الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لسان الوزراء بالإسماعيلية.. مرحلة جديدة أساسها دولة القانون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل سنوات طوال ربما عقود من الزمن جف ريق المعارضة المصرية من الصراخ فى وجه الدولة احتجاجًا على التسهيلات غير المسبوقة فى توزيع قطع أراض متميزة على البحيرات المرة فى الإسماعيلية، وذلك فى المنطقة التى أسموها «لسان الوزراء»، والتى تمثل جغرافيا سياحية رائعة، تلك المنطقة التى كان من الممكن استثمارها بشكل متميز لصالح خزانة الدولة بسبب إطلالتها النادرة على البحيرات المرة فى قرية أبوسلطان التابعة لمركز فايد بالإسماعيلية، أقول، كان من الممكن لكنه لم يكن؛ لأن المحليات بمصر فى ذلك الحين كانت مصابة بفيروس الفساد، وتم ضبط أوراق الأراضى للوزارء والمتنفذين فى زمن مبارك؛ وتحسر المعارضون لعجزهم عن إزاحة الفساد؛ كان هذا قبل اختراع مارينا والساحل الشمالي.
كل صرخات المعارضة وقتها ذهبت مع الريح، وقام الوزراء بكل جبروت السلطة ببناء فيلات أكثر من فاخرة، لتكون منتجعا لهم على بعد خطوات من القاهرة.
وقبل أيام أعلن اللواء حمدى عثمان محافظ الإسماعيلية أنه بالتنسيق مع جهاز الكسب غير المشروع وهيئة الرقابة الإدارية تم استرداد ثلاث فيلات وقطع أراض بما عليها من منشآت من عدد من زوجات وزراء سابقين.
من تبقى من المعارضين بالإسماعيلية على قيد الحياة ابتسم فى صمت وترحم على من رحلوا، فها هى الأيام تنتصر لهم، بعد أن دفعوا من قوت أبنائهم ثمنًا للدفاع عن المال العام فى حينها، من مطاردات فى الأرزاق ومن طرد من نعيم الدولة وخدماتها.
من أهم الأسماء التى خضعت لعملية الاسترداد حسب ما تم نشره اسم إقبال محمد عطية حرم صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى ووزير الإعلام الأسبق فيلا بمساحة قدرها 970 مترا مربعا بما عليها، وكذلك اسم مصطفى زكى بدر نجل وزير الداخلية الأسبق فيلا بمساحة 1696 مترًا مربعًا مبانى، بالإضافة إلى مساحة 3 قراريط و17 سهمًا مسطحا أخضر.
وأيضًا منى صلاح الدين المنيرى حرم الدكتور محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الأسبق فيلا بمساحة 400 متر مربع مبانى، بالإضافة إلى مساحة 12 قيراطا مسطحا أخضر.
وللإنصاف يهمنى أن أشير هنا إلى أننى كنت كتبت قبل أسابيع منتقدا محافظ الإسماعيلية الحالى اللواء حمدى عثمان احتجاجًا على قيامه بمحاصرة مبنى ديوان عام الإسماعيلية بسور قال عنه جدارية، ومازلت عند اعتراضي، ولكن نقطة الضوء التى شهدها كل المتابعين باقتحامه عش الدبابير فى منطقة لسان الوزراء يجعلنى أكتب اليوم مساندا له؛ لأنه ببساطة أصاب الهدف دفاعًا عن المال العام فى منطقة لسان الوزراء، أعرف أن دخول المحافظ لذلك الملف هو دخول يأتى فى سياق عام لمصر الجديدة التى تتخذ من 30 يونيه 2013 تاريخًا فاصلا بين زمنين، وأن حسم محافظ الإسماعيلية لتلك القضية يعتبر اتجاها مهما علينا دعمه وتشجيعه ومساندته.
ذلك الاتجاه إذا امتد على استقامته قادر على بعث الروح من جديد للإيمان بقدسية المال العام، وللاقتناع بأن ما يطرحه المعارض فى الغالب الأعم هو فى خدمة الدولة وما كان له أن يطرحه لولا مخاوفه الجادة على ثروات الشعب المصري، تلك الثروات التى تم سلبها بشكل منظم على مدار عشرات السنين، فزرعت اليأس فى وجدان أكثر من جيل، وشردت ملايين السواعد إلى الخليج.
اليوم ونحن نرى فى الإسماعيلية حالة الفرحة التى ارتسمت على وجوه الناس بالشارع بمجرد إعلان خبر الاسترداد نعرف أننا نعيش بالفعل مرحلة جديدة بمصر، أساسها دولة القانون ولا أحد فوق القانون سواء كان وزيرًا حاليا أو سابقا.
وأعتقد أن ملف لسان الوزراء مازال مفتوحًا على كثير من المفاجآت قد تكشفها الأيام فى المرحلة المقبلة؛ وترتبط تلك المفاجآت بالدوائر التى مهدت وسهلت للمغتصبين اغتصاب الأرض؛ ومن حقنا أيضًا فى هذه المناسبة أن نطمئن على مصير تلك الجغرافيا التى عادت بسلام إلى ثروتنا القومية؛ فالخوف المشروع هنا هو أن تتجه فكرة استثمارها إلى البيع بالمزاد من أجل توفير سيولة مادية؛ لأنه مهما كانت قيمة الأموال التى تعود علينا من المزاد، إلا أن استدامة الاستفادة منها من خلال مشروع سياحى كبير تمتلكه الدولة سيكون أكثر جدوى وأكثر نفعًا وفى ذات الوقت سوف نعتبره كلمة شكر للمعارضة التى تصدت للنهب منذ ما يزيد عن ثلاثين عامًا.
اللواء حمدى عثمان محافظ الإسماعيلية.. شكرًا لك.