الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

طه حسين.. نافذ البصر والبصيرة

 طه حسين
طه حسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تميز عميد الأدب العربي الراحل بمواقفه الواضحة، فقبل أكثر من خمسين عامًا على انتشار قصيدة النثر، دافع خلال لقاء جمعه في بداية الستينيات من القرن الماضي بالعديد من رموز الثقافة المصرية وأدارته المذيعة ليلى رستم عن الشعر المرسل، ووصفه بأنه «لا بأس به إذا ارتقى إلى درجة الشعر إذا كان فيه الموسيقى والصور الشعرية الكافية لنسميه شعرًا، ومن حق الأدباء أن يكتبوا شعرًا مرسلًا متى شاءوا، بشرط أن يصلوا إلى درجة الشعر، ولم أنكر حق الشعراء في أن يغيروا أوزان الشعر، وأن يتركوا الأوزان القديمة إلى الشعر المرسل أو المنثور كما يقولون عنه».
 ما قاله عميد الأدب العربي اتفق مع ما كتبته سوزان برنارد في كتابها الأشهر «قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا» الصادر بالفرنسية في نهاية الخمسينيات، والذي ذكرت فيه قواعد قصيدة النثر، ومنها التحرر من نظام العروض، ما قرّب المسافة الفاصلة بين الخطابين النثري والشعري؛ على عكس الهجوم الذي لاقته قصيدة النثر بعد ذلك بعقود من العديد من الشعراء منهم أحمد عبدالمعطي حجازي، والذي وصف قصيدة النثر بأنها «نص وحيد الخلية»، مُشبهًا إياها بكائن الأميبا.
كذلك انتقد عميد الأدب العربي «العبقريات» التي كتبها الأديب الكبير عباس العقاد قائلا: «أعترف أني لم أفهم عبقرية عمر ولا عبقرية الصديق، وتعجبت عندما قرأت عبقرية محمد، لأنه وازن بين موقعة بدر ومعارك نابليون، ولم أجد علاقة بين جيشين لم يتعد كلاهما الألف، وبين جيوش نابليون والجيوش التي واجهها نابليون»، مُشيرًا إلى أنها اتبعت المنهج الفلسفي في التحليل والكتابة وليس المنهج الأدبي.
وأشار الدكتور طه حسين في حديثه مع الكاتب أنيس منصور، خلال اللقاء الذي جمعهما مع نخبة من كبار المثقفين في برنامج بالتليفزيون المصري أدارته المذيعة ليلى رستم، إلى أن هناك فارقا كبيرا بين الكتابة التاريخية والعمل الأدبي حتى لو اعتمد على وقائع تاريخية «فعندما كتبت الفتنة الكبرى، والشيخان، ومرآة الإسلام، كنت مؤرخًا، ولكن عندما كتبت على هامش السيرة كان ذلك عملًا أدبيًا نثريًا استندت فيه إلى نصوص تاريخية، وكذلك كتاب الوعد الحق، الذى بدأ بالخيال وانتهى إلى التاريخ».
وكان العميد قد واجه موقفًا عصيبًا، بعدما اتهمه البعض بتوثيق علاقته ودعاة الفكر الصهيوني، سواء في بعثته الفرنسية أو خلال فترة تألقه بين الجامعة والوزارة والمجمع اللغوى في مصر، حيث زعموا اتصاله بجماعة المستشرقين اليهود الذين كانوا يسيطرون على جامعة السوربون الفرنسية، مستشهدين بعلاقته بأستاذه اليهودى دوركايم، باعتباره المشرف على رسالته للدكتوراه عن الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون، لكن الأستاذ الفرنسي كان قد توفى قبل مناقشة الرسالة، وأكمل الإشراف عليها أحد تلاميذه، وكانت نظريته قائمة على أن العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي كفيلان بالقضاء على الصراع الاجتماعي وتحقيق الاستقرار في المجتمع.