولِ إلى حياةٍ كريمةٍ، يحقُّ لكُلِّ إنسانٍ أن يَحْيَا في كَنَفِه.
ولفتت إلي أنَّ حمايةَ دُورِ العبادةِ، من مَعابِدَ وكَنائِسَ ومَساجِدَ، واجبٌ تَكفُلُه كُلُّ الأديانِ والقِيَمِ الإنسانيَّةِ والمَوَاثيقِ والأعرافِ الدوليَّةِ، وكلُّ محاولةٍ للتعرُّضِ لِدُورِ العبادةِ، واستهدافِها بالاعتداءِ أو التفجيرِ أو التهديمِ، هي خُروجٌ صَرِيحٌ عن تعاليمِ الأديانِ، وانتهاكٌ واضحٌ للقوانينِ الدوليَّةِ، وأنَّ الإرهابَ البَغِيضَ الذي يُهدِّدُ أمنَ الناسِ، سَواءٌ في الشَّرْقِ أو الغَرْبِ، وفي الشَّمالِ والجَنوبِ، ويُلاحِقُهم بالفَزَعِ والرُّعْبِ وتَرَقُّبِ الأَسْوَأِ، ليس نِتاجًا للدِّين - حتى وإنْ رَفَعَ الإرهابيُّون لافتاتِه ولَبِسُوا شاراتِه - بل هو نتيجةٌ لتَراكُمات الفُهُومِ الخاطئةِ لنُصُوصِ الأديانِ وسِياساتِ الجُوعِ والفَقْرِ والظُّلْمِ والبَطْشِ والتَّعالِي؛ لذا يجبُ وَقْفُ دَعْمِ الحَرَكاتِ الإرهابيَّةِ بالمالِ أو بالسلاحِ أو التخطيطِ أو التبريرِ، أو بتوفيرِ الغِطاءِ الإعلاميِّ لها، واعتبارُ ذلك من الجَرائِمِ الدوليَّةِ التي تُهدِّدُ الأَمْنَ والسِّلْمَ العالميَّين، ويجب إدانةُ ذلك التَّطرُّفِ بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه.

ترسيخ للعلاقات المتبادلة
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محيي الدين عفيفي، قال: "مشاركة الإمام الأكبر والبابا فرنسيس، والكثير من القيادات الدينية والشخصيات الفكرية والإعلامية من مختلف دول العالم وذلك بدولة الإمارات الشقيقة، يُعد دعمًا كبيرًا لتفعيل خريطة الحوار الثقافي المشترك بين أتباع الأديان، كما أنه يرسخ لثقافة التعايش السلمي، وقبول الآخر، مهما اختلفت الأديان أو المذاهب أو الأفكار".
وأوضح عفيفي، أن الوثيقة تأتي في إطار دعم العلاقات المتبادلة بين الأزهر والفاتيكان بعد الزيارات السابقة بين الجانبين، وما تضمنته من دعوة لنشر ثقافة السلام والاحترام وتحقيق السلام في المجتمعات البشرية، بديلًا من ثقافة الكراهية والظلم والعنف والدماء، أن الوثيقة تسهم في تصحيح الصور المغلوطة عن الأديان، خاصة تلك الرؤى غير المنصفة التي تلصق التهم بالإسلام وهو منها براء.
وبين الأمين العام للمجمع، أن الإمام الأكبر كان حريصًا خلال كلماته التاريخية في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم الإسلامي على أن يبين للناس جميعًا مسلمين وغير مسلمين أن الأزهر الشريف يعمل على ترسيخ دعائم السلام والمحبة والتعايش المشترك بين الشعوب والمجتمعات المختلفة في مواجهة قوى الظلام وتلك الجماعات الإرهابية التي تمارس القتل والتفجير والحرق باسم الإسلام، وتعمل على تضليل وتجنيد الشباب من خلال بث المفاهيم المحرفة والمضللة للنصوص الشرعية.

الإنسان بطبعه مفطور علي الخير
فيما أكدت الدكتورة عزيزة الصيفي، رئيس قسم البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر، أن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس الثاني بابا الفاتيكان، بمثابة خطوة هامة في سبيل محاربة الإرهاب ونشر السلام بين الشعوب المختلفة، خاصة في ظل تمتع هذين الرمزين بقدر كبير لدي أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية.
وقالت الصيفي في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إذا كانت الوثيقة قد عقدت بين قمتين الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب كرمز للإسلام الوسطى واﻻعتدال فى العالم، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان وهو رمز الحكمة وارساء المحبة بين البشر فإنه من المؤكد أن الوثيقة ستساعد فى محاربة اﻻرهاب والتقليل من ظاهرة الإسلام فوبيا،التى اجتاحت العالم بفعل أعداء الإسلام وليس أتباعه، مشددة يجب أن تتناقل تلك الوثيقة وسائل الإعلام لتمنح الفرد فرصة للتأمل فيها وإعادة النظر فيما يتم ترويجة من أفكار مغرضة ودعاوى مفسدة ﻻلصاق تهمة التطرف واﻻنحراف بالأديان.
وأوضحت، الأديان السماوية جميعها تدعو للاعتدال ونشر المحبة والود بين البشر، لافتة إلي أن كلمة شيخ الأزهر حملت وقعًا عظيمًا، حيث أوضح كيف أن الحروب تدمر وﻻتبنى، وتقطع أواصر الود، وأن الأنبياء الثلاثة موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم جميعًا قد نادوا الناس من فوق الجبال ودعوهم للعمل الصالح والبعد عن قتل النفس التى حرم الله قتلها ونشر السلام والمحبة وكذلك جاءت كلمة البابا مؤكدة لذلك.
وشددت عضو هيئة التدريس بالأزهر، أن وثيقة الأخوة الإنسانية دليل على أن الإنسان بطبعه مفطور على فعل الخير وأن الله زرع فى النفوس الطيبة حب الخير، مؤكدة من الضرورى أن تستمر مثل هذه المواقف النبيلة من شيخ اأزهر وبابا الفاتيكان، فهما قطبى الصلاح واﻻعتدال فى العالم حتى يصدعا بكلمة الحق، وحتى يؤثرا التأثير المطلوب فى هذا الزمان الذى تشن فيه الحرب على اأديان خاصة اﻻسلام، وأن العالم يحتاج لمثل هذه الوقفات المضادة لأعداء اإنسانية لهؤﻻء الظلاميين الذين ينكرون حق الله فى عبادته ونشر تعاليمه والعمل على ارضائه بطاعته.



تأسيس تاريخي
بينما قال هشام النجار الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن الوثيقة هي تأسيس تاريخي كان ضروريًا لإظهار الموقف الديني والإنساني الصحيح للعامة من الناس في الشرق الأوسط وأوربا والعالم كله، ممن تأثروا أو قد يتأثرون بخطاب وأطروحات التنظيمات التكفيرية وتنظيم داعش الطائفية التي تحض على الكراهية والصراع والقتال والحروب الطائفية والدينية.
وتابع النجار في تصريحات خاصة، أن خطاب الإرهاب كان واحدًا من ضمن أسباب تأثر البعض في السابق هو غياب الرؤية الصحيحة وضعف الثقافة الدينية وعدم وجود جهود مبذولة ترقى لمستوى المرحلة تعلي من القيم الإنسانية والدينية الحقيقية وهو ما منح داعش مساحات للتحرك والتجنيد والاستقطاب بغرض قلب الحقائق والقيم وجر أصحاب الأديان والشرق والغرب كوقود لحروبه بغرض مضاعفة نفوذه وحضوره وضمان بقائه.