الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

د. سمية عسل تكتب.. التشيع الإلكتروني "2"

د. سمية عسل
د. سمية عسل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثناء فترة دراستي لدبلومة الأمن الإلكتروني بإمارة دبي، وهي فترة زمنية لا بئس بها في رصد وتحليل التحركات الإيرانية الشيعية على مستوى دول منطقة الخليج العربي والشام، ولم أتفاجئ حين سمعت تهديد نائب قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي لإسرائيل مؤخرا بأن الاستراتيجية الإيرانية قائمة على محو إسرائيل من الجغرافيا السياسية للعالم، وذكر أنها الشرارة التي تعمل إسرائيل على إطلاقها، باستهدافها لمواقع إيرانية بسوريا تعجل بذلك.
لوهلة تفكر في الأمر وكأن سوريا، أصبحت كحلوى "الكيك" تقسم ولكن الأكلة غير متفقين، فكل ينظر إلى القطعة بيد غيره، وإيران في وضعها الحالي في سوريا ومع انسحاب جزئي ملحوظ للقوات الأمريكية من على الأرض السورية، جعل الطمع في نصيب أمريكا من الوليمة السورية يزيد.
إيران ليست كما نعتقد جميعا أنها تسعى لنهب جزء من الأراضي السورية فقط للحفاظ على المد الشيعي الديني هناك، ولكنها تحافظ على وضع سياسي وطوائف معينه جميعها وبنهاية المطاف موالية لنظام الولي الفقيه في إيران، وتدعم وتقوي من سيطرة نظام الخامنئي على جزء من الأراضي السورية اليوم وغدا يصل المد الشيعي السياسي للسيطرة على الوطن العربي، ويتحقق مخطط الخامنئي في استعادة سطوة الإمبراطورية الفارسية، والذي يصطدم بأطماع أردوغان في استعادة الدولة العثمانية.
وليس غريبًا أن يقوم نظام الحمدين بالمشاركة في تدريب عناصر داعش الإرهابية على الأراضي القطرية وتسليحهم ثم إرسالهم إلى سوريا، دعمًا للتواجد الإيراني وتسييرا للمصالح التجارية المشتركة بين قطر وإيران، والتي لم تقتصر فقط على حقل الظاهر بالشمال، بل ردمت المنتجات التركية منافذ البيع والأسواق القطرية بمجرد إعلان قطر رفضها للمطالبة الثلاثة عشر ومقاطعة الدول العربية لها في عام 2017، واستكمالا لتوطيد العلاقات التجارية الإيرانية القطرية المشتركة، وبعد إعلان أمريكا العقوبات الدولية على إيران على خلفية أحداث الصفقة النووية، قامت قطر بدعم الإقتصاد الإيراني لمنعه من الانهيار، وازداد حجم التبادل التجاري بين الدولتين بشكل ملحوظ، ولم تقف حدود الدعم القطري لإيران عند هذا الحد، بل تم تحريز صفقة أسلحة مهربة من قبل قطر عبر الحدود العمانية إلى اليمن لدعم ميليشيات الحوثي، الجناح السياسي لنظام الخامنئي في إيران منذ أيام. 
تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي الطريقة الأسهل بالنسبة لي لاكتشف وبسهولة أن مواطنين قطريين أعلنوا تشيعهم دينيًا وسياسيًا بالولاء المباشر للخامنئي، وبرز ذلك من خلال الفيديوهات التي يصورونها لأنفسهم ويمجدون فيها إيران ونظام الولي الفقيه مع بعض طقوس التشيع الواضح، وبالطبع لا يخلو الأمر من التطاول غير المبرر على دول المقاطعة وأنظمتهم السياسية وهي دولة الإمارات والسعودية ومصر، وقد لفت انتباهي كما ذكرت في مقالي السابق وجود خلايا إلكترونية شيعية تحفز وتشجع أنشطة المتشيعين الجدد من الشعب القطري، وتحاول الترويج لعملية التشيع ولنظام الولي الفقيه الذي اختاره الله ليصلح حال البلاد والعباد، ويقيم الحق والعدل، مع محاولة جذب العديد من الشباب العرب المعلقين على المحتوى المعروض على صفحات التواصل الاجتماعي المتشيعة والمدعومة من النظام الإيراني، وتبرز هذه الأنشطة بشكل واضح على صفحات التواصل الخاصة بقناة الجزيرة ومثيلاتها المدعومة من النظام الإيراني لترويج فكرة التشيع السياسي عن طريق إثارة غضب المواطنين العرب وحثهم على التظاهر الدائم لقلب نظام الحكم في بلادهم، مع إبراز نظام الولي الفقيه كرمز للحكم الإسلامي العادل والمتزن.
لم تكتف إيران باللعب في سوريا فقط، بل وجدت أن اليمن باعتبارها شوكة في ظهر المملكة العربية السعودية، كونها الداعم الأقوى للسنة في العالم ويعيش فيها طائفة دينية وليست سياسية شيعية، ليس لديهم انتماء سياسي لكيان خارجي، لذلك اعتبرت إيران أن تحويل هذه الطائفة إلى طافة شيعية سياسيا تنتمي بشكل مباشر إلى نظام الولي الفقيه الإيراني هو نجاح كبير لنظام الخامنئي في تحقيق أهدافه الاستعمارية، ولكن رجال النظام السياسي الإيراني يعرفون جيدا أن ذلك الأمر لن يحدث سوى بتقوية ميليشيات الحوثي في اليمن استعدادا لغزو السعودية والانضمام لأتباعهم الشيعة السعوديين.
التشيع الإلكتروني في السعودية ليس بالأمر الحديث، فلقد رصدت عدة حالات في عام 2014 يحملون الجنسية السعودية ويروجون للتشيع السياسي قبل الديني وذلك من خلال التسويق الممنهج والمدروس لنظام الخامنئي والدعوة إلى التقارب الثقافي والاجتماعي، وفي نظري فإن نجاح العناصر الشيعية الإيرانية في جعل الطائفة الشيعية السعودية موالية لنظام الخامنئي وهذا ما أقصده بلفظ "التشيع السياسي"، هو كارثة كبيرة، لأنه وكما ذكرت سابقا يحقق خطة نظام الخامنئي في اجتياح المد الشيعي الإيراني للسعودية. 
ولا عجب أن سمعنا حسن نصر الله، رئيس حزب الله، والذي يتخذ من مزارع شبعة موقعا استراتيجيًا ملائمًا يربط الحدود السورية واللبنانية كمركز للمد الشيعي الموالي لنظام الخامنئي، ويهدد إسرائيل تهديدا مباشرا بضربها بعد حادث استهداف إسرائيل لمواقع للنظام الإيراني في سوريا.