الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من كبائن المنتزه إلى نزلة السمان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بينهما ساعات فقط، أنباء عن تصحيح الأوضاع فى منطقة المنتزه بالإسكندرية والبدء فى تطوير منطقة نزلة السمان فى الهرم بالجيزة، الفارق الاجتماعى بين المنطقتين تراه العين، ولكن المشترك بينهما هو أن هناك فسادًا استشرى فى كل منهما وصارت كل واحدة منهما دولة داخل الدولة، المنتزه تتسلح بالمناصب الرفيعة التى كان يتقلدها ساكنوها، والثانية تتسلح بغياب الرقابة حتى وصل الحال إلى تعقيدات تحتاج إلى تدخل جراحى دقيق.
الملفت للانتباه هو أنه رغم الكثير من المطالبات على مدار سنوات بضرورة اقتحام مثل تلك الملفات، إلا أنه عند اتخاذ القرار نرى انقساما لدى المتابعين فى عرض الصورة للرأى للعام، نشكو من العشوائيات وعندما تصل يد التطوير إلى نزلة السمان يتعالى صراخ البعض مغلفًا بإنسانيات مكذوبة، نشكو من الفساد وعندما تصل يد الإصلاح لملفات كبائن المنتزة تتعالى صرخات البعض مستندة إلى أكاذيب قانونية، وما بين هذا وذاك يقف المواطن المصرى مرتبكًا أمام المشهد العام.
العقلاء فقط هم من يعرفون أن المعارضة ليست مهنة، المعارضة فى أبسط تعريفاتها هى استخدام العقل لتحديد موقف ما من واقعة ما، وذلك لأن المعارض المزمن يفقد مصداقيته بالتدريج فعندما يتصدى لقضية حقيقية جادة قد يخذله أنصاره أو على الأقل الدائرة المحيطة به، لأنه خذلهم ببضعة أكاذيب قبلها، هنا يصبح التفكير ضرورة، ويقظة الضمير واجبة دفاعًا عن المعارض قبل المؤيد.
نزلة السمان حسب كل المشاهدات والتقارير الواردة من هناك، وحسب طبيعة المنطقة التاريخية التى يعرفها الجميع فى حاجة إلى تدخل حاسم من الدولة، وإذا غابت الدولة ضاع مستقبل تلك المنطقة، فما هو الذى أزعج البعض ليكتبوا عن الاعتداء على الغلابة وقطع الأرزاق الذى أزعجهم بالطبع، هو أنهم لم يعتادوا على نقطة ضوء، ولا لديهم رغبة فى أن يصدقوا أن تعويضات عادلة يتم صرفها للمتضررين، حدث هذا فى الكثير من المواقع ابتداء من إخلاء الشريط الحدودى برفح وصولًا إلى أصغر بؤرة عشوائية يتم التعامل معها لتطويرها.
وإذا كان هذا هو حال نزلة السمان وسكانها وأرزاقهم، فكيف يستقيم الموقف إذا كان نفس المدافع عن فقراء النزلة يدافع عن أغنياء المنتزه واصفًا ما يحدث هناك بالتأميم، هنا لابد أن نندهش من الحالة التى وصل إليها البعض فى التعامل مع الحق العام والمال العام، هنا لابد أن نستسلم ونسلم أمرنا بأنه صار من الصعب بناء البديل الثالث، فما نراه هو مسارين فقط، الأول مؤيد على طول الخط والثانى ينافسه فى الحماقة معارض على طول الخط، فى الحالتين غاب العقل وحضرت المكايدة، وصار الاختيار الثالث من الصعوبة بمكان أن نراه على أرض الواقع، الاختيار الثالث الذى يتوقف عند الخطأ لإصلاحه ويتوقف عند الإيجابى ليدعمه، فالحكاية برغم بساطتها، إلا أنها تستلزم جهدا للعمل عليها، خاصة لمن يقدم نفسه للمجتمع كمستقل عن الأحزاب والدولاب الحكومي.
كبائن المنتزه والقوائم التى تسربت بأسماء ساكنيها ومديونياتهم وموقفهم القانونى المختل يجعلنا نتأكد بالفعل أن مؤسسة الفساد التى ضربت مصر على مدار عقود نجحت فى تخريبها وخسارتها بما لا يقارن مع حروبنا ضد إسرائيل، ونزلة السمان بالجمال والأحصنة والفهلوة استطاعت أن تجعل من منطقة الأهرام وصمة عار على جبين التراث العالمي، وللمفارقة فى موضوع نزلة السمان وهى صاحبة الواجب الكبير فى موقعة الجمل التى يتصادف ذكراها السنوية الأسبوع المقبل، فالمتأمل لموعد الذكرى وموعد انطلاق مشروع التطوير هناك سيعرف أن منهج الحزب الوطنى المنحل قد انتهى للأبد، وأنه لن يستقيم الأمر فى مستقبل بلادنا إلا باحترام القانون وهذا أملنا وتكريس دولة القانون هو الطموح فى تلك المرحلة.