الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قوة الدولة ورفاهية الفرد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبح المشهد مكررا عندما توصلنا إلى أن هناك فجوة بين حياة المواطن فى دول الغرب وبين المواطن فى بلادنا، وقد أدرك بعض الدول تلك الحقيقة واتجهت إلى بناء البلد، وبالتالى المواطن، ولاحظنا أن دولا مثل اليابان وسنغافورة والهند والصين، وغيرها أيقنت أن من يملك قوت يومه وتكاليف فاتورة التنمية ورفع مستوى البلد والفرد يمتلك حريته ومستقبله، والتغيرات أو الانعكاسات للاقتصاد القوى تلقائيا تلقى بظلالها على المواطن وحياته.
فى مصر ومنذ عشرات السنين ولو رجعنا لأرشيف الكلام بأنواعه نجد.رؤيتنا حول حلمنا لمعيشة أو حياة مختلفة وأسلوب التطبيق عبرنا عنه، كتابة أو رأيا، بتفاوت فى طرق تحقيق التقدم والرخاء ورفع مستوى المعيشة وتغير الواقع الذى نعيشه بشكل عام إلى الأفضل، وبدون أن ندرى دخلنا فى حرب أهلية كلامية استهلكت عمرنا وجهدنا وإمكانياتنا الشخصية وأيضا لعبت الأنظمة الحاكمة الدور الأكبر فى منحنا حرية الرغى والتنظير وتسويق الوهم وتضخيم الأكاذيب وتحصين الأحلام الكاذبة، بمعنى تركتنا نعيش حالة أوهام أضعنا فيها حياتا واستنزفنا مواردنا.وعشنا حربا كلامية مستمرة، تاهت بيننا الحقائق، وتعمق الخلاف، وسوقنا وهما بأن الديموقراطية تأتى قبل الاقتصاد، وهى الحل الوحيد للتقدم، وتسابقنا بيننا فى اختراع ما يساند تلك النظرية، واكتشفنا أننا اخترعنا محاور لها مثل ديموقراطية وحرية التجريح وحرق الخصوم وتسويق الأكاذيب ضد المختلفين معهم، وروجنا لحرية حرق والاعتداء على أملاك الدولة.واستولينا على فرص الشغل بعد تهديد المسئولين الذين رضخوا لنا ووظفوا الملايين بدون وجود وظائف حقيقية، وابتزاز الدولة، والأخطر ظهور طبقة تشعر معها بأنها صاحبة البلد تتصرف وحدها فى مقدراته السياسية والاقتصادية، أشخاص يسيطرون على الاستيراد وآخرون التصدير والأسمنت والحديد والأرض الزراعية والبورصة واحتكار الإنتاج لأكثر من سلعة.
اكتشفت أيضا أن سماح النظام السياسى لنا بنشر رؤيتنا المنقوصة حول كيفية تحقيق التقدم التنموى للبلد والفرد كان متعمدا ليبعدنا عن الطريق الصحيح وليوفر لنفسه استقرارا كاذبًا كحماية له من الانتقادات، الأنظمة هنا كانت تدرك أن تلك الرؤى لا تنسجم مع الواقع ولن تصل بنا إلى شىء ولن تحقق أى خطوة فى سبيل الإصلاح بالمفهوم العالمى.
إذن الأنظمة السياسية بقصد أو بدون اتجهت بنا إلى نقطة بعيدة جدا عن الالتقاء بالغرب والوصول بنا إلى حياة تقترب مما يحدث هناك، وبمرور الوقت ظلت العلاقة بين حلمنا بمعيشة أوروبية ودولة قوية وما نواجهه هنا فى مصر سراب، وأدركنا أن الفجوة كبيرة، وأن هناك أولويات مختلفة وأن لكل بلد تجاربه وخصوصيته التى قد تختلف عن غيرها، أدركنا أيضا أن ما قد ينجح هناك ليس شرطا أن ينجح هنا، والأهم تأكدت شخصيًا بأن عمرنا أهدرناه فى الخلاف حول بداية الإصلاح وبناء مصادر القوة.
ولأننى محظوظ فى حياتى بتوافر تجربة تاريخية قد لا تتكرر بنفس العمق والظروف، وهى أحداث 2010 والتغيرات التى نتجت من الأحداث.لقد عشت أدق تفاصيل سيناريو حرق الدولة، وكانت كل معرفتى محددة وسطحية فى سطور عن حريق القاهرة وحروب فى دول مجاورة عبر خبر فى فضائية أو صورة أو بالصحف، عشت على الطبيعة حالات القتل والطعن وشاهدت الدماء والحرائق والبلطجة، يعلم الله أننى فقدت الرغبة فى الحياة، لم يعد هناك أى مكان يمكن أن تأمن فيه على نفسك أو أسرتك أو مال لديك.
وهنا أدركت مجموعة من الحقائق أن التاريخ لم يكشف لنا الحقائق وأننا أصحاب أسوأ ذاكرة وأن تقوية البلد لها الأولوية، على الأقل لحمايتنا الشخصية وليس الحلم أو المستقبل.
منذ 30 يونيو نتابع المشهد بدقة، السيسى فى سلوكه الرئاسى أيقن أن قوة مصر لها الأولوية، فى ظل عالم لا يحترم إلا القوة، بينما يتحكم عن بعد بغير الأقوياء، وبأن تقدم المجتمع هو ناتج أو انعكاس لحال البلد، بمعنى تقدم الفرد مرهون بقوة الدولة وليس العكس، ما نراه الآن أن المفكرين المنهزمين من معارك مع الأنظمة السابقة، أصيبوا بالارتباك بعدما تأكدوا أن كل محاولات خلق القوة للبلد أو للمواطن سقطت لتخلفهم فى اختيار خطط التقوية وترتيب الأولويات، وإصرارهم على أن تكون الأولوية لما هو ليس ضروريًا، وهو الأمر الذى أشعل الفتنة والاختلاف.
مصر الآن اتخذت خطوات واضحة على طريق الإصلاح الجاد والحقيقى. ولاحظ أن العمل على كل المحاور وبعدالة مطلقة، «مصر بتتغير»، وقد لا يلاحظ الكثيرون منا تلك التغيرات الإيجابية، فى ظل الانشغال بمفاهيم قديمة سقطت وفشلت فى الإصلاح، أو أن البعض منا يشعر بالإفلاس لافتقاده الإضافة المطلوبة بأشكالها المتعددة.
ما يحدث فى مصر ثورة تنموية غير مسبوقة، تحتاج منا أن نشارك ونساعد، مصر تستحق أن تكون قوة عظمى، إننا نملك كل المقومات لذلك.